|
من جلاء المستعمر الى رحيل الاستبداد
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 3338 - 2011 / 4 / 16 - 21:36
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
يشاء القدر أن يحتفي السورييون بالذكرى السنوية لجلاء الاستعمار الفرنسي هذا العام واعلان الاستقلال الوطني في أجواء انتفاضية مجيدة تزيد من قدسيتها تعم كل المناطق والمدن والبلدات ايذانا بتنفيذ حكم الشعب وارادته في ازالة الاستبداد واجراء التغيير الديموقراطي السلمي والانتقال الى ربوع الاستقلال الثاني حيث بقي الأول ناقصا وغير ناجز بحلول الاستبداد – الوطني – الجشع الآيل للرحيل تحت ضغط الانتفاضة الشعبية محل الاستغلال – الأجنبي – البشع الذي أذعن للجلاء تحت ضربات الثورة الوطنية بقيادة آباء وأجداد شباب الحراك الثوري الراهن أنفسهم واذا كانت معارك الاستقلال قبل أكثر من نصف قرن قد شملت حينها شعوب المنطقة جمعاء فان رياح التغيير الثوري لاتستثني أحدا في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة . فهناك في المنطقة وبشكل غير مسبوق حراك فانتفاض فثورة وبحسب سير الأحداث فان الموجة عامة وعارمة لاتقتصر على بلد بعينه ولن يغيب من المشاركة والفعل أي شعب فالكل معني ومسؤول وللجميع القومي والوطني والانساني اسهام مهما كانت حدود تأثيرها في هذه الظاهرة الثورية التاريخية التي تعم المشهد الاقليمي وتتجاوز الحدود والملل والأقوام كقدرتاريخي محتوم واستجابة ضرورية لارادة الشعوب التواقة الى فضاءات الحرية والخلاص والتغيير والكرامة الوطنية بعد أن صبرت أكثر من نصف قرن ( أمهلت ولم تهمل ) والمصممة على اعادة بناء الدول والأوطان على مبادىء العدل والمساواة والشراكة والعيش بسلام ووئام ومن الواضح أن مايحصل الآن من ثورة شعبية تغييرية جذرية ايذان باعادة بناء الجمهوريات الثانية مابعد الاستقلال في مختلف البلدان التي تحررت من الاستعمار منذ أكثر من خمسة عقود والموجة الرابعة في محاولات التقدم ولكن المميزة من حيث الأداة الفاعلة والأداء السلمي والمختلفة في الأهداف والطموحات والواعدة في النتائج والانجازات العظيمة ولكل هذه الأسباب وبسبب حقائق ووقائع ومؤشرات وتفاعلات العملية – الظاهرة لم تعد شعوب المنطقة المعنية الوحيدة بل أصبح المجتمع الدولي برمته ( هيئة الأمم المتحدة ومجلس أمنها – حلف الناتو – الولايات المتحدة الأمريكية – الاتحاد الأوروبي – المنظمات العالمية لحقوق الانسان - جامعة الدول العربية – منظمة المؤتمر الاسلامي – مجلس التعاون الخليجي – الاتحاد الافريقي ) جزءا من عملية الصراع الدائر في جوانبها الدبلوماسية والسياسية والانسانية والعسكرية ولكل طرف أجندته الخاصة ومصالحه وأهدافه ودوافعه تدور حول مركز الحدث وتستجيب منصاعة لفعل الشعوب وارادتها مع أن الجميع يظهر في العلن الحرص على السلم والاستقرار والتعاطف مع قضايا الشعوب ومامن شك أن الكل مازالوا تحت تأثير صدمة المفاجأة وأخذتهم الشعوب على حين غرة وهي تنتفض وتثور على أنظمتها الاستبدادية بشكل جديد وفي ظل قوانين جديدة للصراع الاجتماعي الوطني في سبيل التغيير الديموقراطي ومعادلات لم تألفها القوى الخارجية والغرب خصوصا من قبل . مظاهر تبدل قوانين الصراع وتحول في الخطاب الثقافي الأولى : موجة التجديد الراهنة بقيادة الشباب لاتختزل في طبقة واحدة وقوم واحد ومكون واحد فهي من كل الطبقات والفئات والأطياف وتستند على مبدأ الشراكة والتوافق في بناء الدولة الحديثة وقيادة مرحلة مابعد الاستبداد بخلاف الموجات السابقة في النضال التحرري ضد المستعمر التي وبالرغم من مشاركة الجميع في تقديم التضحيات ولكن النتيجة اقتصرت على حكم البورجوازية الوطنية التقليدية أو الانقلابات اللاحقة التي حيكت خيوطها في غرف مظلمة وبمعزل عن الشعب بقيادة البورجوازية الصغيرة والمتوسطة أما انتفاضة الشباب فهي ديموقراطية وعلمانية وليبرالية وشفافة بشراكة الجميع وبقرار الجميع مقدمة ونتائج والثانية : ليست مواجهة طبقة بذاتها بل مناهضة لسلطة تحالف الحزب والأمن والمال التي تتخذ شكلا كومبرادوريا تتمدد خيوطها نحو قلب مراكز المافيا الدولية التي تهدد نظم العالم الحر ولذلك وهي الثالثة : تبدي بلدان أمريكا وأوروبا كحكومات ومؤسسات مدنية ورأي عام ارتياحا قد يصل الى مستوى التأييد للحراك الشبابي الثوري في الشرق الأوسط وهو أمر نادر الحدوث وقد يكون لذلك صلة بمستجدات السياسة الدولية في ظل العولمة وشعور العالم الغربي بمسؤولية الحفاظ على الاستقراروالحد من الهجرة واستئصال الجذور المالية – المافيوية للارهاب الدولي صيانة لمصالحها وللسلم الدولي بعد غياب القطب المناهض الآخر والرابعة : غلبة الطابع الداخلي الاجتماعي الديموقراطي الأخلاقي على الثورة لأسباب جوهرية مشروعة ومقبولة بخلاف ما كان سائدا في حركات سابقة من شعارات براقة ومزايدات ومبالغات والخامسة : في المرحلة اللاحقة مابعد اسقاط الاستبداد سيكون للشباب دور أساسي في القرار باعادة بناء الدولة الجديدة وادارة شؤون البلاد وهذا بعينه أحد مفاجآت التاريخ والسادسة : ايذان بعدم تناسب التجربة العراقية ومثيلاتها بالضرورة للحالات الوطنية الأخرى بمعنى استبعاد التدخل الخارجي ونبذ العنف والاقتتال الداخلي بالرغم من المحاولات المستميتة من النظام لتلبيس الانتفاضة زورا البعد التآمري الخارجي ومن ثم استحضار التدخل الأجنبي على الطريقة – القذافية - والسابعة :العفوية الايجابية أي عدم وجود طرف سياسي من خلال تنظيمات وأحزاب في قيادة الانتفاضة الشبابية مما تجنبها التردد والسقوط بواسطة المساومات والصفقات مع نظم الاستبداد المتمرسة في عمليات المماطلة والتضليل والارتشاء , معادلة أخرى وهي الثامنة : تتمثل في الرفض الشعبي للخيار المصطنع بين ما هو قائم حتى لو كان مستبدا وبين بديله الاسلام السياسي –المزعوم والجديد التاسع : سلمية الانتفاضة بعكس السمة العنفية العامة للثورات في التاريخ أما المتبدل العاشر: فهواستخدام شباب الانتفاضة لمصطلحات جديدة مثل اعادة بناء الدولة وصياغة الدستور الجديد وابرام عقد اجتماعي بين المكونات والقومية السائدة والأقل عددا والنظام التعددي والديموقراطية التوافقية والدولة العلمانية . لاشك أنه من المبكر تقييم سمات ونتائج المرحلة الجديدة بصورة كاملة ودقيقة ولكن المقدمات تشير الى تأسيس الشباب بانتفاضتهم الشعبية وتضحياتهم الغالية لمرحلة تاريخية مختلفة مدشنين قطيعة كاملة مع الماضي نظاما سياسيا وثقافة وبرامج وشعارات واعادة الأمور لطبيعتها وانتزاع القرار من الحاكم المستبد الى أصحابه الحقيقيين عبر الانتخابات الحرة النزيهة وحسب القواعد الديموقراطية في أجواء الحرية والشفافية . تحية للرواد الأوائل الذين حققوا الاستقلال الوطني في مرحلته الأولى وكل الدعم والاسناد لجمهور شبابنا وقود الانتفاضة السلمية لانجاز الاستقلال الوطني الديموقراطي الثاني .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مابين الاصلاح والتغيير سر خطير
-
مذكرات صلاح بدرالدين في ندوة مؤسسة كاوا
-
من يستدعي الخارج : الانتفاضة أم النظام السوري
-
كرد سوريا بين - المواطنة - - والتجنيس -
-
الاتحاد في اطارانتفاضة الشباب
-
شبابنا حماة الديار
-
بوركتم ياشباب - قامشلو -
-
نداء صلاح بدرالدين الى الشعب الكردي السوري
-
النظام يختارطريق المواجهة والانتفاض هو الرد
-
شكرا - لدرعا - شكرا - للاذقية -
-
ماذا يعني عودة الأسد الى قيادته الحزبية
-
- تضامن أممي - من نوع جديد
-
أيها الشباب لاتبالوا .. انها الحرب النفسية
-
- نوروز - الانتفاض والوحدة الوطنية
-
الانتفاضة السورية : - هةر بذي - كرد وعرب رمز النضال
-
اليمين الكردي يبدأ معركة - العلمين - والشعب لها
-
صلاح بدرالدين يزور المضربين ويتضامن مع مطالبهم
-
ماذا لو كانت سوريا - ملكية دستورية -
-
مؤسسة كاوا تحيي الذكرى السابعة لانتفاضة آذار
-
في ذكرى - الهبة - التي لم تبلغ - الانتفاض -
المزيد.....
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|