|
الفئران وصاروخ القبة الحديدية
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 3333 - 2011 / 4 / 11 - 21:42
المحور:
القضية الفلسطينية
لأول مرة توافق إسرائيل على التهدئة ، ولأول مرة توقف إسرائيل عملياتها الجوية والبرية بسرعة، لقد كان ذلك مفاجأة ليس للفلسطينيين وحدهم، بل لكل دول العالم. فسَّر كثيرٌ من المحللين الفلسطينيين والعرب ، امتناع إسرائيل عن الانتقام من غزة على خلفية إطلاق صاروخ الكورنيت الروسي على حافلة مدرسية في مستوطنة ناحال عوز في السابع من إبريل 2011 فأصاب طالبا، وحطَّم زجاج الحافلة فقالوا: إن هناك اتفاقا (غير منظور) بين حماس وإسرائيل،يقضي بالتزام الطرفين بإيقاف إطلاق النار، ليكون الثمن صفقة لإطلاق سراح الجندي غلعاد شاليت!! وقال آخرون : إن موافقة إسرائيل جاءت بضغط عربي وإقليمي ودولي، لمنع إسرائيل من أن تُكرِّر ما فعلته أثناء عملية الرصاص المصبوب في ديسمبر 2008،لكي لا تؤثر غزة مرة أخرى في مسيرة الانتفاضات العربية في وجه الحكومات الديكتاتورية . وعزا محللون مختصون انصياع إسرائيل لإيقاف الانتقام من غزة،إلى انشغال إسرائيل في هذه الأيام ، بحدثٍ خطير آتٍ سيُعرِّض أمنَها للخطر، فهي تسعى لتوظيف (اعتداء صواريخ غزة على الأطفال الأبرياء) لدعم جهودها الدولية، ولأقناع الرباعية الدولية ورعاة السلام، ليوقفوا دعمهم للفلسطينيين ويمنعوهم من إعلان الدولة من جانب واحد في سبتمبر القادم! أما محللو السياسة في إسرائيل فقد أوضحوا أسبابا أخرى لقبول إسرائيل بالتهدئة في غزة، فهم يعزون سبب إيقاف الاعتداءات الإسرائيلية ، وإيقاف إطلاق الصواريخ من الطائرات على الغزيين لحدثين بارزين مُفرحيْنِ سعيدينِ: الأول هو نجاح منظومة صواريخ القبة الحديدية في اعتراض ثمانية صواريخ عشوائية فلسطينيةز والثاني هو إتاحة الفرصة لإجراء طقوس عيد البيسح، وهو عيد أعياد إسرائيل، فهو عيد المجتمع الإسرائيلي كله، يُحتفل به في الأسر والكُنُس وفي كل المعاهد والمؤسسات، وهو عيد الحرية، حرية بني إسرائيل من استعباد الغوييم! أما الثالث، فهو أن الخسائر التي لحقت بإسرائيل أقلُّ بكثير من أن تُقارن بحجم خسائر الفلسطينيين، فالفلسطينيون خسروا قادة ميدانيين ، بل قادة مقاومة من الصف الأول. وأجمع المحللون الإسرائيليون بأن احتماء سبعمائة ألف إسرائيلي في الملاجئ هو الهم الإسرائيلي الأكبر، على الرغم من أنَّ أحد المعلقين في إذاعة إسرائيل أشار إلى مميزات هذا اللجوء، وأشار إلى أن هناك فِرقا عديدة تقوم بجمع المعلومات من الملاجئ لتحسين قدراتها وتجديدها. وإليكم هذه الاستنتاجات المتطرفة: نحن الفلسطينيين غير موفقين في الاستفادة من تجاربنا الطويلة، فنحن- مع اعترافي أولا بإخلاصنا وشجاعتنا- مدمنو تكرار الأخطاء، لا نستفيد من تجاربنا السابقة. كما أننا فاشلون سياسيا أيضا ، لأننا لا نحسبُ بدقة حساب الخسائر والأرباح، فقد ظلَّتْ خسائرنا طوال تاريخنا الطويل باهظة الثمن، بلا أرباحٍ بيِّنَة. وظَّفتْ إسرائيل بنجاح فائق قصة (الحافلة المدرسية) وقصة الطالب المصاب لتحصل على: دعاية مجانية دولية لصواريخ القبة الحديدية التي تصنعها المصانع الحربية الإسرائيلية (رافائيل)، وتمكنت باستخدام الدعاية من الوصول إلى كل دول العالم، وكما تشير معطيات مصانع رافائيل فإن كثيرا من الدول ستقوم بشراء هذه المنظومة الجديدة ، لتنضم إلى صفقات الطائرات الإسرائيلية بلا طيار، والتي تستوردها الآن أكثرُ دول العالم، وعلى رأسها روسيا وأمريكا، والسبب يعود لفعاليتها في سفك دم الغزيين الأبرياء! فغزة عند إسرائيل هي، فأر التجربة لمصانع رافائيل! إن تصدير السلاح وإنتاجه هو مصدر الدخل الرئيس في إسرائيل، كما أن منظومة القبة الحديدة الجديدة ، والتي اختبرتْ في حرب لبنان الثانية 2006 ، وها هي تُختبر الاختبار النهائي عام 2011 هي رافعة إسرائيل الأولى لتصبح دولة عظمي في فائض إنتاجها السنوي. وبالنظر إلى منظومة القبة الحديدية، فإن تكلفة الصاروخ المعترض الواحد تصل إلى خمسين ألف دولار، وهذا ثمنٌ باهظ، أعلنته رافائيل في اليوم الأول من نجاح اعتراض صاروخ القسام الأول، فقامت أولا إسرائيل بدعم (شركتها) وقررت شراء الصاروخ من شركتها !! ثم قامت بابتزاز أمريكا لتدعم إنتاج الصاروخ دعما خاصا ، خارجا عن إطار الدعم السنوي المعتاد، بمبلغ 205 مليون دولار بعد موافقة الديمقراطيين والجمهوريين، بعدما رأوا صورة الحافلة المدرسية المقصوفة!! ولم يكتفِ إعلام إسرائيل الكفء بهذه المكاسب، بل إنه قام بالاحتجاج على روسيا، لأن الصاروخ الذي أصاب (الحافلة المدرسية)من إنتاج المصانع الروسية، وتمكن الإعلام الإسرائيلي البارع من اقتفاء أثر صاروخ الدمار الشامل(كورنيت) !!! وتتبعوه خطوة بخطوة فوجدوا أنه وصل إلى سوريا، ثم هرَّبته سوريا إلى حزب الله وحماس! لن أقترح أن نؤسس نحن الفلسطينيين صناعة أسلحة موازية لرافائيل!! ولن أقترح على العالم العربي أن يدعمنا بترميم بيوتنا المهدومة!! ولن أقترح أن ينظر العالم بعينه الأخرى لنا من جديد، وأن يطبق العدل والإنصاف علينا نحن المقهورين!! ولن أطلب من الفصائل الفلسطينية أن تقوم بحساب خسائرنا الوطنية الفادحة الناجمة عن الاجتهادات الحزبية والشخصية، لا الوطنية!!ّ ولكنني أتمنى أن نقوم - ولو من باب التجربة- بالاستفادة من كل مرحلة من مراحل نضالنا، أن نحدد آليات النضال الملائمة لكل مرحلة من المراحل، ومن الطبيعي فإن هذه الأمنية الصغيرة، هي في الواقع كبيرةٌ جدا، ولا يمكن أن تتحقق في ظل الشرذمة الفلسطينية والانقسام!!!!!!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من دُرر المُبدعات
-
من قتل الملك داود
-
اغتيالات تكنلوجية
-
من يوميات مكتوم
-
ما سرُّ عبقرية محمود درويش؟
-
مرض القهر التراكمي
-
المستبدون في كتاب محظور
-
كاوبوي إسرائيل
-
هل سيصمد مفاعل ديمونا للزلازل؟
-
ألفية صراع الأعراق
-
من مقامات الحاكم بأمره
-
ذكرياتي مع العقيد
-
قانون حنين زعبي وعزمي بشارة
-
حكام بعقود
-
تحليل إسرائيلي 2011/2/12
-
أركاننا وأركانهم
-
بكائية على أطلال الإعلام
-
أمراء التطهير العرقي
-
وداعا مائير داغان
-
هههههه
المزيد.....
-
إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل
...
-
ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
-
حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
-
عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا
...
-
ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
-
أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
-
تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
-
مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس
...
-
العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
-
ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|