|
الشفافية بين المؤامرة والمغامرة
محمد علوان العبادي
الحوار المتمدن-العدد: 3342 - 2011 / 4 / 20 - 08:46
المحور:
المجتمع المدني
الشفافية بين المؤامرة والمغامرة. لم يكن مصطلح " الشفافية " من ضمن المفاهيم المُدرجة في القاموس السياسي قبل الستينات من القرن الماضي ، ولكنه أُدْخِلَ لمنظومة المفاهيم السياسية بعد هذا التاريخ ، والإشارة هنا أن المروجين لتبني هذا المفهوم لا بد وأنهم قد ارتكزوا على رؤية تخدم فكرهم وتحقق أهدافهم ، فأكثروا من استخدامه في المحافل الدولية والإعلامية ، لتسويقه بالتبرير والتسويف ، حتى استوعبته المجتمعات وأصبح جزءاً من الحديث اليومي ، ومع الزمن تحول ليكون مفهوماً قياسياً له أُطُره ومعاييره ، ونعتبره من ضمن الثقافة السياسية العامة ، ولكن عند تدقيق مفهوم " الشفافية " وتفحص غاياته نجد انه يتخفى وراء نوايا خبيثة وغير معلنه ، والاندفاع في التعامل مع الشفافية يجعلنا ننجرف في هاوية إفشاء وإشهار الأسرار وتعميمها مهما كان نوعها وتأثيرها ، ومن هنا يأتي الخطر. وهل الشفافية تعني :(الفضح) و(التعرية) أم أنها تعني (الوضوح) و(المكاشفة)؟!!، والاهم في تعريف المفهوم هو القيود والحدود ؟ وهل نحن نقصد الشفافية المطلقة أم الجدران الزجاجية ؟ أولا: قيود وحدود الشفافية: فالتصنيف للحالة يستوجب تقييم مدى الآثار المترتبة على ممارسة الشفافية ضمن مفهوم الأمن الفكري والمجتمعي ، وكذلك مستوى الثقافة التفسيرية التقديرية الملازمة لها حين تعميمها ومدى القصور ألمفاهيمي في استثمارها وتوظيفها. ثانياً: الشفافية المطلقة : والتي تعني كشف المستور، دون اعتبار لأهميتها وسريتها أو الحاجة الملحة لكتمانها وإخفائها ، وهي التي تتعلق بالأمن الوطني وسرية العمل السياسي بالمفهوم الشامل ، والتي تتطلب القيام على قضاء الحاجات بالسر والكتمان. هنا نجد أن جهل تداول مفهوم الشفافية قد يُحدِثْ أزمة وطنية ومجتمعية ستورث الضغينة الحاقدة والانتقام ، وهذا الطيش قد ينال من هيبة الدولة ويهز أركانها ويبطش بها ، فتعرية الآخرين وفضحهم والتشهير بهم واغتيال شخصيتهم سيؤدي للفساد المركب والمتفاقم ، ويزيد من صعوبة علاجه، والجروح قصاص . لنشير هنا أن الشفافية الرعناء قد نالت من دول عظمى وحطمت أركانها وأبادت وجودها عسكريا وسياسيا وأزالت دورها ألأُممي والإقليمي وحيدتها من معادلة التوازن الدولي ، وقد فسخت مجتمعات ومزقت نسيجها، وأثارت الفتن، فسارت وتفشت دسيسة المؤامرة ( الشفافية ) وركبنا المغامرة، وقد نخسر أنفسنا إذا تمادينا بالمقامرة. إن شيوع استخدام هذا المفهوم والإفراط في تعاطيه بين الأوساط العامة والصالونات الحماسية ، أتاح الفرصة للمتقمصين لإثارة الشكوك والظنون بأدنى القرارات والتوجهات ، فتولدت أزمة ثقة بين المجتمعات والحكومات ، وانفلتت القيود وتطاولت الردود ، فتجاوزت حدودها للنيل من الشخوص دون اعتبار لمكانتهم ومقاماتهم . فالمتتبع للأحداث والمستجدات الساخنة عبر فساد القوى الناعمة ، سيجد أن في مغزى هذا المفهوم مؤامرة خبيثة ومريبة ، فهي لا تترك مجالاً للجراح لتلتئم ، وتحث الأوردة لتبقى تنزف !!! ولو دققنا لوجدنا أنها تضليل مبرمج ومُسَيْس يُوجه اهتمام العامة للابتعاد عن أولويات الإصلاح بنية عرقلة البناء ، وتأخير التطوير والتحسين والمعالجة ، وجرهم للتدافع والطواف حول استكشاف الحقائق الموهومة والمزعومة ، إذاً هي عبثية وأُضحوكة هزلية جدلية ، أو صنماً يُعْبَد بقصد التقرب من الحقيقة والعدالة وتكافؤ الفرص ونمو المجتمعات والأمم ، فما أن وصلنا للحقيقة إلا وقد كشفنا أننا في طريق مظلم ، وقد ضللنا الطريق ، فهدر الوقت والجهد والمال وتوظيفه في سلم الأولويات من جهة العكس ، يعتبر فساداً مؤسسياً منظماً حسب التراكم المعرفي في الجهاز الإداري، فأيهما أحق إسعاف الجرحى أم معالجة الموتى بذريعة إمكانية إعادتهم للحياة ؟ وهكذا تنظم الأولويات والمعادلات الإدارية ، فالإشارة هنا أن للشفافية شكلين (الايجابي والسلبي) ، والايجابي يعني الوضوح وعدم الغموض وعدم التستر أو الكذب والتضليل وجعل كل شيء في متناول الجميع (عدم احتكار المعلومة)، بينما الجانب السلبي أللأخلاقي للشفافية يعني إفشاء الإسرار وتوظيفها لدس الفتن ، واستثمارها للتطاول على امن الأوطان ، واغتيال الشخصية المعنوية والاعتبارية ، وتمرير الأجندات العابثة ، أو الإقصاء ، وهذا هو الداء والدهاء ، ومكر السفهاء!. فاحذروا !!! سوء الفهم . وتحياتي لكل نفس تقية ونقية ، وللحديث بقية.
#محمد_علوان_العبادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
أول وزير خزانة مثلي الجنس.. ماذا نعلم عن الملياردير سكوت بيس
...
-
مقتل واعتقال 76 ارهابيا في عملية فيلق القدس بجنوب شرق ايران
...
-
-الدوما-: مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتنياهو ستكشف مدى ا
...
-
الداخلية الفنلندية توقف إصدار تصاريح الإقامة الدائمة للاجئين
...
-
الإعلام الإسرائيلي يواصل مناقشة تداعيات أوامر اعتقال نتنياهو
...
-
هذه أبرز العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت
-
الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق
...
-
مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه
...
-
كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم
...
-
سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|