|
ممارسات سيكولوجية - التنويم المغناطيسي
كامل السعدون
الحوار المتمدن-العدد: 995 - 2004 / 10 / 23 - 14:48
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
التنويم المغناطيسي : _________
كان من المعتاد اعتماد التنويم المغناطيسي في التخدير قبل اكتشاف مادة الأيثر المخدرة ( ETHER ) ، أما في يومنا هذا فتستخدم هذه التقنية في معالجة العديد من الأمراض أو في التخفيف من بعض الآثار الجانبية للعمليات كالنزف أو الصدمات أو الخوف ، كما ويعتمد التنويم المغناطيسي في تخفيض درجة الألم الجسدي إلى أبعد حد وبالتالي يوفر استخدام المسكنات بما فيها من آثار جانبية رهيبة على المدى البعيد . في الحقيقة ليس هناك انعكاسات أو آثار سلبية للتنويم المغناطيسي على صحة الإنسان ولكن هناك محذور أخلاقيٌ واحدٌ مهم وحاسم إلا وهو أن لا يساء استعمال التنويم المغناطيسي لإعادة برمجة العقل الباطن بشكلٍ سلبيٍ وبالتالي إيقاع الشخص الذي نُوم ، في مطبات جنائية أو الإساءة إلية واستعباده جسدياً ونفسياً أو زرع أوهام ومخاوف معينة في داخله يمكن أن تتلف حياته بالكامل .
كيف تستعمل التنويم المغناطيسي مع ذاتك : _______________________
قبل أن تسعى لممارسة التنويم المغناطيسي مع ذاتك ، يجب أن تقرر بينك وبين نفسك ما الذي تريد أن تكتشفه من أغوارك الداخلية أو تغيره في ذاتك ، قبل أن ترحل إلى عالم العقل الباطن …! يجب أن تكون دقيقاً مع نفسك وواضحاً ويكون لديك هدفٌ واحد أو مسألة واحدة تود معرفة حلّها أو الإلمام بتفاصيلها ، لا عشرة أهداف أو حتى أثنين ، لأنك قد تتورط في خلق المزيد من المتاعب دون أن تحلّ ولا واحدة من تلك العشرة . الأمر الثاني ، يجب أن تكون الإيحاءات المستعملة والتي يراد غرسها في العقل الباطن : 1- إيجابية ومفيدة : بالتأكيد ستقول طبعاً وهل أريد أن أوحي لنفسي بالشر أو الأذى ، لا طبعاً ليس هذا ما قصدنا ولكن أن تصاغ بشكل إيجابي وحازم ولا مجال فيها للتأجيل ولا ينبغي أن تذكر في النص أي عبارة توحي بالسلب من قبيل " سأتعلم السباحة مهما كنت خائفاً " ، مثل هذا الإيحاء سلط الضوء المكثف على كلمة " خوف " حتى وإن سبقتها كلمة " مهما " لأن كلمات من قبيل : مهما أو لكن أو ربما أو لعل أو إنشاء لله أو سوف أو ( س ) ، كلمات لا يفهمها العقل الباطن لأنها لا تملك صوراً معينة تترافق معها ، فلو إنك قلت " يسعدني أن أتعلم السباحة " كلمة يسعدني تحمل كماً من صور السعادة ، لكن كلمة ، مهما أو لعل أو ربما ، لا تحمل صورة وبالتالي سيقفز العقل الباطن عليها ليسلط ضوءه على ما ورائها وهو كلمة خائفاً ، وبالتالي فكأنك تقول : سأتعلم السباحة كنت خائفاً ( بدون مهما ) وساعتها لن تتعلم السباحة أو حتى ربما تغرق لأنك وضعت كلمة الخوف في صميم الإيحاء . كذلك استعمال كلمات التأجيل من قبيل س ، سوف ، إنشاء لله ربما ، كلها تدفع العقل الباطن لأن يقول : لا هذا الرجل لا يريد شيئاً محدداً بالضبط فلِم أتعب نفسي وأجهد من أجل أن أستنبت إيحائياً هوائياً عائماً …!! إذن ليكن إيحائك لنفسك شبيه بالآتي : يسعدني أن أتعلم السباحة أو أريد أن أتعلم السباحة …! حتى لو قفز العقل الباطن على كلمة أريد أو يسعدني فبالنتيجة تبقى كلمة تعلم السباحة وهذا هو الأمر الذي سيصدره العقل الباطن إلى المخ ومن ثم إلى الكيان كله وإلى الخارج ( الكون الذكي ) ، بأنك تريد كذا ويجب أن يكون لك هذا الذي تريده …! 2- يجب أن يكون الإيحاء قصيراً ومباشراً ولا يحمل أكثر من معنى أو أكثر من احتمال ، لأننا لا نريد أن نتسلى أو ( نسفسط ) أو نلعب لعبة ذهنية ، بل نملك ضرورة ونريد تحقيق هدف محدد ومعين بدقة . خذ هذه الإيحاءات مثلاً : _____________ " أنا واثق من نفسي وأملك قوة داخلية هائلة " " أنا أملك شخصية رائعة " " أنا أكره التدخين " " التدخين مدمر للصحة " " أنا محب للمعرفة " " أنا امرأة جميلة " " أنا رجلٌ ناجح " الخ …الخ …! هذه الإيحاءات وإن بدت بعضها إستراتيجية وتحتاج ربما لمرات ومرات عديدة من التأكيد وممارسة التنويم حتى ترسخ في العقل الباطن ، ولكنها كما ترى مباشرة ودقيقة وقصيرة وإيجابية وهادفة ولا تضر أحداً لا القائل ولا محيطه الأسري أو الاجتماعي .
3- سهلةٌ على الحفظ والتذكر : من المهم عزيزي القارئ أن تكون الجمل سهلة وقابلة للحفظ والاستذكار والاستنبات لاحقاً في العقل الباطن ، فكما إن المزارع لا يذهب إلى الحقل ببذور لا يعرف محتواها ، فكذلك من يذهب إلى العقل الباطن ، ينبغي أن يذهب ببذورٍ يعرف ما تحتوي ، وتلك لا تكون معروفة إن لم يكن لها جسم لغوي واضح ومحدد مثل هذا القول : " أنا امرأة جميلةْ " ، حيث كل الكلمات مترابطة متماسكة تملك صوراً شخصية ، أنا ( تلك الكينونة المعروفة ) ( امرأة – هذا الجنس الذي أملك ) ( جميلة – تلك الخصلة الرائعة التي لها صورة محددة في ذهني ، وأرى إني أملكها بالتأكيد أو أريد أن أؤكد امتلاكي لها لكي ما تشرق وتتأكد في الخارج ) . حسناً …بعد أن صغت الإيحاء الذي تريده ( ويجب أن يكون واحد في المرة الواحدة ) ، قم بتدوينه على الورق ، ثم قم بتدوين الأسباب التي تدعوك لتحقيق هذا الهدف أو تأكيد هذه الخصلة : لماذا أريد أن أتوقف عن التدخين ، أو لماذا أريد أن أؤكد أني وسيم أو محب للمعرفة أو إني امرأة جميلة . دون كل ما تعرف من مبررات للاعتقاد بأنك هكذا أو تريد كذا ، على سبيل المثال ، فتاةٌ تملك جمالاً متواضعاً يمكن أن يرتقي إلى مستويات عالية فيما لو إنها آمنت به ، لكنها لا تملك للأسف وهي في حالة الوعي اليومي العادي ، أن تؤمن به لأن ذهنها مشغول بأكثر من شيء ولأن نظرات الناس لا توحي لها بأنها جميلة أو لأن أهلها أو ظروف الماضي وإحاطاته قتلت في داخلها الإحساس بالجمال والألق . حسناً …ما لا تستطيع أن تؤكده وهي في حالة الوعي اليومي ، يمكن أن تؤكده وتؤمن به وتحققه في حالة التنويم المغناطيسي الذاتي ، وإذن فالذي تحتاجه قبل الدخول في حالة التنويم هو أن تعرف لماذا تريد أن تكون جميلة أو أن يشرق هذا الجمال الذي في داخلها : 1- لأن الجمال يمنحها ثقة أكبر بالذات . 2- لأن الجمال يمكن أن يحسن فرصها في الحب والحياة عامة . أو لنأخذ مسألة الرغبة في الكفّ عن التدخين : 1- لأنني أشعر بضعف الشهية للطعام . 2- لأن صحتي تدهورت . 3- لأن رائحة الفم كريهة . 4- لأن …الخ …الخ . مع كل إيحاء تنتقيه عليك أن تدون أكبر قدر من المبررات لهذا الذي لا تريده له أن يستمر لديك ( كالتدخين مثلاً ) ، أو هذا الذي تريد أن تناله من مكاسب من وراء الوصول إلى هدفك ( كال جمال أو المال ) ، دون كل شيء وبعناية وتأمل هذا الذي تكتبه ولا تستغرق في التفاصيل السلبية لأنها لن تنفعك ، لا تقل مثلاً ومن أين لي أن أكون وسيماً والناس لا ينظرون لي بنظرة إعجاب ، أو كيف أقطع التدخين وأنا الذي دخنت لأكثر من نصف عمري …لا... لا تهتم لردود الأفعال السلبية ، بل ركز على الإيجابيات التي ستنالها فيما لو إنك نجحت في الوصول إلى الهدف ، وقل لنفسك بذات الآن طيب وما الذي أخسره إن آمنت بغير هذا الكريه أو الخطأ الذي آمنت به طوال حياتي ، ماذا أخسر …!
تحضيرات ما قبل الممارسة : ______________ أختر الوقت والمكان الذي لا تكون فيه مرتبط بموعد أو على مقربة من الآخرين بحيث يمكن أن يفرضوا وجودهم عليك ويقطعوا خلوتك ، أرفع سماعة التلفون ، أجعل الأجواء عندك مريحة جداً لمثل هكذا خلوة ثم : أما أن تستلقي على سريرك بشكلٍ مريح وذراعيك إلى الجانبين بشكلٍ طوليٍ مع جذعك أو أن تجلس على كرسيٍ مستقيم الظهر وتلقي بيديك على أذرع الكرسي وتكون قدميك ملامستين للأرض . ركز انتباهك وبصرك على شكلٍ ما في الجدار أو نقطة ما في السقف بحيث تكون متميزة ولها شكل معين ، كمصباح مطفأ أو رسم على الجدار أو السقف أو ذراع مروحة سقفية أو حتى بقعة سوداء صغيرة أو أي شيء . يفضل أن تكون النقطة التي تركز عليها فوق مستوى النظر أي ليس متعامدة مع أفق النظر ، ثم قم بالتنفس بعمق لخمس مرات وفي كل مرة تخرج فيها الهواء قل لنفسك : أسترخي … تحسس كيف أن التوتر يغادر جسمك وعقلك وإنك تشرع فعلاً بحالة لذيذة من الاسترخاء …تحسس هذه الحالة وأنتبه لها وأستشعرها … أغلق عينيك الآن وركز سمعك على خمسة أصوات مختلفة تأتيك من الخارج أو مما حولك …صوت تكتكة الساعة …صوت المروحة …صوت سيارات في الخارج …صوت الريح أو حفيف الأشجار في الحديقة …الخ . عقب ذلك تنبه إلى خمسة أشياء تشعر بها في هذه اللحظة مثلاً : 1- وزنك أو ثقل جسمك وهو متهالك على الكرسي أو السرير . 2-حرارة جسمك . 3-حركة صدرك في أثناء التنفس . 4- احتكاك ملابسك وهي تلتصق بجسمك … أنتبه لأي شيء يمكن لحاسة الحس أن تشعره في هذه اللحظة . أنت الآن عزيزي القارئ في حالة استرخاء عميقٍ للغاية ويمكن لك أن تهبط في هذه اللحظة إلى جنة العقل الباطن أو بستانه العامر ، أبدأ بتخيل نفسك وأنت تهبط سلماً من عشر درجات ، تصور نفسك بأقصى ما يمكن لخيالك أن ينجح في تصوره ، تصور نفسك وأنت تهبط عابراً غشاءٍ رقيقاً من الغيوم أو الدخان الملون الكثيف الجميل ، مدّ ذراعيك إلى الأمام وكأنك فعلاً تمشي وتريد أن تتبين طريقك وسط تلك الغيوم الكثيفة أو الدخان الملون ، مع كل خطوة تنزلها ، تحسس كم إنك تسترخي أكثر وأكثر ، عند الدرجة الثالثة من درجات السلّم ، ستجدك تتخلص من كل متاعبك ومخاوفك وتتركها ورائك ، عند الدرجة الرابعة سيغيب العقل المشكك الناقد ، عند الدرجة الخامسة ستتحرر ذاتك الحقيقية ، عند الدرجة السادسة تلج في مركز الغيمة الكثيفة ، عند الدرجة السابعة ستشعر بنفسك وأنت في صميم الغيوم الكثيفة الجميلة ، عند الدرجة الثامنة تشعر بأنك في غاية الهدوء والرضا والطمأنينة ، عند الدرجة التاسعة تخرج من الغيوم إلى ضوء الشمس الدافئ اللذيذ ، في الدرجة العاشرة تهبط إلى الحديقة الجميلة الخضراء الغنية بالألوان والأزهار والروائح العطرة المختلفة . أنت الآن عزيزي القارئ في حالة استرخاء تام وعميق جداً ، وهنا تكون فرصتك لأن تعيد على نفسك هذا الإيحاء الذي قلته سواء كان رغبة أم هدف أم أمنية أم مشكلة تريد طرحها على العقل الباطن وتنتظر منه الجواب عليها . أعد الإيحاء ثلاث مرات ، مع استراحة قصيرة بين كل مرةٍ وأخرى ، عقب ذلك يمكن أن تسقط في نوم عميق أو أن تعود إلى الوعي من خلال العهد العكسي وارتقاء السلم صوب الوعي اليومي العادي ، أستعمل الخيال وتخيل نفسك عند الدرجة العاشرة وأنت تخرج من الحديقة ثم التاسعة والثامنة و…وصولاً إلى الدرجة رقم واحد التي هبطت منها أول مرة .
#كامل_السعدون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلاج بالطاقة الكونية – منهاج الرايكي – الفصل الثاني
-
كيف تبنى الشخصية الكارزمية 2
-
العلاج بالطاقة الكونية -منهاج الرايكي
-
كيف تبنى الشخصية الكاريزمية ...؟
-
منهاج السيلفا في السيطرة على المخ - الفصل الثامن
-
دراسة في التأمل وتقنياته - الفصل الخامس
-
منهاج السيلفا للسيطرة على المخ- الفصل السابع- برمجة الأحلام
-
قوة بلا حدود- الجزء الأول - الفصل السابع - كيف تسيطر على فعا
...
-
ماذا لو أغلقت دور الوعظ أو أقصيت من ساحة السياسة والتربية وا
...
-
المثلث الذي أبتلع البيضة ...بل السلة كلها ...ولا يزال يطالب
...
-
باركر 51 - قصة مترجمة من الأدب الإيرلندي
-
كيف تصنع إرهابياً ..؟
-
مرثية لشهدائنا صغار حي العامل - شعر
-
زائر الكنيسة - قصة مترجمة عن النرويجية - تأليف تور بريكفيند
-
تضامناً مع الحوار المتمدن …تضامناً مع شعبنا العربي في نجد وا
...
-
قالت أنها تعرف أسرار روعتها ...
-
نظرة الإسلام للمرأة - قراءة في بعض أحاديث الرسول
-
الأسئلة القديمة المتجددة ...!!
-
المزيد من متناقضات الكتاب العتيد
-
ليتنا نغلق الكتاب فإنه مثقلٌ بالإضطراب ...!
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|