|
سياساتنا ...وعبودية الانتظار
اكبر درويش
الحوار المتمدن-العدد: 3342 - 2011 / 4 / 20 - 19:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السياسة بمفهومها الحقيقي ، مفردة دخيلة على حياتنا العامة ، ولكنها غزت أغلب مفاصل بلداننا ومجتمعاتنا اليوم ، ونتناولها صباحا قبل فنجان القهوة !! واذا شئنا الغوص في بحورها ، فلا بد من قراءتها بعدة وجوه ومحاور، ولكن الوصول الى معرفة ماهية خفاياها يعد ضربا من الخيال . ان السياسة بتعريفها الاصطلاحي تعني علم الممكن ، واسلوب الحكم والتحكم ، بأمور البلدان ، من النواحي الحياتية كافة، برسم برامجها حاضرا ومستقبلا ، وكيف ما تكون القيادة ، فردية أحادية ، عن طريق قائد أوحد وحزب واحد حاكم يقود العملية السياسية أو بمشاركة أحزاب متعددة ضمن هرم حكم معين ، وفي حال تغيير الأنظمة وانتقالها الى أنماط مغايرة لسابقتها، هنالك أولويات للسلطة الجديدة في اصدار القرارات والقوانين في بادىء الأمر، من شأنها تثبيت وتقوية الركائز الأساسية للنظام الجديد ، وضمان البقاء والاستمرار في سدة الحكم فترة أطول ، وتبدأ ساعة الصفر باطلاق وسائل الاعلام بثها والاعلان عن عهد جديد ، ونظام وطني يهدف الى بسط الحرية والعدالة والمساواة والاصلاح والرفاه ، وتحقيق المواطنة والحفاظ على تربة الوطن ، وكلما استلمت سلطة جديدة لعنت أختها ! بسيل التهم والاخطاء والاستبداد، وكشف أوراق قياداتها بسرقة المال العام ، وتسببها بقتل ابناء الشعب الابرياء والايحاء الى انهم المنقذون الذين جاء بهم القدر كي يحرروا البلاد والعباد من الطغاة وظلم الحكومات السابقة ومحاربة أشكال الفساد كافة0 هذه السيناريوهات تكاد تتكررفي كل مرة مع تغيير الأنظمة الحاكمة في بلداننا الخائبة بحكامها ! ونأخذ مثالا على ذلك نظام الطاغية صدام وحكمه الذي دام أكثر من ثلاثة عقود ! حكم العراق والعراقيين بالحديد والنار حتى أطلق على العراق ابان حكمه (بجمهورية الخوف ) نعم انها كانت كذلك فالحزب القائد كما كان يروج له الاعلام الحكومي ويصفه ( بقدرالأمة ) بتحريرها من اشكال الظلم والقهر، واسترجاع كل شبر مغتصب من أرض العرب في الاتجاهات الأربعة !!! وتحقيق وحدة الأمة وتحرير الانسان العربي المنقسم على نفسه حد الانكفاء ! والمتشتت حتى الضياع ! والمقهور بالتماهي في ايديولوجيات الاحزاب الحاكمة رغم أنفه !!! ولكن واقع العراق في هذه العقود المريرة كان عكس هذه الطوبائية السائدة على كل مفاصل الحياة ، ومرت السنين تباعا والبلد ينحدر من سيىء الى أسوأ ، على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ! وكانت قبضة السلطة على محاور الحياة تزيد الخناق يوما بعد آخر ، فهذا النظام الاستبدادي بدأ في تصفية الساحة السياسية من كل الاحزاب الوطنية ، عن طريق الاعدامات والاعتقالات والسجون السرية ، وانفرد البعث بفرض افكاره الشوفينية ، في أروقة دوائر الدولة المدنية والعسكرية والجامعات ، وفي كل قرية نائية من قرى العراق ، وعاش المواطن ازاء هذه الاجراءات التعسفية ، مكبوت الحريات ، مسلوب الفكر والارادة ، متنقلا بين محطات الانتظار وعتبات الصبر والقهر وسلاح الدعاء! وكان يظهر القائد الضرورة للملأ بين الحين والأخر ، ليرى عن كثب معاناتهم وماعملت أيديه بهذا الشعب المنهك والمبتلى بزعمائه الطغاة ! ويملي كلماته المستهلكة ، عليهم باتخاذ الصبر وتحمل الظروف الصعبة الراهنة ، واتخاذ الحيطة والحذر من أعداء الامة وكل المتآمرين على الثورة ومستقبلها الزاهر !!! وبعد ان أقحم الناس في حروب خائبة ، داخلية بقمع شعبه ، واخر خارجية أودت بحياة الملايين في آتون المحرقة الجماعية ، ومثلها في مقابر متوزعة على أرجاء العراق 0 وانه لمحزن ان نتذكر الكثيرمن العراقيين سواء في الداخل أو من المهاجرين جراء ظلم واستبداد النظام المباد قد وافتهم المنية ولم يشهدوا تحقيقا للشعارات الجوفاء ولا الساعات الأخيرة من عمر الطاغية صدام ، والتي جسدت نهاية المآسي والويلات وعسكرة الشعب في حروب خاسرة ، والقائد الضرورة ورمز الأمة ، وخلو الساحات العامة والدوائرالحكومية وأحياء الفقراء التي هتك جدرانها الاهمال ونخر جسد أهلها الحيف وساعات الانتظار الطويلة واليأس القاتل من لوحات وصورالقائد. وبعد سقوط الصنم عام (2003) سقطت معه أعتى دكتاتورية في الشرق الأوسط ، أو ربما في العالم لينتقل العراق الى عهد جديد وهو نظام الحكم الديمقراطي والانتخابات الحرة باختيار ممثلي الشعب بهذه الآلية الحضارية ، ومن ثم اختيار رئيسا للجمهورية من قبل مجلس النواب المنتخب ، ان هذا النموذج انفرد به العراق بين دول المنطقة ! وأعتقد الى حد ما بدا تأثيرذلك على مجريات الاحداث الحالية في البلدان العربية والدعوات القائمة بالتظاهر والاحتجاج والاعتصام الى تغيير الانظمة العربية من هم على شاكلة النظام المباد في العراق0 ومن نوافل القول ان نسأل أنفسنا ، هل تحقق شيئ مما نصبو اليه؟ وهل كانت الخطوة الأولى سليمة وصائبة في طريق تأسيس عراق ديمقراطي اتحادي ؟ أم مازالت العربة أمام الحصان ! لنخسر عقودا من الزمن ، نضيفها الى خسائرنا في العهود السابقة من الحكم الفردي الاستبدادي ! أم هي عقدة يكاد تجاوزها مستحيلا حسب متابعتي لتداعيات الفترات الانتخابية السابقة وما تؤول اليها من معوقات ، وخلافات تكاد تودي بالعملية الانتخابية برمتها ! وهناك جانب من الأهمية وجب ذكره هنا ،. هو ما يصرح به المسؤولون وعلى مختلف المستويات بتعليل وجود السلبيات والاخطاء والمطالبة بالاصلاح والتغيير وتوفير الخدمات الأساسية برمي الكرة في ملعب الآخرين وأولهم الشعب العراقي الذي يعد الطرف الأساس في معادلة الانتخابات واختيار النواب ! ولا أدري هل هذا ذنب ارتكبوه ؟ أم جريمة اقترفوها بحق النواب !! وهذا ما يحتاج الى وقفة جدية، وانصاف الشعب بتسمية الاشياء بأسمائها. والا سنبقى في عبودية انتظار الاصلاح والتغيير والعيش الكريم وتحقيق المواطنة على أرض أديمها خيرات وباطنها كنز وفير.
#اكبر_درويش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اتفاق وقف إطلاق النار بين -حزب الله- اللبناني وإسرائيل يدخل
...
-
مباشر: بدء سريان هدنة لمدة 60 يوما بين إسرائيل ولبنان بعد أش
...
-
اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بين إسرائيل وحزب الله يدخل حي
...
-
بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل
-
ترحيب دولي باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
-
بيان أمريكي عن قصف -منشأة لتخزين الأسلحة- تابعة لجماعة موالي
...
-
مسؤول أمريكي: لم نهدد إسرائيل بوقف تزويدها بالأسلحة
-
محكمة أمريكية ترفض قضية وثائق ترامب السرية
-
فينر: نأمل أن يخلق اتفاق وقف النار في لبنان مساحة للتوصل لات
...
-
بوتين: روسيا وكازاخستان تحميان تجارتهما من خلال التحول إلى ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|