علي ابراهيم الحسين
الحوار المتمدن-العدد: 997 - 2004 / 10 / 25 - 07:58
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
كنت أتمنى أن لا أقف محتاراً بين خيارين . التزام الصمت . أم الرد , وفي الحالتين امتحان تمنيت أن لا أخوضه أو أتعرض إليه . وبخاصة مع الأستاذ الشعيبي الذي نحترم آرائه ورؤيته وقراءته للواقع واستشراف آفاق المستقبل , لكنه في هذه المرة أخطأت بوصلة الاتجاه , وربما يكون السبب بالإكثار من الوجبات الرمضانية الدسمة أو متابعة للمسلسلات الدرامية وبخاصة الفنتازيا التاريخية منها .. أو ربما السبب بما تعرضه تلك المحطات الفضائية الطربية من أغاني الفيديو كليب التي تشوش الذاكرة بدل من أن تنعشها .
إن ما نقل عن لسان الأستاذ الشعيبي عبر موقع إيلاف يستحق الوقوف عنده مطولاً وهو لا يخلو من الإيجابيات وسأبدأ من حيث انتهى الى خلاصة /أوسكار وايلد / بأن الحقيقة لا يكون نقيضها حقيقة / وكان عليه أن يدرك أن الليل حقيقة والنهار حقيقة وكل منهما ينقض الآخر , وكذلك الحق والباطل – والحب والكراهية – والموت والولادة – جميعها حقائق وجميعها ينقض بعضها الآخر , ويتهم الشعيبي المعارضة في سورية بأنها ( طوطولوجية – وخارج إطار المعطيات – وأنها مجرد ثرثرة ولهو – وليست فاعلة – ولا تمتلك برنامجاً – وبالتالي معارضة خارج الدولة ) ولكي لاتقع في مطب المصطلحات المعلبة والمصنّعة لمجتمعات أخرى ونضطر لاستخدام مصطلحات مستقبلية ( كالعمادلوجيا – والشعيبلوجيا – والببزرمطلوجيا- والسلطولوجيا- والشوربلوجيا ) ونقع في مأزق الجدل البيزنطي حول مدلولاتها , إلا أنني أؤكد للسيد الشعيبي أن المعارضة دائماً هي خارج الدولة وليست صادرة عنها أو جزءاً منها , ففي بريطانيا دائماً يوجد حزب حاكم وحزب معارض .
وفي فرنسا حزب حاكم وأحزاب معارضة , وفي كل الدول الديمقراطية , وهذا دليل عافية سياسية وليست حالة مرضية مستعصية , كما أؤكد له أن المعارضة تمتلك برنامجاً متكاملاً وخطاباً سياسياً معاصراً غير مؤدلج يرمي الى الإصلاح ومحاربة الفساد والتطوير والتحديث على قاعدة المشاركة الوطنية في الواجبات والمسؤوليات وفي فضاء وطني وأرضية وطنية خالصة , ولو كلف نفسه بالحوار معها والإطلاع على برامجها لجنب نفسه الوقوع في هذه المطبات والمقارنات واطلاق أحكامه الجاهزة والجائرة معاً . إلا إذا كان الهدف والغاية إطلاق النار عشوائياً وفي كل الاتجاهات , وعلى أياً كان وهذا بالطبع مرفوض تماماً مع فرضية حسن النوايا .
ويتهم المعارضة بالكامل بأنها ( من أشباه المثقفين – وأغلبهم قراء عناوين – أحاديين – اختزاليين – يقرأون بعين واحدة ) .
وهنا لا بد من السؤال ما هي مقاييس الثقافة لدى الأستاذ الشعيبي . وهل لبس بردة بروكست وأعد سريره ليتم العمل به ونحن في بدايات الألفية الثالثة , أليست هذه قراءة أحادية ورؤية قاصرة وبعين واحدة ؟ أيضاً ويضع نفسه حيث أتهم الآخرين .
ويؤكد الشعيبي أننا مجتمع بلا نجاح وكفاءاته ضعيفة , ويدعونا للتفاؤل بقوله : إننا عاجزون عن أيجاد حل لمشاكلنا الاجتماعية والاقتصادية ويلزمنا مائة عام على الأقل ولا أدري ما هي المعطيات التي تحت يديه ليعطي حكماً بهذا الشكل وبهذه الثقة . وأذكر الشعيبي أن اليابان تعرضت لضربة نووية لم تؤخرها مائة عام لتصبح أول دولة صناعية في العالم , كذلك ألمانيا التي دمرت تماماً في الحرب العالمية الثانية وهاهي تقف على قدمين ثابتتين في مصاف الدول العظمى والراقية , ومثال دول الخليج التي بقيت حتى منتصف القرن الماضي خارج إطار المدنية وهي الآن من أرقى الدول حتى الشرقية أو الأوربية بنظمها واقتصادها , ومصارفها وحتى في شوارعها ومستوى معيشة المواطن فيها , فلماذا كل هذا اليأس وهذا التيئيس يا سيد شعيبي .
يؤكد الشعيبي أيضاً أن المعارضة جاهلة ولا تعرف شيئاً وليس لديها أرقام , وهنا أيضاً أسأله بصفته رئيساً لمركز معطيات ودراسات ولا أعرف ماذا يعني (( مركز معطيات )) ؟ أسأله هل تتحدث بموجب الأرقام والدراسات والاستنتاجات والإحداثيات الموجودة لديك , أم أنها شطحات ( شعيبلوجية ) خاطئة ؟؟؟
كما يتهم المعارضة بأنهم يبحثون عن مناصب لو أعطيت لهم لكانوا أكثر المدافعين عن النظام ؟ وهنا أيضاً أخطأت ثانية في توقعاتك , لأن المعارضة تعمل باتجاهين – كرامة الوطن ووحدته وسلامته ومنعته , وكرامة الوطن المتمثلة برغيف خبزه وأمنه الشخصي وتوازنه النفسي حين يشعر بالعيش في وطن آمن , كل من فيه يعملون تحت مظلة القانون ويمارسون الديمقراطية سلوكاً يومياً من الطفل في الحضانة وحتى المسؤول في أعلى سلم المسؤولية وأن كل ما على هذه الأرض وفي داخلها هو ملكية جماعية يجب المحافظة عليها من الجميع وينتفع منها الجميع على قدم المساواة وبعدالة وشفافية , يؤكد الشعيبي أن الرئيس بشار الأسد وحده ومن معه يرفضون الأوضاع السائدة , ويضعون منهجاً للتغيير ولديهم أدوات التغيير .
وكلنا يتفق مع السيد الشعيبي على أن الرئيس بشار الأسد يسعى قولاً وفعلاً وجاهداً للإصلاح والتغيير ولكن من معه , فليس كلهم بالتأكيد ؟؟؟ بل على العكس ؟ منهم من يعرقل عملية الإصلاح بذرائع وأوهام كالتي تفضلت بها في سياق الحديث ( ان الإصلاح لا يتم بعملية أخلاقية ولا بأعواد المشانق ) ولكن أليس هناك من حلول أخرى برأيك ... وهنا نسأل لماذا نحمل الرئيس كافة المسؤوليات حتى الصغيرة منها , فمن لا يملك بيتاً يحمل الرئيس المسؤولية , واذا ارتفعت أسعار مواد البناء يحمل الرئيس المسؤولية واذا ارتفع سعر الخضار والفواكة قليلاً فمسؤولية الرئيس وإن سرح مواطن من عمله ظلماً فمسؤولية الرئيس , وإن دهس مواطن بسيارة أحد المسؤولين مسؤولية الرئيس , إذاً ما هي مسؤوليات ( من معه ) كما تفضلت ولو أن كل منهم قام بدوره وبصلاحياته وبواجباته أما مسؤولياته لما وصلت الأمور الى ما وصلت إليه واستعصت الحلول .
وهل يمكن لطبيب أخطأ في تشخيص مرض ما لرجل فقتله بالدواء الخطأ , ان يعدنا بإعادته للحياة فنصدق وننتظر المعجزة , ثم نكتفي باعتذاره ونقبل بعجزه ؟ مسلمين بقضاء الله وقدره .
خلاصة القول ونافلته أن المعارضة الوطنية في سورية قد تختلف على كل شيء وفي كل شيء إلا في ثلاثة أمور هي من الثوابت والمقدسات : وهي لا تبحث عن مناصب ومنافع شخصية ولو رغبت في ذلك لوجدت الطرق المناسبة وهي بالتأكيد ليست طرق معارضة وأنت تعرف جيداً هذه الطرق وهذه (( المعطيات)) ؟؟؟
وكيف يمكن سلوكها ومن الذين سلوكها فعلاً :
1. الوطن بحدوده وفضائه ومياهه وثرواته وكرامته وحريته وعلمه , لا مساومة عليه ولا مناقشه فيه ولا حلول وسط على الإطلاق .
2. المواطن الذي يعيش على هذه الأرض بكل أطيافه المعتقدية والمناطقية والسياسية والاجتماعية , موفورة حقوقه ومصانة انتماءاته وكرامته وحريته , وعيشه الكريم ورغيف خبزه .
3. شخص الرئيس بشار الأسد الذي كبرت في عهده المعارضة الوطنية وعلا صوتها وأرتفع سقف مطالبها وهو في الحقيقة يقود مسيرتها إلى تحقيق طموحات حقيقية بالارتقاء بسوريا وطناً وشعباً الى ما يستحقانه فعلاً رغم عامل الزمن ورغم الكثير من المعوقات , برؤية وطنية صادية بعيدة عن المصطلحات والمفاهيم المعلبة والجاهزة , بل هي مشروع سوري وطني ومطلب شعبي من الفلاح في أقصى الريف السوري وحتى أستاذ الجامعة ... والطفل في مراحل الروضة , ومن هنا ليست مطالب المعارضة مجرد لغو وثرثرة وتحليق في الفضاء , خارج إطار المعطيات عمادها أشباه مثقفين فهي بالتالي معارضة وطنية لا تمت الى الطوطولوجيا ولا الشعيبلوجيا بصلة , والمجد كل المجد لسوريا وطناً وشعباً .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
علي إبراهيم الحسين
مفوض اللجنة السياسية العليا
في حزب النهضة الوطني الديمقراطي في سوريا
#علي_ابراهيم_الحسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟