|
حكاية مروان... عزائي إن لا شيء ثابت
فريد الحبوب
الحوار المتمدن-العدد: 3328 - 2011 / 4 / 6 - 13:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا شيء استدعاني لكتابة هذه المقال سوى مدى حجم المعاناة الكبيرة التي نعيشها نتيجة الموجة الجديدة التي تحمل في طياتها تمزيق ملامح المجتمع الروحية والمعنوية والجمالية وهذا جاء كنتيجة طبيعية لمرحلة طويلة خاطب فيها النظام السياسي العقلية العراقية وتغلغل فيها بالتقاليد والتأثيرات ذات الدلالات المريرة التي هيئت الفرد لتقبل كل ما هو سيء وقليل الذوق. فمنذ أن سمعت هذه الحكاية وأنا أبحث لها عن مكان تهجع فيه كي أقصيها من ذهني وأواريها النسيان من أجل تجنب التكلم عنها لكن ما تلبث إن تفيق في ذهني وتنشط وكأنها زائر ينسل بين حضور قلق متعثر يلفت النظر. أنها حكاية مروان المحزنة التي تمزق القلب وتحوك في فكري هماً مؤلماً على مصير أجيالنا التي تتلون بسيل هادر من السلوكيات والممارسات الغير ناضجة بالمحبة والأحاسيس والتعابير المرهفة الجميلة والتي فقدت جوهرها اليوم لتذوب بواقع منغلق أثنياً وعنصرياً ودينياً متخم بالكراهية يرسخ الفواصل والحواجز بين فئات مجتمعنا لكن عزائي إن لا شيء ثابت . المصيبة إن بطل هذه الحكاية هو أحد مديري المدارس في بغداد. رجل يشكل رقم من الرعية الحاكمة لا يفقه معنى التربية والتعليم ولا يفوتني إن هذا المدير هو أحد مرشحي الأحزاب الدينية الحكومية التي تدير دفة سفينة نصفها غارق ونصفها بيد الراديكاليين والدوغمائيين، نعم نحن في ظل حكومة أكثرهم يشابهون إلى حد ما تصرفات وتوجهات هذا الأستاذ وهذه كارثة تزلزل حلم بناء دولة الإنسان في العراق. مدير بليغ في جهل ألاحترام، يشارك بكل ما أوتي من تخلف في أفساد الأمور علينا وتخريب أجل مهمة. أقول ربي أنتفض لأولادنا وأمت هذا المعلم الغير متعلم وهو يرتدي أسمال فكر رجعي مسيلاً فكراً ساماً يشل الحياة. الحكاية .... في أحدى مدارس بغداد قام مدير مدرسة باستدعاء أحد الطلبة، وما أن وصل الشاب عتبة غرفة المدير حتى بدأت تنهال علية الشتائم وتنتقص منه ومن عائلته وبعد اضطراب وتلعثم وعصبيه سكت المدير ليطيل نظرة ازدراء واحتقار إلى الطالب ومن ثم سائلة لماذا أسمك مروان!!!!!!!!!! نظر الطالب نظرة حزينة وعنيفة ودون أن يفهم شيئاً أجاب أهلي أسموني مروان... تحرك المدير داخل الغرفة وبيده مجموعة أوراق تمنى لو أنها ساطور ليدق بها عنق مروان، وقف مباشرةً أمامه وتحدث له هل تعرف أننا لا نسمي أولادنا أسماء ملعونة..أسماء تدلل انك منهم !!! أسماء تقول أنك اشتركت بقتل الحسين واغتصبت الرسالة..وأخذ ينهال بالتهم والويل ويتوعده انه خاسر الدنيا فكيف سيلقى من يلقاه هناك في أخرته أي آخرة المدير ..يقول المعاون الذي كان في الغرفة بالنسبة لي أجفلت وبكى المعلم في نفسي بشكل خفي حين طالبني بالاشتراك وإبداء رأيي باسم مروان وهو يرتعش يامعون هل ترى تعرف خسة هذا ألاسم..... لاصقت النافذة وأغربت بوجهي كأني لم أسمع.. وبعد إن سحق وأذل الشاب مروان بشتى العبارات الطائفية المقيتة ووصمة بالعار على مذهبة وشيعته، تساقطت دموع الطالب واختنق بقسوة ضيقت الفضاء علية وتزكم من الرائحة النتنة التي فاحت من الشتائم، هدده في الأخير أنك لن تبقى في مدرستي قائلاً له هذه مدرسة أهل الطينة الطيبة والمنتقاة....عاد مروان إلى صفة وهو غارق في دموعه. اجتمع حوله الطلبة وبعض ألأساتذة وحين حكى لهم الحكاية أنتفض الطلبة وخرجوا في ساحة وممرات المدرسة معلنين الإضراب والوقوف أمام غرفة المدير واستخدموا العبارات والشعارات التي تنال منه ومن تفكيره السوداوي وتميزه بين الطلاب، واندفع بعض الطلبة إلى مواجهته ومحاولة ضربة مما أضطر المدير للهروب خارج المدرسة وبعد يومين من الامتناع عن الدوام وغياب المدير جاء المفتش العام ليعتذر للطلبة وجاء بالمدير الديني التافه ليعتذر علانية إلى مروان وللطلبة معلناً أنه كان على خطاء.... فلنفرض أنه أعتذر...هل حقاً يعتقد هذا المدير أنه أخطاء، وأنه لم يعد يؤمن بطينة خلقة المفضلة على طينة ألآخرين ؟ ويرى في مروان ممن يجب إن لا نلعنهم ؟ هل يعقل رجل كهذا لم يعد يعتقد بأن مذهبة هو المغفور وله الجنة والآخرين إلى الجحيم؟؟ هل سيتوقف المدير عن خلق الكراهية والانقسام .. وتوسيخ المجتمع بأوساخ يصعب التخلص منها إن تعششت في عقول ألأجيال... عزائي مرةٍ أخرى إن ألأوهام، الفكر الضار، كل أشكال ألأيدلوجيات، ما جاء من الإنسان وما هبط من السماء لا تدوم ولن تثبت ألا تلك القيم ألأخلاقية الخيرة التي تكسو الحياة بالرفاهية الشاملة والمساواة والمحبة.....الخلاصة يا مروان أسمك يعني شجر طيب الروائح كما يسمى الحجر الذي يوقد به النار من خلال قدحه وإشعاله.....أنا أعتذر وغيري الكثير يعتذر كما فعل لك بلدك وأصدقائك وزملائك، لقد أقدحت في نفوسهم مواقف سامية ومزية عظيمة نتمنى أن تنبت وتورق أكثر. أما شيطان مدرستكم فقد تهرأت أفكاره حتى لم تعد تغطي فروه رأسه المحتشدة بالقمل بل أحقر من قملة....
#فريد_الحبوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحمد المهنا :ينتقد الاسلام السياسي
-
مظاهرة تحت المطر ورائحة الطين
-
الكتاب الثقافي يتخطى الكتاب الديني
-
وزارة الزيارة
-
مرتزقة التيجان السبعة
-
بصمة البرلمان
-
وكيل الوزير نحترمه أم نحتقره.....؟
-
الزيدي يطيح بالمالكي
-
جمعة صلاة، أم جمعة مظاهرات..؟
-
الفساد.. ريع ألأحزاب الدينية
-
ألقذافي الذي شنق المختار ثانية
-
ماذا قال نيتشة في الديمقراطية..؟
-
ثورة شخوص أم ثورة شعوب
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|