أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نزار حمود - المثقف














المزيد.....

المثقف


نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب

(Nezar Hammoud)


الحوار المتمدن-العدد: 3323 - 2011 / 4 / 1 - 05:38
المحور: حقوق الانسان
    


بدون مقدمات وبدون أي تجميل أو إخراج أدبي، ســـأقوم بالدخول بالموضوع مباشرة. فقد طفح كيلي برؤية المتفصحين وأنصاف المتعلمين والمغرضين واللصوص والمنتفعين والخائفين المرتعدين وأرباع المثقفين يقولون ويتقولون ويدافعون عن حالة البلاهــــة والكذب والصفاقة والاستعصاء السياسي والاجتماعي الذي تدور رحاه في سوريا حاليا ً.
من هو المثقف؟ باللغة العربية قالوا إن المثقف هو الحاد الماضي... وقد أفصح العرب عن ذلك بقولهم إن الرماح مثقفة ... أي أنها حادة الرأس قاطعة ! ومن هنا قالوا عن الإنسان إنه مثقف إذا كان ذو فكر واع... حادٍ ... متبحرٍ بمشاكل عصره وعصر من سبقوه مستشرفا ً لآفاق المستقبل... كما تعطى صفة المثقف للإنسان المعتدل الذي صقل زوايا نفسه الحادة وبات متواضعا ً هادئا ً واسع الصدر عميق البصيرة والإدراك....
في اللغة الفرنسية : كلمة مثقف تعني الشخص الذي ترتكز فعالياته على صفة الذكاء أو الــنشاط الذهني. هو الذي يشارك في حياة المجمتع من خلال إبداء الرأي والتحليل ووجهة النظر حول شــؤون الناس العامـــة. هو الذي يدافع عن القيم والمبادىْ بقوة. وبهذا المعنى نجد تقاربا ًواضحا ً بين مفهوم الفيلسوف في الماضي وبين مفهوم المثقف الحالي. الدكتورة إقبال الغربي من جامعة دمشق تقول إن طبقة المثقفين هي مفهوم نخبوي يعني الجمع بين المعرفة الأكاديمية والثقافة العامــــة.
أليكس دو توكــفـيل يعتبر أن المثقف هو الإنسان الشغوف بقيم الحرية والعدالة والمصاب بفرط الحساسية لكل أشكال القمع والطغيان. بهذا المعنى نجد أن المثقف هو العارف (من المعرفة والحكمة والعــقل) الذي يدافع عن الحقيقة ضد الوهم والأسطورة. هو الذي يدافع عن العقل ضد النقل. عن حرية التفكير ضد قيود التكفير الفكري والديني... عن القيم الكونية ضد المتعارف عليه والمألوف...
فالمثقف هو حالة وعي ومعرفة وإدراك والتزام. المثقف هو غير المتعلم .... فليس حامل الشهادة بالضرورة مثقف ... بل هو حرفي متميز وعالي التأهيل وفقا لنعوم تشومســــكي ... التعليم العالي يساعد على أن يكون المرء مثقفاً لأنه يسلحه بأساليب التحليل العلمي والمنطقي وبالتالي يجعله أكثر قدرة على فك الالتباسات التي قد تغمض على غيره من الناس. لكن التعليم العالي هنا، كما يقال في الرياضيات، شرط ٌ لازم ٌ غير كافي. كما أنه ليس بالضرورة أن يكون غير المتعلم أو غير الحامل للشهادة الجامعية العليا ليس مثقفا ً ... لكن طريق غير المتعلم لأن يصبح مثقفا ً أصعب عادة لعكس الأسباب آنفة الذكر.... وهنا أيضا ً يبقى التعليم العالي شرط لازم غير كافي....
جان بول سارتر يعر ّف المثقف بأنه الذي يتدخل فيما لايخصه أي ’الحشري’ الذي يعي تماما ً مسؤوليته الفردية الأخلاقية التي تجعله – ضمن حالة معينة – يرفض أن يكون متواطئا ً بصمته وسكوته وخنوعه على الممارسات الشاذة التي يراها في بلده أو في أي بلد آخر في العالم... بالنسبة لجان بول سارتر المثــقــف ملتزم ٌ بالضرورة... وهو لايتوانَ عن استخدام نفوذه ومكانته الاجتماعية وكلمته المسموعة كي يعمل على تغيير موقف الجهة السلطوية أو الكتلة العامة من الناس. وهنا يقول تشومسكي إنه لابد من أن يتعامل المثـقف مع المجتمع ليس تحت عنوان التوجه بالخطاب إلى الناس .... بل تبادل الخطاب مع الناس (ليس إلى بل مع) وفقا ً لأبسط قواعد إيصال المعلومة.
أنتونيو غرامشي الإيطالي يقول ... كل الناس مثقفون ولكنهم لايقوموا جميعا ً بفعل المثقف الاجتماعي... وهو يميز بوضوح بين طبقة المثقفين التقليدية التي تميز نفسها عن المجتمع وتترفع عنه وبين طبقة المثقفين العضوية التي تفرزها طبقات المجتمع المختلفة لتلعب دورا ً واضح المعالم بالتغيير والتنوير.
يقول إدوارد سعيد في كتابه - تقديم المثقف - إن المثقف هو شخص ٌ يلعب، ضمن المجتمع، دورا ً خاصا ً يختلف تماما ً عن دور الحرفي المتعلم فهو يستطيع أن يكون فكرة ً أو رأيا ً واضح المعالم حول إشكالية ما ويوجه هذه الرسالة إلى المجتمع بهدف التغيير والتنوير وكشف الحقيقة ... هذا الدور – ودوما وفقا ً لإدوارد سعيد – هو دور ٌ حساس ٌ للغاية وصعب ٌ للغاية كونه يركز ويناقش علنا ً أمورا ً وأسئلة محرجة مناوئة للرأي العام السائد... وغالبا ً مالايحظ َ ذلك بإعجاب الحاكم أو الوالي كما يطيب لي أن أسميه. باختصار إن المثقف ماهر ٌ دوما ً في تحدي التابو... أو المشاكل التي غالبا ً ما نحب جميعا ً بأن نخبئها تحت السرير... أو تحت السجادة! إدوارد سعيد يرى في أنتونيو غرامشي المثقف المثالي. وغرامشي هذا باحث يساري طلياني عاش في حقبة الفاشية الموسولينية في إيطاليا وتحداها بمنتهى القوة وقضى سنوات طويلة من عمره خلق قضبان سجونها.
من خلال كل هذه التعاريف، يبدو لي واضحا ً للغاية أنه يكفي أن تكون بوقا ً لأي جهة عليا دينية أو سياسية تنتفع من ورائها ماديا ً أو معنويا ً... تمالئها وتستخدم مخزونك الفكري في سبيل دعم محدودية رؤيتها على حساب صوت العقل والضمير فيك حتى تنتفي صفة المثقف عنك وتصبح ممارسا ً للعهر الفكري الرخيص الذي ربما يكون أشد من القتل في بعض الأحيان!
أرجو من كل من يعتبر نفســـه مثقفا ً، ويسمح لنفســــه بالتنطح لتحليل الواقع الحزين الذي يعيشه أهلنا في سوريا أن ينتبه لهذه التعاريف البسيطة الواردة أعلاه وأن يصنف نفســــه بعد ذلك بالخندق الذي يراه مناسبا ً لقدراته العقلية والنفسيــــة وأن يقول حقا ً أو أن يصمت. فربما كان صمته أرحم والله أعلم !!!



#نزار_حمود (هاشتاغ)       Nezar_Hammoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنتصار
- إلى مصر مع حبي
- مصر أمي، مصر أبويا
- أنا الفينيقي
- أنت الأهم
- لماذا الانتخابات ولماذا فيزيون مونتريال - هاريل ؟
- خادم وحامي الحرمين الشريفين !
- حتى نغير ما بأنفسنا
- صديقي خليل
- ما لقيصر لقيصر ... ومالسليم لسليم
- الأستاذ سليم زبال
- رسالة إلى المواطن اللبناني العنيد
- والله زمن يا سلاحي !
- النار هذه المرة
- علهم في آخر الأمر يعرفون
- أغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون
- مصر يامّه يا بهية
- العرب أذكياء بالمفرق وأغبياء بالجملة
- الأنا الأعلى
- حدود الفيزياء


المزيد.....




- اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر ...
- ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا ...
- بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
- مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا ...
- إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
- مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
- مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري ...
- لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
- مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نزار حمود - المثقف