|
آذار: ثورة وإنتصار أم هزيمة وانكسار؟
حسام أبو ستة
الحوار المتمدن-العدد: 3321 - 2011 / 3 / 30 - 07:38
المحور:
القضية الفلسطينية
خرج عشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني يوم الخامس عشر من آذار، منددين بالإنقسام مطالبين بعودة لحمة الصف الفلسطيني الممزق على أرصفة الحكم ومبعثر كأحلامنا بالحرية التي سلبت منا، يومها كان المتظاهرون مفعمون بالأمل، فالثورة والإنتفاضات الشعبية تعم البلاد العربية والساحة الفلسطينية ملئى بكل عوامل الإنفجار، من ضيق الحال و ضنك المعيشة _ على الرغم بأن البعض من المثقفون وقادة الرأي بطرفي الصراع يخالفونني ذلك الرأي _، ناهيك عن جرائم الاحتلال التي باتت سمة من سمات الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، إلا أن الإنقسام كان أبغض الحلال والحرام عند الشباب الفلسطيني الذي بادر ليعلن عن رغبته في إنهائه، سانده بذلك جموعا غفيره من الشعب الفلسطيني وأحزابه ومؤسساته المدنية. والعجيب بالأمر مشاركة طرفي الصراع بأعضاءه و قياداته.
قمع واتهامات ومبادرات، تهديد ووعيد وتمتمات، بأن الإنقسام فضيلة والثورة رذيله، والتحقيق جاري مع من كشفتهم وثائق سرية بأنهم من أعوان بعض الأجهزة الأمنية السابقة، ومشهد ليبرالي جميل ظهرت فيه أكياس السندوتشات وعلب المشروبات الباردة، والتي توزع بالمجان على الثوار الذين باتوا حينها لا يعلمون على من يثورون، وبعد يومين اصبح مشهد المتظاهرون أحد مشاهد أزمة السير في الميدان المشهور، هكذا كان المشهد في كل من غزة والضفة الغربية، وعلى الرغم من ذلك فإن منتصف آذار كما أرى و يرى بعض الكتاب لم يفشل في تحريك المياه الراكدة في قنوات السياسة الفلسطينية، فلقد حقق ما لم تحققه المبادرات السياسية والتحركات الفصائلية، وعلى الأقل نجح الشباب بحراكهم هذا بأن يفرضوا موضوع إنهاء الإنقسام على أجندة القيادة السياسية سواء على المستوى الحزبي أو المستوى الحكومي.
وإن كنت أرى أيضاً بأن يوم 15 آذار وما تلاه من حراك شعبي في الجامعات وبعض الساحات العامة، حقق إنجاز آخر بالغ الأهمية، فقد كان أول خروج على حالة اللامبالاة وأول إنتصار على روح الهزيمة التي صابتنا منذ الإقتتال بين حركتي فتح وحماس، بل أن يوم الكتيبة والمنارة أكد أيضاً على أن الشعب ينحاز بعفوية لكل دعوة صادقة ومخلصة بأهدافها، دون الحاجة لقائد ملهم، على عكس ما يذهب البعض إليه بتفسيرهم ذلك الركود الشعبي في السنوات الماضية لغياب قيادة كريزمية ملهمة، فالشعب هو من أبدع شعاره "الشعب يريد إنهاء الإنقسام" والشعب هو من أراد أن يرفع فقط العلم الفلسطيني دون غيره من الرايات، مما يؤكد دائما بأن الوعي السياسي مصدره الشعب وطبقاته الكادحة، وإن من نصبوا أنفسهم قيادات للشعب هم من يمارسوا التظليل والخداع لتزييف ذلك الوعي العفوي للشعوب.
لقد طالبت بعض الجهات السياسية والأمنية منها، الشباب الفلسطيني بأن يتيحوا الفرصة للمبادرات السياسية، وأن يجمدوا نشاطهم الإحتجاجي وخروجهم للشارع، لتهيئة المناخ الملائم للعمل السياسي النخبوي من أجل إنهاء الإنقسام، فرفض الشباب تلك الدعوات واستمروا بسلسلة فعالياتهم الاحتجاجية، معتبرين تلك الندائات ما هي إلا إحدى الخدع التي لا تهدف إلا لإخماد حركتهم، فأخمدوه عنوة، إضافة لتصعيد الاحتلال لضرباته الجوية على القطاع الذي ساهم بشكل أو بآخر في وقف فعاليات الحراك الشعبي لإنهاء الإنقسام، بالتالي اصبح المناخ ملائماً لإنجاح المبادرات السياسية، كما طالبت تلك الجهات، وبرزت على الساحة السياسية الداخلية مبادرة الرئيس أبو مازن، والتي جاءت في سياق رده على دعوة رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية، بزيارة غزة وعقد مشاورات سريعة لإعلان حكومة تكنوقراط، على أن تستمر المفاوضات بين الفرقاء لإتمام المصالحة، وعقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية لاحقاً.
لا أريد أن اخوض بتفاصيل تلك المبادرة ولا بالجدل الذي أثير حولها، لكن بما أن تلك المبادرة جاءت إستجابة للضغط الشعبي على طرفي الصراع من أجل المصالحة وإنهاء الإنقسام، فمن المشروع إذا بعد ما يقارب أسبوعين من إعلان مبادرة "حسن النوايا"، أن نتسائل عن ما تحقق على أرض الواقع من تلك المبادرة؟ وهل تلك الجماهير التي خرجت يوم 15 آذار تلعن الإنقسام وتطالب بالوحدة الوطنية، لا تستحق سوى مبادرة وبعض الهروات والسندوتشات؟!!!!
أما ونحن أمام استحقاق " يوم الأرض "30 آذار من كل عام، والذي يمر علينا هذا العام و نحن منشغلون عنه بإنقسامنا، على الرغم من توحش غول الإستيطان، وتصعيد الهجمة الشرسة على مدينة القدس من تهويد وطرد لسكانها وهدم منازلهم، فمن المعيب والمخجل أن لا تشكل تلك الظروف الإستثنائية التي تمر بها عاصمة الدولة الفلسطينية، ويعاني منها جزء أصيل من الشعب الفلسطيني الصامد في الجليل والناصرة وام الفحم وبئر السبع وباقي مدن وقرى فلسطين، بالإضافة للحراك الشعبي في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، المطالب بإنهاء الإنقسام، سبباً كافياً لكي ينهي طرفي الصراع إنقسامهم وصراعهم على السلطة، وأن يرحموا أسرانا في سجون الاحتلال الذين أعلنوا إضرابهم عن الطعام حتى إعلان إنها الإنقسام.
#حسام_أبو_ستة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشعب مصدر السلطات ... والميدان سيد نفسه-
-
عفوا ... نحن لسنا استثناءا
المزيد.....
-
أم سجنت رضيعتها 3 سنوات بدرج تحت السرير بحادثة تقشعر لها الأ
...
-
لحظات حاسمة قبل مغادرة بايدن لمنصبه.. هل يصل لـ -سلام في غزة
...
-
فصائل المعارضة السورية تطلق عملية -ردع العدوان- العسكرية
-
رياح عاتية في مطار هيثرو وطائرات تكافح للهبوط وسط العاصفة بي
...
-
الحرب في يومها الـ419: إسرائيل تكثف قصفها على غزة ولبنان يتر
...
-
مبعوث أوروبي إلى سوريا.. دعم للشعب السوري أم تطبيع مع الأسد؟
...
-
خريطة لمئات آلاف الخلايا تساعد على علاج أمراض الجهاز الهضمي
...
-
وسائل إعلام: على خلفية -أوريشنيك- فرنسا تناقش خطط تطوير صارو
...
-
مصدر: عمليات استسلام جماعية في صفوف القوات الأوكرانية بمقاطع
...
-
مصادر تتحدث عن تفاصيل اشتباكات الجيش السوري مع إرهابي -جبهة
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|