|
أستقرار العراق كفيل بأستقلال ارادته السياسية
فاضل بطرس رمو
الحوار المتمدن-العدد: 3325 - 2011 / 4 / 3 - 02:31
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
أستقرار العراق كفيل بأستقلال ارادته السياسية
يسعى العراق ومن خلال التصريحات التي تتداولها وسائل الاعلام الرسمية او تلك التابعة لاحزاب السلطة الى أستكمال سيادته واستقلاله ، وانهاء حالة الاحتلال التي ظهرت كواقع حال بعد اسقاط النظام السابق على يد اميركا في عام 2003 ، حيث الى الان هنالك قرار دولي يشرعن ما يسمى بالاحتلال على الرغم من تضاءل وجوده كأمر واقع خصوصا بعد توقيع المعاهدة الخاصة ببقاء القوات الاميركية على الاراضي العراقية ، هذه المعاهدة التي تم توقيعها مابين الحكومة العراقية وبين حكومة الولايات المتحدة والتي نصت على انهاء الوجود العسكري لاميركا وصولا لزوال الاحتلال رسميا، فأستقلال البلد وسيادته على اراضيه هي امر ملزم لاي دولة ترغب بان تنال احترام المحيط والعالم لها وهو امر ملزم ايضا كي يتم ضمان الاستقرار الداخلي والذي يضمن هو الاخر تطورا في كافة الميادين المتعلقة بالامور الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الداخلية وتوجهها نحو تحقيق طموحات المواطنين، والتي هي الاخرى امر بات ضروريا في هذه الفترات ونحن نرى انتفاضات جماهيرية وخروج الى الشارع من قبل قطاعات شعبية في عدة بلدان من محيطنا العربي و الاقليمي ، ولكن يظهر سؤال ملح وهو :هل ستكتمل سيادة العراق واستقلاله فقط بخروج القوات الاميركية من اراضيه ؟ وهذا يقودنا الى سؤال آخر : هل ما يتحكم بقرارات الساسة في العراق ومواقفهم حيال المتغيرات ان كانت داخلية او خارجية هو فقط وجود القوات الاميركية ؟ لا بل : هل ان التدخل الاجنبي في القرارات والمواقف الوطنية لساستنا واحزاب السلطة هي محصورة بوجود قوات اجنبية ؟ سأحاول في هذا المقال ان اسلط الضوء على هذا الموضوع من خلال الاجابة على هذه التساؤلات كما يعلم الجميع فقد خضع الشعب العراقي الى عقود طويلة لظروف مشوشة وغير واضحة مما ادى الى عدم تبلور هوية وطنية ذات اطار واضح وواقعي ، لذلك فبعد التحول الكبير الذي حصل بتدخل قوات اجنبية تمثل اميركا بكل ما تحمله من معان ، فمن الطبيعي ان يمر العراق شعبا وقوى سياسية بمنعطف ليس من المستتطاع تغيير الواقع جذريا بحيث نرى مواقف مبنية على اسس وطنية بحته يلتف حولها الشعب ونخبه السياسية ، فالظروف التي يعيشها الشعب العراقي ليست بالمتوازنة كي يتصرف بتوجه واحد وميول واحدة ، حيث وبسبب ما تقدم ظهرت ميولات مختلفة وقد تكون متقاطعة لدى ابناء الشعب العراقي تؤثر سلبا على السلم الاهلي وعلى العلاقات الاجتماعية وكذلك على عموم الاوضاع الحياتية الاخرى ، طبعا هذه الاحوال نستطيع ان نحللها ونحدد اسبابابها بكل سهولة كونها ليست حالة انفرد بها شعبنا العراقي فقط بل ان هذه الظروف مرت بها شعوب كثيرة في تأريخها وقد تجاوزتها وانتقلت نحو احوال افضل ، فلا شك من ان سياسة الحقبة المنصرمة والتي أمتدت لاربعين عام منذ انقلاب شباط 1963 والى اسقاط النظام السابق عام 2003 كان لها الدور الكبير في خلق انتماءات ثانوية وإعطاءها حجم كبير، واثارة النعرات ما بين فئات الشعب التي التفت كل فئة حول انتماءاتها الثانوية، وذلك لكون القوى التي استلمت الحكم في تلك الفترة لم تكن قوى شعبية وانما فئات صغيرة تسلقت بخبث وحيلة وبالتعاون مع المحيط العربي الغادر وبأسناد من قوى استعمارية، فاثارت النعرات واللعب على الانتماءات الثانوية الفئوية واستنهاض أحداث من الماضي وظفت من أجل غاياتهم الخبيثة وكانت تصب في مصلحة هذه الزمر التي استولت على الحكم في هذه الفترة كي تخلق لهم قاعدة جماهيرية يستندون عليها . من المعلوم والمسلم به أن العراق يتبوأ مكانة كبيرة من نواحي عديدة منها الجغرافية والاقتصادية والسياسية وهذا يعطيه اهمية متميزة في المنطقة ، لذلك فمن الطبيعي جدا ان يقع في صراعات ونزاعات إقليمية ، حيث ان حرب الثمان اعوام مع ايران ليست الا تفسيرا لهذا الامر، وبسبب مكانة العراق هذه ظهرت حالة التداخلات ومحاولات بسط النفوذ من قبل الدول الاقليمية والدولية من اجل استغلال موقع العراق واهميته لمصالح تلك الدول كي تستفاد منه في صراعاتها ونزاعاتها التي قد تكون ذات ابعاد تأريخية ايضا اوتلك التي تستجد نتيجة للتغيرات في السياسة الإقليمية ، فرغبة واطماع الجهات الاقليمية والدولية ومع ما موجود من ظروف داخلية متأخرة من ناحية الوعي الجماهيري نتيجة للاعوام السابقة وتاثيراتها السلبية على فكر ووعي الشعب العراقي ، وتشترك معها ظهور جهات سياسية داخلية ذات توجهات انتهازية غير وطنية ، فكل هذه العوامل تصب باتجاه واحد الا وهو عدم استقرار البلد واتمام سيادته كي يتوجه الجميع نحو البناء والتقدم ، فالان وبعد مرور ثمان سنوات على سقوط وانهيار النظام السابق الذي مثل اسوء نقطة من تلك الحقبة المشار اليها ، نجد ان الامور لم تجري باتجاه أفضل ولم تتغير مجمل الاوضاع الى نحو يتأمله الشعب فالمعاناة والحرمان الذي كان الصفة المميزة للشعب لم يتغير، بحيث نجد الان حركات مطلبية واحتجاجات كثيرة من قبل الناس تنزل الى الشارع وتطالب بتحسين الاوضاع المعاشية والسياسية المتردية ، على الرغم من أن الشعب نفسه ساهم نوعا ما في عدم تغير الاوضاع نحو الافضل وشارك من حيث لا يدري الى وصول الاحوال الى هذا الحال الذين نحن عليه الان ، فقد رافقت عملية اسقاط النظام السابق تطبيق ممارسات تحسب على الديمقراطية وبمشاركة الشعب أي ان الوضعية الحالية عمليا تأسست نتيجة اختيار الشعب ، ولكن هل كانت رغبة الشعب الحقيقية هي الوصول الى هذه النتيجة ؟ بالتأكيد لا والسبب حقيقة هو لعدم وضوح الرؤية لدى قطاعات واسعة من الشعب جعلته لقمة سهلة بيد زمرة من السياسيين الذين كان بعضهم معارضا للنظام السابق بحيث كسبوا بذلك قناعة الشعب بهم ،مما أدى بالنتيجة الى أن استثمروا التغيير كي يتبؤوا المراكز الاولى من السلطة الجديدة ، بالاضافة الى مجموعة أخرى ظهرت بعد السقوط لم تكن من منظومة المعارضة السابقة اشتركت معهم في السلطة من حيث المساهمة في العمل السياسي المشترك تحت عناوين المعارضة نفسها او عناوين جديدة ،قد تتصارع في بعض الاحيان هاتان المجموعتان فيما بينهم على نيل المناصب الرئيسية في هذه السلطة او يتقاسمونها بالتراضي . عموما فالحالة الجديدة التي يمر بها البلد هي مفهومة ضمن المفاهيم العلمية للتأريخ وحتميته فالعلل التي بيناها لابد لها ان تقود الى نتائج كهذه التي نعيشها اليوم ، وجميع هذه النتائج تندرج في كونها ذات علة رئيسية واحدة وهي عدم وضوح الاطار العام للهوية الوطنية وبالتالي فقدان الاساس الرئيسي الذي يحتاجه الشعب كي يلتف حوله مؤسسا لدولة ذات سيادة واستقلال تضمن استقرار الاوضاع وتطور الاحوال وتقدمها بما يخدم مصلحة المواطن ، فعدم وجود هذا الامر وتشتت الانتماءات اتاح المجال للانتهازيين من التسلق للسلطة والاستفادة منها كي يقووا مراكزهم فقط مستثمرين تشتت الشعب ، فليس من الغريب ان نجد هؤلاء الانتهازيين يشجعوا بقاء الاوضاع على ما هي عليه من خلال تشجيع وتقوية الانتماءات الثانوية بالضبط كما كان النظام السابق يعمل ، كي تستمر اوضاعهم في السلطة على ما هي عليه الان متقاسمين ثروات الشعب فيما بينهم ، كما هذا الامر يقع في صالح القوى الاقليمية والدولية المتصارعة في ابقاء العراق ضعيفا مشتتا يسهل استغلاله كل حسب حاجته منه ، فحصر مسألة استقلال البلد بموضوع القوات الاميركية هي تسخيف لهدف الاستقلال والسيادة ، فنحن نرى كيف ان البلد بات يتقلب يمينا وشمالا وفق ميولات وتوجهات الدول الاقليمية والدولية بينما يسير باتجاه جلاء القوات الاجنبية وانهاء الاحتلال .
#فاضل_بطرس_رمو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النوايا السلبية تجاه أقليم كوردستان ... مجددا ... لماذا ؟
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|