|
الاحتفالية الثامنة لعيد العمال العالمي في عراق ما بعد التاسع من نيسان
سلام ابراهيم عطوف كبة
الحوار المتمدن-العدد: 3337 - 2011 / 4 / 15 - 14:32
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
"الحركة النقابية تزدهر بازدهار الديمقراطية فقط" "المجد والخلود لشهيد الطبقة العاملة العراقية المهندس سعيد هاشم الموسوي"
يحتفل العمال وسائر شغيلة اليد والفكر في عالمنا المعاصر بالاول من ايار،عيدا للتضامن الكفاحي والنضال العنيد من اجل الحريات النقابية والسياسية،وفي سبيل الحرية والديمقراطية والسلام والعدالة الاجتماعية والاشتراكية،عيد الكفاح من اجل عالم خال من الاستغلال والاضطهاد والتمييز بكافة انواعه.تحتفل دول العالم قاطبة بشعوبها واممها وحكوماتها بأول ايار(عيد العمال العالمي)مثلما يحتفي به بالدرجة الاولى العمال والكادحون في العالم والشعب العراقي والطبقة العاملة العراقية وشعوب البلاد العربية وكردستان،ويحتفل بأول ايار كل من آل على نفسه الا يرتضي سوى الحياة الحرة الكريمة وكنف العيش الرغيد في ظل وطن حر وشعب سعيد،من اولئك الذين تقام على اكتافهم ركائز عملية التنمية والاعمار والعملية السياسية والانتاجية والاقتصادية والاجتماعية بتضحياتهم الرائعة وجهودهم المميزة ودمائهم الزكية،وتناط بهم وفي اعناقهم دعائم المسؤولية الوطنية الكبرى عبر ترسيخ ولاء انتماءاتهم للمواطنة والوطنية فقط! لم تكتسب الاحتفالية بعيد العمال العالمي في العراق اهميتها المتميزة الا بعد ثورة الرابع عشر من تموز حين اعتبرت حكومة الثورة الوطنية الاول من ايار عيدا وطنيا الى جانب دلالاته وابعاده الاممية،كما اعترفت حكومة الثورة بشرعية العمل النقابي واجازت الاتحاد العام لنقابات العمال.وتستذكر الطبقة العاملة العراقية في هذه الاحتفالية،الملحمة التاريخية النضالية لانتفاضة عمال شيكاغو الخالدة 1886،ثمرة الانتفاضة العمالية البولونية عام 1863 ونضالات(الاممية الاولى)عام 1864.كانت انتفاضة شيكاغو تجسيد حي لمبادئ قادتها ومناضليها،بتضحياتهم في سبيل انتزاع الحرية والدفاع عن الكرامة عند مواجهتهم رأسمالية الدولة الاحتكارية بكارتيلاتها وتروستاتها ورساميلها الكبيرة"القائمة على(الربح)وانتزاع فائض القيمة"الخيالية والمتطفلة اساسا على التفاوت الطبقي الصارخ والاستغلال الاقتصادي والظلم الاجتماعي المقيت.وقد ترسخت مكاسب وانجازات نضالات عمال شيكاغو في ارضية واقع المجتمعات الديمقراطية في العالم،وفي مقدمتها الاستقرار المعيشي والاجتماعي والاقتصادي،وتوفير فرص العمل والضمان الاجتماعي ضمن مبدأ العدالة الاجتماعية،وتحسين مستوى الاجور وظروف العمل وتخفيض ساعات العمل،وترسيخ العمل النقابي والنضال العمالي. تاريخ النقابات العمالية هو تاريخ ظهور ونمو العلاقات الرأسمالية وبدء كفاح العمال العادل ضد الاستغلال الرأسمالي.ولم يظهر هذا النضال بادئ ذي بدء الا في اعمال معدودة،عبر التمردات العفوية والاضرابات المنفردة،ودافعت النقابات عن العمال والشغيلة في كفاحهم من اجل رفع المستوى المعيشي وتحسين ظروف العمل.ويعتبر تاريخ نشوء وتطور الاتحادات المهنية- النقابات تقدما هائلا للطبقة العاملة باعتباره انتقال من تشتت وتشرذم وتبعثر وعجز الى تعاون واتحاد وعمل جماعي ضاغط ومؤثر وفعال وباكورة تأسيس الاتحادات الطبقية،وتشكل النقابات عاملا مهما لتوحيد الكادحين في النضال من اجل الحق في العمل،وفي سبيل ظروف معيشة افضل،ومن اجل الازدهار والسلم في العالم. انعقد المؤتمر التاسيسي لاتحاد نقابات العمال في 20/2/1959 في الوقت الذي لم تحصل فيه جميع النقابات على اجازاتها،وانعقد المؤتمر الأول للاتحاد العام للنقابات في 11/2/1960،وكان يضم آنذاك(52)نقابة مركزية عدد اعضاءها(308)الف عامل.وفي(1) ايار 1959 جرت اضخم مظاهرة في تاريخ العراق الحديث بمناسبة عيد العمال العالمي شارك فيها مليون مواطن في بغداد.في زمن الأخوين عارف لم تجر اية انتخابات نقابية حرة خشية ان ياتي العمال بممثليهم الحقيقيين لقيادتها. بعد عام 1968 بقي اتحاد نقابات العمال ضعيفا هزيلا يستند على السلطة،لتتحجم قدراته ولتزاح كل القيادات الشيوعية والديمقراطية بالقوة والارهاب(اعدامات وسجن وتغييب وتهجير قسري)عن الاتحاد النقابي ويستعاض عنها برموز بعثية مفضوحة،وليؤدي الاتحاد العام دوره كسمسار لسياسات البعث ومسمار في نعش الطبقة العاملة وشغيلة العراق وسفير للنظام دوليا.وافلحت الطغمة الحاكمة في اغراق عمالنا بدخان كوارثها واثخنت بها جماهير الشعب،وهي اكثر فئات الشعب تضررا جراء سياسات النظام الهوجاء في عسكرة البلاد وحرمان الطبقة العاملة والشغيلة عموما من التشريعات التي تحمي حقوقها في التنظيم النقابي في جميع المشاريع الانتاجية والخدمية بما فيها مشاريع الدولة وفي مقدمتها التصنيع العسكري،وتضمن تمثيلها في مجالس ادارة المشاريع والمؤسسات الاقتصادية،وتحمي العمال الزراعيين بالتشريع والقانون ايضا.تردت اوضاع الطبقة العاملة العراقية في ظل النظام الدكتاتوري المقبور بصورة مريعة وتفاقم استغلالها بعد تشريع قانون التنظيم النقابي 52 لعام 1987 الذي الغى بموجبه التنظيم النقابي للعمال وحل النقابات العمالية العاملة في القطاع العام،موجها بذلك ضربة كبيرة للعمل النقابي في العراق.ان الكارثة الحقيقية كانت في حل الاتحاد العام لنقابات العمال حسب قانون رقم (150) لسنة 1987 وقانون رقم (1) لنفس العام وجعل عمال الدولة موظفين خاضعين لقانون الخدمة المدنية. فهبطت عضوية الاتحاد من (1.75) مليون في 1988 الى (7794) عضوا فقط سنة 1989.واستهدفت الحكومة في هذا الاجراء نسف قدرة العمال التفاوضية بعدما الغت الحد الادنى للأجر وفتحت سوق العمل المحلي على مصراعيه امام العمال العرب وسرحت (200) الف عسكري لينظموا الى قوة العمل المدنية.وشكلت قوانين العمل الصدامية خرقا لمواثيق منظمة العمل الدولية. اليوم وبعد اعوام ثمانية كاملة على انهيار دكتاتورية صدام حسين،وما اعقبه من تغييرات،تواصل الطبقة العاملة وحركتها النقابية نضالاتها المتعددة دفاعا عن مصالح العمال وقضاياهم العادلة،وتقاوم محاولات الالتفاف على حقوقها المشروعة،متطلعة الى تحقيق ظروف عمل افضل وحياة حرة كريمة امنة ومستقرة،في ظل تشريعات قانونية ضامنة لذلك.الحكومة العراقية والمؤسسات الرسمية،مطالبة بتقديم كل اشكال الدعم والمساعدة والرعاية الى الطبقة العاملة،وان تستمع الى اراء ومقترحات حركتها النقابية وممثليها الحقيقيين،وتعمل على اشراكهم في صنع القرارات التي تمس بشكل مباشر حقوقهم ومصالحهم،ودورهم في بناء حاضر العراق ومستقبله.هنا لابد من التوقف امام الصعوبات التي تواجهها قيادة الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق وفروعه في المحافظات جراء المواقف السلبية لجهات متنفذة في السلطة والتدخلات غير المبررة في الشؤون الداخلية والتنظيمية للاتحاد،بضمنها الاصرار على تجميد الاموال المنقولة وغير المنقولة للاتحاد واعاقة التحضيرات المتواصلة منذ اكثر من 3 اعوام لاجراء انتخابات عمالية حرة ديمقراطية نزيهة.وهذا يتطلب التأكيد على شرعية وقانونية الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق،واجراء انتخابات الاتحاد بأسرع وقت ممكن،وهي انتخابات تخصه دون غيره لتنظيم عمل هياكله التنظيمية وبموجب الهويات الصادرة عنه(الاتحادات المحلية والنقابات العامة).يذكر ان موقف اللجنة الوزارية العليا التحضيرية للانتخابات العمالية ووزارة المجتمع المدني كان معرقلا لاجراء الانتخابات حتى اليوم،الامر الذي قد يتسبب لتدخل وفرض مواقف دولية في المؤتمرات الدولية القادمة لأن هناك مطالبة دولية للانتهاء من هذه المشكلة! اخذت العلاقة بين حكومات ما بعد التاسع من نيسان والتيارات السياسية ومختلف منظمات المجتمع المدني،ومنها الاتحاد العام لنقابات العمال،طابع المواجهة نتيجة تراكم الضغوطات النفسية والاجتماعية والاحساس بالغبن خلال عقود الاحتقان الماضية،وتداعياتها مرشحة للاستمرار الى ان تأخذ المسيرة الديمقراطية وضعها الطبيعي والى ان تتجاوز الحكومات العراقية اخطاءها عبر اتاحة المجال واسعا للرأي الآخر والجلوس معه على مائدة المفاوضات لوضع الحلول لكل هذه التراكمات،وليس باصدار القوانين والمراسيم والتعليمات والتوجيهات لاسكات هذه المنظمات واعاقتها عن القيام بدورها،لان من مصلحة الحكومة على المدى البعيد ان تدور مناقشات حيوية ومسؤولة حول السياسات الحكومية وبمشاركة مختلف فئات الشعب العراقي من خلال منظماتهم ووضع الحلول لها. في هذا الاطار تندرج عنجهية بعض مسؤولي الحكومة العراقية،خاصة حسين الشهرستاني احد صقور الليبرالية الجديدة في العراق،ورفضهم التنظيم النقابي العمالي في القطاع النفطي اولا ومن ثم تحريم العمل النقابي في وزارة الكهرباء،وهي اجراءات تستكمل اغفال الدستور العراقي الجديد حق الاضراب في المادة 22 واقتران المواد 36 و 43 باشتراطات قابلة للتأويل تسمح لمجلس النواب وللحكومة العراقية من الالتفاف على الكثير من الحقوق والحريات والضمانات التي نص عليها الدستور بالفعل،وخاصة تلك التي تعني بالنقابات والمؤسساتية المدنية!وكانت الجمعية الوطنية العراقية قد الغت المادة 44 من مسودة الدستور التي تنص على الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان!يذكر ان الحكومة العراقية قد تعاملت ايضا بعسف نادر مع عمال النفط والموانئ في البصرة،بعد ان ارتعبت من انتفاضة هذه المدينة الباسلة عام 2010،تلك الانتفاضة التي وصفت بانتفاضة الكهرباء! يبدو ان مكمن الاشكالية التي تجابه تطلعات المواطن العراقي في بناء الدولة المدنية الديمقراطية،ومنها ضمان حقوقه وحرياته المدنية،يظل يتمحور حول الدستور ومطباته الكثيرة وما يستلزمه ذلك من ضرورات اعادة النظر والتشريع،وهذا من صلب واجبات مجلس النواب والحكومة العراقية،ناهيك عن فلسفة واتجاهات الجهات التي تتحكم بتفسير الدستور حسب ما تراه مناسبا لمبتغاها! ان محاولات حرمان الطبقة العاملة من حق اقامة تنظيماتها النقابية ليست فردية صادرة من هذا الوزير او ذاك،بل هي نهج ثابت للنخب الحاكمة اليوم،نهج يدل على شيوع ثقافة الوصاية وتخلف الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والتطور المشوّه للمجتمع والاستبداد والولاءات دون الوطنية،التي تسهم في تمزيق نسيج البلاد الاجتماعي وطمس هويتها الثقافية التي تتسم بالتعددية والتنوع!واقع الحال يؤكد سير الحكومة العراقية حثيثا في اتخاذ مجموعة اجراءات وقرارات مجحفة بحق العمل النقابي والمهني وشل فاعليته بما يتعارض مع المادتين 22 الفقرة ثالثا و45 الفقرة اولا من الدستور اللتان تؤكدان على الاستقلالية التامة لعموم المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والدعم الايجابي من جانب الحكومة لها،وكذلك تمسكها بالقرار 150 لسنة 1987 الذي اصدره النظام المقبور والمتضمن تحويل العمال الى موظفين وحرمانهم من حقوقهم في العمل النقابي والمهني.يذكر ان حكومات العهد الملكي المباد ولا حكومات البعث المقبور تجرأت على الغاء الحقوق النقابية للطبقة العاملة في المؤسسات الحكومية،بل حاولت تجيير النقابات لخدمة مآربها الشريرة!ان عمال العراق وكل العاملين في القطاع العام هم جزء حيوي من الحركة النقابية العراقية التي ناضلت من اجل بناء الوطن وهي صانعة الخير والابداع والحياة،واذا تطلب الامر المطالبة بحقوقها فلن تتردد في استخدام الاساليب السلمية والديمقراطية التي أكد عليها دستورنا الدائم،وهي التي تؤكد دائماً ان الممتلكات العامة هي ملك للشعب بأسره وليست لجهة او شخص ما،مهما كانت مكانته. كما اكدت الوقائع والتجربة ان الاجراءات الوزارية لعرقلة عموم الحركة النقابية استهدفت التغطية على الازمات الحكومية المستفحلة،وهي ليست بمعزل عن تخبط البرنامج الحكومي واداءه الفاشل،وتغييب التخطيط وكل مصطلحات"التنمية" و"التحرر الاقتصادي"و"التقدم الاجتماعي"و"العدالة الاجتماعية"بشكل مرسوم ومتعمد،لتتحول الخصخصة في نهاية المطاف الى اعادة توزيع الثروة لصالح النخب الطفيلية البيروقراطية الحاكمة وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل أصولها الانتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته!يبدو ان الحكومة العراقية تضيع التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،وتعمل بوعي او بدونه على اعادة سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيل سيادة العراق،بالوقت الذي ستحافظ على مصالح الشركات الاجنبية!! امتلكت حكومات المالكي بالفعل منهجا وتناغمت بقوة مع سياسات الليبرالية الاقتصادية الجديدة،والا ماذا نفسر عقود الخدمة النفطية الصورية،حالها حال نظم المشاركة،التي انتزعت حقوق الدولة العراقية ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها!والغاء شركة الخطوط الجوية العراقية بجرة قلم؟!ومحاولات حرمان الطبقة العاملة من حق اقامة تنظيماتها النقابية؟!ولمصلحة من يتم تدمير الكهرباء الوطنية ومجمل الصناعة العراقية؟!محطات ومصانع ومعامل ترقبها الشعب بفارغ الصبر بعيد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة،وشيدها عماله البواسل على اكتافهم وبعرق جبينهم!وما مدى الصلافة التي تعلن ان اتفاقيات تجري بنظمِ تقاسم الانتاج مع الشركات الاجنبية،وفي سبيل المنافسة على مشاريع مشتركة بهدف تجديد المحطات والشركات الصناعية المتداعية في اطارِ خصخصة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات؟!ان ما اشاعته عدالة التحرير،عبر شركات اعمارها واستثمارها،يشكل اليوم جزءا من ثقافة سائدة هي ثقافة الترقيع التي نجدها في تجليات تمتد من بناء المدارس ولا تنتهي عند السلوك السياسي! سياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة باتت وبالا على الاقتصاد الوطني بعد تصاعد نشاط الملاكين وتنامى نفوذ الاقطاعيين في بعض المناطق التي شهدت استيلاء هؤلاء على بعض اراضي الاصلاح الزراعي التي كانت قد وزعت على الفلاحين بموجب القوانين الصادرة بهذا الخصوص،من دون ان تتحرك الجهات الرسمية المسؤولة،وبعد احتدام الصراع الطبقي في الريف متمثلا بالهجوم على مصالح الفلاحين والسعي للاستحواذ على اراضيهم بالقوة!اما ما يحدث للطبقة العاملة العراقية اليوم فليس هو تحجيما وتهميشا وبالتالي اندثارا،بل على العكس فحجمها مؤهل للتوسع الافقي والعمودي،وان ما يحدث ما هو الا اعادة هيكلة لها مرتبطة باعادة هيكلية الرأسمالية العراقية وبالاخص الرأسمال الكومبرادوري.التراجع المؤقت في حجم الطبقة العاملة الصناعية مرتبط بأزمة تلك الرأسمالية،وليس مرتبطا على الاطلاق بما يقال عن اختفاء الصناعة او تراجع وزنها النسبي في الاقتصاد،وتوازنات الصراع الطبقي تفرض قواعدها على الأرض. هناك اكثر من 60 مهنة وحرفة لها نقاباتها وانظمتها الداخلية وقوانينها مثل(المهندسين،المحاسبين،الاطباء،الصحفيين،الاقتصاديين وغيرهم العشرات)..فهل يجب ان ينظم هؤلاء الى منظمات المجتمع المدني للدفاع عن حقوقهم وقضاياهم المطلبية؟!انه نوع من الترف!لأن عمل وقانون النقابات لا علاقة له بعمل وقانون منظمات المجتمع المدني،والتي تأسست خلال السنوات الاخيرة رغم ان عملها مدني حقاً!ذه النقابات مؤسسات مهنية اولا وذات طبيعة مزدوجة(هي من ناحية جزء من الجهاز الاداري للدولة تتنازل له عن جزء من سلطاتها تحت اشرافها - تنظيم شؤون المهنة - وهي من ناحية اخرى تجمع لاصحاب المهنة الواحدة له دور نقابي في الدفاع عن حقوق اعضاءه فضلا عن دوره الخدمي والمهني والوطني)،وهي مؤسسات مجتمع مدني غير ربحية ثانيا. كانت فرصة القوى السياسية المتنفذة في تنفيذ وعودها كبيرة نظرا الى الامكانيات التي توفرت لها،والمؤسف انها لم تحقق ما يسر المواطن كي يفخروا ويتباهوا به.وحين لم تجد في خطبها المستمرة ما يعرضونه على انه منجز،استعارت خطاب المعارضة،عسى ان تمرر هذه المرة ايضا خدعها على المواطن.الا ان خطاباتها وتصريحاتها لم تعد تنطلي على المواطن الذي اكتوى بمرارة المعاناة وذاق الأمرين!اما الدعوة لاستجواب الوزراء فهي دعوة دستورية صرف لا يجب التمترس،طائفيا وحزبيا وراءها،كما لا ينبغي النظر اليها من باب الحزبية الضيقة.القوى السياسية المتنفذة تحاول عرقلة محاسبة كبار المسؤولين امام الشعب العراقي من خلال الضغط السياسي الذي تمارسه على مجلس القضاء،وبالتالي تدخلها في القضاء الذي من المفترض ان يكون مستقل. قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005 شرع لمواجهة الارهاب،ويبدو ان فطاحل الديمقراطية الجديدة يفسروه حسب هواهم واهواءهم ومطامعهم،وكل يغني على ليلاه!هل العمل النقابي والتظاهرات الشعبية الاحتجاجية ام الفساد فعل ارهابي؟!مسؤولو الحكومة العراقية وديناصورات التجارة في بلادنا آمنوا من المساءلة والحساب والعقاب،وان حدث فان شماعة الارهاب والوضع الامني المتردي والامكانيات المتواضعة هي الاغنية التي يرددونها على سؤال السائل ويصمتون بها الاعلام الشقي،ولا توجد قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين والفاسدين!! العمل النقابي ليس هواية،اذ تدرك الطبقة العاملة العراقية جيدا بشاعة الاستغلال الممارس عليها في جميع الاوقات،وهي المؤهلة تاريخيا لامتلاك الوعي النقابي الصحيح اي المبدئي بالضد من اشكال الوعي الزائف والممارسات الانتهازية لعلاقتها الموضوعية مع القوى المنتجة،وبالضد من العوامل التي تساعد على عدم انسجام الطبقة العاملة مع نفسها والتي تجعل الوعي مقلوبا في اذهانها وسلوكها"انظر:الاصول الريفية،وهي اصول استهلاكية لكافة اشكال الفكر الغيبي الذي يزخر به المجتمع و خاصة الفكر الظلامي ومخاضات الولاءات دون الوطنية/الفكر البورجوازي الصغير الذي يقلب الوعي ويجعله حاملا لأمراض البورجوازية الصغيرة اي التطلعات البورجوازية وممارسة التحريفية الرديفة للقيادات البيروقراطية/الخوف العاجز عن امتلاك الوعي النقابي الصحيح والوعي الطبقي الحقيقي بسبب القمع والعسف الذي يخلق شروط الاستلاب المادي والمعنوي للعمال/الفكر الأصولي - الظلامي الذي يعمل على تجييش الطبقة العاملة ضد نفسها وضد كل اشكال التنوير/البطالة والعطالة/اضافة الى عوامل اخرى تؤثر في مسار الطبقة العاملة سلبيا!". تنسجم مصالح الطبقة العاملة العراقية مع دعم النقابات العمالية باعتبارها منظمات الشغيلة الاكثر جماهيرية،هدفها حماية مصالحهم الاقتصادية والسياسية من اجل الحق في العمل والمعيشة الافضل وحرية تأسيس النقابات والتظاهر والاضراب وحق الانضمام الى عضوية النقابات والتجمع والخطاب والحماية من التمييز لأسباب عرقية وقومية وطائفية..الخ،ودعم نضالات العاطلين من اجل الحق في العمل والمطالبة بصندوق للتضامن الاجتماعي والتأمين ضد البطالة،مع الزام الحكومة المقبلة ببلورة مشروع ملموس لمكافحة البطالة باعتبارها مشكلة ذات ابعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية،ودعم نضال العمال ضد التسريح واغلاق المعامل وتقليص ساعات العمل،والمطالبة بتحسين اجورهم ورفع حدها الادنى ليتناسب ومستويات الاسعار المتنامية بأستمرار،والنضال ضد الاصلاحية والتعاون الطبقي – الانتهازية.ويستلزم كل ذلك ارساء المؤسساتية المدنية واشاعة الحياة الديمقراطية والدستورية الحقة وخلق اجواء الثقة والاستقرار،وجلاء القوات الاجنبية،وتولي الأمم المتحدة دورها في توجيه الحاكمية الدولية لضمان استقلال العراق الناجز وسيادته الوطنية على كامل اراضيه واضفاء الشرعية على عملية الانتقال الى الديمقراطية في بلادنا.والطبقة العاملة العراقية اذ تتفهم شروخ النسيج الاجتماعي العراقي فانها تدرك ان الطائفة - العشيرة هي نقيض الطبقة ولا تعيش في مجتمع صناعي رأسمالي.وعليه المصنع عدو الولاء دون الوطني،ولا يعود العامل ذلك القروي الذي ينتظر بعض الفتات من شيخ العشيرة ومواعظ رجل الدين!.ومصالح الطبقة العاملة العراقية كانت ولا زالت تتطلب الحفاظ على استقلالية وديمقراطية ووحدة العمل النقابي وابعاده عن كل اشكال التحزب والتخندق لصالح هذا الطرف او ذاك،ورفض كل محاولة للاستحواذ والهيمنة عليه! على المؤسسات الحكومية بكل مستوياتها العمل على التضامن مع كفاح عمالنا البواسل،من اجل تكوين منظماتهم النقابية وانتخاب ممثليهم الحقيقيين في ظل اجواء ديمقراطية في كل مؤسسات القطاع العام والمختلط والخاص،استناداً لكل المفاهيم والقوانين الدولية التي تقر بالحقوق الاساسية لطبقتنا العاملة،والتي حرمت منها طيلة العقود الثلاثة الماضية في ظل سياسة الاستبداد والدكتاتورية!وعلى الحكومة العراقية الاسراع بالغاء القرارات 150 لسنة 1987 و8750 في 8/8/2005 التي تتعارض مع مصلحة الطبقة العاملة،وفي خلاف ذلك ستبقى الحكومة ووزاراتها اداة لانتهاك حقوق ومكتسبات العمال،وستنجر وراء التصرفات الشخصية لبعض المنتفعين من اضعاف العمل النقابي في العراق!ومن الضروري التضامن الكامل مع الطبقة العاملة العراقية من اجل الاسراع بأصدار قانون عمل جديد عادل ومنصف يساعد على بناء نظام حر وعادل يخدم الجميع،قانون يضمن حق التنظيم النقابي في القطاع العام والانضمام الى النقابات،ايجاد اماكن عمل اكثر امانا،الغاء التمييز والمضايقة،ضمان تكافؤ الفرص،تطوير مهارات العمال وتعليمهم من اجل زيادة الانتاج الوطني العام،اعطاء العمال حق التفاوض الجماعي لتعديل اجورهم والحفاظ على حقوقهم ومكتسباتهم. التطلع والوعي يشقان طريقهما الى قطاعات متنامية من الشعب،في سائر ارجاء الوطن،نحو اعادة بناء الدولة على اسس ديمقراطية اتحادية ومدنية عصرية.فالحرية وحدها تحاصر فساد القدوة السيئة التي يضربها الحكام،واهتزاز نظم القيم،ونقص مستويات الوعي والمعرفة،والفقر والحاجة،والجشع والجهل وفساد الانظمة وقصورها وتخلفها!وعلى الحكومة العراقية ان تدرك بأن التجويع والفقر وتفاقم الفساد المالي واسلوب القمع الوحشي وقتل الناس بالرصاص هو وبال وثمنه باهض عليها في العراق.ان الشعب العراقي لن يسكت على الدم الذي ينزف من ابنائه وبناته لا على ايدي المسلحين فحسب،بل وعلى ايدي الارهابيين الذين اقتنصوا الفرصة في الصراعات المستمرة على المناصب الوزارية لقتل المزيد من الناس.وخيارنا هو لازال الاصطفاف مع ابناء شعبنا،نتابع معاناة الناس والصعوبات المتراكمة التي تسمم حياتهم وتؤشر انه على السلطات يتوجب ان تصغي بانتباه لصوت الناس وان تنصرف الى العمل الجدي والمسؤول للتخفيف من معاناتهم وتتخذ الاجراءات الكفيلة بمعالجة مشكلاتهم،وتعتمد لها الحلول الآنية ومتوسطة المدى والبعيدة!وتحسن التعامل مع المحتجين المتظاهرين،وتؤمن سلامتهم!لا الميل الى المزيد من انتهاكات حقوق الانسان التي لا ينبغي ان تبرر وانما تستنكر وتدان ويعاقب مرتكبوها! اخطر المخاطر التي تواجه العراق الجديد هو ان يتم تجاوز كل الذي يجرى بشعار(عفا الله عما سلف)،وان يغسل المرء يديه مما كان،بحجة ان الوضع الحالي لا يسمح بمناقشة هذه الأمور لأنها ستفتح ملفات يتجنب الكثيرون فتحها،هذا مفهوم وواضح وجلي،لكنها بالتحديد هي مهمة عمالنا البواسل والمثقف الوطني الديمقراطي الحقيقي. الاحتفالية بعيد العمال العالمي في العراق استذكار لقيم التضامن الاممي.فالحركة العمالية كانت دائما حركة عالمية اممية تنطلق من وحدة مصالح العمال والكادحين في العالم كله،وتقوم عليها،وتعمل على توطيدها.وتقف الطبقة العاملة العراقية بحزم لا يلين الى جانب شغيلة البلدان الرأسمالية لمواجهة طبيعة النظام الرأسمالي وآلياته والازمة المالية والاقتصادية العالمية العاصفة الجديدة والعولمة الرأسمالية المتوحشة! الطبقة العاملة العراقية لا تستكين ولا تستسلم للنوازع المناهضة للديمقراطية،وتواصل النضال من اجل احترام استقلالية الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق وحرية نشاطه،بعيدا عن اية تدخلات غير دستورية من اية جهة كانت.وهو مدعو الى تصعيد نشاطاته السلمية الدؤوبة لضمان حقوقه. بغداد 15 نيسان 2011
#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاعتراف الحكومي باتحاد الطلبة العام مهمة ملحة!
-
المجد والخلود للشهيد المهندس سعيد هاشم الموسوي
-
الشبيبة الاحتجاجية في بلادنا..الواقع والتحديات!
-
مؤسسة الشهداء .. من يعتذر لمن؟!
-
الانفال كارثة صدامية فريدة النمط
-
حقوق الانسان والقائد المبجل للقوات المسلحة!
-
الاستجابة الفورية للمطالب المشروعة والا كل سيغني على ليلاه
-
القوات المسلحة الوطنية لا يمكن ولم تكن في يوم من الايام ولن
...
-
الفوضى..الفوضوية..الفوضى الخلاقة..وماذا بعد؟!
-
اللجوء الى الدين والتقاليد الدينية منعطف ارتدادي خطير!
-
الفساد والحكومة الالكترونية
-
جماعة تغيير الثقافية بديلا لاتحاد الادباء والكتاب!
-
الكهرباء في العراق 2003 – 2009
-
الى مكتب لجنة الدعم 140 من الدستور العراقي
-
ديمقراطية الاستخفاف بالعقول/من السفيه والارهابي والاحمق يا م
...
-
مجلس محافظة بغداد وكل العراقيين دعوة،بالقوة،وان لم ينتموا!
-
الحكومة العراقية الجديدة ... هل تحترم الامانة؟!
-
المؤسسة الدينية المسيحية وجحيم الطائفية السياسية
-
حكومة عراقية جديدة وبابا جديد!
-
الحكومة العراقية الجديدة بين اللغو والتعامل الواقعي
المزيد.....
-
استلم 200000 دينار في حسابك الان.. هام للموظفين والمتقاعدين
...
-
هل تم صرف رواتب موظفي العراق؟.. وزارة المالية تُجيب
-
متى صرف رواتب المتقاعدين لشهر ديسمبر 2024 وطريقة الإستعلام ع
...
-
استعد وجهز محفظتك من دلوقتي “كم يوم باقي على صرف رواتب الموظ
...
-
-فولكسفاغن-.. العاملون يتخلون عن جزء من الراتب لتجنب الإغلاق
...
-
إضراب عام في اليونان بسبب الغلاء يوقف حركة الشحن والنقل
-
متى صرف رواتب المتقاعدين لشهر ديسمبر 2024 وطريقة الإستعلام ع
...
-
مفاجأة كبرى.. مقدار زيادة الأجور في المغرب وموعد تطبيقها ومو
...
-
أردوغان يتعهد بزيادة الحد الأدنى للأجور تفوق التضخم في 2025
...
-
متى صرف رواتب المتقاعدين لشهر ديسمبر؟.. وزارة المالية تُجيب
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|