أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ديمة كرادشة - شباب الثورة وحالة الاغتراب















المزيد.....

شباب الثورة وحالة الاغتراب


ديمة كرادشة

الحوار المتمدن-العدد: 3325 - 2011 / 4 / 3 - 21:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ان الحالة التي تشهدها الأوساط السياسية والإجتماعية والثقافية في المنطقة ، والتي تقود زمامها القيادات الشبابية ، انما هي حالة او ظاهرة اجتماعية بحاجة الى البحث والمراجعة والتمعن أكثر في تحليل العديد من النظريات الاجتماعية والسياسية وغيرها من نظريات العلم والمعرفة ، كي نفهم طبيعة ما يجري لما اسماه البعض " تسونامي الوطن العربي " . فلقد لجا البعض من علماء الاجتماع والفلسفة وعلم النفس الى التحليل والفهم لهذه الظاهرة مرتكزين على مبادئهم السابقة والتي ظهرت في وقت كانت تعتبر مجدية وفعالة ،الى ان وصلت الى الحالة التي اثبتت فشلها او بمعنى ادق عجزت عن تفسير ما يحدث في الوقت الحاضر أو التبؤ بما سيكون، ونظراً لكون المجتمعات البشرية عبارة عن سلسلة من العمليات المتطورة والمتغيرة وليس حالة مستقرة قد لاتتواءم والنظريات القديمة في كل زمان ومكان ،كان لابد لذوي الإختصاص واصحاب الفكر من مواكبة هذه التغييرات وايجاد منظومة جديدة من المفاهيم والمبادئ تنبع من تجارب الواقع الحالي وتعطي لهذه الحركات الاجتماعية الحديثة منهجاً وفكراً حديثاُ يبنى عليه مستقبل الجيل القادم ويؤسس رؤية كونية تنير الطريق الذي خطته تضحيات الشباب وثوراتهم . كما ان الأنظمة الحاكمة ليست هي فقط المعنية في تلبية حاجات ومطالب القوى الشعبية بل في المشاركة مع كل فرد واعي وعقلاني يسعى الى بلورة هذه الثورات بفكر حديث ديناميكي يتشاركون به ليقدموا نظرة شاملة غير مجتزئة او مختزلة في اطار شامل يضم الجانب السياسي، الإجتماعي ، الإقتصادي و حتى النفسي . ومن هنا احاول ان اقدم اضاءة بسيطة ليس من باب الاختصاص ولكن من باب الفهم والبحث عن تفسير عسى ان يتكامل مع معاني ومفردات اخرى احدثتها هذه الثورات .

ان حالة الاضطراب والقلق التي يمر بها الفرد ، قد تنشأ من عدة عوامل مجتمعة او منفصلة ولكنها تتقاطع معا في شكل حراك اجتماعي متعدد الاسباب ولكن المطالب واحدة ، والتي تتكون من الحرية والعدالة والمساواة . وهي من وجهة نظر علماء النفس والاجتماع ؛ مطالب مشروعة ونابعة من عدة اسباب واحداها والذي يبحث في الجانب النفسي ، وهو الشعور بحالة من "الاغتراب "، والتي لا تعني الشعور بالغربة لكون الفرد بعيد عن وطنه او اهله في ظرف المكان ، بل لكونه بعيد عن ذاته ، وعن مجتمعه ،وعن وطنه بالمعنى المجازي .إذ عندما يشعر الفرد بأن تعبه وجهده لا يمكّنه من جني ثمارهما وانه ليس هو المالك الحقيقي لثرواته وطاقاته وان الواقع يسحق شخصيته الانسانية ،يؤدي ذلك الى الشعور بأنه كائن ضعيف يعتمد في كيانه على قوة خارجية تسيطر على مدار حياته ،الامر الذي يجعله غريب عن وطنه ومجتمعه بالاضافة الى شعوره بانه غير قادر على تغيير الوضع الاجتماعي الذي يتعاطى معه مما يفقده الهدف الذي يشكل حافزا لإستمرار حياته وهنا يبدأ في الإحساس بحالة من العزلة عن اهداف مجتمعه ، الأمر الذي يشكل تصدعا في علاقته مع النظام الذي يعيش فيه سواء أكان نظام سياسي او اجتماعي او حتى داخل اسرته والتي اصبحت تنال من هذا التعدي الجائر من خلال المساس بلقمة العيش .ومن هنا ننتقل من الخاص الى العام وتصبح القضية قضية مواطن ووطن يعيش فيه وبعلاقة مشروخه قد تؤدي الى حدوث الهزات الاجتماعية كما نشهدها اليوم .

وقد تنبه لهذه الحالة العديد من علماء الفلسفة والاجتماع عبر مسيرة الفكر الانساني ، بدءاً من عهد الاغريق وحتى يومنا هذا . فقد تحدث عنها سقراط و وافلاطون ومن تلاهم من الفلاسفة ، الى ان جاء هيجل وابرز اهمية هذه الحالة (الاغتراب) بصورة محددة الملامح وبين ذلك من خلال علاقة الفرد والدولة بالنسبة للواقع الاجتماعي وأنها ليست حالة فردية. ثم جاء ماركس واكد عليها في نظريته الاقتصادية والاجتماعية والتي حاول ان يفسر ظهورها كإحدى مخلفات النظام الرأسمالي داخل المجتمع الصناعي الطبقي ،الذي يؤدي الى شعور العامل بالاغتراب عن عمله لأنه لا يعطيه الفرصه والامكانيات الكافية لتحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية التي يسعى الى تحقيقها من خلال جهده وتعبه في هذا العمل ، حيث تذهب الارباح والمزايا لأصحاب رأس المال دون عدالة في توزيع الموارد .واتفق اصحاب الفكر الوجودي على أن فكرة الاغتراب هي " انعكاس التصدعات وانهيارات في العلاقة العضوية بين الانسان وتجربته الوجودية ، الذات / الموضوع ، الجزء /الكل ، الفرد/المجتمع، الحاضر /المستقبل " . كما عاد واشار اليها العديد من المفكرين وعلى سبيل المثال لا الحصر أمثال ملفن سيمون الذي استخدمها في شرح بروز ظواهر اجتماعية كالتعصب والوعي الطبقي والصراع بكافة انواعه وهو ما نشهده في هذه الايام . وقد قدم هذا المصطلح الذي يحمل طابع متعدد المعاني من قبل العديد من الباحثين وإن كان يقدم النتيجة ذاتها وهو الشعور بالاغتراب. أما في المجال النفسي فقد بين فرويد ان المريض بالاغتراب انما يعيش حالة من "القلق الاساسي" نتيجة افتقاده للقبول التلقائي والحب والعناية تماما كما هي حالة الفرد في سنوات عمره الاولى ،وعندها يبدأ بالتوجه الى البحث عن قدر اكبر من الحرية والتعبير عن الذات ويكسر بذلك حالة السكون الظاهري التي تتطابق وحالة الشعوب العربية جميعاً، هذه الحالة التي كانت تعيشها هذه الشعوب تجنبا لمواجهة مؤلمة كان يعتقد انه غير قادر عليها نتيجة لضوابط فرضتها الحالة الاستبدادية من قبل انظمة الدول .
لقد جاء هذا الاستعراض المقتضب فقط لبيان الحالة المتمثلة في الصراع بين الفرد وذاته والتي لابد وان تجعل الفرد في حالة من اللاتوازن والقلق والتي تؤدي بدورها الى عدم الاستقرار والفوضى ، والتي تدفعه بالنهاية الى تغيير جذري (ثورة) في كافة الظروف والعوامل المؤدية لذلك الى ان يصل الى الحالة التي يشعر بها بالرضى من وجوده في هذه الحياة ويحصل على مكتسبات تعبه وجهده بعدالة ومساواة . ومن هنا لابد من إعادة النظر في مكونات الحراك الاجتماعي التي تدفعه قدماً الى الامام مجموعة من الظروف المادية وغير المادية وتحافظ على انسانيته ،والتي تعتبر صفة أصيلة لا يمكن إغفالها حتى وإن جارت عليها المطامع والمصالح الفردية ولكن في النهاية يبقى الانسان بطبيعته التواقة الى الحياة بحاجة الى الشعور بالعدالة والمساواة مع بقية افراد جنسه فهو لا يخرج عن اطار كونه كائن اجتماعي بالدرجة الاولى .



#ديمة_كرادشة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقارب المشهد
- الانقلاب الذكوري هل كان مؤامرة من الرجل أم مكيدة من الأنثى. ...
- المرأة والبوصلة
- تعدد الاناوات...نقمة أم نعمة
- رحلة اللاعودة
- الاغتصاب الاخلاقي


المزيد.....




- وسط جدل أنه -استسلام-.. عمدة بلدية كريات شمونة يكشف لـCNN ما ...
- -معاريف- تهاجم نتنياهو وتصفه بالبارع في -خلق الأوهام-
- الخارجية الإيرانية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
- بعد طردها دبلوماسيا في السفارة البريطانية.. موسكو تحذر لندن ...
- مراسلنا: مقتل 8 فلسطينيين بينهم أطفال في قصف إسرائيلي استهدف ...
- مع تفعيل -وقف إطلاق النار.. -الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا عا ...
- هواوي تزيح الستار عن هاتفها المتطور القابل للطي
- -الإندبندنت-: سجون بريطانيا تكتظ بالسجناء والقوارض والبق وال ...
- ترامب يوقع مذكرة تفاهم مع البيت الأبيض لبدء عملية انتقال الس ...
- بعد سريان الهدنة.. الجيش الإسرائيلي يحذر نازحين من العودة إل ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ديمة كرادشة - شباب الثورة وحالة الاغتراب