أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سليمان يوسف يوسف - في سوريا حزب الأغلبية الساحقة يخش الديمقراطية















المزيد.....

في سوريا حزب الأغلبية الساحقة يخش الديمقراطية


سليمان يوسف يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 996 - 2004 / 10 / 24 - 04:02
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


منذ تولي الدكتور، بشار الأسد، رئاسة الجمهورية، قبل أربعة سنوات، تبدو سوريا، للمراقب الخارجي وكأنها مقبلة على تحولات سياسية مهمة وكبيرة. فبضع كلمات ، جاءت في خطاب القسم في 17 تموز 2000 عن حرية الرأي والرأي الأخر، كانت كافية لكسر حاجز الخوف، لدى السوريين من السياسة، وتحريك الشارع السياسي السوري المغيب والمقيد منذ عقود طويلة.
فبالرغم من عدم وجود قانون يرخص عمل الأحزاب، وحظر النشاط السياسي لقوى المعارضة، شهدت الساحة السورية في السنوات الأربعة الأخيرة، حراك، سياسي وثقافي واجتماعي ، تمخض عنه ولادة العديد من المنتديات الثقافية وتأسيس العديد من الأحزاب والتجمعات السياسية الليبرالية والمنظمات الأهلية المهتمة بحقوق الإنسان، تدعو جميعها الى تحقيق الديمقراطية واطلاق الحريات السياسية وتحرير المجتمع من هيمنة الدولة وانهاء احتكار حزب البعث للسلطة.
لكن، بالمقابل، أظهرت العديد من القيادات السياسية والحزبية في البلاد عدم ارتياحها واطمئنانها للحراك، السياسي والثقافي، الذي بدأ ينمو في المجتمع ودعت الى محاصرته، وبالفعل تعرض هذا الحراك الى انتكاسة كبيرة على أثر اغلاق معظم المنتديات الثقافية وحظر نشاطاها و اعتقال عشرة من ناشطي ، ما بات يعرف بربيع دمشق ،عام 2001. و مع تجدد نشاط وفعالية الحراك السياسي في المجتمع، والزخم المتزايد في التصريحات السياسية لقادة أحزاب المعارضة الوطنية وناشطي حقوق الإنسان ودعاة الليبرالية، بدأ البعثيين المتخوفين من هذا الحراك السياسي بتجديد حملتهم عليه، وفي هذا الاطار جاءت التصريحات التي أدلا بها الى الصحافة مؤخراً، كل من السيد عبد الحليم خدام، نائب رئيس الجمهورية- في حوار له مع مجلة (أبيض و أسود ) بتاريخ 23/8/2004- والسيد محمود الأبرش ، رئيس مجلس الشعب، حول ما يجري في الشارع السوري من نشاط سياسي وديمقراطي معارض ، فقد اتهما بالتخريب و التخوين (العمل لجهات خارجية)، كل المطالبين بتعديل الدستور السوري والغاء المادة الثامنة منه،التي تنص: (على أن حزب البعث، قائد الدولة والمجتمع). وترافقت هذه التصريحات مع تشديد السلطات السورية من جديد اجراءات الحصار والضغط على نشاط جميع الأحزاب والمنظمات الأهلية المحظورة، بهدف اجهاض وكبح هذا الحراك، خشية من أن ينمو ويتطور الى حالة سياسية ديمقراطية معارضة في المجتمع. فقد تم اعتقال كل من، نبيل فياض و جهاد نصرة، بعد الإعلان عن (التجمع الليبرالي السوري) في 13 أيلول الماضي وعقد الاجتماع التأسيسي له في 24 أيلول، وقد حل التجمع نفسه في السابع من تشرين الأول بعد الإفراج عن جهاد نصرة واستمرار اعتقال نبيل فياض.
وقد دافع الأبرش عن موقف وسياسة حزب البعث الحاكم، اتجاه ما يجري على الساحة السياسية واتجاه الأصوات المطالبة بالإصلاحات السياسية، بالقول: (( حزب البعث هو حزب الأكثرية الساحقة في سوريا، فلماذا يتم رفض وضع هذا الاطار ضمن صيغة دستورية سليمة)). لا أعتقد أن السيد محمود الأبرش، - وهو رئيس أعلى سلطة تشريعية في البلاد-، يجهل أن الدساتير الوطنية للدول الديمقراطية، لا يضعها حزب ما، وإنما تضعها جمعية أو هيئة وطنية تأسيسية مستقلة عن الأحزاب تضم رجال حقوقيين و خبراء في القانون، منتخبة من قبل الشعب ويعرض الدستور للاستفتاء الشعبي العام، بشكل حر و ديمقراطي، ولا أظنه يجهل أن أبسط مبادئ وقواعد الديمقراطية والعدالة والمساواة في المجتمع، هي أن لا تتضمن الدساتير والقوانين أية مادة أو نص أو فقرة، تمييز بين المواطنين على أساس الانتماء الديني أو القومي أو السياسي، وأن لا تفضل حزباً على آخر و تمنحه حقوق وامتيازات سياسية معينة. ثم هل يمكن الحديث عن الديمقراطية والإصلاح السياسي في سوريا، من غير أن يفسح المجال، وبفرص متكافئة، أمام جميع القوى الوطنية لتداول السلطة بأسلوب ديمقراطي وحضاري. فالديمقراطية، بمعناها البسيط، تعني تأمين الحقوق والحريات السياسية، وامكانية ممارستها وتوفير الضمانات الحقيقية لحمايتها والدفاع عنها، واتاحة الفرصة أمام كل المواطنين ان يشاركوا في اختيار السلطة السياسية التي تتحدث باسمهم. أم أن، وبحسب تعبيرات السيد خدام والأبرش، الديمقراطية ضارة بأمن سوريا ومهددة لوحدتها الوطنية، طالما هذه الديمقراطية، قد تفقد حزب البعث ، حزب الأغلبية الساحقة في سوريا، السلطة والحكم ، بعد أربعون عاماً من قيادته للدولة والمجتمع.
يبدو، وبوضوح، أن رؤية ومواقف الأستاذ عبد الحليم خدام ومحمود الأبرش ومعهم الكثير من الرفاق البعثيين، لا تنطلق من رغبة حقيقة وارادة جدية في الاصلاح والتطوير، وإنما من نزعة، الامساك بالدولة والاحتفاظ بالسلطة وحماية مكاسبهم وامتيازا تهم، أنهما يسعيان لإعادة حركة التاريخ السياسي في سوريا الى الوراء، الى مرحلة الشعارات النضالية، والعالم، شرقاً وغرباً، قد خرج من مرحلة الشرعيات الثورية و دخل عهد الشرعيات الديمقراطية. فإذا كان حزب( البعث العربي الاشتراكي) هو بحق حزب الأغلبية الساحقة، فلماذا يتمسك الرفاق البعثيين بالمادة الثامنة من الدستور و يخشون اجراء انتخابات حرة وديمقراطية في البلاد، خاصة وهم لا يعترفون بوجود معارضة سياسية في سوريا ؟.
لا شك هناك الكثير من الأسئلة، يطرحها الواقع السوري بحركته الضبابية، المتداخلة بين السياسة والثقافة، لكن يبقى السؤال الأساسي هو: ما مصير ومستقبل هذا الحراك السياسي المعارض ومشروعه الديمقراطي، والذي يتكامل ويتوافق بأبعاده الوطنية وآفاقه الحضارية مع مشروع تطوير وتحديث الدولة السورية التي ترهلت، والذي طرحه الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم....؟.
لا يبدو في الأفق، أن قوى المعارضة الوطنية بتياراتها( القومية والماركسية والليبرالية العلمانية والإسلامية) قد توحدت بعد خلف المشروع الديمقراطي للحراك السياسي والثقافي الذي يشهده المجتمع السوري . وبالمقابل أن الإصلاحات التي طرحها الرئيس بشار الأسد ما زالت في طور الأفكار والتنظير، ولم تتحول بعد الى مشروع متبلور واضح المعالم والأهداف، تجمع عليه مختلف الاتجاهات داخل حزب البعث الحاكم و داخل مؤسسة السلطة ذاتها.
لكن من المؤكد، وبشكل جازم، لا حياة لكلا المشروعين(السلطة والمعارضة) من غير توفر مناخ ديمقراطي حقيقي وحريات سياسية وفكرية في البلاد، ومن دون عودة السياسية الى المجتمع السوري الذي انتزعت منه، وعودة سوريا، كانت سوريا واحة للديمقراطية ونموذجاً للدولة الليبرالية.لأن الديمقراطية بقدر ما هي ضرورة حيوية بالنسبة لمصير ومستقبل المعارضة الوطنية وبرامجها السياسية، بالقدر ذاته هي ضرورة حيوية بالنسبة لمستقبل حزب البعث الحاكم ذاته والبرنامج الإصلاحي للرئيس بشار الأسد تحديداً. فالديمقراطية، تعد من العوامل الأساسية والشروط الضرورية لتنشيط الحياة السياسية وتفعيلها في المجتمع ، ووجود معارضة وطنية قوية و فاعلة تتحرك بحرية وتشارك الحكم في ادارة البلاد، هي مسالة مهمة ومؤشر حقيقي على قوة الوطن وحيوية المجتمع وعافيته السياسية وسلامة وحدته الوطنية.

سليمان يوسف يوسف
كاتب سوري آشوري..... مهتم بحقوق الأقليات

shosin@scs-net,org



#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعم لفتح باب الترشح للرئاسة في سوريا
- المؤتمر الدولي التاسع للدراسات السريانية
- في سورية حريات دينية وحرمانات سياسية
- شرق اسلامي، من غير يهود ومسيحيين
- نعم للدولة الوطنية ، لا لدولة القوميات في سوريا
- مسيحيو العراق بين سندان الاحتلال ومطرقة ارهاب المقاومة
- قانون الأحزاب وعقدة الديمقراطية في سوريا
- تصريح سياسي
- الحركة الكردية السورية بين السلطة والمعارضة
- في سورية خطوة إلى الأمام قفزة إلى الخلف
- مقاربة فلسفية للحرب العراقية
- الرئيس بشار الأسد والتحول باتجاه المعارضة الوطنية...؟
- ملامح مرحلة جديدة في سوريا
- علم مشوه لمجلس حكم مصطنع
- قراءة وطنية لموضوعات وبرامج المعارضة السورية
- في ذكرى مذابح الأرمن والسريان في تركيا
- سوريا موطن السريان ومهد الحضارات تحتضن مؤتمر التراث السرياني ...
- ربيع القامشلي والامتحان الوطني
- نيسان عيد الطبيعة والآلهة و الإنسان
- يوم ديمقراطي في حلب


المزيد.....




- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع ...
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا ...
- -غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
- بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال ...
- في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
- 5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
- قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا ...
- خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة ...
- اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال ...
- اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سليمان يوسف يوسف - في سوريا حزب الأغلبية الساحقة يخش الديمقراطية