|
المارقين الجدد!
مهند السماوي
الحوار المتمدن-العدد: 3337 - 2011 / 4 / 15 - 20:24
المحور:
حقوق الانسان
المارقين الجدد! تندثر الماديات بسهولة ومن الصعب احيانا استعادتها لنشاطها...ولكن النظريات لا تندثر حتى لو اختفت من الساحة لحقبة طويلة من الزمن!... فمن السهولة اعادتها الى الحياة من جديد! وما فعله اليهود في القرن العشرين من استعادة لغتهم العبرية المنسية الى الحياة هو خير مثال على ذلك. فالافكار والاراء والمعتقدات هي نتاج عقلي وروحي بحت،والانسان ككائن حي هو نفسه لا يتغير ولكن المعارف تتراكم عنده بمرور الزمن وتضيف له قدرات جديدة للابداع والتفكير والانتاج والتي من بينها المعارف النظرية كما هي العملية والتي تضاعف لحياته الكثير من التعقيدات بالرغم من قصر الفترة الزمنية التي يحياها!. القمع الوحشي مهما كانت درجته عالية فأنها لا تستطيع ازالة الافكار والمعتقدات من الانسان حتى لو ابيد شعبا ما!...ولذلك فشلت وعلى مدار التاريخ ابادة الافكار والاراء والمعتقدات التي يمكن اعادتها للحياة مرة اخرى بسهولة الا اذا كانت بدائية وخرافية بدرجة لا تقبل الشك!. شاع حديث عن الامام علي(ع):امرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين... والمارقين المقصود بهم هم الخوارج الذين خرجوا عليه واشاعوا الدمار والخراب والفساد نتيجة للتفسير الخاطئ للدين وتعاليمه ورسالته السامية من خلال استخدامهم ادوات عقلية ونقلية بطريقة دالة على ضحالة تفكير وضعف معرفي ادى بهم الى تلك النتيجة المعروفة مسبقا والتي تنتهي بالانسان الى كارثة سلوكية تصل الى حد الاجرام البشع كما يحصل الان! لان التفكير العلمي المستند على اسس قوية وصارمة من المنهجية الموضوعية هو غير متيسر للغالبية التي تتيه غالبا في بحر من الضلالات الفكرية والسلوكية والتي تحولها الى قطيع يسير بدون وعي او ادراك!. لم ينتهي عصر المارقين وافكارهم الهزيلة المنافية للتفكير المنطقي والسلوكي السوي...ابدا! فهم موجودين في كل زمان ومكان ولكن الظروف الزمنية المختلفة تؤثر كثيرا على نسبة تواجدهم في الساحة،فكلما كانت الظروف قاسية كلما ظهر المارقين الجدد بأفكارهم ومعتقداتهم المنحرفة كرد فعل عصبي غاضب،والعكس صحيح ايضا! فكلما شاعت العدالة والحرية والمعارف العالية كلما ضعفوا الى درجة كبيرة،لا تصل الى الزوال بالطبع!. ما قام به المارقين الجدد من قتل للصحفي وناشط السلام الايطالي(فيتوريو اريغوني) يوم15/4/2011 في قطاع غزة،ليست البداية بل هي حادثة بسيطة من سلسلة طويلة من الجرائم البشعة والغير منطقية،التي ابتدأت بقتل عبدالله بن خباب وزوجته الحامل قبل 1400 سنة مرورا بالجرائم الاخرى التي وصلت الى استحالة دماء واعراض الكثيرين من الابرياء بطريقة بعيدة عن السلوك السوي للانسان العاقل! والتي ارتكبت ونسبت ظلما وعدوانا للدين الاسلامي وتعاليمه وقيمه السامية التي لا يستطيع الانسان العالم والعارف، فهمها بصورتها التفصيلية وتدارك كافة اسرارعلومها ومعارفها الروحية والعقلية، فكيف بهؤلاء الجهلاء الفارغين الذين يفسرون حسب اهوائهم وسلوكياتهم الاجرامية المنحرفة!. ان ماقامت به منظمات القاعدة وطالبان والعصابات الاجرامية الاخرى تحت اي مسمى كان سواء في فلسطين وغيرها هو نتيجة للتطرف الحاصل من الظروف الغير طبيعية التي تسود العالم الاسلامي ككل والذي يؤدي بدوره الى ظهور الافكار والمعتقدات والسلوكيات المنحرفة التي تولد المارقين الجدد بأشكال واطوار عجيبة وغريبة مختلفة عن الماضي بنسبة ضئيلة!. الجرائم التي حصلت وعلى مدار التاريخ ما هي الا وصمة عار ابدية بحق كل من يعتقد بصحة وصدق هؤلاء المنحرفين بل هو انهيار للمنظومة الاخلاقية التي هي شرط اساسي للسلوك الانساني السوي!...وسياسة الابادة الجسدية المتبعة معهم لن تنفع فهو فكر تنظيري كبقية الافكار الاخرى من السهولة اعادته الى الحياة،ولكن الاولى خلق الظروف الطبيعية التي يحيا الانسان السوي تحت رايتها منذ الصغر ومن ضمنها اشاعة الحوار العقلاني ونشر العلوم والاداب والحث على استخدام القواعد العقلية والمنطقية في التفكير والاستنتاج واشاعة القيم الانسانية العالية من الرحمة والرأفة والقيمة العالية لحياة الانسان والتعايش السلمي واحترام الخصوصيات الاخرى هي الوسيلة الناجعة لابعاد اغلب الفئات الجاهلة او المغرر بها من الوقوع في مستنقع تلك السلوكيات الاجرامية المنحرفة التي لا تتورع عن ارتكاب اخس الجرائم واكثرها وضاعة تحت ستار ديني او مذهبي كاذب!. الادانة التامة لكل الجرائم التي ارتكبت على هذا المنوال وعلى مدار التاريخ ليس فقط اعادة الاعتبار للضحايا بل وانقاذ ما يتوقع حصوله في المستقبل من غسل دماغي متجدد للمجندين الجدد!. المارقين الجدد لاتقل خطورتهم عن الطغاة بل هم الرديف الشعبي وان تحاربا ظاهريا!.
#مهند_السماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاحتجاج الوجوبي
-
حفاري قبورهم!
-
الفوائد الجلية من الثورات البهية
-
في سياحة الكتب 12
-
هجرة بلا حدود!
-
عندما يكشف الغطاء
-
الاغتصاب السياسي!
-
في سبيل الحرية
-
السقوط المدوي للحزب الدموي
-
مذكرات من بيت الاغتراب 5
-
عبقرية القمع الجديدة!
-
المتسلقون الوضاعون!
-
الرقص على آهات الضحايا!
-
المحنة البحرينية
-
زلات اللسان
-
مصيدة الجرذان!
-
في سياحة الكتب-11
-
خناجر الغدر العربية
-
مذكرات من بيت الاغتراب 4
-
رشاوى في الوقت الضائع!
المزيد.....
-
اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر
...
-
ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا
...
-
بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
-
مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا
...
-
إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
-
مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى
...
-
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
-
مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري
...
-
لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
-
مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|