|
أنظمة لا ترحل ... إلا بترحيل شعوبها .
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 3331 - 2011 / 4 / 9 - 02:31
المحور:
المجتمع المدني
وأنا أتابع مُجريات حدث الثورات العربية ضد حكامها هذه الأيام ، راعني مدى خبث الحكام وتشبثهم بالمناصب بمختلف الأساليب و الحيل الدنيئة التي وصلت حد تقسيم شعوبهم بين مؤيد ومعارض ، وتلك صور نشاهدها يوميا في اليمن وسوريا وليبيا ، وتعطي انطباعا راسخا بأن شعوبنا انقسمت على نفسها إلى أطياف ، ليس جنسيا ولا دينيا ولامذهبيا ، وإنما خروجا وولاء ، فمن داع إلى إسقاط النظام ورحيله ، ومن داع في مظاهرات موازية لنصرة الحكام والإستمرار في حكمهم الذي يعتبرونه رشيدا ؟ . *حكامنا بمبدأ .... الغاية تبرر الوسيلة . جرأءة الحكام وجبروتهم الإستبدادي التي استمدوها من طول حكمهم ، أهلتهم لارتكاب أبشع الجرائم ضد شعوبهم ، فما يقترفه القذافي ، وعبد الله صالح ، وبشار الأسد ، ضد مواطنينهم العزل يشير بأن حُكامنا لا يُمكنهم التنحي بسهولة حتى وإن أرادوا ، لأن وراءهم ترسانة من المستفيدين الذين يرضيهم بقاء الحال واستمراره ، فهؤلاء الذين تظاهروا لنصرة الأنظمة وتحولوا إلى بلطجة مكشوفة ، هم في حقيقتهم أعداء للعدل وأنصارا للجور ، لا دين ولا وجدان ولا شرف ولا رحمة في خصالهم ، فقد نجح الحُكام في ترويضهم والإكثار منهم ، وقد ملأوا ساحة ( السبعين ) في عدن ، و(الساحة الخضراء )بطرابلس ، أو الذين سبق وأن خاضوا معركة الجمل الخاسرة في ميدان التحرير المصرية ، وهو ما يعني إضرار الأمة بنفسها برغبة حكامها باسم النفع ، فيسوقونها لحرب اقتضاها التجبر والإستبداد والعنت ، بعد أيهامهم بوسائل الدعاية والدعابة بأنهم في نصرة الدين وحفظ شرف الأمة وأبهة الحكام ، وهي دواعي وإن كانت فخيمة في السمع والذهن ، إلا أنها في الحقيقة خيلاء وإيهام ،غرضه تهييج الأمة وتضليلها بعد أن رُوضت مليا بسبب ضعف في قلوبها ، فغدوا كسبحة في يد زنديق ، أو مصحف معلق داخل خمارة ، لهذا كثيرا ما ردد الحكماءُ بأن دولة الإستبداد هي وليدة في بلاد البله والأوغاد ، فالعقلاء من الأمم أسسوا الحكومات لتخدمهم ، وحُكامنا قلبُوا الموضوع برضانا ، فجعلوا من الرعية خادمة مطيعة لهم . * أنظمة لا ترحل ... إلا بعد إبادة شعوبها . رغم ازدياد الضغط والغليان الشعبي ، فإن الأنظمة المستبدة لازالت تلعب أوراقها في البقاء ، وهي تحاول تجنب عثرات الأنظمة التي تهاوت سريعا في تونس ومصر ، وخططت لنفسها استراتيجية البقاء أو الإفناء ، وهو ما يترآى فيما يقع في ليبيا من تحطيم للذات وقتل للأنفس باسم شرعية زائفة خطها نظام استبدادي على مدار الأثنتين والأربعين عاما ، من ترويض الناس وجعلهم إمعية النظام ، وهم من يرون على الشاشات مهللين راقصين لبقاء القذافي ....ولا أستبعد أن تستمر الفرقة سجالا ، خاصة مع سكوت العرب ، و مكر الغرب على لسان النيتو ، فانتصار الشعوب أكيد مؤكد ، غير أن تحقيقه لن يتأتى بسهولة ويسر ، فقد سبقته هزات وتردفه أخرى ، إلا أن تستقيم الأمور برجحان فكرة أن الشعوب هي مصدرالسلطات جميعها . *الغرب ... البترول ومخاطر القاعدة والهجرة . التلكؤ الذي يبديه الغرب بشأن التعامل مع بؤر الصراع في الوطن العربي في اليمن وسوريا وليبيا والبحرين مرده مصالح بينية ، لم يتضح مستقبلها بعد في تقديرهم ، وإن كان الوازع الإخلاقي يفترض الوقوف إلى جانب الثوار ، إلا أنها تظهر مالا تبطن ، فهي تستهجن الأنظمة وعنفها إلا أنها تقدم العون اللوجيستي والسلاح خلسة خوفا من انقلاب الأمور ، فهم يتعاملون بتقية منقطعة النظير خوفا من ضياع مركزهم وفقدان مكتسباتهم في الأوطان الثائرة شعوبها في مجالات محاربة إرهاب القاعدة ، وحرمانهم من نفط ليبيا القريب ، أوانفتاح بوابات ولوج المهاجرين أبواب أوربا ، على عتبات (لامبيدوزا) وأخواتها في غياب حاكم عربي يحمي الشطآن من جحافل المهاجرين الأفارقة . *حتى لا يستبدل الإستبداد بآخر أشد . واجب الشعوب الثائرة على أنظمتها أن تدرك ماهية مايستبدل به ذلك الطغيان ، إن إدراك الغاية محفز قوي على العمل ، وبقدر ما تكون المرامي مبهمة يكون الإقدام ناقصا ، لذا فوسائل الإعلام لها الحظوة في الإفصاح وزيادة المناصرين للثورة ، والخوف كل الخوف هو استبدال طاغية بطاغية أشد ، ولضمان صيرورة محبكة الصنع ، يجب إحكام الإغلاق على الحكام بجعلهم في يد المحكومين عبر قوانين دستورية يتم فيها تغليب المدني على العسكر ، والتشريعي على التنفيذي ، حتى يتيسر التداول على السلطة بالطرق السلمية دون الحاجة لإراقة الدماء ، وتنمية الشعور بأن الأمة مسؤولة عن أفعال من تُحكمه ، فإن لم تحسن الأمة اختيارها أصابها الوهن والمذلة على يد حُكامها ، وبقدر ما تبلغ الأمة رشدها فهي تسترجع لنفسها مجدها وعزها وعدلها .
إن ما وقعَ ويقعُ في الوطن العربي من مظاهرات وخروج عن إرادة السلطان ، مرده إخفاقات متسلسلة ، ونكسات متتابعة متلاحقة على مختلف الأصعدة ، قد يكون للجانب السياسي الحظوة الأساس لما فيها من ابتلاع لحقوق الإنسان ، أو تغليب لحقوق الأقلية على حساب الأكثرية الصامتة ، وكل امتداد وتوسع في سلطات الأنظمة سيعقبه تقليص لها عند نجاح الثورات القائمة ، وشرارة الثورة تنغص مضاجع المستبدين أينما كانوا وحيثما وجدوا ..... ومسألة نجاح ثورات الشعوب مضمون ، وإن شابها نوع من التراخي وطول المدة ، لرسوخ الأنظمة وقدمها وعمق انغراسها في المجتمع ، اجتثاثها واستئصالها يتطلب مزيدا من الحزم والجزم والثورية .
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قبائل هوارة الأمازيغية بمصر .
-
اللغة ...إلهام رباني أم صناعة بشرية ؟
-
لسنا الأفضل.... ولغَتنا ليست أفضل اللغات.
-
الناطقون بالعربية من غيرالعرب .... هل هم من قومية عربية ؟
-
الأزمة البربرية (BERBERISMES ) ومفهوم (الجزائر الجزائرية ).
-
سيفُ القذافي ... إن لم يُقطع قطعَ !!؟ .
-
القذافي وليبيا ، أين المنتهى ؟
-
نجاح ثورة ليبيا ... هي إنذار ثالث للأنظمة العربية .
-
الجزائر .... وعبرة الإنتفاضات المجهضة .
-
أين الخلل في بوتفليقة أم العسكر ؟
-
ثورة مصر في الميزان .
-
الريس بين التنحي الرحيم .... والتنحي الرجيم ؟!!
-
من يوم الغضب ...إلى يوم الرحيل .
-
في ميدان التحرير.....مصر لمن غلب !!
-
المظاهرة المليونية .... وخطاب حسني مبارك ؟؟
-
في مصر ... جيش ، شرطة ، بلطجة ..وأشياء أخرى .
-
.... مصر ثانيا .... فمن الثالث ؟
-
ثورة تونس ! ... ياصاحبة الجلالة والعظمة!
-
علي الحمامي والقومية المغربية (*) .
-
من يريد إجهاض ثورة تونس ؟
المزيد.....
-
وزير الخارجية الايراني عراقجي لامين عام الامم المتحدة غوتيري
...
-
وزير الخارجية الايراني عراقجي لامين عام الامم المتحدة غوتيري
...
-
لبنانيون ولاجئون هجّرتهم الغارت الإسرائيلية يروون معاناتهم و
...
-
لافروف يلتقي نظيره الجزائري على هامش الدورة 79 للجمعية العام
...
-
أردوغان يندد بالهجمات الإسرائيلية على لبنان ويطالب الأمم الم
...
-
السعودية تنفذ حكم الإعدام في مواطنين مصريين
-
لبنان.. لجنة الطوارئ تعلن تسيير قوافل مساعدات إلى مراكز إيوا
...
-
الأمم المتحدة تخصص 10 ملايين دولار لتقديم مساعدات إنسانية طا
...
-
مهزوم العصر يدعي النصر
-
إيران تندد بتصريحات نتنياهو بالأمم المتحدة: تهديدات فاضغعة
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|