أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - زهير الخويلدي - الحذر الفلسفي من سطوة الخطاب القانوني














المزيد.....

الحذر الفلسفي من سطوة الخطاب القانوني


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 3316 - 2011 / 3 / 25 - 23:40
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


"ان العدالة هي الفضيلة الأولى بإطلاق بالنسبة للمؤسسات الاجتماعية"
تكثفت العودة الى المدونة القانونية في هذه الأيام التي تأتي بعد ثورة شعبية عربية عمت مختلف الأقطار العربية من المحيط الى الخليج ومن الغرب الى الشرق وظهر أساتذة القانون والمحامون وفقهاء القضاء في المشهد وتصاعدت تصريحاتهم وبياناتهم وتعددت اجتماعاتهم ولجانهم وأصبح تدخلهم في الشأن العام حيويا وتأسيسيا بعد أن كان استشاريا واصلاحيا وعوضوا بالتالي رجال السياسة والاقتصاد والثقافة.
غير أن تسليم رقاب الخلق الى القانونيين بهذه السرعة والسهولة وادعائهم النقاء الأصلي والعفة الأخلاقية والوفاء لقيم الثورة وتحميلهم مسؤولية تسطير المستقبل للأوطان في ظل وضع أصلي يثير الكثير من الريبة ويدعو الى الاستغراب خاصة في ظل أسلوب العمل الذي يتبعونه وطريقتهم الأحادية في برمجة المرحلة القادمة واعتقادهم في امتلاك الحقيقة المطلقة والتفكير الصواب دون الدخول في نقاش عمومي واسع يتم تشريك فيه العديد من المختصين ودون أن يخضعوا المدونة القانونية الى النقد والتصويب.
هنا يتدخل المشتغل بالفلسفة للتذكير بعدة حقائق ووقائع:
الأولى هي أن الأنظمة الشمولية التي هي في طور التفكك بفضل الثورة كثيرا ما استعملت رجال القانون من أجل فرض شرعيتها وتأبيد حكمها.
الثانية هي أن السقف الذي تتحرك ضمنه المدونة القانونية هي الأسس الاجرائية والخلفية النظرية والسياق الاجتماعي ولذلك يجدر بنا التمييز بين العلوم القانونية وفلسفة القانون وبين القضاء وفقه القضاء وبين القانون الوضعي والحق الطبيعي وغالبا ما يكون علو الكعب للثانية على الأولى.
الثالثة هي أن المعالجة القانونية تتميز دائما بالنسبية والتاريخية ولا يمكنها أن ترتقي الى الإطلاقية والعلوية الا بفضل الاتفاق والاجماع والنجاعة التي تبديها في ايجاد مخرجا للوضعية السياسية المأزومة.
الرابعة هي أن القيم التي ينبغي على رجل القانون أن يحترمها ويأخذها بعين الاعتبار هي قيم الثورة وخاصة الحرية والعدالة والكرامة والشخص وأن الأفق هو التعددية والديمقراطية.
الخامسة هي أن رجال القانون الذين وقع تكليفهم بايجاد مسالك قانونية للخروج من وضعية اللادولة الى وضعية الدولة يجب أن يكونوا قادرين على الاستعمال العمومي للعقل ومحايدون وينتصروا الى المصلحة المشتركة ويكونوا على جهل تام بمصالحهم الشخصية ومآربهم الضيقة وغير متحيزين لشركاء الهوية التي ينتموا اليها ويضمنوا مشاركة الكل في تسيير الشأن العام وتكافؤ الفرص بين الجميع.
في هذا الصدد تظهر البعض من الترددات والمحاذير بخصوص هذا البروز القوي وهذا الصعود الكاسح وينتاب الشك في العديد من العقول التي وقفت الى جانب الثورة حول المصير المجهول والحاضر المتوتر.
من هذا المنطلق يجب أن يخضع رجل القانون عمله التأسيسي لهيئة من الحكماء والمحكمين تضم جملة من فلاسفة القانون وفقه القضاء والفلسفة السياسية وذلك بغية استنطاق المدونة المزمع الاحتكام اليها وتحديد رهاناتها والكشف عن مسلماتها الضمنية وقياس مدى ملاءمتها مع الواقع الاجتماعي.
ان الالتزام بالحياد التام في الوضع الأصلي من طرف رجال القانون هو شرط امكان قيام نظام ديمقراطي وان العدالة التي ينبغي أن تفرض ليست في العمل أن تكون مصلحة الأقوى أكثر امتيازا بل في الأخذ بعين الاعتبار وتحقيق مصلحة الفئات أقل حظا والأكثر ضعفا. كما ينبغي الايمان بمبدأ التعاون بين القوى المتعددة والمختلفة بنيويا كعنصر تكويني للجسم السياسي وكشرط استراتيجي لقيام الجماعة المدنية.
على هذا النحو ينبغي أن يوجد الناس في وضع أصلي يكون منصفا بالنسبة الى الجميع ويضمن لهم حقوقهم بشكل متساو ومتوازن ويقطع السبيل أمام امكانية عودة الأمور الى ما كانت عليه وتشكل نظام شمولي تسلطي جديد.
كما يجب تسوية مشكل التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية خاصة حول الملكية بحيث تكون لصالح الفئات الفقيرة وغير المحظوظة وتحقيق الترابط بين الحرية المتساوية والمساواة المنصفة في الفرص.
فهل يقدر رجال القانون على وضع مدونة انتخابية ودستورية تحدد ملامح المرحلة القادمة دون استشارة الفلاسفة وتشريكهم في صناعة القرار وبلورة مفاتيح الفهم للواقع الاجتماعي المعقد؟
المرجع:
John Rawls La théorie de la justice. Edition Seuil Tradition Edouard Tuoudor. Editions du Seuil, Paris, 1987.

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاسلام المستنير وأهمية العمل السياسي
- فهم الظاهرة الشمولية
- فصل المقال بين السياسة والدين
- المد الثوري العربي واستحقاقات المرحلة
- الارادة الشعبية سر انتصار الثورات العربية
- سيكولوجيا الشعوب والعقل الجمهوري
- الحرية للأفراد والسيادة للشعوب
- فلسفة الثورة التونسية
- المعقول واللامعقول عند جوليان فروند
- الارتقاء بأخلاق المهنة
- أولية السؤال عن الآخر على السؤال عن الوجود عند لفيناس
- واقع المرأة بين الدين والعولمة
- الإنسان في الأشكال الثقافية عند أرنست كاسرر
- هوية الشخص وثقافة الآخر
- مشكلات هرمينوطيقية
- السوسيولوجيا من منظور فلسفي
- أبو القاسم الشابي بين الوطن والأمة
- الذات بين التفكك والتحقق
- دلالات المتخيل الاجتماعي عند كاستورياديس
- خيرية العيش سويا


المزيد.....




- النهج الديمقراطي العمالي يدين الهجوم على النضالات العمالية و ...
- الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب تدين التصعيد ا ...
- -الحلم الجورجي-: حوالي 30% من المتظاهرين جنسياتهم أجنبية
- تايمز: رقم قياسي للمهاجرين إلى بريطانيا منذ تولي حزب العمال ...
- المغرب يحذر من تكرار حوادث التسمم والوفاة من تعاطي -كحول الف ...
- أردوغان: سنتخذ خطوات لمنع حزب العمال من استغلال تطورات سوريا ...
- لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك ...
- بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف ...
- اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - زهير الخويلدي - الحذر الفلسفي من سطوة الخطاب القانوني