أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رباح حسن الزيدان - مفهوم المجتمع المدني















المزيد.....

مفهوم المجتمع المدني


رباح حسن الزيدان

الحوار المتمدن-العدد: 3325 - 2011 / 4 / 3 - 06:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بداية، يتعين الاشارة الى أنه ليس هناك مفهوم ثابت وجامد وناجز وقابل للاستخدام في كل زمان ومكان، حتى تلك المفاهيم التي تبدو لنا كذلك. فالمفهوم مرتبط بتاريخ نشأته، أي بالمشكلات التي كانت مطروحة في وقت نشوئه، كما هو مرتبط بالاشكاليات النظرية التي رافقت هذه المشكلات أي بنوعية المناظرة الفكرية التي دارت حول المشاكل المطروحة والطريقة التي حاول بها المثقفون مواجهها. فهو بالضرورة ابن بيئة تاريخية اجتماعية محددة وهو ابن فكر محدد أيضا. ثم إن المفاهيم لا تولد في النظرية فقط وعبر التفكير أي لا يستل واحدها من الآخر بصورة منطقية ورياضية، ولكن ظهورها وتطورها يرتبطان بالصراع الاجتماعي، أي بنوع من الاستخدام الاستراتيجي. ويبدو أنه ليس هناك من مفهوم تنطبق عليه هذه العوامل الثلاث التي تجعل منه مفهوما ديناميكيا جدا ومتحولا وملتبسا في الوقت نفسه أكثر من مفهوم المجتمع المدني.
يتعين علينا، إذن، ونحن نسعى لضبط اشكالياتنا، أن نقوم نضبط المفهوم أولاً. وينطرح هنا سؤال : ماهو المجتمع المدني ؟
في البدء يمكن القول أننا حيث نتحدث عن " المجتمع المدني " يتبادر الى الذهن ذلك المجتمع غير الخاضع للمؤسسة الدينية، أي مجتمع علماني، ومن جهة ثانية مجتمع غير خاضع للسلطة العسكرية (المجتمع العسكري)، وثالثا مجتمع مستقل عن المؤسسة السياسية وعن أجهزة الدولة الدائمة.
ونستطيع، إذن، أن نستنتج من الاطروحة اعلاه، وهي اطروحة خام، لا يمكن الارتكان اليها كتعريف جامع، بأن عبارة " المجتمع المدني " تعني ذلك المجتمع الذي ينشأ كيانه الذاتي ويحافظ على قوانينه ويصوغ مبادئ تنظيمه واشتغاله، ويقيم قانونه أو عقده الاجتماعي الخاص به والمميز له. إن هذا التصور، المتطابق مع مواقف طليعي القرن الثامن عشر، يتفق وأفكار معينة من قبيل التحضر والاحترام وكذا فكرة القانون المدني. وبحسب هذا الافق المعرفي فإن المجتمع المدني هو عبارة عن مجتمع يتألف من مواطنين أحرار، يستطيعون وقادرين على العيش سوية وبشكل مشترك، بحسب القواعد التي اختطوها، والتي أصبحت عادات لا يمكن تجاوزها.
ينبه التداول الواسع لمفهوم المجتمع المدني في الخطاب المعاصر، وخصوصا في الخطاب الثقافي العربي، الى ضرورة العمل على المستوى المفاهيمي لتأصيل المفهوم عبر«اعادة صياغة المفهوم وتحديد مدلولاته النظرية والعملية، مما يستدعي رصد مكوناته المعرفية، والعودة الى الفضاء الزماني الذي شهد ولادته، ورسم الملامح العامة للتطورات والتمايزات التي طرأت عليه في سياق صعود اوروبا البرجوازية الصناعية باقتصادها وفلسفتها والحركات والثورات الاجتماعية التي ساهمت في تكريس قطعية متعددة الوجوه مع عالم العصور الوسطى..... التقاط الجوهري والدال في مسيرة تمتد ثلاثة قرون.... حيث تكون المفهوم في اطار الفلسفة الليبرالية ومفرداتها: الميثاق او العقد الاجتماعي، مقابل نظرية الحق الالهي للملوك ـ التعددية السياسية مقابل الحكم المطلق ـ الحريات العامة في الحياة والملكية والعمل والرأي والمعتقد، مقابل حرية الأقلية الارستقراطية.... حق المواطنة تجاوزاً للانتماء الضيق: ديني، مذهبي، اثني، عرقي السيادة للشعب فصل السلطات.. الخ» .
قبل التعرف على مفهوم المجتمع المدني في اطار تاريخيته والتحولات التي شهدها فلسفيا وسياسيا كما تجلى وتم تداوله في الخطاب المعاصر، لابد من الانطلاق من تعريف اجرائي يهدف الى توضيح وضبط الاسس التي يقوم عليها، خصوصا وإن شيوع استخدامه قد زاد تشوشه واضطرابه وحجب ضرورات التفكير في تأصيله النظري، وغيّب الى حد كبير امكانية تناوله النقدي.
وهناك من يعرّف المجتمع المدني على نحو اجرائي بأنه جملة " المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعمل في ميادينها المختلفة في استقلال نسبي عن سلطة الدولة لأغرض متعددة منها :
أغراض سياسية كالمشاركة في صنع القرار على المستوى الوطني، ومثال ذلك الاحزاب السياسية، ومنها غايات نقابية كالدفاع عن المصالح الاقتصادية لأعضاء النقابة، والارتفاع بمستوى المهنة والتعبير عن مصالح اعضائها، ومنها اغراض ثقافية كما في اتحادات الكتاب والمثقفين والجمعيات الثقافية التي تهدف الى نشر الوعي وفقا لاتجاهات اعضاء كل جمعية، ومنها اغراض اجتماعية للاسهام في العمل الاجتماعي لتحقيق التنمية. وبالتالي، يمكن القول إن العناصر البارزة لمؤسسات المجتمع المدني هي : الاحزاب السياسية، النقابات العمالية، الاتحادات المهنية، الجمعيات الثقافية والاجتماعية " .
وإذا حللنا التعريف السابق الى مكوناته أمكننا أن نستنتج بأن جوهر المجتمع المدني، بحسب وجهة النظر هذه، ينطوي على أربعة عناصر رئيسية :
- العنصر الاول يتمثل بفكرة " الطوعية "، أو على الاصح المشاركة الطوعية التي تميز تكوينات وبنى المجتمع المدني عن باقي التكوينات الاجتماعية المفروضة أو المتوارثة تحت أي اعتبار؛
- أما العنصر الثاني فيشير الى فكرة " المؤسسية " التي تطال مجمل الحياة الحضارية تقريبا، والتي تشمل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولعل ما يميز مجتمعاتنا الحضور الطاغي للمؤسسات، وغياب المؤسساتية بوصفها علاقات تعاقدية حرة في ظل القانون؛
- في حين يتعلق العنصر الثالث بـ " الغاية " و " الدور " الذي تقوم به هذه التنظيمات، والاهمية الكبرى لاستقلالها عن السلطة وهيمنة الدولة، من حيث هي تنظيمات اجتماعية تعمل في سياق وروابط تشير الى علاقات التضامن والتماسك أو الصراع والتنافس الاجتماعيين؛
- وأخر هذه العناصر يكمن في ضرورة النظر الى مفهوم المجتمع المدني باعتباره جزأً من منظومة مفاهيمية أوسع تشتمل على مفاهيم مثل " الفردية، المواطنة، حقوق الانسان، المشاركة السياسية، الشرعية الدستورية .... الخ .
أما عبد الغفار شكر فيعرف المجتمع المدني بأنه " مجموعة التنظيمات التطوعية المستقلة عن الدولة .......، أي بين مؤسسات القرابة (الاسرة والقبيلة والعشيرة) ومؤسسات الدولة التي لا مجال للاختبار في عضويتها، هذه التنظيمات التطوعية تنشأ لتحقيق مصالح اعضائها كالجمعيات الاهلية والحركات الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية، كما تنشأ لتقديم مساعدات أو خدمات إجتماعية للمواطنيين أو لممارسة أنشطة إنسانية متنوعة، وهي تلتزم في وجودها ونشاطها بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والمشاركة والادارة السلمية للتنوع والاختلاف "
اما دور المجتمع المدني ووظائفه يستنتج من التعريف السابق أن جوهر دور المجتمع المدني هو تنظيم وتفعيل مشاركة الناس في تقرير مصائرهم، ومواجهة السياسات التي تؤثر في معيشتهم وتزيد من افقارهم، وما تقوم به من دور في نشر ثقافة خلق المبادرة الذاتية، ثقافة بناء المؤسسات، والتأكيد على إرادة المواطنين في الفعل التاريخي، وجذبهم الى ساحة الفعل التاريخي، والمساهمة الفعالة في تحقيق التحولات الكبرى حتى لا تترك حكرا على النخب الحاكمة.
وارتباطا بهذا الدور يبلور الباحث خمس وظائف تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني هي :
1. وظيفة تجميع المصالح،
2. وظيفة حسم وحل الصراعات،
3. زيادة الثروة وتحسين الاوضاع،
4. افراز القيادات الجديدة،
5. إشاعة ثقافة ديمقراطية.
أما مكونات المجتمع المدني بالنسبة للسيد شكر فهي أي كيان مجتمعي منظم يقوم على العضوية المنتظمة التطوعية في قطاعات عامة أو مهنية أو اجتماعية ولا تستند فيه العضوية على عوامل الوراثة وروابط الدم والولاءات الاولية مثل الاسرة أو العشيرة والطائفية والقبيلة، وبالتالي فإن أهم مكونات المجتمع المدني، حسب هذا الكاتب، هي :
النقابات المهنية، النقابات العمالية، الحركات الاجتماعية، الجمعيات التعاونية الزراعية والحرفية والاستهلاكية والاسكانية، الجمعيات الاهلية، نوادي هيئات التدريس بالجامعات، النوادي الرياضية والاجتماعية ومراكز الشباب والاتحادات الطلابية، الغرف التجارية والصناعية وجماعات رجال الاعمال، المنظمات غير الحكومية المسجلة كشركات مدينة مثل مركز حقوق الانسان والمنظمات الدفاعية الاخرى للمرأة والبيئة .... الخ، الصحافة المستقلة وأجهزة الاعلام والنشر غير الحكومية، مراكز الابحاث والدراسات والجمعيات الثقافية.
في ضوء ما سبق يمكن تصور النموذج الاساسي لمجتمع مدني متطور كالتالي :
1. إن المجتمع المدني يضم مجموعة مؤسسات (وليس مجرد منظمات) تستطيع أن تلعب دور الفاعل في عملية التغيير الاجتماعي والسياسي والثقافي، وكلما تطور دورها في عملية التغيير، وكلما اتسمت بمرونة اكبر في استجابتها للبنية الاجتماعية.
2. إن المجتمع المدني المتطور القائم على فعل الطوعية والمبادرة والنزوع للعمل الطوعي – في إطار مشاركة منظمة – هو ركن أساسي في ثقافة بناء المؤسسات.
3. إن مؤسسات مجتمع مدني متطور تعني أن يتوافر لها وعي ورؤية، أو ما يمكن أن نطلق عليه موقف نقدي فهي تمتلك تصورا واضحا لخريطة المجتمع ومصادر القوة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومصادر الضعف، وهي مؤسسات لديها تصور واضح للتغيير الاجتماعي، وتتبنى مواقف الدفاع والمناصرة لمساندة فئات أو قطاعات أو جماعات، سواء على مستوى الحقوق المدنية أو الحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
4. انها مؤسسات لا تتبنى فقط ما يعرف " بالدور الالحاقي " أي معالجة المشكلات بعد حدوثها وإنما تتجاوزه الى " دور توازني "يسعى الى تحقيق توازن المجتمع والاسهام في عملية التحول الاجتماعي.
5. أن يأخذ بالنظرة الكلية، بمعنى أن مشكلات المجتمع المحلي والمشكلات الوطنية تقع في كل مترابط مع المشكلات الاقليمية والدولية، ومؤسسات المجتمع المدني لها دور في كل من هذه المستويات.
تسمح التعاريف السابقة بالتأكيد على أن هناك ثلاثة مصطلحات تشكل اركان مثلث فكري لا يمكن فصلها عن بعضها عن بعض لأي مجتمع ينشد التطور الحضاري في زماننا وهي : المجتمع المدني وحقوق الإنسان والديمقراطية.
فالمجتمع المدني هو مجتمع المؤسسات الاهلية المرادفة للمؤسسات الرسمية، وتشمل الميادين السياسية والمهنية والثقافية والاجتماعية.
وحقوق الانسان هي : الحقوق الاساسية للانسان في التمتع بالعيش الكريم وضمان حريته وصيانة كرامته وتوفر العدالة في حصوله على حقوقه، وإن توفر هذه الحقوق من سمات المجتمعات المحضرة.
أما الديمقراطية فهي : المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، وقبول التعددية.



#رباح_حسن_الزيدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية في الدساتير الفرنسية
- هل تغيرت العلاقة بين الدين والدولة في فرنسا ؟
- إشكاليات قانون العلمانية في فرنسا
- إدارة العلمانية في ألمانيا
- الولايات المتحدة : العلمانية والدين بين المجتمع و الدولة
- الثورة اليسارية في الاسلام
- المفاهيم المبهمة للعلمانية
- الجابري والاعراب نظرة ورأي
- موت النزعة الانسانية في العالم الاسلامي
- ابن خلدون ومكيافيلي في عيون الوردي
- من اسباب الخلاف بين الدين والسياسة
- أول أنتصار للدولة على الدين في الاسلام
- المعتزلة وتبني منهج العقل
- شر البلية ما يضحك
- تاريخ الالحاد
- يا حوم اتبع لو جرينا *
- خوارق اللاشعور
- عصر التنوير : ظهور مفهوم جديد للدين
- الأنا العربي والأخر الأوروبي
- الاخر في الثقافة العربية الاسلامية (في صدر الاسلام)


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رباح حسن الزيدان - مفهوم المجتمع المدني