جدتي والحزب الشيوعي العراقي

نبيل تومي
(Nabil Tomi)

الحوار المتمدن-العدد: 3318 - 2011 / 3 / 27 - 00:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بعد بضعة أيام ستمر عليـنـا نـحن العراقيين ذكرى ميلاد حزب عراقي ذي تاريخ نضالي عريق حـزب يعـتـّز به أبنـاء العراق الشرفـاء وأصحـاب الضمـائر الحية .... هو الحزب الشيوعي العراقي فتحية أكبار وأعتزاز بقـائد الحركة الوطنية العراقية بذكرى ميلاده الـ77 ... فـليفـتخر أصحاب الأيادي البيضاء وأصدقائهم بتـاريخ هذا الحزب المعطاء الشامخ والملتصق بحـاجات الجمـاهير العراقية الكادحة . والذي هو مثل نخـيل العراق شامخ أبـد الـدهر . وتحية إجلال وإكبار إلى كل الذين قـدّموا أرواحـهم فـداء لقـضية الشـعب والوطـن .

الزمن هو عـام 1963 .
المـكـان هو كرادة مريم / بغداد الكرخ .
مجموعات من كلاب الحرس القومي السائبة تتحرى بيوت الـناس وتنتهك حرمـاتـها بـعـد أنصاف الليالي .
كل مسـاء كـانت جـدتي تصـحبـنـا إلى غرفـتـها المنزوية في مسكـنـنا ، لـتبدء طقوسـهـا في الصلاة تهـّم في إيـقاد شـمعـتين تضع الأولى أمـام صورة ليسوع المسيـح والآخرى أمـام العذراء مريـم ، ثـم تلـتفـت أليـنا بكل حـنـان ومحبـة لتـقودنـا أمـام تـلك الرموز الـمقـدسة لـتركع هي أولاً ثـم تـلتفـت يـميـنـاً نـحو شقيقي بأشارة مـنـهـا للركـوع بجـانـبـهـا بخـشوع وأمتـثـل لا أراديـاً بـجـانـبـها الشمـالي .... مـع بعض الـمـحاولات للتـهـرب من رغـبـاتـهـا ولـكن نـظراتـهـا الـجادة كـانـت تـجعـلـنـا نـخضـع لأرادتـهـا فنـصـمت وعلى وجوهـنـا ترتـسم علامـات اليـأس وعدم الرضـى .... ونـشـاكسـهـا في أغلـب الاحيان والأبتـسامـات تظهـر على وجوهـنـا وبعـض الاحيان كـنـا نـنفـجر في الـضحك والقـهـقـهات الطفـولية .
بـيـت القـصيـد هـنـا كـان في نـهاية صـلواتهـا اليـومية ....
على فـكرة جـدتـي كـانـت من بـلـدة آلـقـوش الخـالدة وجـدتـي الحبـيبة كـانت أميـة لـم تـدخـل بوابة آية مدرسة وفـي قـلبـهـا من الوداعة والحب مـا يمكـن أن يدفـّئ الـمعمورة .... ولـكـن لنقرأ مـا كـانت تطلبـهُ من ربّ العالمين بـكل مصـداقية وبـدموع حـارة مسـتجيرة بـه ....
ربـي ويـاخـالقـي آحـّمي أولاد الـنـاس وأولادي من هؤلاء الـوحـوش المفترسة الظـالمة .
ربـي وإلاهـي أحـّمي كـل الشـيوعيين من الـغدر وأنصـرهـم على أعدائـهم فـأنـهم أنصـار الفـقراء والمعـوزين .
يـا يسوع أقبـل دعائي أنـا عبـدتك الخـاطئة وأعـن الشيوعيين على هؤلاء القتلـة والمـجرمين
يـا رب العالميـن أجـعل للـشيوعيين في كـل خـطوة سلامة وآمـانا وأعـمي عيـون البـعثـيين والحرس القـومي .
يـا ألله يـا أرحـم الراحمـين سـاعـد الشيوعيين على هذا المصـاب وأعطيـهم من القـوة والصـبر على مـا أبـتـلوا بـه من هؤلاء الكلاب السائبة .
يـا أمـنـا مريـم أنـت السـميـعة لـنـدائي أحـمـّي أولادك الشيوعيين الطيبين والمخلصـين والذين يضحون بأنفـسـهم من اجل أسعـاد ومسـاعدة الآخرين .
يـا مريـم يـا شفيـعـتـنـا أرحمـيـنـا وأنـقـذي الشيوعيين من الـغدر والـتـعذيـب والقـتـل والمـلاحقة وهـبّـي من هـم فـي السـجون والمعتقلات القـوة والصـبر والتـحّـمل .
يـا سيـدتـي مريـم أتوسل اليـكِ ويـا ربـنـا يـسوع المسيـح أحمـيـهـم مـن أجـل الأطفـال المساكـين والنـاس الفـقـراء و المـحـتاجـيـن ومن أجل أمـهاتهم وأخواتهم ومن أجـل الوطن وأنـقـذ يـا ربـي كـل العراقيين .... وأنـصّر الشـيـوعـيـين وقــوّيـهـم على أعـدائـهم وسـانـدهـم فأنـهـم من أنـبـل الـنـاس وأخـلصـهـم وأقـربـهـم ألـيـك .... لأنـك جـعـت مـثـلـهـم وعـذبُـت مـثـلـهـم وضـحـيـت بـحيـاتـك من اجـلـنـا نحـن البـشر ومـن أجـل الـبـشر هـم يضـحـون بـأرواحـهـم وحيـاتـهـم أيـضـاً .

أنـتـهـت صلاة ودعـوات جــدتــي
خلاصة الـقول
إنــّا حـتـى وأن " سقـيـّـنـا الــفـولاذ ... لـن نــنـتـهــي "

#نبيل_تومي (هاشتاغ)       Nabil_Tomi#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات