أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد مسعد محمد السبع - الرأسمالية الملتحية ووهم النظام الإقتصادى الإسلامى .















المزيد.....

الرأسمالية الملتحية ووهم النظام الإقتصادى الإسلامى .


عماد مسعد محمد السبع

الحوار المتمدن-العدد: 3335 - 2011 / 4 / 13 - 19:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نشرت بعض الصحف المصرية جانبآ من الشق الإقتصادى الخاص بحزب " العدالة والحرية " الذى دشنته جماعة الإخوان المسلمين بعد ثورة 25 يناير – هذه الجماعة التى تمثل أهم تيارات الإسلام السياسى الفاعلة فى الساحة العربية والأقليمية .

ويؤكد البرنامج الإقتصادى للجماعة فى رؤيته المالية على ما أسماه " تطبيق المنظومة الإقتصادية الإسلامية البعيدة عن الربا والقائمة على أسلوب المشاركة والمرابحة.

وحيث يرى أن كبيرة " الربا " تقف وراء كل الشرور التى تعانى منها المجتمعات وأن الله ولعلمه الأزلى بمن خلق أعلن مع الرسول حربآ على مقترفها وعلى المرابين حتى تتطهر البشرية بالإبتعاد عنها .

وتضيف الوثيقة الإخوانية أن أستخدام أدوات مالية لم يقرها الشرع الإسلامى ساعدت على تدهور الإقتصاد , وحيث يتم بيع وتداول قروض مشكوك فيها فى شكل أوراق مالية وبما ينطوى عليه من محظورات محرمة فى صورة بيوع ربوية وبيع الإنسان مالا يملك وبيع الدين بالدين وغيرها , - وهكذا فأن ما أسمته " المعاملات الربوية غير الشرعية " مسئولية عن الأزمة المالية التى عصفت بالبورصات والأسواق المالية خلال ما يعرف بالأزمة المالية العالمية .

ويعكس هذا التصور الإخوانى ما يسميه البعض " بالنظام الإقتصادى الإسلامى " الذى يؤكد منظروه أنه يقوم على أسس أستخلاف الإنسان فى مال لله وأن تصنيف الفرد الإجتماعى يقوم على التقوى مع أهمية دوافع الربح والبركة والملكية وفق الضوابط الفقهية و الدينية .

ما يتعين الإنتباه اليه هو واقعة ( الربا ) التى يهتم بها مفكروا " النظام الإقتصادى الإسلامى " والتى يقطع البرنامج الإخوانى بأهمية الإلتزام بحرمتها والإبتعادعنها .

ثمة حاجة للتأكيد على أن تلك الرؤية تتجاهل فى عمومياتها الفارق النوعى بين مقاصد الحكم الدينى المتصل بتحريم " الربا ", وبين طبيعة ومفهوم " الفائدة " كمبدأ و محرك أقتصادى معاصر .

فالثابت تاريخيآ أن أصل علة الزجر فى التعامل الربوى كان الحيلولة دون " أستعباد المدين المعسر " – والتى كانت نظامآ لصيقآ بقواعد الرق المعمول بها فى الجاهلية وحتى صدر الإسلام .

تلك الغاية من التحريم ( التنفيذ البدنى على المدين ) لم تعد مطروحة فى ظل المبادىء التجارية الحديثة التى تحظر التنفيذ على شخص وجسد المدين المعسر , وتنتهى فقط إلى التنفيذ المدنى الجبرى على أمواله وممتلكاته أقتضاءآ للمديونيات المالية .

ولعل ذلك هو ما يفسر وضعية أن " عقد القرض ليس أصلآ فى العقود الربوية وفق مصادر الحق فى الفقه الإسلامى , أذ " البيع هو الأصل " بيوع المقايضة والمبادلة بالذات " ويقاس على البيع الربوى القرض الذى يجلب منفعة ( د . عبد الرازق السنهورى – مصادر الحق فى الفقه الإسلامى – ج2 ) .

فالفائدة فى عقد القرض الحديث ليست الربا المحظور شرعآ والمحصور فى بيوع المبادلة والمقايضة التى تختلف وتتمايز فى الماهية والدور والأركان عن القروض المالية وعن البيع النقدى وعن الإستثمار بأسواق السندات المالية .

كما أن انتفاء الإعلان عن فائدة معينة سلفآ كخصيصة لعمل البنوك التى تصف نفسها " بالإسلامية " لا يعنى غياب فكرة التوظيف الرأسمالى عن تعاملاتها المصرفية , ولا يغير من طبيعة نشاطها الهادف لتحقيق أقصى ربح نقدى ممكن .

فالواقع أن جميع البدائل التى تتقدم عبر معاملاتها المالية " بيع المرابحة و المضاربة الشرعية و التمويل بالمشاركة وغيرها " والتى تتدثر فى العباءة " غير الربوية " تتصل بتنظيم العلاقة بين رأسماليين وبكيفية توزيع فائض القيمة فيما بينهم .

ففى البنوك التقليدية – حيث يوجد سعر فائدة محدد ومعروف – فأن ذلك يعنى أن فريقآ من الرأسماليين سوف يحصل فى البداية على نسبة معينة من فائض القيمة .

فى حين أن الصور التى تقترحها تلك البنوك الإسلامية تعنى فقط أن أيا من هؤلاء الرأسمالين لن يحصل " مقدمآ على قدر من فائض القيمة " , وأنما سيصبح كل الرأسماليين المشاركين بالمشروع سواءآ عند المكسب أو الخسارة .

آلية التوزيع السابق لا تنال من أهداف الشركاء فى هذا " المشروع الإسلامى " والتى تدورحول توسيع الفارق بين قيمة الإنتاج وقيمة ما يدفعونه من أجور ونفقات لعنصر العمل أى تعظيمآ لمقدار فائض القيمة .

وهكذا فتحريم الربا لا يمنع التناقض بين عنصرى العمل ورأس المال , ولا يؤدى لتحول فى نظام الإنتاج الإجتماعى , فهو لا يدحض حقيقة أن تجمع شركاء المعاملة الإسلامية يعتمدون شراء " قوة العمل " من أجل الحصول على الربح النقدى .

أما القول بأن نظام الإقتصاد الإسلامى يقوم على أسس أخلاقية و أن المال " مال الله " وأننا " وكلاء على أدارته " وأن عماده هو المزاوجة بين المعاملات والعبادات فالثابت أن القائمين على هذا النظام " بشر " يملكون تأويل وتطبيق النص المقدس وفق أهؤائهم الدهرية و الزمنية . كما أن " الرأسماليين الربويين " فى الغرب لا تنقصهم مناقب التقوى والصلاح الأخلاقى ولا يبخلون فى العطاء لأجل رعاية وأنشاء المؤسسات الإجتماعية و العلمية والخدمية .

وهكذا فالمقومات العقائدية والروحية ليست أساسآ للنشاط المصرفى ولا تجب أخلاقيات الرأسمالية التى تدور فى فلك نظام القيم السلعى .

كما أن ما يحدث فى أسواق المال لا علاقة له بالربا والدين والأخلاق – وأنما ينتمى لأزمة هيكلية تعصف بالراسمالية منذ سبعينات القرن الماضى , وتكشف عن سطوة رأس المال المالى فى مواجهة الإقتصاد الحقيقى / العينى .

هذا الإنفصام بين حركة الإقتصاد الحقيقى ( حركة الإنتاج و الإستثمار و التصدير ) وحركة الإقتصاد فى أسواق المال هو نتيجة لعملية العولمة المالية ولتحرير المبكر للأسواق المالية عبر جنبات المعمورة ومن خلال حركة الأموال الساخنة التى لم يشهد التاريخ المالى مثيلآ لها .

ففى ظل الأداء التقليدى للإقتصاد كان رأس المال المالى دافعآ نحو تسريع دورة رأس المال وتابعآ لخدمة عملية الإنتاج و بعدها الزمنى الذى يخضع لحسابات الأجل المتوسط والذى ينغشل بعملية خلق فائض القيمة فى مرحلة إنتاج السلعة .

ولكن عند ظهورالعولمة الرأسمالية فى نسقها الجديد فرض " رأس المال المالى " نفوذه على رأس المال الصناعى , ومن خلال سعيه لتحقيق أقصى ربح على المدى القصير فقد دوره التاريخى كنقطة بدء ووسيط مركزى فى التمكين لتهيئة شروط عملية الإنتاج الرأسمالى .

وهكذا تراجعت معدلات التوسع فى الطاقة الإنتاجية المادية والإستثمار العينى فى مواجهة مضاربات الأسواق المالية غير الواقعية , وبشكل لم يعد يؤمن عملية تراكم رأس المال لا على مستوى الدولة القومية ولا على مستوى الإقتصاد الدولى .

التوصيف السابق كاشف عن جوهر الأزمة , وهو برهان جديد على صحة التحليلات الماركسية بشأن التناقضات البنيوية لعملية الإنتاج الرأسمالى , ولاسيما التناقض المستمر بين عنصرى رأس المال و العمل, وبين الطبيعة الإجتماعية لعملية العمل والملكية الفردية لوسائل الإنتاج .

البرنامج السياسى لحزب الإخوان المسلمين لا يقدم نقدآ موضوعيآ للأساس الإجتماعى والإقتصادى لعملية الإنتاج الرأسمالى , وما ينتج عنه من تفاوت فى توزيع الدخول وغياب للعدالة والتوازن الطبقى .

و لكنه بالآحرى يحصن قيم العملية الرأسمالية عبر دائرة ( الحلال والحرام الدينى ) ويخلع على بعض ممارساتها الإستغلالية صفة " الحلال" بما يخدم مصالح الطبقة الإجتماعية المصاحبة لصعود جماعة الإخوان والمرتبطة بالبنوك التى تطلق على نفسها صفة " أسلامية " .

الوثيقة الإقتصادية الإخوانية هى بضاعة رأسمالية تدفع بها الأصولية الدينية وبما يخدم مصالحها الطبقية . ومن ثمة فهى ( رأسمالية ملتحية ) تتدثر بعباءة الدين فى حين أن الإسلام لم يتبنى أسلوبآ معينآ من أساليب الإنتاج المادى , كما لا يوجود تعارض بين الخيار الإسلامى الإقتصادى وغيره من الخيارات الرأسمالية أو الإششتراكية , ولم ينشأ تاريخيآ تكوين أقتصادى – أجتماعى يطلق عليه لفظ " النظام الإسلامى" .

عماد مسعد محمد السبع .




#عماد_مسعد_محمد_السبع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحركة الطلابية المصرية ومشهد مابعد ثورة 25 يناير
- الأيديولوجيا وأحزاب الطبقة العاملة العربية
- المهاجرون العرب ومشهد الثورة فى أوطانهم
- السلفية الدينية وعملية البناء الديموقراطى الجديد فى مصر .
- الجيش و السلطة وميدان الصراع الطبقى فى مصر و تونس .
- ملاحظات حول الدعوة إلى أنتفاضة فلسطينية ثالثة
- تحريرالإقتصاد فى ظل القمع السياسى .. هامش على أسباب ثورة تون ...
- الثورة العربية و الحركة المناهضة للعولمة الرأسمالية
- الثورة عبر الإنترنت .. كيف فجر المناضل الإلكترونى الثورة فى ...
- العسكر يحظرون الأحزاب الماركسية فى مصر
- الهجوم السلفى على الفكرة العلمانية فى مصروتونس
- حول موقف اليسار العربى من تديين قضية فلسطين
- كيف ضاع حلم الثورة الشعبية فى فلسطين ؟ ..
- دروس من وحى الثورتين التونسية و المصرية


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد مسعد محمد السبع - الرأسمالية الملتحية ووهم النظام الإقتصادى الإسلامى .