|
شيوخ مدينة الفلوجة هم مأساتها
قاسم طلاع
الحوار المتمدن-العدد: 995 - 2004 / 10 / 23 - 05:51
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
أعلن الشيخ خالد الجميلي، بعد أن أطلقت القوات الأمريكية المحتلة سراحه، وهو أحد المفاوضين في وفد الفلوجة مع الحكومة الموقتة، بأنه من الآن وصاعدا على غير الاستعداد للتفاوض مع هذه الحكومة، لأنها تطلب منه المستحيل. وهذا المستحيل هو، وباختصار، تسليم أو الإدلاء عن مكان ألزرقاوي وتسليم جميع الإرهابيين ، سواء كانوا من الداخل ( عراقيون ) أو من الخارج ( العرب وغير العرب ). أما الشيخ علي الدليمي، الذي هو ضمن فريقا يسمى بالمجلس المركزي لشيوخ العشائر العراقية والعربية، فقد كان أكثر عقلانية ودبلوماسية من الشيخ خالد الجميلي، عندما أعلن أنه لا يريد قطع المفاوضات، وإنما سيستمر بها وبالتعاون مع رئيس الحزب اليمقراطي الكردستاني مسعود البرزاني. وقد صرح الدليمي قائلا" بأن تصريحات رئيس الوزراء العراقي الموقت أياد علاوي لن تؤثر على سير المفاوضات إذا كانت هناك نوايا لحل هذه الأزمة.
قد تكون شخصية ألزرقاوي شخصية وهمية لا وجود لها، إلا أن هناك حقيقة ملموسة وبشكل قاطع، بأن الفلوجة أصبحت، ومنذ سقوط النظام الفاشي في العراق، قاعدة ثابتة للإرهابيين ينطلقون منها لتنفيذ عملياتهم الاجرامية التي يذهب ضحيتها كل يوم عشرات من المدنيين الأبرياء. والمقصود هنا أن القضية التي يجب معالجتها هنا لا تنحصر" فيما إذا كان للزرقاوي وجودا حقيقيا في هذه المدينة أم لا، وإنما تكاثر الخلايا الإرهابية وانتشارها في أماكن متفرقة. أود أن أسأل الشيخ خالد الجميلي، فيما إذا كان يعرف، بأن في هذه المدينة ( الفلوجة ) وضواحيها أماكن يختبأ فيها الإرهابيون أم لا...؟ وأي شكل من أشكال هذه الخلايا..؟ ومن يكونون هؤلاء ..؟
أن الكثير من الأجهزة الإعلامية ( سواء كانت فضائية أو صحف عربية ) أمثال " الجزيرة " وصحيفة عطوان " القدس العربي " يباركون تلك المقاومة ، متتبعين كل خطوة تقوم بها في إسالة دماء الأبرياء.... كل هذه الفضائيات تعرف القائمين بها وتنشر على صفحاتها وفي نشراتها الإخبارية ( صور حية ) عمليات قطع الرؤوس ، وعلى الرغم من أنك الرجل المفاوض ووجه من وجوه هذه المدينة لا علم لك بهذا، ولا تعرف من يكونون هؤلاء...!!!؟ أود هنا أن أذكر الشيخ خالد الجميلي، بأنه هو وبعض من الشيوخ الاسلاميين، وكما ذكر الذين هجروا الفلوجة الى أماكن أخرى من المدن العراقية، تمجدون وتباركون في خطبكم الدينية وفي جوامع المدينة، مانسيه نحن بالإرهاب، وما تسمونه أنتم بالمقاومة. والسؤال الآخر الذي أود أن أطرحه على الشيخ خالد الجميلي عن مدى مصداقية " الجزيرة " عندما تنقل أخبارها عن عمليات الإرهاب وتنعت هذه المدينة ، بأنها قلعة للمقاومة، كما تدعي دائما، هذه الفضائية ولا زالت ... الشيء الآخر لو بإمكان الشيخ وبقية شيوخ المدينة أن يعلقوا عليه، ما عرضته إحدى محطات البث التلفزيوني الألمانية، قبل فترة ليس بوجيزة، عندما تمكنت بعثة مراسلي ومصوري هذه المحطة( وبعد دفع مبلغ من النقود، كما أشار لهذا واحد من هذه البعثة ) من الوصول إلى واحدة من أوكار هؤلاء الإرهابيون ( طبعا في مدينة الفلوجة )، حيث ظهروا على شاشة التلفزيون التابعة لهذه المحطة وهم ملثمين يرددون كلمات ألله ويتوعدون بالقتل. والشيء الذي أثار الانتباه هنا: تلك اللهجة الغير عراقية، التي كان ينطق بها واحد من هذه المجموعة، هذا اللهجة القادمة من ربوع دول الجوار العربي.
إننا نقر بأن ما يحدث في الفلوجة وفي مناطق أخرى من عمليات إرهابية لا يعود الى فشل سياسة الولايات المتحدة الامريكية في العراق وحسب، وإنما، أيضا، الى تلك المواقف التى وقفها اإسلام السياسي، الذي فتح صدره لاستقبال الفلول المتبقية من العهد المقبور والتعاون بشكل لا يقبل الشك مع الحركات الارهابية القادمة من خارج الوطن لخلق بؤر توتر في محاولة يائسة منهم لاسترجاع ما فقدوه ألا وهو عودة النظام الفاشي المقبور.
أن تصريحات الحكومة العراقية الموقتة" عن استعدادها للدخول في حوارات مكثفة واعتمادها الحل السياسي بدل العنف، كشف عن عورة بعض الذين يدعون، بأنهم رجال يريدون خيرا للعراق وشعبه. ففي الوقت الذي تتكاتف فيه الجهود لوقف النزيف الدموي، الذي يجري يوميا على أرض العراق الطيبة، صدر بيان ختامي عن اجتماع عقد في بغداد ( 20.10.2004 )، شارك فيه عدد كبير من علماء الدين السنة ومن ضمنهم الحزب الاسلامي العراقي ( المشارك في الحكومة الموقتة ) يهددون فيه بالانسحاب من الحكومة إذا ما اجتاحت قوات الاحتلال الأمريكي مدينة الفلوجة مرة ثانية واحتجاجا على موقف حكومة علاوي من الأزمةفي هذه المدينة. وكان الدكتور محسن عبدالحميد زعيم الحزب الإسلامي العراقي قد صرح قبل يوم من إنعقاد هذا المؤتمرلإذاعة " دار السلام " الناطقة بلسان الحزب ( يوم الثلاثاء19.4.2004 ) ، بأن الحزب سوف ينظر في مسألة بقائه في هذه الحكومة إذا تم إجتياح الفلوجة ..." ووصف تصريحات علاوي، التى تطالب أهالي الفلوجة بتسليم الأردني أبو مصعب الزرقاوي وجماعته، بأنها غير واقعية، خاصة أن قيادات المدينة نفت بشكل قاطع أي وجود للزرقاوي وجماعته في المدينة. أن اتخاذ مثل هذه الذرائع بقطع المفاوضات والخروج من الحكومة الموقتة لا تنفي حقيقةوجود ( كما ذكر أعلاه ) مجموعات إرهابية تهدد أمن وسلامة المواطن العراقي، سواء كان هذا الإرهابي أبو مصعب ألزرقاوي أم لا.
ونود أن نذكر هنا، أيضا، الدكتور محسن عبدالحميد، أن مشاركة الحزب الاسلامي في الحكومة الموقتة استند على قرار مجلس الأمن 1483( كما أكد هذا عدة مرات ) والذي ينص " على ضرورة تشكيل مجلس حكم انتقالي من العراقيين يدير شؤون العراق لمدة سنة واحدة أو أكثر، يهيأ فيها لمجلس نيابي منتخب وحكومة منتخبة أيضا." ومعنى هذا أن جميع القوى المشاركة في السلطة الحالية مطالبة بنبذ أساليب العنف وحل المشاكل بالطرق السلمية. وهذا يشمل أيضا جميع القوى الأخرى ، سواء كانت في المجلس الوطني الموقت أو خارجه.
والجدير بالاشارة هنا أن " الأحزاب السياسية الممثلة في المجلس الوطني قد أصدرت ميثاق شرف يدعو إلى اتفاق شامل بين القوى والتيارات الإسلامية والقومية والديمقراطية العراقية للاجتماع والتشاور والتنسيق واتخاذ الخطوات اللازمة لتوحيد المواقف من أجل الحفاظ على أمن الوطن وسلامة أبنائه. والتأكيد على اعتماد الحوار السلمي ونبذ العنف أساسا لحل المشكلات والاختلافات بين القوى الوطنية واحترام الرأي والرأي الآخرن تحت سقف المجلس الوطني وخارجه." فما رأي الإسلام السياسي من هذا..؟ وهل يشمل هذا قضية الفلوجة والمناطق الاخرى الموبوءة بالارهاب...؟ . هذا يتوقف على الموقف القانوني والاخلاقي الذي يتخذه الاسلام السياسي تجاه قضية الارهاب ومدى حرصه على تجنب المناطق المزيد من المآسي.
#قاسم_طلاع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المعتزلة بين المثقف والسياسي ( العراق نموذجا ) الجزء الثاني
-
المعتزلة بين المثقف والسياسي ( العراق نموذجا ) الجزء الأول
-
شرعية الاختطاف والقتل عند الاسلام السياسي السلفي
-
بدعة الاحتجاج والكذب المبطن
-
المعطف - بيرتولد بريخت
-
من أين تستمد الانتخابات العامة شرعيتها ...؟
-
الثأر من التاريخ
المزيد.....
-
مصر.. كيف تأثرت القيمة السوقية لشركة حديد عز بعطل في مصنع؟..
...
-
تونس.. البرلمان يصادق على فصل يهم التونسيين المقيمين بالخارج
...
-
جميل ولكنه مؤذ.. مقتل 5 أشخاص إثر تساقط الثلوج في كوريا الجن
...
-
اعتذار متأخر: بوتين يعبّر عن أسفه لميركل بسبب حادثة الكلب
-
أردوغان: مبادرة بايدن الجديدة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة م
...
-
السودان.. وفاة 4 أشخاص جوعا في غرب أم درمان
-
سحب ملحق إلكتروني لـ-ساعة آبل- من الأسواق بعد اكتشاف عيب خطي
...
-
المغرب - إسبانيا: تفكيك شبكة لتهريب المخدرات من المغرب بطائر
...
-
قاذفات بي-52 الأمريكية الضخمة تحاكي قصف أهداف معادية في المغ
...
-
تونس: قيس سعيّد يشدد على أهمية إيجاد نظام قانوني جديد لتحفيز
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|