سعد تركي
الحوار المتمدن-العدد: 3318 - 2011 / 3 / 27 - 11:44
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
نعلم تماما حجم ما تعانوه في المهاجر والمنافي.. نعلم أن العواصم التي كانت تتمنى أن تسيحوا فيها غدت تضيق بكم وتلوح ليل نهار بطردكم، وتتاجر بآلامكم وعذاباتكم وشقائكم.. نعلم أن أبناءكم يتساءلون دوما عن موعد العودة إلى مدارسهم التي غادروها, إلى زملائهم وأصدقائهم الذين فارقوهم مرغمين.. نعلم أن الكثيرين منكم فقد أغلب مدخراته وممتلكاته.. نعلم تماما أنكم لم ترحلوا إلا حين فقدتم أحلامكم بوطن أجمل وأكثر أمنا، فرحلتم تبحثون عن أحلامكم في أوطان الآخرين ونسيتم أن الأوطان الحقيقية أوسع من أحلام شعوبها، نسيتم أن الشعوب الحية لا تتوقف عن الحلم ولا تيأس من محاولة جعله حقيقة ملموسة على أرض الواقع مهما صادفتها من محن ومصاعب أو مصائب.. نسيتم أن أحلامكم لا يمكن لها أن تتناغم وتتناسق وتتواءم مع أحلام الآخرين الغرباء..
لا يمكن لأحد أن يقايض وطنه بآخر، الأوطان كجلد الإنسان ولون بشرته وعينيه لا تُستبدل أو تتغير. لا يمكن لأي حلم أن يشابه الحلم في العراق وطن الإنسان الأول والحضارة الأولى والحرف الأول.. وطن (جلجامس) الحالم الأول في التاريخ الذي سعى إلى الخلود في حلمه الجميل المستحيل.
نعلم تماما أنكم ما توقفتم عن حب العراق وعشقه فليلة من ليالي الأرق والسهر تحت سمائه الصافية المضيئة بالنجوم المتلألئة أجمل وأمتع ألف مرة من سهرة باذخة في فنادق دبي الساحرة.. وأن يوم عمل شاق طويل تحت أشعة شمس الصيف اللاهبة أكثر عافية من وظيفة بمكتب مكيف في بلاد الأغراب.. وأن خلافك وشجارك مع جارك في الوطن أهون كثيرا وأقل ألما من نظرة استصغار أو احتقار أو حتى شفقة يصوبها غريب..
عودوا إلى الوطن الذي يفتح ذراعيه على وسعهما لكم.. عودوا ولا تدمنوا الغياب والرحيل ولا تعتادوا أن تكونوا منفيين أو مهاجرين فأن الرحيل والغياب حين يتحول إلى إدمان ينخر قلب الإنسان ويفقده ميزته التي يتفوق بها على سائر الكائنات بصفته الأهم والأروع وهي كونه كائنا يحلم.. عد أخي وابن بلدي فلا بأس ولا ضير أن يكون حلمك مختلفا عن حلمي.. تأكد إننا بالحب والتآلف نستطيع أن نوحد الحلمين معا ونحققهما سوية..عد فأن الأوطان دوما أكبر من شعوبها وهي تتسع دوما لكل أحلام العاشقين والمحبين والمخلصين.
#سعد_تركي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟