|
المجتمع والنهضه التى نرجوها 8
سامح سليمان
الحوار المتمدن-العدد: 3319 - 2011 / 3 / 28 - 16:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إن اكثر من يدعون انهم مفكرين ومثقفين وتربويين واعلاميين وعقلانيين وتنويريين ولا يتحدثون الا من منطلق ودافع وطنى مخلص لا يهدف او يسعى الا للمصلحه العامه،بينما هم فى حقيقة الامر لا يسعون إلا لأستبعاد والتعتيم على كل فكر ومفكر عقلانى ناضج صادق حر تنويرى، وتدجين وتلويث وطمس العقول وأخصائها لأحداث عقم فكرى وخلق حاله من الجمود والنكوص الفكرى والنفسى والتعلق باهداب انتصارات وامجاد الماضى الغابر، والطفوله والتفاهه العقليه والتشتيت الفكري والضعف والاضطراب والنفسي والأميه الثقافيه العامه والتوحد والتماهى والمحاكاه والهوس الجماعى الحاد بأيدلوجيه أو عقيده أو معتقد أو تيار او توجه فكرى او منهج ومرجعيه للتقييم والتصنيف أو رؤيه معينه تتوازى وتتوافق مع مصالحهم وتؤدى الى سهوله تنفيذ وتحقيق اهدافهم ومخططاتهم بدون اى معوقات وإلهاء العقول بالصغائر والتوافه من قضايا تم حسمها منذ زمن طويل فى بلدان اخرى اكثر تقدم وتحضر بمراحل شتى ، وأختزال أهتمامات وطموحات وتمنيات ورغبات و أحلام وقضايا مجتمعاتنا ـ ذات القابليه العاليه والأستعداد الفطرى للشحن والحشد والتجييش والتغييب والأستلاب ـ فى تحقيق أنتصارات أفتراضيه هلاميه فى ميادين ألخرافه والجهل والوهم والجنون،وبطولات ونجاحات ومكاسب ليس لها أى تأثير أو ناتج أو عائد أو مردود إيجابى على المواطن سواء على الجانب السياسى أو الأقتصادى أو الأجتماعى أو الثقافى ـ مثل مباريات كرة القدم ـ لتفريغ وأمتصاص وأستنفاذ ما بداخل الجماهير من طاقة رفض وغضب وسعى نحو حياة أفضل ورغبه فى أقتناص وانتزاع وأسترداد والمطالبه بالحصول على حقوقهم المسلوبه وكرامتهم المهدره المسحوقه وإنسانيتهم المفقوده المستلبه ، والالهاء المتعمد بأختلاق احداث وظواهر معجزيه اعجازيه غيبيه غير ملموسه وحشد وتجنيد كافة وسائل الاعلام المرئى والمكتوب والمسموع وبالطبع بعض رجال المؤسسه الدينيه للتحدث فى تلك الوسائل ـ بمقابل مادى مجزى ـ عن هذه الظواهر ليل ونهار لينغمس المواطن اكثر فاكثر فى عالم الميتافيزيقيا والماورائيات ويطلب ويستجدى النصره والمعونه والخلاص من واقعه الاسود الكئيب من ارواح الموتى من الاولياء والاباء والاجداد والاسلاف بصفه عامه وتزايد ارتياد المقابر والاضرحه مما يعود بالنفع المادى والمعنوى طويل المدى على القائمين على ادارة المؤسسه الدينيه وايضا القائمين على ادراة الاضرحه والمقامات ومكان حدوث الظاهره الخارقه المزعومه ( وتحضرنى قصه حقيقيه ذكرها الفيلسوف الكبير برتراند رسل فى احد كتبه وهى تدور عن بلده سرت بها اشاعه عن وجود جزء من قدم قديسه شهيره يبارك كل من يلمسه ويشفيه من كافة الامراض واكثرها استعصاء على الشفاء ، بخلاف حدوث كثير من المعجزات والاحداث العجيبه والظهورات المتكرره لتلك القديسه فى هذا المكان المبارك "افتراضا"،ولكن كانت المفاجاه المذهله والمحزنه فى ذات الوقت عند قيام بعض العلماء باخذ هذا الجزء المفترض انه لتلك القديسه واجراء التجارب عليه ليتضح انه جزء من قدم " معزه " !! ) د . مصطفى حجازى : ـ تنتشر ظاهرة التعلق بالاولياء واللجوء اليهم لاستجلاب الخير ودرء الشر،بكثره فى القطاعات المقهوره من السكان ، وتتفشى خصوصا حيث يعم الجهل والعجز وقلة الحيله...،تنتشر اضرحة الاولياء ومقاماتهم فى كل ارجاء المجتمع المتخلف، ولا تكاد تخلو منه قريه او حى فى المدن الكبرى . وتشكل هذه الاضرحه نواة التجمعات السكانيه،تقوم حولها اماكن العباده ثم تحيط بها المساكن والمنازل والفنادق،وتنتشر الاسواق التجاريه . فهى اذا محج وملجا واماكن للتبرك واستجلاب للخير..،ويقوم على هذه المقامات خدام وعلماء ـ يدعون انفسهم علماء ـ يسهرون عليها،ويلعبون دور الوساطه بين صاحب الحاجه وبين الولى،ويقودون خطاه فى التقرب منه والدخول عليه،من خلال مجموعه من الطقوس والادعيه والابتهالات وهم ينسجون الاساطير حول الخوارق والكرامات التى ياتيها هذا الولى،ويروجون لزيارته وتقديم النذور الى مقامه،مستفيدين من ذلك اكبر فائده ممكنه،ومستغلين صاحب الحاجه المتشبث بامال الخلاص بعد ان حلت به كارثه لا يستطيع لها دفعا ولم يجد له فيها عونا،ابشع استغلال .وابرز دليل على ذلك وجود مقامات اولياء يدعى خدامها تخصصها بحل مشكلات النساء على اختلافها ( زواج، انجاب، مساعده على ضره، رد الحبيب او الزوج الى المنزل، الخ ...) بالاضافه الى النذور والقرابين،تحتل الادعيه والابتهالات مكانه خاصه فى التقرب من الاولياء والتماس قضاء الحاجات على ايديهم وببركاتهم .وتتنوع الادعيه لتشمل مختلف الاغراض وتصلح لقضاء الحاجات المتنوعه للفئات المغبونه ( فهناك ادعيه للشفاء من المرض واخرى لتفريج الغم،وثالثه لازالة الكرب،ورابعه لتوسيع الرزق،وهكذا...،).بالطبع يعمل شيوخ الطرق وخدام المقامات على تعقيد الادعيه وادخال التكلف والتحذلق اللغوى عليها،واسباغ طابع الغرابه التى توهم الانسان المغبون الجاهل بعلم وفير يقوم ورائها،وسر دفين يكمن فيها،ويجعلها مفتاحا للوصول الى بركة الولى .من خلال ترك هذا الاثر الباهر فى نفوس الجماهير واشعارها بالعجز امام قوة علم شيوخ الطرق،يرشخ هؤلاء مكانتهم كوسطاء لدى الاولياء واسترضائهم ، ويدفعون الجماهير الى الاستسلام والرضوخ لاستغلالهم . الادعيه فى اساسها تقوم على امل سحرى فى الخلاص من خلال الاعتقاد بجبروت الافكار والكلمات وما تتضمنه من رغبات،وبمقدار انتشارها ينتشر العجز عن التصدى للواقع بالموضوعيه والعقلانيه المطلوبين،ويمكن اعتبارها كمراه تعكس اعماق المجتمع من حيث شعور افراده المقهورين بالضياع والوحده وبحثهم عن معجزه للخلاص...،ان الادعيه تشيع نفسيا نوعا من الاطمئنان الى القدر والمصير وتبث هدوءا فى وجود الانسان المتازم،من خلال القناعه بان هناك جهه ما ستتولى حل الازمه وتخليصه منها،ثم هى تمتص اذا كانت مطوله جزءا من القلق والتوتر النفسى .من خلال هذه الصوره الخيره للاولياء وكراماتهم وبركتهم والادعيه وغيرها من وسائل التقرب منهم يملاء الانسان المقهور خواء عالمه العاجز المحدد،بامل القدره على التصدى لواقعه والتحكم بمصيره،بمقدار ما يتخذ من هذه الرموز حلفاء له.جبروت الرجاء يحل محل قوة الفعل التغييرى،روحية الاستجداء والاحتماء تحل محل المطالبه بالحق والتصدى لأنتزاعه. " التخلف الاجتماعى : مدخل الى سيكولوجية الانسان المقهور "
#سامح_سليمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 9
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 6
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 7
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 5
-
قالوا عن الصحافه العربيه 1
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 4
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 3
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 1
-
المجتمع والنهضه التى نرجوها 2
-
المجتمع ونسبية القيم والمعايير 1
-
المجتمع ونسبية القيم والمعايير 2
-
اقتراحات لمصر افضل
-
اقتباسات هامه جداً 1
-
البعوض
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|