عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)
الحوار المتمدن-العدد: 992 - 2004 / 10 / 20 - 07:01
المحور:
حقوق الانسان
صالح بلالو مواطن فلسطيني من الدرجة الاولى رغم انه لا يحمل جواز سفر ملون ولا حتى فكر بالوصول الى دائرة الاحوال المدنية لا لشيء الا لانه ليس بحاجة لاثبات شخصية , لانه لم يرتكب اية مخالفة على الاطلاق وهو لذلك من اولئك الذين لم يكونوا بحاجة للشهادة للذهاب الى الجنة , وهو من الذين اعفاهم الله سبحانه وتعالى من القيام بواجباتهم الدينيه والدنيوية واجاز لهم ان يفعلوا ما يشاؤون , ولذا فان صالح بلالوا يشبه الطفل في كل شيء , ومع ذلك فان قناصة شارون ودباباته وكل الاسلحة الامريكية الحديثة اطلقت حممها باتجاهه دون ان تشفع له كل سيرته هذه.
لم يرتكب صالح بلالو اية جريمه يستحق عليها ان يطلق قناصة جيش الاحتلال الاسرائيلي رصاصهم عليه حتى الموت في الضاحية الغربية من مدينة جنين او الشرقية من مخيم جنين او بينهما , كل ما في الامر ان صالح بلالو لم يستوعب ابدا حكاية منع التجول , ولم يفهم اللكنه الغريبه التي ينادي بها جنود جيش الاحتلال الاسرائيلي من مكبرات الصوت لمنع التجول , كل ما في الامر ان صالح بلالو انسان غير عادي , انسان يعيش عالمه الخاص وهو ابدا لاتعنيه الانتفاضه ولا الاحتلال ولا كل قضايا العولمه والاستشراق واسعار النفط او اسعار البشر والصراع على التجارة والاسواق , وهو- اي الشهيد صالح بلالو – لا يعتقد ابدا ان هناك ما يسمى بحقوق الانسان او حقوق الحيوان فالسماء كما يراها واحده والارض واحدة والعشب والماء والنار والملح ملك لكل البشر تماما كما هي ملك لكل الحيوانات على الارض ذلك هو صالح بلالو الذي لا يعرف اسم شارون تماما كما لا يعرف اسم ياسر عرفات ولا تعنيه ابدا كل الجوائز التي ترصدها اميريكا لمن يدلي بمعلومات عن ابن لادن او الظواهري او الزرقاوي فالجينيني لا يعنيه اصحاب الاسماء هذه ما داموا لم يغلقوا حفرة واحدة فوق الارض , وهو لا يعرف للتلفاز او الصحف او الراديو معنى ولا تلهبه نانسي عجرم او هيفاء وهبي , وهو لا يدري معنى الحوار الدائر بين العلمانيين وغيرهم او بين احزاب العراق بكل تلاوينها السياسية والعرقية والطائفية ووحدة العراق على اسس الاسم او اللون او الدين او المكان وهو ايضا لم يتابع جرائم ابو غريب تماما كما لم يتابع الجرائم اليومية في باب بيته في سجون شطة ونفحه والنقب , صالح بلالو قد يكون الوحيد على وجه الارض الذي ولد وعاد الى ربه كما هو دون ان بعرف معنى الاستحمام سوى بالدم , صالح بلالو عاش حياته بهاجس غريب عجيب لا احد يدري سببه حتى الان فهو دائم البحث عن حلول لكل حفرة يراها في الارض ويفتش دائما عن الباطون لاغلاق هذه الحفر حتى اغلق احداها بجسده .
حكاية حمام صالح للمرة الاولى بدمه تحت الشمس حسبما يقول شهود عيان انه خرج صبيحة ذلك اليوم كعادته دون ان يستمع لاخبار التلفاز الذي لا يملكه ولا يقرأ الصحيفة لانه لا يعرف القراءة , ولم يلتفت اليه احد من الجيران لانهم لا يدرون له عنوان ولم يعتادوا على وجوده ابدا في مكان محدد , صباح ذلك اليوم كان صالح في طريقه لانجاز صب الباطون الذي يقلقه في مكان ما خشية ان تبقى هناك حفرة ما قد تؤدي الى سقوط طفل او شاة ما ولا يدري صالح ان حفرة الاحتلال لا حل لها بالباطون وهي مصيدة الموت لابناءنا بما فيهم صالح نفسه .
لم يكن صالح بلالو عضوا في اللجنة المركزيه او المكتب السياسي او اللجان المحلية والمناطقية للفصائل الفلسطينية ولذا لم يهتم احد على الاطلاق بابلاغ البعثة الفلسطينية للامم المتحدة لدعوة مجلس الامن للانعقاد ولم يطالبوا لجان وجمعيات حقوق الانسان باصدار البيانات والمطالبة بمعاقبة اسرائيل وجيشها , لم يصحو ايا من قادة الفصائل او الاحزاب او الحركات او الجمعيات او العشائر او الدكاكين من نومة ليعلن غضبة لقتل المواطن صالح بلالو , جميعهم ظلوا في ذلك الصباح نياما يعيشون حلمهم الوردي الذي لا ينتهي , جميعهم لم يتنازلوا عن ربطات عنقهم الوردية ولم يستبدلوها بربطة سوداء ولو لذلك الصباح فقط .
قبل صالح بلالو قتلت قوات الاحتلال العديد من زملاء بلالو منهم يسرا ابو خرج , والمقعد كمال الصغير , ومحمد مفيد سلامه , وهم جميعا ممن اعفاهم الله سبحانه وتعالى من واجباتهم الدينية والدنيوية ولم تعفهم ترسانة الاسلحة الاميريكيه في يد جنود جيش الاحتلال الاسرائيلي من قرار الموت تماما مثل صالح بلالو , ومع هذا لم تقم الدنيا على راس اسرائيل , ولم تصدر الخارجية الامريكيه اية بيانات للاستنكار , فقط لاننا لم نحاول ابدا ايصال رسالة ذبح هؤلاء الى العالم على يد جيش الاحتلال وبكل وسائل القتل الحديثه .
صالح بلالو والعديد من زملائه ماتوا مذبوحين علنا وتحت الشمس وقد كان علينا ان نقلب الدنيا فوق راس شارون فهم لم يكونوا يحملون حتى مقص اظافر ولا يعرفون كيف تستعمل السكين وهو لا يدرون ما الذي يجري من حولهم , ولذا فلقد كان اغتيالهم اثباتا حيا للراي العام ان جيش اسرائيل يقوم بدور عصابة من القتلة فوق ارضنا وضد شعبنا , كل ما في الامر ان ايا منا لا يدري ابدا كيف يدير عجلة الاعلام والراي العام لصالح الشعب والقضية بدل انتشار صورته واسمه وهرطقته.
الاسرائيليين يتقنون جيدا التباكي عند كل حادثة عنف تطال مستوطنيهم وهم يحتلون ويغتصبون ارضنا , انهم يذرفون دموعهم حتى على مصابي حوادث السير التي تطال اي مستوطن روسي من مخلفات غورباتشوف وهو يهددنا بسلاحه ويجلس فوق صدورنا ويسرق ماءنا ليسقي الحيوانات ونحن عطاش , اي اذى يطال هذا المستوطن تهرع اسرائيل الى العالم لتصرخ انهم يقتلوننا هؤلاء الارهابيين العرب , وهي قادرة على تصوير كل واحد منا على انه اسامه بن لادن او ابو مصعب الزرقاوي بما في ذلك الشهيد صالح بلالو, واسرائيل تتقن كيف تستخدم كل ما لديها من امكانيات في سبيل ذلك , ونحن ننام في وهم نبنيه عن حقنا وصدق قضيتنا كما نتصورها بيننا وبين انفسنا و اقصى ما نفعله هو بيان موجه لنا بمكبرات الصوت وبوستر نصف فيه الضحية بالبطل وكفى الله المؤمنين شر القتال اللهم الا اذا استثنينا توزيع التمر والقهوه المستورده او المنتجه من قبل اسرائيل في بيوت عزاء الشهداء , والمصيبه اننا نفعل كل ذلك دون ان تهتز لنا رقبه , والسؤال هو الى متى ستبقى هذه حالنا , الى متى ؟؟؟
#عدنان_الصباح (هاشتاغ)
ADNAN_ALSABBAH#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟