|
دمُنا الرخيص
ناجي محمد الهتّاش
الحوار المتمدن-العدد: 3325 - 2011 / 4 / 3 - 02:29
المحور:
حقوق الانسان
دمُنا الرخيص
لماذا دمنا رخيص إلى هذا الحد نحن العرب؟ سؤال أريد طرحه، ولعلي استطيع الإجابة عليه، وأريد من يساعدني في ذلك. أ لأننا عرب يستباح دمنا؟ أم لأننا طلاب حق أضعناه في غفلة من الزمن ونريد استرجاعه؟. أم لأن الأعداء استخف بنا لضعفنا ووهننا؟. أم لأننا حملة رسالة خالدة، يحسدنا الحاقدون؟، ولا يريدوننا استكمال حملها. أم لأننا نملك ما لا نستحق من ثروات حبانا بها الله؟. أم لأننا من ذوي البشرة السمراء؟، فإننا إذا إرهابيون يحل هدر دمنا. أم لأننا شعب لا يستحق الحياة كباقي شعوب المعمورة؟، استهوتنا حياة الخنوع فلم نعط الحياة قدرها كما ينبغي، بفعل أنظمتنا السياسية. أم أن جميع هذه الأسباب تجمعت علينا فاسترخصت دمنا فأُهِدرَ على ارض الوطن في جبهات القتال، والمدارس، والأسواق والمزارع والحقول، وفي بيوتنا. لا ينكر أحد علينا نحن العرب بأننا تشرفنا من بين الأمم لحمل لواء رسالة الله الختامية الإسلام، من خلال النبي العربي صلى الله عليه وآله ( وليس في هذا عصبية) وبذلك فنحن وعاء الإسلام للعالم علّمنا وبلّغنا الرسالة، وما زلنا، فكنا قادة الإسلام بلا منازع، فعمد منْ عمد من أعداءنا وأعداء الإسلام على تخريب العلاقة بيننا وبين الإسلام، لتأخيرنا نحن العرب عن دورنا الإنساني المقدس المرسوم لنا، وإذاً لابد أن تصدر صورة مشوهة عن العرب لاحتلال دورهم من قبل أمم أخرى ترفع شعارات الإسلام زيفا، فعمدت على أن يقتتل العرب بينهم لأسباب طائفية، وهو ما حصل فعلا بين الشيعة والسنة. ولأننا امة حيّة مازال المرابطون منها يجاهدون لاسترجاع حقوقهم المسلوبة، وبدلا من أن يقف العالم إلى جانب أصحاب الحق في فلسطين المحتلة، ومناطق أخرى، راح هذا العالم يتفرج على فنون القتل الجماعية التي تمارسه الآلة العسكرية الإسرائيلية، والأمريكية ضد أمة العرب، فلا تفرق بين رجل وامرأة، ولا بين شيخ كبير وطفل رضيع. فالمهم أن يراق مزيدا من دمنا العربي. نشهد إننا ضعفاء فبدلا من تقاربنا وتلاحمنا وتعاوننا تفرقنا وغلبت علينا مصالحنا القطرية الضيقة، ونسينا أننا أمة واحدة خالدة، فراح بعضنا يتآمر على بعض، ولم نتمكن من حل مشاكلنا داخل بيتنا العربي، وراح آخر يستقوي على أخيه بالقوى الغاشمة، التي لم تراعِ فينا إلاً ولا ذمة، والنتيجة الملايين من الشهداء وأنهر من الدم العربي. إن الظروف مهيأة في أي زمان لمغادرة ضعفنا، ووهننا بمجرد توفر الإرادة الصادقة فينا، وسيشهد العالم كيف أن وحدتنا ستتعزز بما حبانا الله من بركات الأرض من ثروات، وسيحسب لنا العالم ألف حساب، والكل يذكر كيف كانت وقفتنا عندما استخدمنا نفطنا سلاحا بأيدينا في معركتنا القومية في العام 1973، لكننا اليوم نعمل العكس تماما، وجعلنا الأجنبي يرى في ثرواتنا أنها ليس من حقنا، لأننا متخلفين، فلن نتمكن من اللحاق بالآخرين، وظل شعبنا يشكو فقر الحال، وبدلا من أن تستغل هذه الثروة لصالح الشعب ينعم بها، تحولت بفعل سياسة الأنظمة إلى نقمة، أهدرت دماءا غزيرة من أمة العرب. وبعد أحداث 11 سبتمبر 2011 صوَرَ منْ صوَر من متبني نظرية صراع الحضارات إن ذوي البشرة السمراء هم إرهابيون مباح قتلهم، فلم يكن أمام الولايات المتحدة إلاّ أن تأتي بجيوشها وأساطيلها إلى منطقتنا لتشيع القتل بيننا، لأنها الوسيلة الأنسب في تعليمنا الديمقراطية وحقوق الإنسان، على الطريقة التكساسية. وتُعلمنا ما تُعلمنا، فطالبنا بحقوقنا لنعيش كبقية البشر بحرية، فسلَّت علينا أنظمتنا السياسية سيوفها، قتلا وتدميرا، وكأننا مسجلين في الشهر العقاري ملكا لهم ولعوائلهم، فعلينا العيش بكنفهم، بالطريقة التي يرغبوا هم أن نعيش بها وليس بالطريقة التي نحن نرغب، فلا اعتراضات على هذا الحاكم، ولا مطالبة بإسقاط ذاك، وإذا فكرت عبثا بالحرية، فالسيف جاهز ليراق دمك.......آه كم مسكين أنت أيها العربي، كيف لك أن تعيش بكرامة وحرية والكل يريد سفك دمك. العدو الذي تحجج بشتى الذرائع فأتاك إلى عتبة بابك وداهمك داخل دارك دون أن يطرق عليك الباب، وبلا (احم ولا دستور) يقول لك والفرح يعلو وجهه جئت لأقتلك، وما عليك إلاّ أن تفوض أمرك إلى الله، وإذا فهمنا دوافع الأجنبي، فكيف لنا أن نفهم دوافع ابن جلدتنا وابن ديننا في قتلنا بشتى الطرق المبتكرة، كاتم الصوت، أو حزام ناسف أو سيارة مفخخة، لأنه لا يعرف لماذا قَتل، ولا المقتول يعرف لماذا قُتِل، وفوق كل هذا يأتي حكامنا ليزيدوا علينا مآسينا بقتل شبابنا لمجرد قالوا نريد الإصلاح، ونريد دورا في الحياة نثبت بها وجودنا. لقد أصبح دمك أيها العربي ترياق لمعالجة أمراض الجهل والفساد، والإرهاب والاستبداد، والاستهتار العالمي، ولكن بدون جدوى فما زال الفاسدون والطغاة يعيشون بسعادة وهناء، وتبقى أنت تعيسا، مهموما، محروما تنتظر منْ مِن أولئك اللصوص القتلة يأتيك ليسترخص دمك الطاهر.
#ناجي_محمد_الهتّاش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظام يريد تغيير النظام
-
اسرائيل والتغيير في مصر
المزيد.....
-
حماس تدعو للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لجلب نتنياهو و
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يوقف الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن
...
-
133 عقوبة إعدام في شهر.. تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في إيرا
...
-
بعد مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت.. سيناتور جمهوري يوجه تحذي
...
-
قادة من العالم يؤيدون قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الا
...
-
معظم الدول تؤيد قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الاحتلال
...
-
اتحاد جاليات فلسطين بأوروبا يرحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغال
...
-
الأمم المتحدة: نتائج التعداد بيانات عامة دون المساس بالخصوصي
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي ينهي الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن
...
-
من هم القادة الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من المحكمة الجنا
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|