عبد الجبار منديل
الحوار المتمدن-العدد: 3331 - 2011 / 4 / 9 - 22:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نحن بالتاكيد نعيش مرحلة تاريخية لم يسبق لها مثيل . فالغرب الذي تعودنا دائما ان نتهمه باستعمار الشعوب واستعبادها يتحول فجاة الى منقذ للشعوب ومحررا لها . والغرب الذي كان مصدرا لكل الشرور في العالم وفقا لابناء الدول النامية اصبح قبله لثوار هذه الدول يستنجدون به لانقاذهم من الحكام المستبدين ويطالبونه بضرب النظم الدكتاتورية في بلدانهم . فهل تغير الغرب ام نحن الذين تغيرنا ؟!!
في سنوات الخمسينات والستينات وايام حروب عبد الناصر وتحرير دول المغرب العربي وحروب كوريا وفيتنام كنا ننظر للغرب باعتباره القوة الاستعمارية العاتية التي نناضل من اجل القضاء عليها او التخلص منها . الان الغرب هدف المهاجرين والثوار معا فهو ليس فقط المكان الذي يمكن فيه تحقيق الطموحات الفردية والاحلام الشخصية عن طريق الاقامة فيه والحصول على جنسيته ولكنه ايضا المكان الذي يمكن ان ينقذ الشعوب ويساعدها على تحقيق الحرية والديمقراطية والامان .
الغرب لم يتغير بالتاكيد فهو كما هو بكل مثالبه وحسناته ولكن نحن الذين تغيرنا وتغيرت افكارنا . لقد تغيرت الشعوب التي حصلت على استقلالها واسست دولا وحكومات . تغيرت لانها شهدت بان الدول التي حلمت فيها كانت عبارة عن كيانات كارتونية وان القائمين عليها هم عبارة عن مجموعة من الطغاة واللصوص الذين جعلوا من الدولة التي تم تاسيسها بعد نضالات طويلة مطية لماربهم ووسيلة لتحقيق اغراضهم. اكتشفت الشعوب التي ناضلت طويلا لتحقيق الاستقلال بان رجال الاستقلال ورواده ومن قيض لهم قيادة سفينة الوطن ليسيروا بها الى شاطيء الامان هم القراصنة الذين قامو باختطاف هذه السفينة لتلبية رغباتهم واعتبروا سفينة الوطن ملكا شخصيا لهم ولعوائلهم ولابناءهم من بعدهم .
شعوب الدول النامية اكتشفت متاخرة ان كل الدعاوي والكلام الكثير عن الغرب واطماع الغرب هي من نسج خيال حكامهم الذين صادروا الثروات واودعوها لدى (عدوهم) الغرب ووضعواعقاراتهم وقصورهم وشركاتهم واموالهم (امانة) لدى هذا الغرب من اجل الاعتماد عليها اذا ما غدرت بهم غوائل الزمن وطوارق الحدثان.
كان التدخل في الشأن الوطني للدول النامية من قبل الغرب يعد في تلك السنين تدخلا استعماريا يستغله الحكام لاثارة النخوة الوطنية . التدخل الان في الشان الوطني من قبل تلك الدول هو مطلب الكثيرمن شعوب الدول النامية .
هل هذا يعني ان الاستقلال لم يعد قائما ؟ ام ان الشعوب فقدت الثقة بحراس الاستقلال من الحكام وان الايام اثبتت لها ان دول الاستعمار القديم هي امتن اخلاقا واكثر التزاما بالقوانين والمثل العليا وحقوق الانسان من ابناء جلدتهم من الحكام وان اخطر اللصوص هم لصوص البيت كما يقال.
ان الاوان لكي تتم اعادة النظر بكل النظريات والافكار التي ظلت طوال سنين طويلة اشبه بالنصوص المقدسة التي لا تقبل المناقشة وهاهي الان تثبت بطلانها . ينبغي التصدي لصياغة نظريات جديدة تتفق مع الوضع الراهن وما تمخضت عنه تفاعلات بداية القرن الواحد والعشرين من احداث وتطورات
#عبد_الجبار_منديل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟