أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سهيل أحمد بهجت - الإنسان و السعادة النسبيّة















المزيد.....

الإنسان و السعادة النسبيّة


سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)


الحوار المتمدن-العدد: 3338 - 2011 / 4 / 16 - 12:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ـ كاليفورنيا
بعد أن يتحدث عن نظرية فيبر في أن المادية تنتهي بإصابة الإنسان بصدمة كونه أدرك "بفعل الاستنارة" أن المعنى النهائي للأشياء و للموجودات هو "المادة" و لا شيء غيرها، يقول المسيري:
"و قد أدرك فيبر أيضا أن الترشيد يهدد الحرية الفردية، و يحول المجتمع إلى قفص حديدي، خصوصا و أن الفرد في المجتمع الحديث هو فرد مفتقد للمعنى، و من ثم فهو شخصية هشة من الداخل لا تشعر بالأمن و لا بالمقدرة على التجاوز، فهي لا تقف على أرضية صُلبة من المعنى" ـ العلمانية تحت المجهر ص 101
لاحظ معي عزيزي القاريء أن المسيري يحدثنا عن فيلسوف مادّي توفي عام 1920 و قارنه بجلال أمين المعاصر لكي يوهم القاريء بأن مفهوم المادية الجامد على حاله هو الذي يسود في الغرب، بينما الحقيقة هي أن مفهوم المادية تحول كليا منذ أيام ألبرت أينشتاين و نظريته النسبية التي حطمت الحواجز بين الروح و المادة، إن تقديم حركة التاريخ المفعمة بالتحولات و كأنها مجرد "قصة مملة" أو رواية سيئة الحبكة هو إساءة فعلية إلى العقل و الشعور الإنساني و حقه الكامل و الطبيعي في التساؤل و البحث، فانتزاع هذا الحق ـ و لا علاقة لنا هنا بمسألة السعادة و الشقاء في قياس الحداثة و التنوير لأن السعادة و الشقاء أمران نسبيان ـ هو انتزاع لحق المسيري نفسه بالتساؤل، و هذا يُذكرني بالغزالي الذي كان يشكك في مصداقية العقل استنادا إلى بعض استنتاجاته الخاطئة، و نحن هنا لا ندعي أن العقل يمتلك ميزانا و حكما غير قابل للخطأ في حكمه على الأشياء، فتحول الطاقة إلى جسم و الجسم إلى طاقة و اتحاد الزمان و المكان في الزمكان و غيرها مما لا يحصى من مجالات التحول العلمي الذي أتاحته نسبية أينشتاين فتح الباب على مصراعيه للوصول إلى نتيجة منطقية جديدة غير تلك التي تفصل بين المادة و الروح، و ها هو المسيري ينقل لنا عن فيبر تساؤله حول نهاية "هذه المادية" و هل أن الأنبياء سيعودون إلى الوجود؟
إن العلم بطبيعته دائم التحول و التغير و إذا ما توقع أحد ـ كما توقع الشيوعيون ـ بأن الإنسان سينتهي على هذا الكوكب إلى الاستقرار و السعادة المطلقة فهو مخطيء بالتأكيد، نستطيع أن نقول أن الإنسان يستطيع بناء أشياء "نسبية" و لكنها بالتأكيد لن تقنع الإنسان بأنه حصل على السعادة النهائية، و هب أن الإنسان الحديث أخطأ عبر المادية؟ فهل يقدم الدين حلا لقلق الإنسان؟ إن البعض يصور الله على أنه إله غاضب و غيور "كاليهود و المسلمين السنة" و بالتالي على الإنسان أن يعيش هاجس الغضب الإلهي و عذاب القبر و دخول جهنم لأتفه الأسباب، بينما يميل آخرون "كالمسيحيين و الشيعة الجعفرية و الإسماعيلية و العلويون" إلى وصف الله بالإله المحب الذي يعفو إلى جانب كونه عادلا، ففي كلا النموذجين نجد صورتين مختلفتين لإله واحد، هذا عدا النظر إلى أديان العالم ككل ـ و هي مئات من العقائد و الأفكار إن لم تكن بالآلاف ـ حيث سنجد اختلافا فكريا جذريا حتى في مسألة الخلق، و المسيري يريد أن يربط كل شرور العالم بالعلمانية، بعد أن يوهم القاريء في بداية كل بحث أنه (محايد و موضوعي و عقلاني إلى أبعد الحدود)، فالعلمانية ارتبطت بنظره بالمادية الأحادية و التي تحكم على الوجود حكما ساذجا بأنه ذو قوانين محددة جامدة حتمية و هي بهذه الصيغة تسجن الإنسان في إطار محدد لا خروج منه، و هو إطار المادة نفسها، لكن الواقع نقيض كل هذا الطرح لأن الغرب نفسه طوّر من نظرته تجاه المادة و هذا العالم الذي يبدو لا نهائيا، كما أن التراث الديني ـ و الذي كانت المادية القديمة تحتقره ـ أصبح قابلا للاستمثار الروحي و العقلي و الاجتماعي، فلماذا يصرّ المسيري إذا على أن ينعت المادية الغربية بكل التهم كانت تطابق المادية القديمة و ما قبل النسبية و تحولاتها الفكرية التي ألغت النظرية القديمة بالكامل؟ ربما للعاطفة و لمسلمات عقلية و أحكام مسبقة على الأشياء و (الرغبة) التي تتدخل في أحكامنا المنطقية دور أساسي في اتخاذه هذا المنهج.
يقول المسيري:
"و قد طور كثير من المفكرين هذه الظاهرة (أي ظاهرة الترشيد في الإطار المادي) و ربطوها بظواهر حديثة أخرى، من أهمها ظاهرة الإبادة النازية، ففي كتابها أيخمان في القدس: تقرير عن تفاهة الشّر (1963) تشير حنا أرندت إلى "السّـفـّـاح" أيخمن فتبين أنه لم يكن سوى بيروقراطي تافه عادي، يؤدي ما يوكل من مهمات مثل أي موظف في بيروقراطية حديثة، فهو من منظور الترشيد المادي، لم يكن سوى نتيجة منطقية (أو ربّـما حتمية) لعملية الترشيد المتصاعدة، التي تؤدي إلى نزع السمات الشخصية و تقويض الإحساس بالمسؤولية الأخلاقية الشخصية". ـ العلمانية تحت المجهر ص 104 ـ 105
إن كون أحزابا و تيارات سياسية و في شتى أصقاع العالم أساؤوا إلى العقلانية و التنوير و العلم عبر اقترافهم جرائم و تأسيس نظريات عنصرية و عرقية ـ كما حصل مع النّازية و البعث العربي ـ لا يعني بالمطلق أن هذه المصطلحات و ما تحويه من معرفة و تطور هي شر و سوء و أنها سلبية، فالمسيري نفسه سيرفض تعليل البعض عن عدم إيمانهم بالله لأن هناك من ارتكب الجرائم باسم الله و هو ما سيعني أن مجرد وجود نوع من التشوه و استغلال شعار المعرفة لأغراض سياسية لا يكفي حجة لكي نقول أن العِـلم و المعرفة هي شرّ، فإذا كانت المعرفة شرّا فإن الجهالة و التمسك بالخرافة و الأسطورة هي أم الشّرور.
كما أن الفقرة التي انتقاها من كتاب حنا أرندت لا تعكس إلا المنهج الإنتقائي في التعامل مع النصوص، فوجود شخصية مثل "أيخمن السّــفـّاح" لا تعكس إلا العدمية و اللا عقلانية التي امتلكها النازيون، و إذ كنا بالفعل نعتبر النازية شرّا و كذا الحال مع المادية الماركسية التوتاليتارية فإن الأنظمة التي ترتكب الجرائم باسم الله و الدين هي أسوأ من تلك الأنظمة المادّيّة لأنها تضفي قدسية على أحكامها الظالمة، و مرة أخرى نكون قد تجاهلنا كل الأنظمة الإنسانية الغربية التي وقفت في وجه النازية مثل فرنسا و بريطانيا و الدولة الأقوى الولايات المتحدة، فجنود هذه الدول ضحوا بأرواحهم لتحرير الإنسان من دجل و كذب لبس لبوس العلم و التنوير و الحداثة، لذلك نجد أن الغرب شهد بالفعل تيارين أحدهما يتبنى النازية و مثيلاتها العنصرية و أخرى ـ و هم الأغلبية ـ يتبنون الإنسانية و الحرية و تقديس الوجود.



#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)       Sohel_Bahjat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطوّر و الإمبريالية!!
- البحرين.. الغباء الشيعي في عصر الحرية؟
- -الوليه الفقيه-.. إلى أين؟
- المادّة و المسألة الأخلاقيّة
- إسقاط آل حمد فرصة تاريخية!!
- المسيري ... تجسيد العقل المريض
- حسني... اسم صنم سيسقط قريبا
- الإنسان و الوثنيّة!!
- الدين و الفردوس الأرضي
- العقل بين المادّي و الرّوحي
- الجالية العراقية في المهجر.. عقدة ثقافية
- الإنسان و المسؤولية الكاملة
- في النمطيّة الدّينيّة و القوميّة
- المالكي و ... قائمة المنتحرين!!
- الإنسان ذلك الكائن الخلاق!!
- نقاش.. في ماهيّة النمطية !!
- لماذا يكرهون المالكي.. و النجاشي؟
- الهولوكوست الخامنئي..
- قراءة جديدة في الدين و العقلانية (2)
- قراءة جديدة للدين و العقلانية


المزيد.....




- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سهيل أحمد بهجت - الإنسان و السعادة النسبيّة