|
الشيخ الفيزازي و حركة 20 فبراير
رشيد طلحة
الحوار المتمدن-العدد: 3345 - 2011 / 4 / 23 - 00:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بمجرد خروجه من السجن، سارع شيخ السلفية المدعو الفيزازي إلى إطلاق تصريحات نارية في وجه اليساريين الناشطين في مجال حقوق الإنسان و هم الذين ساندوه في محنته هو و باقي معتقلي ما يعرف بملف السلفية الجهادية، ، و بدل الامتنان لحركة 20 فبراير و خصوصا أعضاؤها المنتمين لقوى اليسار الجذري - الذي ناضل باستماتة كبيرة منذ 2003 من اجل إطلاق كافة المعتقلين السياسيين ضحايا قانون الإرهاب اقتناعا منه أن أغلب الملفات كانت مفبركة و مطبوخة سلفا في دهاليز أجهزة الاستخبارات و أن جل المحاكمات كانت صورية و تفتقر لأدنى شروط المحاكمة العادلة - سعى هذا الشيخ إلى زرع سرطان الحقد لنخر الحركة من الداخل عبر دعوته إلى تطهيرها من شرذمة الزنادقة و الملحدين، و طبعا فمناضلوا اليسار الجذري المنتمين لحزبي الاشتراكي الموحد و النهج الديمقراطي هم المقصودون بقوله.
و رغم أن تصريحاته هذه ليست جديدة علينا و لن تكون غريبة على كل من يتبنى الفكر السلفي التكفيري الاستئصالي الذي يعتبر الشيخ الفيزازي أحد أقطابه في المغرب ، فان خطورته على مستقبل حركة 20 فبراير وعلى الحراك الشعبي - الذي لم تشهد له البلاد مثيلا - يحتم علينا فضح مقاصده الهدامة ما ظهر منها وما بطن و أن ندق ناقوس الخطر حتى نكون يقظين لمواجهة كل المؤامرات التي تستهدف الحركة.
أولا- تصريحاته هذه تزامنت مع خروجه من السجن و قبل ذلك بأيام خرج علينا برسالة ملغومة من داخل زنزانته يحذر فيها الشعب من عواقب الخروج على الحاكم حيث اعتبر ذلك غير جائز شرعا و كأن الحركة كان تهدف لاسقاط الملك، لذلك لا أستبعد من أن إطلاق سراحه كان مشروطا سلفا بأداء مهمة خسيسة لصالح المخزن، و هذه المهمة تتمثل في ارباك الشعب و استغلال العاطفة الدينية لدى الناس البسطاء و زرع سم التكفير داخل الحركة عبر إيهام الناس بكونها تحتضن عناصر مخربة تدافع عن الإفطار العلني في رمضان و تسعى لهدم الأخلاق العامة و نشر الفتنة و الإلحاد.
فبعد فشل أجهزة المخابرات و القوى المستفيدة من الوضع الراهن في التشويش على الحركة منذ اللحظات الأولى لتشكلها في صفحات الفيسبوك باتهام أعضائها تارة بالعمالة للمخابرات الجزائرية و البوليساريو و تارة بالتحريض على نشر الفتنة و تهديد الاستقرار الداخلي و تارة أخرى بوصف أعضائها بالمثليين و الملحدين و العبثيين و غير ذلك من الأوصاف البذيئة التي ستنفر الشعب من دعواتهم للخروج إلى الشارع و التظاهر ضد الفساد و المفسدين و المطالبة بالمزيد من الحريات... لجأت لسياسة فرق تسد عبر تسخير شيوخ التكفير لمواجهة الأصوات التقدمية لأنهم الوحيدين القادرين على إتقان هذه اللعبة كما فعلت الحركة الاسلامية خلال سنوات السبعينات و الثمانينات من القرن الماضي في مواجهة الحركة الماركسية اللينيننية وباقي القوى التقدمية داخل الجامعة.
ثانيا – لقد حاول الفيزازي تخويف الإسلاميين و خصوصا جماعة العدل والإحسان، وهم بالمناسبة أعضاء نشطين في الحركة و داعمين لها، من خلال تصوير حركة 20 فبراير على أنها من صنع العلمانيين و بالتالي فقد تتحول إلى خطر يهدد الهوية الدينية لبلاد الإسلام، فسارع بمطالبة الملك بضرورة التشبث صراحة بالدين الإسلامي و بإمارة المؤمنين باعتبارهما من ثوابت الأمة وخطوط حمراء لا ينبغي تعديها و دعا إلى عدم الإصغاء للأصوات المطالبة بالتنصيص على كونية حقوق الإنسان و سمو المواثيق الدولية على القوانين الوطنية لكونها تتنافى مع الشريعة الإسلامية وهو بذالك يحاول إفراغ نضال الحركة من محتواه و توجيه النقاش العام حول الدستور من جدال سياسي إلى نقاش ديني محض و بالتالي توجيه الصراع ضد النظام الاستبدادي إلى صراع داخلي بين مكونات الحركة.
فإن كانت تصريحاته هذه بداية لتطبيق أجندة خفية فهي كذلك تنم عن عقلية ديماغودية و شوفينية نابعة من فكره الظلامي المتعصب، فالفيزازي يعلم علم اليقين أن دعوة الحركة لإسقاط الدستور الحالي و اعتماد دستور جديد يقطع مع كل أشكال التقديس والاستعباد ويعيد للإنسان المغربي كرامته المسلوبة سيكون بداية انهيار الدولة التيوقراطية التي تجعل من الدين سيفا مسلطا على رقاب المحكومين و من الحاكم كائنا مقدسا يستمد سلطته من السماء و يحكم باسم الإله و بالتالي فلا يجوز انتقاده أو محاسبته.
ثالثا – الفيزازي و أجهزة المخابرات تعلم جيدا أن قوة الحركة تتمثل في وعي مكوناتها بضرورة تجاوز خلافاتها الإيديولوجية و الفكرية و صراعاتها التي لم يستفد منها سوى النظام المخزني و إيمانها بحتمية التوحد و الالتفاف حول مطالب متوافق عليها لا سيما إقرار دستور ديمقراطي تتم صياغته من طرف لجنة منتخبة شعبيا حيث يشكل بداية للقطيعة النهائية مع الدساتير الممنوحة و يتضمن نظام ملكية برلمانية حيث الملك يسود و لا يحكم بالإضافة إلى حل البرلمان و إقالة الحكومة الحالية باعتبارهما لا يمثلان الأغلبية التي قاطعت الانتخابات و استقلال القضاء و تفعيل توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة و تفكيك الأجهزة القمعية و إغلاق المعتقلات السرية و محاكمة المتورطين في الخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان و ناهبي المال العام و غيرها من المطالب.
لذلك، فالسبيل لإضعاف الحركة هو نخرها من الداخل و تفكيك وحدتها و تشتيت أعضائها عبر تحريض طرف على طرف آخر و الزج بالكل في صراعات هامشية تنسيهم أهداف و غايات الحركة.
لذلك يجب أن نكون حذرين من هذه المناورات و نحصن الذات و نستعد للتصدي لكل محاولة لزرع الحقد و الكراهية داخل الحركة و أن نمشي معا في طريقنا حتى تحقيق هدفنا الأسمى و هو بناء نظام ديمقراطي يضمن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
#رشيد_طلحة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا يكرهون الجمعية المغربية لحقوق الانسان
-
عندما يطالب الاسلاميون بالتسامح مع تجار المخدرات
-
قراءة نقدية للفصل 222
-
ردا على الذين ينادون بمقاطعة الانتخابات
-
سقط القناع عن القناع
-
الخطاب الاسلاموي في المظاهرات الشعبية
-
الحوار المتمدن منار كل اليساريين
-
في ذكرى اغتيال بن عيسى
-
كرونولوجيا حياة و مؤلفات ماركس
-
ثورة أكتوبر: ما لها و ما عليها
-
المواطن والسلطة و السياسة
-
بؤس الفتوى الدينية
-
اليسارفي المغرب: أسباب الأزمة
-
اليسار في المغرب واقع و افاق
-
تاريخ اليسار في المغرب
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|