|
مظاهرات 24 أبريل الشعبية، خطوة على طريق توحيد القدرة النضالية للكادحين
محمود جديد
الحوار المتمدن-العدد: 3344 - 2011 / 4 / 22 - 09:10
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
تستعد حركة 20 فبراير على قدم وساق، بتعبئة شبابها و أنصارها، لتنظيم مظاهرات شعبية على الصعيد الوطني، على غرار سابقاتها يومي 20 فبراير و 20 مارس، متطلعة إلى النجاح في مشاركة جماهيرية أعظم حجما و أرقى وعيا .
بعد شهرين من ميلادها تمكنت هذه الحركة، بفعل ما أطلقت من قوى كفاح كامنة، من تغيير الحالة السياسية بالمغرب رأسا على عقب. فبعد أن كانت الملكية وأحزابها "المخزنية" منها و " الوطنية الديمقراطية" الزائفة، تضبط الساحة السياسية و الاجتماعية على هواها، مؤمنة بذلك استمرار الاستغلال الفاحش للكادحين، وإنماء ثروات البرجوازيين والنهابين، فتحت مبادرة شباب 20 فبراير ثغرة في جدار الاستبداد، عبر منها الاستياء الشعبي العارم، فغدا العامل الأساسي الموجه لما يجري بالبلد.
بات المغرب بكافة ربوعه ساحة نضال تفور وتمور. فقد انتعشت بشكل غير مسبوق حركة النضال ضد البطالة، في إطار الجمعية الوطنية و إلى جانبها. و تنظم الجمعية الوطنية نضالات جريئة بالعاصمة هي الآن في أسبوعها الثالث. و بالعديد من المدن و البلدات يخوض المعطلون و المعطلات نضالات محلية متنوعة.
كما تدفق الاندفاع الشعبي إلى الكفاح بكافة مناطق المغرب، مطالبا بحل شتى أنواع مشاكل الإفقار و القهر، منها السكن، و الحالة المؤسية التي آلت اليها المستشفيات العمومية و نظام التعليم العمومي، ومقاومة هدم البراريك، و الاحتجاج على غلاء ماء الشرب و الكهرباء، ومسألة ماء السقي بالنسبة لفلاحين بالسراغنة. وكل ما يخطر على بال من حاجات أساسية. و انضمت الى الاحتجاج فئات شعبية أخرى مثل مهنيي سيارات الأجرة.
و تجرأ ضحايا سياسة القهر الطبقي بمناطق عديدة برفع مستوى تحديهم للسلطة، بقيودها و نظام الرشوة المستشري فيها، فقاموا يستكملون بناء سكنهم، كما الحال باشتوكة ايت باها، او يجزئون ساحات عامة لتنظيم أسواق شعبية لتدبر لقمة العيش. وخشية تفجير الوضع تتعامل السلطة بمرونة فائقة مع هذا الفيضان الشعبي.
و بدأت أجنة الاعتصام الشعبي بالظهور، كما الحال في فم الحصن باقليم طاطا [ انظر بموقع المناضل-ة مقال إقليم طاطا: إقصاء اقتصادي وإصرار نضالي متواصل]. إن الموجة الشعبية متسعة ومستمرة على نحو يتعذر الإحاطة بها.
و انفلت النضال العمالي من عقال البيروقراطية، إذ تخوض فئات عديدة ومتنوعة من شغلية الوظيفة العمومية و الجماعات المحلية نضالات مطلبية. و تململ الوضع بقطاع سكك الحديد، والطرق السيارة، وبمقاولات كثيرة بالقطاع الخاص، دفاعا عن الأجور و ضد التشغيل المؤقت و كل صنوف فرط الاستغلال. ولا يضعف هذا النهوض العمالي غير مواصلة القيادات البروقراطية نهج تفتيت طاقة العمال الكفاحية، بامتناعها المقصود عن كل توحيد للنضال النقابي، وكل ربط له بنضال الشباب من أجل الحق في العمل، ونضالات كادحي المدن و القرى من اجل مقومات حياة لائقة.
ان نتائج عقود من سياسات البنك العالمي و الاتحاد الأوربي الاستعمارية راكمت من السخط الشعبي و الاستعداد للقتال قدرا لم يسبقه نظير، وأمام أنظارنا الآن الرد الشعبي الذي كان موضعيا، ومتباعدا ، يتزامن لكن دون ان يتحد بفعل ضعف منظمات النضال، و بوجه خاص بفعل الدور الكابح الذي تضطلع به بيروقراطيات النقابات المتعاونة مع النظام.
من جهته، يتصرف النظام بكل ما أوتي من مرونة و "سعة صدر" ناتجين عن الخوف، وفي الآن ذاته يحرك بين فينة و أخرى هراوة القمع و الترعيب. و يبدو ان التكتيك الرئيس هو خفض الجناح إلى أن تمر العاصفة، وعيا بأن الضرب على النار يزيدها تأججا. و اكبر أمانيه ان تخفت موجة الانتفاضات الشعبية بالمنطقة المغاربية و العربية، فهي حافز شديد القوة لما يعتمل في المغرب من اختمار ثوري.
كما يراهن النظام، وخدامه بكل تلاوينهم، من أحزاب وجمعيات و هيئات "مجتمع مدني"، على فتوة حركة 20 فبراير، للسعي الى احتوائها ، وإضفاء طابع متعاون عليها.
فالندوات السياسية، وشتى صنوف الاحتضان، تنظم بشكل محموم من طرف كل القوى الخائفة من تطور النضال الشعبي وتجذره، مستهدفة شباب حركة 20 فبراير لاستقطاب رموزها و عناصرها الأشد نشاطا.
وحتى القوى البرجوازية المتضررة من احتكار الملكية لفرص الاغتناء الضخمة، تغازل حركة 20 فبراير لاستعمالها للضغط على الملكية كي تخفف قبضتها الاقتصادية، لتتمكن الرساميل من التنافس على قدم المساواة على نهب البلد و استغلال كادحيه.
وبلغ الأمر بأقطاب كبرى من مصاصي عرق العمال ودمائهم ، مثل الملياردير ميلود الشعبي و كريم التازي و نور الدين عيوش، الى الانخراط المباشر في معمعة الضغط غير المستور على الملكية بإبداء التأييد لحركة 20 فبراير. وفي الآن ذاته يسعى هؤلاء اللصوص الى مطابقة مطالب حركة 20 فبراير مع حاجاتهم كمستغيلن، ومن ثمة حرصهم الشديد على لجم الحركة و إبعادها عن تأثير قوى اليسار المناضل من اجل ديمقراطية كاملة الابعاد.
وفي هذا المسعى يركز إعلام الرأسمال حملته التضليلية على التلويح بفزاعة جماعة العدل و الاحسان، لاستعمال رفض الشعب لحكم ديني ديكتاتوري آخر لجعله يقبل الديكتاتورية القائمة. وفي مقام ثان، يطلق الإعلام البرجوازي نيرانه على ما يسميه المتطرفين اليساريين، قاصدا حزب النهج الديمقراطي وكل المكافحين من أجل ديمقراطية حقيقية و من اجل التحرر من السيطرة الاستعمارية الجديدة التي تحكم على بلدنا بالبقاء غارقا في التخلف.
لكن يبقى أهم ما هجم به النظام هو تنازلاته الزائفة، سواء السياسية او الاجتماعية. فترقيع الدستور على نحو يؤبد حكم الفرد المطلق يجري بمشاركة المتعاونين من أحزاب و هيئات "مجتمع مدني"، فيما الجماهير الشعبية غير ملتفة بعد على شعار سياسي يلخص توقها الى التحرر من الاستبداد و الاستعباد. و الدولة ساعية الى فش الاحتقان بالساحة النقابية بتنازلات في الأجور و في مطالب فئوية وجزئية.
ومهما كانت ضآلة قدرة النظام على تقديم تنازلات يحتوي بها حركة النضال، يظل الأمر الحاسم هو تطور قدرة الكادحين النضالية، كما ونوعا.
ليس الطور الحالي لحركة النضال الشعبي ثوريا بعد، فالنضال الشعبي مفكك الأوصال، و كفاحية العمال منتعشة بالكاد. و طليعة العمال، هذه الطبقة التي تضطلع عادة بادوار حاسمة في السيرورات التحررية، مشتتة و لا تقود الطبقة العالمة خلفها، و هذه لا تقود جماهير القرى الكادحة. انه وضع يهدد في حال استمراره بتبديد طاقة الكفاح، ومن ثمة نجاح الملكية و البرجوازية في تثبيت الوضع و تأبيد الديكتاتورية ونظام الاستغلال الرأسمالي.
هذا ما يجعل حركة النضال الشعبي من اجل الديمقراطية و الحرية و العدالة الاجتماعية، حركة 20 فبراير، مقبلة على طور جديد يتطلب إنماء إرادة النضال لدى الكادحين، وعلى رأسهم الشباب، و توحيد النضالات محليا، وإقليميا، ووطنيا، وتوضيح الرؤية و الآفاق.
لقد انتزعت حركة 20 فبراير حق التظاهر، بعد صمودها بوجه القمع، وبدأت توصل صوتها الى أعماق المجتمع بالأحياء الشعبية، و تقدم وعيها السياسي برفض مناورة اللجنة الملكية لترقيع دستور الاستبداد.
هذا أعظم المكاسب، لأنه يوسع طريق تطور الحركة وتصلبها بوجه ما ينتظرها من مهام القضاء على الديكتاتورية و تحقيق المطالب الاجتماعية التي يلخصها الحق في عمل وحياة لائقين.
علينا نحن المناضلين من أجل تغيير حقيقي، شامل وعميق، ان ننهض بمهام توحيد النضالات وتجذيرها على كافة جبهات النضال: جبهة النضال ضد البطالة ومن اجل الحق في التعليم، وجبهة الكفاح من أجل إلغاء استعباد النساء، و الجبهة النقابية، و جبهة النضال الشعبي بالمناطق القروية، وجبهة النضال السياسي من اجل الديمقراطية.
إن نمو قوة نضالية عمالية وشعبية جذرية، في مطالبها و أشكال نضالها، هو الكفيل دون غيره بإسقاط الاستبداد و إتاحة قيام حكومة مؤقتة تشرف على انتخاب جمعية تأسيسية ديمقراطية لإعادة بناء المغرب على الأصعد كافة، الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية.
لم يكن الظرف مناسبا للنضال كما هو مناسب اليوم، سواء في السنوات الأولى للاستقلال المغشوش، إبان المعركة بين الحركة الوطنية و القصر، و لا في فترة تجذر الشبيبة بعد انتفاضة 23 مارس، و لا في أي من الانتفاضات الشعبية التي شهدها المغرب. اننا إزاء حركة نضال جماهيري تشمل البلد برمته، مطالبها مصطدمة على طول الخط مع السياسة النيووليبرالية المفروضة من الملكية و البنك العالمي و الاتحاد الأوربي، ومع الاستبداد الذي استهلك الكثير من الحيل و الخدع لضمان استمراره.
إننا أمام خيار أن نكون في مستوى الظرف، او لا نكون بتاتا.
موعدنا في الشارع مع شعبنا الكادح يوم الأحد المقبل 24 ابريل، وهو بالمناسبة ذكرى استشهاد احد شبان المغرب المناضلين، محمد كرينة الذي اغتاله البوليس بالتعذيب في مفوضية الشرطة باكادير، بعد ملاحقته بتهمة المشاركة في التضامن مع الشعب الفلسطيني يوم الأرض 30 مارس 1979. وما يزال القتلة مفلتين من العقاب.
المجد لشهداء الشعب المغربي
مزيد من الكفاح على درب إسقاط الاستبداد و الاستغلال
محمود جديد
21 أبريل 2011
#محمود_جديد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تأثير حركة 20 فبراير على الحركة النقابية
-
أجواء قمع شامل تخيم على المغرب: الضرب على نار مشتعلة يزيدها
...
-
الرباط ومراكش وفاس و صفرو وتازة وكلميم... قمع منفلت من عقاله
...
-
.قمع الطلاب بمراكش ومستقبل النضال بالجامعة المغربية
-
بؤس -الحوار الاجتماعي- يؤكد ضرورة الإضراب العام
-
التيار الصدري والآفاق المحتملة لصيرورة جديدة 2/2
-
التيار الصدري والآفاق المحتملة لصيرورة جديدة 1/2
-
- إعلان دمشق بين مطرقة النظام وسندان أزمته الداخلية - 3/3
-
- إعلان دمشق بين مطرقة النظام وسندان أزمته الداخلية - 2/3
-
- إعلان دمشق بين مطرقة النظام وسندان أزمته الداخلية - 1/3
-
من صفرو الى بومال دادس...لا لتجريم النضال الاجتماعي ! ولا لإ
...
-
واجب ُنصرة صفرو المناضلة المحكمة تقرر السراح المؤقت ل 42 معت
...
-
لقاء أنابولس ملهاة استعراضية جديدة لكسب الوقت لمزيد من الاست
...
-
تنامي حركة مقاومة الغلاء: تظاهر أكثر من 2000 مواطن بمدينة صف
...
-
على ضوء خطاب الولاية الثانية في سورية ، وما ورد بخصوص الإصلا
...
-
من تاريخ قمع النقابة العمالية بالفصل 288 من القانون الجنائي
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|