أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد كشكولي - شتّان بين التعاليم الدينية و سلوكيات شعب العراق السمحاء














المزيد.....

شتّان بين التعاليم الدينية و سلوكيات شعب العراق السمحاء


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 994 - 2004 / 10 / 22 - 08:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دروس التاريخ تؤكد بأن الدين – أي دين- حين يخرج من منبته الأصلي لينتشر في بيئة أخرى ، يفقد الكثير من أصوله و مفاهيمه و معانيه الأصليه ، و يكسب الكثير أيضا مما موجود في المجتمع الوافد اليه من تقاليد ناسه و عاداتهم ، و يتم تفسيره و تطبيقه بما ينسجم مع مصالح الداخلين الجدد فيه و أمزجتهم الإجتماعية و الثقافية. فالإسلام حين ساد أرض العراق بعد الإنتصار الذي حققه عرب الجزيرة العربية في القادسية الأولى على الإمبراطورية الساسانية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ، لم يعد هذا الدين بعد دينا عربيا صحراويا ، و فقد الكثير من تقاليده البدوية على أرض العراق . فبيئة المسلم العراقي و ظروفه و تقاليده تمنعه من يتشابه مع المسلم الصحراوي ، أو مسلم سويدي ، أو افريقي . و قد ظل المسلمون في العراق لفترة طويلة من الزمن أقلية ، بينما الأكثرية من أهل العراق كانوا يدينون بالديانة المسيحية التابعة للكنيسة النسطورية ، و كان أهالي هورامان يؤمنون بالزرادشتية قبل غزوهم من قبل جيش أبي عبيدة الجراح، إمتدادا للقادسية الأولى، و ارتكاب مجزرة رهيبة بقتل الكثير من رجالهم و سبي نسائهم . حقا لم تكن القادسية الأولى، مثلها مثل القادسية الثانية، لنشر تعاليم الإسلام ، ولم تكن في سبيل الله – مثلما كتب الدكتور كامل النجار وكتب علي دشتي وغيرهما - ، بل كانت كل تلك الحروب التي شنها العرب المتأسلمون للنهب والمغانم والسبي و حسب قول الفاتحين_ فيها الخير الكثير؟-. و ليتصور المرء مدى الظلم الذي الحقه المتسلطون الجدد بالشعوب المفتوحة ، حين يقرأ أن مهرية السيدة زبيدة زوجة أمير المؤمنين هارون الرشيد كانت كل بلاد اذربايجان الغنية بثرواتها النباتية و الحيوانية و غيرها . لهذا لم تكن كل الحركات المسلحة ضد الدول الاسلامية مارقة و فاسدة حسب ما يدعي العفالقة و العروبيون . و فهذه المسألة تناولها آخرون و لست الآن بصددها . وحين يطّلع المرء على التاريخ العراقي و يتمعن فيه يرى أن شعوبنا العراقية كانت و لا تزال في واد ، وتعاليم الإسلام بحق غير المسلمين في واد أخر. كيف ؟ لنرَ!
قال عياض الأشعري: قدم أبو موسى على عمر و معه كاتب له ، فرفع حسابه، فاعجب عمر. و جاءا إلى عمر كتابُ، فقال لأبي موسى: أين كاتبك يقرأ هذا الكتاب على الناس؟ قال: إنه لا يدخل المسجد. قال: لمَ؟ أ جُنُبُ هو؟ قال: إنه نصرانيّ. قال: فانتهره، وقال لا تدْنِهمْ وقد أقصاهم الله، ولا تكرمهم وقد أهانهم الله، ولا تأتمنهم و قد خوّنهم الله. _ إقتباس من الإمتاع و المؤانسة للتوحيدي_ .
كم من أهل العراق المتدينين بالإسلام قد طبق قول عمر بن الخطاب و الذي مبادؤه سارية و فرض على أكثرية المسلمين ؟ أنا شخصيا لم أر و لم أعش هذه الحالة قط ، سوى سماعي الأخبار في الفترة الأخيرة بانطلاق الحركات السلفية بعد سقوط النظام البعثي ، و قيامهم بمضايقات ضد غير المسلمين ، و المجزرة البشعة بحق الايزديين بتسميم مياه الشرب في إحدى قراهم في دهوك ، و أن يقوم نفر بقتل أطفال ونساء بريئات ، لم يخطر ببال أحد.
ففي الإسلام لا تبنى كنيسة ، ولا يعمَّر ما هدم منها ، و لا يجوز لكنسية أو دار عبادة لغير المسلمين أن تعلو على الجامع . لكننا نرى كنائس في العراق أعلى من الجامع ، دون أن يشعر المسلمون بأي امتعاض او كراهية. هناك قرى مختلطة في شمال العراق و كردستان فيها كنائس و مساجد مفتوحة لكل الناس بغض النظر عن دينه .
و ثمة تعاليم نازية أيضا صدر من الخليفة الثاني معروفة" بمبادئ عمر " يتجاهلها العراقيون تنص على أن يعلَّم أتباع الديانات الأخرى من أهل الكتاب بعلامات وألوان لتمييزهم عن المسلمين . و كذلك تحريم غير المسلم من أن يبيع المشروبات الروحية ، وأن لا يركب النصراني الحصان دون الحمار و غيرها من المظالم . ولكي لا أبدو أنني قد تحيزت لأهل مذهب ما على حساب مذهب آخر ، أقول أن الشيعي أيضا يتبنى الكثير من تلك الأفكار النازية حين يتعمق في إيمانه* ، لكن العراقيين بمختلف دياناتهم تعايشوا و يتعايشون في وئام و إخاء تربطهم قيمهم الانسانية بوشائج المحبة و الخير في سبيل بناء المستقبل الأفضل حيث تحترم كرامة الإنسان و عزته. و لقد عرفت عوائل افرادها يدينون بديانات مختلفة . كان لي اصدقاء لم اعرف قط انهم غير مسلمين ، ولم أسال يوما عن دياناتهم و ديانات ابائهم .. في الفترة الاخيرة صرح لي صديق ان والده كاكائي وأمه مسلمة ! و هذا محرّم و ممنوع منعا باتا في الإسلام . أن الكاكائية ليسوا أهل كتاب ، ولو أصبح للاصوليين زمام لأبادوهم عن بكرة أبيهم.
إن التصدي للقوى الظلامية من واجب كل إنسان شريف ، و ان هذا التصدي يكمن في النضال لإزاحة هذه القوى من الميدان السياسي و شؤون الحكم بفضحهم و ادانة جرائمهم البشعة بحق الانسانية . لقد رأينا ما ارتكبوا من جرائم ، فكلما اشتدت سواعدهم ارتكبوا جريمة بشعة . لقد صرح قبل سنوات أحد اتباع الديانة الكاكائية أن الاسلاميين طالبوه بدفع الجزية . و مجزرة الايزديين لا يقدم عليها الا اناس سلفيون يبغون تطبيق الشريعة بحذافيرها ، و في مقدتها مبادئ عمر . لكن ابناء شعبنا واعون و انسانيون و طيبون ، وسيفوّتون الفرصة على من يريد دق الاسفين بينهم .

* سمعت من صديقي الباحث زهير كاظم عبود أنه استفسر عن موقف الشيعة من الإيزدية من موقع آية الله خامنئي فكان الجواب " اصلحهم" .



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تراجعت الثقافة التقدمية و التحررية في العراق؟
- شفاه الموت
- بين المادة التاسعة من القانون الأساسي في العهد الملكي و الما ...
- الأديب السويدي المنتحر ستيغ داغرمان و حفرياته في النفس الإنس ...
- الحياة مثل العشب
- صلاح الدين و صدام
- أحلام خضراء تخضب خطواتي
- الشرق و الغرب التقيا في اسطنبول قلبيا
- عربدة مقتدى زوبعة في فنجان
- في المربد عرس واوية حقيقي
- العفاف الإسلامي المغلوط
- مراهنة خاسرة على الأخلاق
- في الخيال الشعري
- فوق شاهدة ضريحك اخضرّت أحلامي
- ثياب الامبراطور بوش
- لا تقولي في القرآن برأيك ، يا بلقيس !
- مد وجزر
- جياد من ريح
- قصائد معمّدة في زرقة الليل
- فصل الدين عن الدولة ضرورة لا بد منها لقيام مجتمع مدني حديث ف ...


المزيد.....




- لأول مرة منذ حريق 2019.. شاهد أجراس كاتدرائية نوتردام تقرع م ...
- بعد خمس سنوات على الحريق... أجراس كاتدرائية نوتردام تقرع من ...
- تحديث تردد قناة طيور الجنة كيدز الجديد 2024 بجودة عالية على ...
- فرح اولادك مع اجمل الاغانى… استقبل تردد قناة طيور الجنة الجد ...
- “عصومي ووليد” ثبت الآن التحدث الجديد من تردد طيور الجنة 2024 ...
- فرحي عيالك بيها.. حدث تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ج ...
- أحداث أمستردام تتصاعد.. تشديد الحراسة على المؤسسات اليهودية ...
- جنوب إفريقيا.. الكاتدرائية المناهضة للفصل العنصري أصبحت ساحة ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تعلن استهداف هدف عسكري في شمال ا ...
- حرس الثورة الإسلامية يؤكد القضاء على عدد من الإرهابيين في مح ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد كشكولي - شتّان بين التعاليم الدينية و سلوكيات شعب العراق السمحاء