جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3325 - 2011 / 4 / 3 - 18:50
المحور:
حقوق الانسان
أيتها البتول..أو (الوفاء).
كأنني اليوم قد ولدتُ معك أو كأنني اليوم قد سقطتُ من السماء إلى الأرض أو كأنني أشعر بروحي حين تتوقف الأرواحُ عن السُمو أنها تسمو بي من الأرض إلى السماء ومن أسفل السافلين إلى عليين حيث يرقد أصحابي وأصدقائي أبي الذي في السموات وابنه المسيح الذي خلصني وافتداني بدمه , على غير عادتنا, فأنا من بيئة إسلامية فنحن من يفتدي إلهنا بدمه وكل أقرباء الإله فللإله في مجتمعاتنا أقارب ونحن من يفتدي شيخ العشيرة والقبيلة بدمه ونحن من يفتدي رئيسه وسيده بدمه ويموت مليون مسلم متخلف في حفلات موت جماعية من أجل أن يعيش شرطي عاهر ونحن نموت بالمئات من أجل أن ينال ضابط أمني ترقية استثنائية ونحن نموت بالعشرات من أجل أن لا ينقطع الدم عن مصاص دماء واحد, ويموت ألف مسلم متخلف في الأردن من أجل أن يعيش قواد واحد من قواويد عمان أو اربد أو الزرقاء, ويسجن ويعذب ألف مثقف أردني من أجل أن يعيش بربري واحد من برابرة عمان أو المفرق أو معان, ويموتُ ألف حَمَلْ وديع من أجل أن يعيش ذئب واحد من ذئاب إربد أو الزرقاء, أما أنت يا بتول فإن الذي جئت به قد مات من أجل أن يعيش الملايين ..ومن أجل أن يصحو النائمون ومن أجل أن يلقى طريقهم الضائعون ومن أجل أن يعود إلى ديارهم التائهون ومن أجل أن يلقى المحرومون من الحب أحبابهم,. لقد مات لأنه أراد أن يفتدينا بدمه القاني وكانت شفتاه الجريئتان تنطقان بالحق الحق الذي يقوله لكم.. اليوم يا (بتول )أنت جئتِ إلى هذا العالم من جديد ولم تختاري بيديك الطريتين وجه أباك الذي في الأرض من بين آلاف الوجوه, لقد كانت أمامك عِدة وجوه بلون العفاريت والوحوش وبلون الحياة الكريمة وكانت أمامك وجوه بلون الورد وهذه مصيبتك وهي أنك اخترت وجوها أو وجها بلون القمر وطعمه بطعم الهواء الفرنسي ورذاذ الماء البريطاني والنبيذ الفاتيكاني المعتق, ذلك هو القدر الذي لا مفر منه أنت اخترت وجها جميلا يكرهونه في صالات عمان الانتقامية وفي صالونات عمان الإجرامية إنه الوجه الذي تستطيعي أن تكشطي عنه بقايا الزعتر والدحنون وذلك الوجه الذي تستطيعي أن تجلسي تحته وأنت تلملمين أوراق الخريف المتساقطة من فروة رأسه, ذلك الوجه الذي تصعدُ روحه كل يوم إلى السماء شاكية وباكية تصرخ إلى أباها يا أبانا الذي في السموات لقد كذبوا علينا وعليك يا أبانا الذي في السموات نحن نفتديهم بدمائنا الطاهرة ونجوع من أجل أن تنتفخ الكروش في المدن الأردنية ,هكذا اختارت الآلهة,وهكذا شاءت الأقدار وهذه إرادتها في أن يكون مجيئك بخاطرها, ولم تطلبي من الآلهة أن يكون أباك (جهاد العلاونه) ذلك الرجل الذي حين تكبرين ستقرئين في باطن كفيه قصة الزمان والمكان التي هناك قتلوه وهنالك صلبوه وعلى تلك الرموش أحرقوه وعذبوه وعلى ذلك المُذنب حملوه إلى أبعد مكان, أنت منذ اليوم ستعرفين أباك ذاك الرجل الذي ساقوه وهو مكبلٌ بالقيود وذاك الرجل الذي لا يستطيع أن يدخل لسانه إلى حلقه ويسكت ولو لمجرد ساعة منن الزمن , وذلك الرجل أنا الذي لا يكف مخه وعقله عن الدوران وعن التفكير وذلك الرجل الثرثار الذي ترك السجائر ولم يستطع أن يترك عادة الكتابة وأنا هو الذي لا يستطيع أن يقفل فمه ولو ليوم واحد أو ساعة واحدة, أنا هو يا (بتول-وفاء) نعم, أنا هو أباكي الذي مسخته الحكومات الفاسدة فأرا قروياً, فتكادي أن ترينني أو ترين وجهي ورأسي كالفأر الخارج من مِطحنة الطحين حين يكون وجهي ملونا بالرمال البيضاء وبمادة الإسمنت الحارقة, ذلك الرجل الذي دمرته الليالي وعصفت به أحلام الطفولة وذلك الرجل الذي تُشوه بسمعته الحكومات الأردنية , إنه أنا, ذلك المواطن التعيس الذي عليه أن يحرث ويدرس لمضر بدران مرة ولبطرس مرات ومرات, وللفايز علينا في كل الجولات مرة وللكباريتي عليه السلام مرة وللبخيت رضي الله عنه مرة وللذهبي رضي الله عنه وأرضاه 100مرة ومرة , ولعبد الرؤوف عليه تحية أهل الجنة وأفضل الصلاة وأتم التسليم على أبو الراغب العظيم , أباكي؟ ستعرفين عنه بأنه كان ذلك الإنسان المجتهد جدا في وطن النسانيس الكسالى الذي كان يعمل في الأسبوع الواحد ما يقرب من 12 يوما وهذا ما لم يحصل في العالم على الإطلاق حتى جاءني يوم لا أستطيع فيه العمل كما كنت قبل عشرين سنة أو حتى كما كنتُ قبل خمس سنين , ذلك الرجل الذي أخذوه كما كانوا وما زالوا يأخذون النساء لحما طريا ويرموهن عظما يابسا ومُخثراً للشركات الصينية والفلبينية وللمرتزقة يمتصون دمه أحيانا وأحيانا يمتصون عضلاته أو كبرياءه أو يأخذون من كرامته الوطنية ليزدادوا هم كرامة, إنه يا بتول ذلك الرجل غير المحظوظ في بلدٍ يعيش فيها الناس على الحظ وعلى البخت وليس على الكفاءة أو الكرامة, فكل شيء في وطننا الأردن صدفة وحظ وبخت ومن له حظ أو بخت أو صدفة جميلة فحتما يستطيع أن يعيش على حظه وبخته ونحن البلد الوحيد في العالم الذي يقاس النجاحُ به بعدد الحرامية وليس بعدد المبدعين وكل رئيس مافيا (عصابة) يقيسون نجاحه بما لديه من زعران ومن كذابين ومن دجالين ومن نصابين ونحن البلد الوحيد في العالم الذي يسرق من المواطن الطفران ليعطي المواطن الغني والذي يسرق من اللي ما معهوش ليعطي المواطن اللي معه الكثير الكثير, وأنا يا بتول تلعنني السماء حين أرفض أحيانا أن أمد رقبتي ليدوسها سيدي بحذائه الأمريكي الصنع وذلك لكي يتمكن من الصعود إلى عربته المصفحة ضد الرصاص وضد الحقوق المدنية وحين أوافق على مد رقبتي وانحناء ظهري يصعد هو للأعلى ويصفق له الناس ويبجلونه ويدعونه بالرجل الأمير ويدعونه بالإنسان وبالبطل المُخلص وأنا لا أحد يقول عني أي كلمة أو أي شيء رغم أنني أنا من جعله يصعد أو من جعل الناس تصفق له, ويبقى هو سيدا للجميع وأبقى أنا ذلك الرجل سيء البخت والحظ والصدفة, ستعرفين يا بتول (وفاء) بأن أباك كان سيده رجلا محظوظا وصاحب بخت ليس كبخت أبيك من قبل كل الآلهة فالآلهة جعلت حظه قويا وبخته قويا ويا سبحان الرب كيف تلهمه الآلهة كل هذا الإلهام الرباني في قتلنا من أجل أن يعيش هو فآلهة الحظ تقف له في الطريق حين تمر البلد في أزمة اقتصادية تنادينا آلهة الحظ من أجل أن نقف معه ومن أجل أن نتحمل ارتفاع المشتقات النفطية من كازٍ وغازٍ وأجرة مواصلات رغم أنه إنسان عادي جدا يأكل مما نأكل ويلبس مما نلبس, أما إذا كان لا يأكل مما نأكل ولا يلبسُ مما نلبس فأعتقد بأن في المسألة وجهات نظر متعددة عند ذلك سيصبح صراخي ظلما وتبجحا وغيرة وحسدا وعدوانا وتحديا للآلهة, فهكذا مكتوب علينا يا بتول أن نحزن من أجل أن يفرح ومكتوب علينا جميعا أن نبكي بالصوت العالي من أجل أن يضحك هو بالصوت العالي,ولستُ أدري كيف تلهمه الآلهة كل هذا الإلهام فمن أين يعرف بأننا إذا صرخنا من شدة الألم سيصرخ هو من كثرة الإحساس بالسعادة!! ومنذ أن جئنا إلى هذه الحياة ونحن نعيش من أجله ونموت بالملايين من أجل أن يبقى هو ومن أجل أن يزداد ثراءه ثراء ومن أجل أن تزداد قوته قوة ومن أجل أن يمتد بطشه أكثر ومن أجل توسيع مناطق نفوذه, فيوم كادت خزينة الدولة أن تفلس نادانا جميعا وطلب منا أن نقف معه وأن نتحمل ارتفاع الأسعار وكان لسانه الذي يجعله ينطق بتعذيبنا بعد خروجه من الأزمة يرجونا أن نقف إلى جانبه كأسنان المشط وكان قوامه يهتز وهو يخاطبنا وكانت عيونه ترقص بل وتتقلب من شدة الرعب الذي هو فيه وحين خلصناه من الرعب ومن الخوف الذي يسكنه ادعى علينا جميعا وأباك أول رجل بأننا أعداء للوطن وبأننا غرباء عن الوطن وبأننا لسنا أردنيين بل عبيد نعيش فقط من أجل الأسياد فتبا للقدر الذي قادني إليه وتبا للقدر الذي جعلك ابنة رجل يعيش هو وقومه من أجل أن تأكل كلابه وذئابه.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟