|
آلام التغيير وثقل الستاتيك الفلسطيني
ماجد الشيخ
الحوار المتمدن-العدد: 3328 - 2011 / 4 / 6 - 00:08
المحور:
القضية الفلسطينية
هل فشل مسار التغيير الشبابي الفلسطيني في إحداث اختراق في جدار الانقسام؟ وما الذي يجري التعويل عليه في القادم من الأيام، لإحداث مثل هذا الاختراق، ولاستحداث مسار آخر لإنهاء الاحتلال، والأهم كيف يمكن لمسار الإصلاح الداخلي أن يمضي نحو تأسيس نظام سياسي فلسطيني جديد، تنهض في ظله مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، على أسس أكثر ثباتا وتماسكا، تؤسس لسياسات تنحاز للمشروع الوطني الفلسطيني، ولوطنية فلسطينية لا تخضع للمحيط الإقليمي؛ وسياساته التي هي أبعد ما يكون عن الانحياز لمصالح وتطلعات وطنية عليا، يتوافق عليها الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.
في أجواء التغيير والثورات الشعبية العربية، تحاول القوى الشبابية في الساحة الفلسطينية، أن تأخذ نصيبها من إمكانيات التغيير، لتمضي نحو صنع مستقبل مشرق للشعب ولقضيته الوطنية، خروجا من حال الاستعصاء التي وقفت عندها الحركة الوطنية الفلسطينية، بل تراجعت في ظلّ تلك الحال أهدافها، ليس هذا فحسب؛ بل إن الانقسام السياسي والجغرافي، كان أبرز ثمار حالة التصارع على سلطة القرار، وما إذا كان ممكنا إنجاح مسيرة المفاوضات، أو الفوز في مسار المقاومة، وعلى هاتين الجبهتين توقف "الستاتيك الفلسطيني" منذ العام 2005، وما زال يفضي إلى مآلات لا تُحمد عقباها، لا في إزاء المفاوضات المتوقفة، ولا في ظل تعريض مواطني "إمارة غزة" لردود فعل انتقامية عنيفة من جانب الاحتلال.
لهذا.. وبغض النظر عما هو المطلوب راهنا: إنهاء الانقسام أو إسقاط نظام أوسلو – حسب البعض – أو تغيير النظام السياسي الفلسطيني (تعديله وتطويره) حسب البعض الآخر، فإن المطلوب وبإلحاح الانطلاق من ضرورة العمل على إحلال سياسة إنهاء الاحتلال أولا، مقدمة لتبلور سياسات موازية تنهي حال الانقسام وتحدّ من تأثيرات سيادة عقلية اقتسام النظام السياسي، والعمل جديا على إعادة توحيده، ومن ثمّ الاتجاه نحو توافق عام على سياسات مواجهة الاحتلال، وذلك ببلورة سياسات فلسطينية جديدة، تواكب في انعكاسها طبيعة التحولات الشعبية والثورية الناشئة في الفضاء الإقليمي العربي، وطبيعة التعاطي الدولي مع هذه التحولات، قبل أن يجري قلب ثمارها لمصلحة قوى الهيمنة الإقليمية والدولية (إسرائيل والغرب) بفعل "مقاومة" قوى الثورة المضادة التي لم تزل نشطة، وتعمل على محاولة الانقلاب ضد الثورات الشعبية، وتغيير مساراتها بالعودة بشكل أو آخر إلى ملاذات الأنظمة القديمة.
إن سيادة أيديولوجيا الاقتسام؛ اقتسام النظام السياسي الفلسطيني منذ السنوات الست المنصرمة، هي التي كرّست وتكرّس حتى الآن؛ استمرار وتواصل الاحتلال، بل قيامه ببناء المزيد من مستوطناته على الأرض الفلسطينية، من دون أن يكون هناك نجاعة، ولو محدودة، في التصدي لمزيد من الإيغال بالاحتلال، أو الوصول إلى صيغة مماثلة – أولية – لتسوية سياسية على المسار الفلسطيني، أو حتى "نوايا تسوية" في ظل حكومة يمين متطرف، ليس في أجندات أي من أحزابه الموافقة على دولة فلسطينية مستقلة ضمن حدود الأراضي التي احتلت عام 1967، كما أنه ليس هناك أي نوايا بالموافقة أو العمل على إقامة دولة منزوعة السيادة، على ما ينتوي نتانياهو في خطته التي سوف يعلنها قريبا. وكل ما هنالك أن التسوية التي يسعى إليها اليمين الإسرائيلي؛ إذا اضطر إلى ذلك، لا يتعدى إطارها العام أو التفصيلي حتى، إقامة حكم ذاتي تحت سيادة الاحتلال.
وفي المقابل لم تنجح كافة أساليب "المقاومات" التي استفردت بغزة، في الحفاظ على حياة مواطنيها ومقاوميها، من دون تعريضهم إلى المزيد من الهجمات الإجرامية لقوى الاحتلال الجوية والبرية والبحرية. كل هذا في ظل تواصل النفخ في قرب أيديولوجيا الاقتسام المثقوبة، التي تحولت طوال الزمن الذي استغرقته عملية الشرذمة الاقتسامية منذ منتصف العام 2005 إلى "مقدس" سياسي، أعاد إنتاج وضع إجتماعي فيه من فساد الزبائنية، واصطفافات الفئوية والفصائلية الكثير، وإلى حد بات هناك من ينظّر ويزيّن لـ "جمالية" تلك الأيديولوجيا، فعلى جانبي الانقسام، هناك مصالح ناشئة لم يعد من السهل التخلي عنها، بقدر ما يمكن شن حرب أو التحالف موضوعيا مع العدو من أجلها، بل بات من الصعب العيش إلاّ في ظل سيادتها نمطا وحيدا – بل أحاديا – لشكل وجوهر التفاوض العبثي، كما لشكل وجوهر أساليب "مقاومة" عابثة وعبثية، لم تقدم لقضية المقاومة سوى نقائض مغايرة ونافية لها، كما وللقضية الأم. وهذا ما يضع الوضع الفلسطيني أمام مهمة تفكير وتخطيط ذات طابع إستراتيجي، همها الأساس إخراجه من ثنائية الخيارات المحدودة، إلى رحابة الخيارات المتعددة الأكثر ديناميكية.
ومن المؤسف أن يحمل الانقسام، كما روحية الاقتسام ومحاولات "تحسينه"، كل هذا الوبال على القضية الوطنية والمشروع الوطني، والوطنية الفلسطينية ذاتها، ويكفي ما ألحقته تلك العقلية الأبوية التي حملتها قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية، وما انشق منها من حركة إسلاموية بتحالفاتها المحلية والإقليمية، من هزائم مدوية، لم تكد الحركة الوطنية تخرج منها، إلاّ لتدخل في مثيلات لها، بتداعياتها التي أرست وكرّست هذا "الستاتيك" الفلسطيني، كمقدس اضطر كل طرف للدفاع عنه، كمجال خاص، بل خصوصي، على قاعدة أساس تقول "أن ليس هناك الآن أبدع مما كان" وهذا تحديدا ما يؤدي إلى إجهاض ما يحاول "شباب التغيير الفلسطيني" إبداعه أو ابتداعه كخطوة نحو محاولة إنهاء الانقسام، مقدمة لإنهاء موضوعة الاقتسام الضارة بعملية إنهاء الاحتلال، كما وللإضرار بكل توجه نحو العمل على وحدة الأداة الكفاحية للشعب الفلسطيني. وقد آن لنا ترديد مقولة "كفى لأوهام تحسين الاقتسام"، وكفى لمزاعم "جماليات" الانقسام، وانحيازها لتلك القوى الإقليمية، والمصالح العابثة بأقدار قضية شعب فلسطين.
#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فجر ليبيا وغروب الأوديسة
-
في تعددية ولا معيارية الثورات الديمقراطية
-
ليبيا الحرة دولة مدنية حديثة
-
دولة الحل المرحلي: دويلة منزوعة السيادة
-
روح التغيير وبدء الإنفراج التاريخي
-
محفزات احتضان السياسة.. وصناعتها
-
فات أوان الإصلاح.. هبت رياح التغيير
-
في التغوّل السلطوي اللاغي للتعددية
-
الدمقرطة العربية: إعادة تفكير أم اتجاه نحو ثورات التغيير؟
-
في التحاكم التبادلي تعاقديا
-
أحرار الميادين وعبيد النظام والمال الحرام
-
بين الحقيقة الضائعة والتدليس في وثائق -الجزيرة- وويكيليكس!
-
حين ينهض فينيق حلم التغيير والثورات الشعبية
-
عقل سياسي مغيّب ومجتمعات مأزومة تنفجر
-
تونس ومحنة تغيير قد لا يكتمل
-
سقوط النموذج التونسي.. ماذا بعد؟
-
بداهة الدولة واستثنائية السلطة
-
سلطة الأبد -أمل مرضي- لا شفاء منه
-
الخيارات السبعة وخطة النجوم السبعة!
-
إبرة التسوية التفاوضية وقش -الدولة الواحدة-!
المزيد.....
-
قرية زراعية عمرها 300 سنة.. لِمَ يعود إليها سكانها بعد هجرها
...
-
فيديو حصري من زاوية جديدة يوثق لحظة تصادم الطائرتين في واشنط
...
-
حزب -القوات اللبنانية- يطالب الحكومة بالتوضيح بعد مسيّرة -حز
...
-
قنبلة داعش الموقوتة تهدد بالفوضى في الشرق الأوسط - التلغراف
...
-
أبو عبيدة يعلن أسماء الرهائن الإسرائيليين المتوقع الإفراج عن
...
-
اتفاق الهدنة: إسرائيل وحماس تتبادلان قوائم المقرر إطلاق سراح
...
-
بعد تمرير خطة اللجوء.. هل انكسر -الجدار الناري- عن اليمين ال
...
-
أيقونة معمارية شاهدة على التاريخ.. العزبة القيصرية -إيزمائيل
...
-
بالفيديو والصور.. موجة ثلوج غير مسبوقة تشهدها بعض المدن الجز
...
-
الرئيس الجورجي: دول غربية ضغطت علينا للوقوف ضد روسيا في نزاع
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|