أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بودريس درهمان - مخيم اكديم ازيك و الإيديولوجية الأوروأطلسية















المزيد.....

مخيم اكديم ازيك و الإيديولوجية الأوروأطلسية


بودريس درهمان

الحوار المتمدن-العدد: 3316 - 2011 / 3 / 25 - 15:03
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


مخيم اكديم ازيك لشهر نونبر 2010 هو تقريبا الشرارة الأولى التي أطلقت ربيع شعوب منطقة شمال إفريقيا و الشرق الأوسط، مباشرة بعد أحداث هذا المخيم انطلقت الثورة التونسية و تبعتها الثورة المصرية و الثورة اليمنية و الليبية؛ بالإضافة إلى الثورة المغربية الهادئة المجسدة في الخمس نقط التي تخص النظام الجهوي الجديد، و السبع نقط التي تهم هيكل الدولة ككل.
موجات الشعوب تتحرك تقريبا بنفس الوتيرة عبر التاريخ و يترتب عنها نفس المكتسبات كما يمكن أن يترتب عنها نفس الانتكاسات. لما انحازت موجات الشعوب الأوروبية نحو الأفكار التقدمية التحررية ما بين سنة 1848 إلى حدود الحرب العالمية الأولى عاشت الشعوب الأوروبية ربيعها السياسي الزاهر المعروف تاريخيا بالحقبة الجميلة La belle époque، و لما انحازت الشعوب الأوروبية إلى الإيديولوجيات اليمينية الاستبدادية عاشت الحروب و الويلات، المجسدة في الحرب العالمية الأولى و الحرب العالمية الثانية بالإضافة إلى الحرب العالمية الثالثة المجسدة في"الحرب على الإرهاب".
انحياز الشعوب للنزوعات الديمقراطية التحررية أو انحيازها للنزوعات الدكتاتورية يتم على شكل موجات بنفس الدبدبات، فقبل مخيم اكديم ازيك بمدينة العيون المغربية كان هنالك حدث مهم هو وصول أول زنجي في التاريخ إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، و لم يكن باستطاعة هذا الزنجي الوصول إلى هذا المستوى الرئاسي لولا النزوعات العامة للشعب الأمريكي نحو الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و حقوق الإنسان. لكن كالعادة نزوعات الشعوب قد تحد من فاعليتها نزوعات أخرى كنزوعات الإيديولوجية الأوروأطلسية التي أصبحت مثيرة للجدل. فرغم أن هذه الإيديولوجية منذ تقريبا قرن من الزمن، كانت معاشة بشكل عادي و طبيعي إلا أنها خلال السنين الأخيرة عرفت تحولات ستجعل ربيع الشعوب العربية يتبعه مباشرة غضب الشعوب الأوروبية لأن التاريخ من طبعه أن يتماهى و تعكس كل أجزائه الواحدة الأخرى.
الأورو أطلسية، هي منظومة فكرية سياسية مميزة تخص الشؤون الداخلية و الخارجية للدول المطلة على واجهة المحيط الأطلسي و التي تنتمي في معظمها إلى القارة الأوروبية و القارة الأمريكية؛ هذه المنظومة الفكرية السياسية تؤمن بشكل قوي بسيادتها على باقي المنظومات السياسية الفكرية الأخرى، و رغم الاختلاف الحاصل بينها و بين المنظومة الفكرية الاشتراكية الأوروبية، إلا أنها تؤمن إيمانا عميقا بسيادتها حتى على هذه المنظومة.
إذا كانت المنظومة الفكرية الاشتراكية الأوروبية لا تؤمن بضرورة التدخل العسكري للدول الغربية في شؤون الدول التي تعرف تجاوزات على المستوى الحقوقي، عكس ذلك المنظومة الأوروأطلسية أول ما تحبذ هو هذا التدخل العسكري كما تحبذ فرض احترام مكونات المنتظم الدولي للديمقراطية و حقوق الإنسان بالقوة. حصل هذا مع دولة العراق حينما فضل الاوروأطلسيون المتنفذون بداخل الكونغريس الأمريكي و بداخل البيت الأبيض، بالإضافة إلى الأوروأطلسيون المتنفذون بداخل الدول الأوروبية التدخل بالقوة من أجل فرض احترام القيم الديمقراطية و حقوق الإنسان من طرف نظام صدام حسين. آنذاك، و حتى في الظرف الراهن، الأحزاب الاشتراكية الأوروبية في مجملها ترفض مثل هذا التدخل رغم أنها هي الأخرى ترفض المساس بقيم الديمقراطية و حقوق الإنسان، مع العلم أن الإيديولوجية الأوروأطلسية تخترق حتى القوى السياسية الأوروبية الاشتراكية و اليسارية. الحزب الاشتراكي الفرنسي مثلا، بعض قادته السياسيين الحاليين تم اختيارهم من طرف المؤسسة الأوروأطلسية المعروفة بـFAF كقادة سياسيين طلائعيين. انظر بهذا الصدد مقالنا المعنون: "الاستنساخ الدبلوماسي الفرنسي /الأمريكي" على الرابط: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=200292
حينما صادق معظم الأوروأطلسيون الأوروبيون على التدخل في العراق، خرج أحد الوزراء الأوروبيين للدفاع و هو الاشتراكي جان بيير شوفنمان عن صمته و قدم استقالته من الوزارة احتجاجا على موقف دولته التي هي فرنسا. و حتى حاليا يرفض هذا الوجه اليساري البارز تدخل الأوروأطلسيون في دولة ليبيا كما صرح بذلك يوم الثلاثاء 22 مارس الحالي في البرلمان الفرنسي حينما قال:" الديمقراطية ليست بندا للتصدير".
الذين استطاعوا الحفاظ على مسافات اتجاه الإيديولوجية الأوروأطلسية من القوى السياسية الأوروبية هم حاليا جد قلائل، و يمكن القول بأنهم منقرضون، لأن الإيديولوجية الأوروأطلسية هي إيديولوجية صلبة و إيديولوجية كاسحة و لديها منجزات على مستوى التاريخ. لكن اكتساح هذه الإيديولوجية لكل القوى الأوروبية ستعرف لا محالة نهايتها في الأمد القريب للأسباب التي سنوضحها في هذا المقال و المتمثلة في التطاول على مكتسبات الأوروبيين في ممارسة الديمقراطية المحلية.
الأوروأطلسية هي حمالة أوجه، و رغم أنها تبدو إيديولوجية من صناعة اليمين السياسي الأوروبي و الأمريكي على السواء؛ إلا أن ثقافتها العلمية على جميع المستويات هي من منجزات اليسار و قد استطاع اليمين فقط تحويل هذه المنجزات إلى إيديولوجيا، تماما كما حصل مع الفاشية و النازية في التاريخ الأوروبي حيث البرجوازية الأوروبية الصغبرة خلقت النازية و الفاشية و الطبقات الكبرى حولتها إلى إيديولوجيا و أداة لممارسة السلطة السياسية.
نضال اليسار الأوروبي بمؤسساته السياسية، العلمية و الإيديولوجية هو من كان وراء فكرة عصبة الأمم أولا و هيأة الأمم المتحدة ثانيا؛ وفي الوقت الذي كان فيه هذا اليسار يناضل على المستوى الدولي من أجل فرض السلم و العدالة الدوليين عبر تأسيس هيأت دولية كان اليمين الأوروبي بشكل عام يأخذ الحروب تلو الحروب، سواء بداخل القارة الأوروبية أو بداخل القارة الإفريقية و الأسيوية. نضال اليسار الأوروبي حقق نوعا من المزاوجة مابين النضال العلمي المعرفي المؤدي إلى التحرر و التقدم الاجتماعيين، و النضال السياسي المبني على مواجهة القوى السياسية التاريخية التي راكمت أشكالا متعددة من الخدعة و المكر السياسيين من اجل الهيمنة.
ورغم طول مدة نضال اليسار الأوروبي التي سجل التاريخ أن أحد أهم معالمها كانت كمونة باريس لسنة 1871 التي تعتبر حاليا أول محاولة لفرض خيار الحكم الذاتي المحلي بأوروبا و التي ترتب عنها النموذج السويسري(ستة وعشرون كانطون) و نموذج الحكم الذاتي المحلي المحدد بالوثيقة التي تحمل نفس الاسم و المعتمدة حاليا من طرف دول الاتحاد الأوروبي... رغم طول مدة نضال اليسار الأوروبي فهذا الأخير، لم يستطع الوصول إلى السلطة السياسية في فرنسا إلا سنة 1981، أي بعد قرن من الزمن. بعد هذا التاريخ توالت موجات وصول اليسار الأوروبي إلى كل حكومات الدول الأوروبية تقريبا و ترتب عن هذا بشكل يكاد يكون مباشرا انهيار جدار برلين سنة 1989و انهيار كل الدواعي السياسية و الإيديولوجية التي كانت وراء بناء هذا الجدار.
لفهم الثورات و الأحداث التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا حاليا، أعتقد أنه من الضروري فهم الإيديولوجية و الفلسفة الأوروأطلسية لأن هذه الإيديولوجية هي الايديولوجية المتنفذة حاليا على المستوى الدولي، و الايديولوجية التي تمخضت عنها نظريتين صلبتين من الصعب زحزتهما: النظرية الأولى هي نظرية الشرق الأوسط الكبير التي تم الكشف عنها لأول مرة من طرف الرئيس الأمريكي جورج بوش يوم 26 فبراير 2003 و النظرية الثانية هي نظرية "السوق الأطلسي الكبير المندمج" التي تم التأشير عليها قانونيا و سياسيا على شكل مساطر و إجراءات من طرف البرلمان الأوروبي يوم 26 مارس 2009 حيث صوت 503 برلماني لصالح هذا المشروع و صوت ضد 51 مع امتناع 10 أصوات فقط.
من بين الاعتبارات المتعددة التي أدت إلى التصويت على هذه السوق الكبيرة هو ما يسميه التقرير المواكب لعملية التصويت "استراتيجية الاتحاد الأوروبي اتجاه الشرق الأوسط، أفغانستان، إيران و العراق من أجل تحقيق أهداف الألفية الثالثة للتنمية بالإضافة إلى القضايا الامنية المتعلقة بالطاقة.
حدد التقرير سبعة عشرة إجراءا تتعلق بالقضايا الثنائية كما حدد ثمانية عشرة إجراءا مرتبطين بالسياسة الدولية، و تسعة إجراءات متعلقة بالدفاع،مراقبة الأسلحة و القضايا الأمنية و في الأخير حدد ستة عشرة إجراءا متعلقا بالقضايا الاقتصادية و التجارية.
من بين الاعتبارات التي ترتب عنها ضرورة اعتماد هذه السوق هي كما جاء في التقرير مصلحة الأوروبيين و الأمريكيين في نمذجة المحيط الدولي على قاعدة القانون الدولي و المؤسسات الدولية المتعددة القطبية.
من بين الاعتبارات كذلك و هي أن الناتج الداخلي الخام للولايات المتحدة الأمريكية و لدول الاتحاد الأوروبي يمثل أكثر من النصف لكل الدول مجتمعة؛ بالإضافة إلى هذا الشراكة الاقتصادية الأمريكية الأوروبية تؤمن أكثر من أربعة عشرة مليون منصب شغل.
في ما يخص القضايا الثنائية، يتوخى الاتفاق الجديد خلق هيأة تنسيقية من مستوى عال تختص في السياسة الخارجية و الأمن و تتشكل على التوالي من نائب رئيس اللجنة الأوروبية و كاتب الدولة في الخارجية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. تتم تسمية هذه الهيأة "المجلس السياسي الأورو أطلسي"
و في ما يخص القضايا المرتبطة بالسياسة الدولية يؤكد التقرير إلحاح الاتحاد الأوروبي و دعوته للولايات المتحدة الأمريكية من اجل تكثيف الجهود لوضع أجندة محددة لإصلاح الأمم المتحدة بما فيها إصلاح مجلس الأمن.
التصويت على هذه السوق الكبيرة وضع حدا نهائيا لوهم استقلالية الأوروبيين على الولايات المتحدة الأمريكية، كما وضع حدا لمكتسب الديمقراطية المحلية لأن الذين صوتوا على هذا المشروع هم البرلمانيين الأوروبيين و ليس برلماني الدول المشكلة للاتحاد الأوروبي أو برلمانيي المناطق الجهوية و المحلية المتمتعة باستقلالية ذاتية.
غضب الشعوب الأوروبية سيولد من هذا التجاوز الصريح المجسد في التطاول على الديمقراطية المحلية التي ناضل من اجلها الأوروبيون منذ سنة 1871في كمونة باريس .



#بودريس_درهمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤساء أم عملاء؟
- الرعب الأبيض و عملية التشبيك الاجتماعي
- مفاتيح الثورات توجد في ثنايا التاريخ
- أجيال الخيبة، جيل الثورة و النظام الإقليمي الجديد
- الجامعة العربية و روح و عقل الشعوب
- خطة الرئيس أوباما للتغيير
- بلطجية التاريخ انتهوا
- مفهوم التجديد و مفهوم الابتكار
- ثورة البرونيتاريا
- في النظام الجزائري الحالي لا قضية تعلوا على قضية الصحراء.
- دكتاتورية الشفافية
- الكبرياء و التاريخ:رسالة أيمن نور، خطاب أوباما و موقع ويكيلي ...
- الإعلام الجزائري و قضية الصحراء
- الأراجيز و التاريخ
- العلوم العصبية و نظرية الازدواجية الوظيفية
- محاربي تندوف هم بصدد التحول إلى محاربي التنظيم الإسلامي العا ...
- العقل الإجرائي و نظرية التعتيم الكلي
- الصحراء، أسطورة الإطار و فشل صراع الأضداد
- التسريبات الويكيليكسية
- اليمين الاسباني و اتفاقية مدريد


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بودريس درهمان - مخيم اكديم ازيك و الإيديولوجية الأوروأطلسية