أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد مسعد محمد السبع - تحريم فن النحت فى مصر وتونس















المزيد.....

تحريم فن النحت فى مصر وتونس


عماد مسعد محمد السبع

الحوار المتمدن-العدد: 3342 - 2011 / 4 / 20 - 21:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فى مصروصف المتحدث الرسمى باسم الدعوة السلفية التماثيل الفرعونية بأنها تماثيل عفنة تشبه التى كانت حول الكعبة وقام الرسول بتحطيمها عند فتح مكة ، وطالب هذا المتحدث بأن يتم النظر فىأمر تلك التماثيل وعلاجها مثلاً بتغطية وجهها بالشمع ! .

وفى تونس تواترت أيضآ هذه الآراء بعد الصعود الإخوانى فى مرحلة مابعد الثورة على أبن على , والأمر الذى دفع " راشد الغنوشى " زعيم جماعة النهضة للتصريح بأن جماعته تؤيد دعم و تنشيط الحركة السياحية وزيارة الأماكن الأثرية – وأن كان ذلك لا ينال بالطبع من " موقفه الشرعى " حول حرمة فن النحت وهيئة الآثارالمرتبطة به .

والواقع أن الأحكام السلفية بشأن الآثاروالتماثيل تبدو – للوهلة الأولى - منقطعة الصلة عن علة التحريم التاريخى , لأن ما تم تحريمه و المصادرة عليه هو تصاوير وتماثيل الجاهلية المحفوظة والمستخدمة "كأصنام " فى طقوس العبادة الوثنية , وهو الأمر الذى لا ينسحب على فن النحت والتصويرالعصرى .

ولكن ثمة حاجة لتفنيد تلك الآراء السلفية المتصلة بهذا التحريم وعبر ذات الأرضية التى تخلص فيما " أخرجه البخارى ورواه مسلم " من أحاديث تقطع بعذاب أصحاب الصوروالتماثيل يوم القيامة , وأن البيت الذى توجد فيه لا تدخله ملائكة .

التساؤل الذى يطرح نفسه هنا هو : هل تستقل الأحاديث النبوية المتداولة بشأن الصوروالتماثيل " وحدها " بأثبات التحريم فى مجال هذا الحكم الشرعى ؟ وما هو معيار هذا الإستقلال ؟ وهل جحد وأنكارهذا الحكم يخرج صاحبه عن ملة الإسلام باعتباره كافرآ ؟ .

فرائس السلفية المعاصرة ترتعد عند طرح هكذا تساؤلات , لأنها تثير فى الجوهر أحد أهم أشكاليات أصول علم الفقه والإستدلال الشرعى وهى مدى جواز أستقلال السنة القولية المروية عن النبى محمد فى أثبات الأحكام الشرعية التى يتعين أن يلتزم بها المسلم .

فالثابت أن هناك ترسانة من عشرات الآلآف من ( الأحاديث ) المنسوبة إلى الرسول , تتقدم عبر ما يسمى ( عنعنة ) الصحابة والثقات والتابعين من أهل العلم والدين , والذى أجتهد علم الحديث فى ترتيب صفات " أخلاقية و قيمية " بشأن واقعة الفصل فى صحة أو بطلان أو تجريح ماود عنهم من أحاديث نبوية .

هذه الأحاديث النبوية هى بمثابة " مخزن أستراتيجى مؤثر للأيديولوجيا السلفية " وحيث يجرى وصف مرجع / ( صحيح البخارى ) بأنه أهم وأصح كتاب بعد القرآن , كما يواجه جاحد أحاديثه بأنه " قرآنى زنديق ومنكر للحديث والسنة " .

الفتوى الأشهر والأحدث التى تقدم أجابة مقنعة عن التساؤل السابق أثارته هى تلك الصادرة عن الشيخ / عبدالله المشد رئيس لجنة الفتوى بالأزهر فى 1/2 / 1990 – وحيث تؤكد فى نصها على الآتى :
( أن الإيجاب والتحريم فى الإسلام لا يثبتان الإ بالدليل اليقينى القطعى الثبوت والدلالة . وهذا بالنسبة للسنة لا يتحقق الإ عبر الأحاديث " المتواترة " فقط . وحيث أنها تكاد تكون " غير معلومة " لعدم أتفاق العلماء عليها فأن السنة لا تستقل بأثبات الإيجاب و التحريم إلا أن تكون فعلية أو تضاف إلى القرآن . وعلى ذلك فمن أنكر أستقلال السنة بأثبات الإيجاب والتحريم فهو منكر لشيىء أختلف فيه الأئمة وعلماء الأمة ولا يعد مما علم من الدين " بالضرورة " ومن ثمة فأنه لا يعد كفرآ ) ..

وهذا الرأى هو ماذهب اليه أتجاه العقل والإستنارة فى علماء أصول الفقه الإسلامى ,- فعلى سبيل المثال - يؤكد الإمام / محمد عبده على أن : " القرآن هو الدليل الوحيد الذى يعتمد عليه الإسلام فى دعوته وماعدا ذلك مما ورد فى الأحاديث سواء صح سندها وأشتهر أم ضعف فليس مما يوجب القطع ".

كما يذكرالشيخ / شلتوت فى كتابه ( الإسلام عقيدة و شريعة ) : " أن الظن يلحق السنة من جهة الورود ( السند ) ومن جهة الدلالة ( المعنى ) كالشبهة فى اتصاله والإحتمال فى دلالته " . و يرى الإمام / الشاطبى فى ( الموافقات ) : " أن السنة لا تستقل بأثبات الواجب و المحرم لأن وظيفتها فقط هو تخصيص عام القرآن و تقييد مطلقه و تفسير مجمله ويجب أن يكون ذلك بالأحاديث المتواترة لا الأحادية " .

وترتيبآ على ما ذلك فأن الأحاديث المنقولة عن النبى بشأن حرمة تزيين المنازل بالصور والتماثيل لا تستقل بأثبات هذا التحريم وطالما أنها ليست من " الأحاديث المتواترة " ولم تثبت عبرالدليل اليقينى القطعى الثبوت والدلالة .

هذه الآراء والإجتهادات داخل الفقه الإسلامى يجرى التعتيم والمواربة عليها بأستمرار , وبأثر من سيطرة الفقه والرأى و التخريج الوهابى الذى يمتلك نفوذآ متزايدآ بين الجمهور و يدفعه نحوالغلو والإهتمام بشكلانيات الدين وطقوسه الظاهرية .

المثير أن الموقف السلفى من تحريم فنون النحت يجد له صدآ فى ميراث أفتائى داخل مؤسسة الأزهرالمصرية – وحيث تنحاز اليه فتوى قديمة صادرة عن الشيخ مأمون فى عام 1960 وآخرى عن الشيخ هريدى وثالثة للشيخ نصر فريد واصل أضافة لفتوى للشيخ جاد الحق على جاد الحق بتحريم التماثيل ( فيما عدا الصغير منها ) ! ..

ما يقف وراء ذلك هو أوجه الدعم والتمويل المالى والمعنوى فى المركز السعودى والخليجى وبما يمنح جاذبية لتلك الخطابات الإفتائية , و يحدث أثرآ فى محاكاتها وتقليدها فى الحواضر الدينية العربية المجاورة التى كان يجب أن تتسم بالإنفتاح والعقلانية .

تمسك السلفيون بهذا الكم من مرويات النبى المثبتة فى صحيح مسلم و البخارى – وعلى نحو ما ورد من أحاديث تحريم التماثيل - يعكس الفزع من أى تأويل حداثى و عصرى للإسلام , وخاصة أذا ما طال هذا التأويل " النصوص / المخزون " المؤسس فى السنة .

كما يدعم أصرار هذا التيار على سمت " شمولية " الإسلام وبهدف أن يتقدم الدين ورجاله وكهنوته لتنظيم كل مفردات حياة المسلم الإجتماعية والسياسية , وخلق سلطة حضور مستمر لهم داخل الفضاء الدهرى والعام .

الصراع الدائر فى مصر وتونس الآن بين التيار السلفى والقوى المدنية يتقدم على خلفية هذا الإصرارالسلفى , وحيث تطرح القوى التقدمية فى مواجهته منطق التطور و صيرورة وجدل التغير , وأن التراكم المعرفى لم يكن متاحآ للسلف فقط , و أن سؤال " التقوى " يظل مطلبآ علميآ وأخلاقيآ من المستحيل اختصاره فى هذا المعنى الأصولى الكلاسيكى .
عماد مسعد محمد السبع .



#عماد_مسعد_محمد_السبع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة والإنقسام الإجتماعى والطائفى فى مصر
- الوعى الزائف والصراع بين الإسلام والمسيحية .
- السودان المنسى وسط الثورات العربية
- حظرالنقاب فى فرنسا وميدان الصراع السياسى والإجتماعى
- الرأسمالية الملتحية ووهم النظام الإقتصادى الإسلامى .
- الحركة الطلابية المصرية ومشهد مابعد ثورة 25 يناير
- الأيديولوجيا وأحزاب الطبقة العاملة العربية
- المهاجرون العرب ومشهد الثورة فى أوطانهم
- السلفية الدينية وعملية البناء الديموقراطى الجديد فى مصر .
- الجيش و السلطة وميدان الصراع الطبقى فى مصر و تونس .
- ملاحظات حول الدعوة إلى أنتفاضة فلسطينية ثالثة
- تحريرالإقتصاد فى ظل القمع السياسى .. هامش على أسباب ثورة تون ...
- الثورة العربية و الحركة المناهضة للعولمة الرأسمالية
- الثورة عبر الإنترنت .. كيف فجر المناضل الإلكترونى الثورة فى ...
- العسكر يحظرون الأحزاب الماركسية فى مصر
- الهجوم السلفى على الفكرة العلمانية فى مصروتونس
- حول موقف اليسار العربى من تديين قضية فلسطين
- كيف ضاع حلم الثورة الشعبية فى فلسطين ؟ ..
- دروس من وحى الثورتين التونسية و المصرية


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد مسعد محمد السبع - تحريم فن النحت فى مصر وتونس