|
الدين وعلماء العصر الحديث
هيثم نافل والي
الحوار المتمدن-العدد: 3316 - 2011 / 3 / 25 - 14:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نظريات كثيرة ، كلها كانت تصب في نهر واحد … وهو الدين ! يقول شاعر المعرة ( أبو العلاء المعري ) : في اللاذقية فتنة ما بين أحمد والمسيح قس يعالج دلية والشيخ من حنق يصيح
أجوبة قليلة جداً لأسئلة كثيرة لا تعد ولا تحصى طفت على سطح التاريخ منذ القدم وما زالت معلقة في فراغ كوني هائل …! أن فكرة الدين والتدين قديمة جداً ، إذ يمكن لنا أن نقول أنها بقدم تاريخ الإنسان نفسه ، حيث شاهدنا دائماً وفي كل التاريخ البشري الدين موجوداً أو مصاحباً للإنسان أينما كان أو وجد ، وكلما فكر الإنسان العصري في موضوع الدين تراه ودون وعي منه يفكر بأسماء طالما ارتبطت بالدين أمثال موسى ، بوذا ، كنفوشيوس ، يوحنا ، يسوع ، محمد ، لوثر … إذ نرى وبالتحديد هناك شخصية مركزية ينسب لها الفضل في تأسيس [ دين الحق ] ! وبعض منهم من كانوا مصلحين كيوحنا المعمدان الذي رفض النظام السائد الذي كان يعيشه وطالب بالتغيير ، وقسم منهم من كانوا فلاسفة أخلاقيين كنفوشيوس أو أبطال شعبين أنكروا ذواتهم لمصلحة الآخرين أمثال لوثر ..وغالباً ما جاءوا هؤلاء بكتب أو أقوال أو حكم أو مواعظ أصبحت فيما بعد حجر أساس دينهم أو عمود الزاوية كما يقال ، ومع الوقت أحيطوا بهالة من العظمة أو القداسة أو بهالة سحرية جعلت قسم منهم كالآلهة أو أحد أبنائها ..!! الواقع هو أن كل هؤلاء لم يأتوا بشيء جديد أو لم يخترعوا شيئاً جديداً للبشرية وغالباً ما كانت جذور الدين الذي جاءوا بها موجودة سابقاً ، أنها مجرد تعاليم وأفكار طورت وحورت وأضيف لها لكي يكون الدين بالشكل الذي نعرفه اليوم ، والذي يؤمن به ملايين البشر … ثم هناك نقطة في غاية الأهمية ألا وهي أن أغلب مؤسسي تلك الديانات ادعوا الوحي الإلهي وهو الذي كان مصدر إلهامهم بشكل أو بآخر …!! يخبرنا التاريخ أن الألم الأخلاقي والاجتماعي ومنابعه ومصادره وانتشاره من جهة والرجاء والتمني والأمل من جهة أخرى كان الأساس أو السبب وراء ظهور كل الديانات تقريباً . أنظر عزيزي القارئ الكريم إلى ما فعله موسى عندما رأى أبنا جلدته وهي تعاني الألم الحاصل نتيجة الممارسات الفرعونية فأنقذ أبناء شعبة من قبضة فرعون وأتى بالوصايا العشرة لتكون أساس دين جديد ثم خذ مثلاً آخر … حياة بوذا ، ذلك الأمير المترف الغني الذي آلمه التطرف والاستعلاء والعنصرية في مجتمع كانت تهيمن علية الأعراف والطقوس والشعائر والتعاليم الهندوسية ، رفضه كان سبب كافي لإنتاج دين جديد يدعوا إليه وليؤمن به فيما بعد أكثر من ربع سكان العالم ..! وللأسباب نفسها جعلت محمد يتذمر من الصنمية أو الوثنية التي كانت في عصره هي السائدة وهي الحاكمة ليظهر فيما بعد دين جديد يؤمن به أكثر من مليار إنسان ..! والبروتستانتية نتجت هي الأخرى نتيجة المظالم والنفاق الذي كان سائداً في عصر لوثر وخاصتهً عندما وزعت الكنيسة الكاثوليكية صكوك الغفران الذائعة الصيت في العالم الغربي أبان القرن السادس عشر الميلادي … كلها كانت أسباب ناجمة عن ألم أخلاقي أو اجتماعي انتهى بها الأمر لتكون نواة الدين …! ولكن ماذا عن وجهة نظر علماء العصر الحديث في الدين والتدين ..؟ دعونا نلقي نظرة سريعة على أهم تلك الأفكار والنظريات التي بحثت أو التي درست الدين لتقول كلمتها فيه … أول ما نلاحظه في هذه النظريات هي الجرأة في التناول والطرح والإبداع فيما توصلوا أليه حسب مفهومهم طبعاً . لنرى إذن أهم تلك النظريات التي تناولت الدين لتعرف نشوءه وتطوره - مذهب الروحانية الذي عرضها الأنثروبولوجي الإنكليزي [ ادورد تايلر ] 1832 – 1917 قال أن الأحلام والرؤى والهلوسات وحالة كون الجثث بلا حياة جعلت الناس البدائيين يستنتجون أن نفساً تسكن الجسد واستناداً إلى هذه النظرية وبما أنهم طالما حلموا بأحبائهم الأموات افترضوا أن نفساً تستمر في العيش بعد الموت ، أنها تترك الجسد وتحل في الأشجار ، الصخور ، الأنهار ..الخ فأن الأموات والأشياء التي قيل أن الأنفس تسكنها صاروا يعبدونها كآلهة وهكذا ولد الدين . - مذهب الحيوية الذي طوره الأنثروبولوجي الإنكليزي [ مارت ] 1866 – 1943 عن المذهب الروحاني الذي يقول فيه … هناك قوة غير شخصية أو قوة فوق الطبيعة تحي كل شيء وهذا الاعتقاد ألهب مشاعر الرهبة والخوف في الإنسان والتي صارت هذه المشاعر فيما بعد عند الإنسان البدائي ديناً يعتقد به ، كما يقول أن الدين بشكل رئيسي استجابة الإنسان العاطفية للمجهول أي وبمعنى آخر يقول [ لم يجر التأمل في الدين كثيراً بقدر ما جرى الرقص له ]. - مذهب الغصن الذهبي الذي نشره الخبير الاسكتلندي في الفلكلور القديم[ جيمس فرايزر ] 1854 – 1941 مفهومه حول الدين نشر في كتاب تحت الغصن الذهبي والذي يجادل فيه على أن الدين نتج من السحر …! ثم يشرح نظريته فيقول لقد حاول الإنسان منذ القدم أولاً السيطرة على حياته الخاصة وبيئته بتقليد ما يراه حادثاً أو حاصلاً في الطبيعة … فمثلاً اعتقد الإنسان في إمكانه تسبب المطر برش الماء على الأرض بمرافقة ضرب الطبل الشبيه بالرعد أو أن في إمكانه إيذاء عدوه بوخز تمثال له بالدبابيس …! فأدى ذلك إلى استعمال الرقى والأشياء السحرية في مجالات كثيرة من الحياة …! وعندما لم تفلح تلك الطرق كما كان متوقعاً تحول عندئذ إلى ترضي والتماس المساعدة من قوى ما فوق الطبيعة بدلاً من محاولة السيطرة عليها ، فصارت الشعائر والتعاويذ ذبائح وصلوات …! وهكذا ابتدأ الدين … وبكلمات فرايزر المشهورة يقول [ الدين هو استعطاف أو استرضاء قوى تفوق قوى الإنسان ] . - ترى ماذا يقول المحلل النفسي النمساوي الشهير [ سيغموند فرويد ] 1856 – 1939 في كتابه المعروف الطوطم والحرام حول الدين ؟ يقول فرويد أن الدين نتج مما دعاه مرضاً نفسياً يتعلق بشخصية الأب، ثم يشرح نظريته فيقول : أن هيمنة الأب على العشيرة والأبناء في المجتمع البدائي ( والأبناء الذين أبغضوا الأب أو الذين أعجبوا به على السواء ) تمردوا على الأب وقتلوا الأب ولاكتساب قوة الأب وفي وقت لاحق اخترعوا وبدافع الندم طقوساً وشعائر للتكفير عن عملهم ..! ثم يضيف فرويد فيقول أن شخصية الأب صارت الله والطقوس والشعائر صارت الدين …!! - ماذا قال فولتير [ 1694 – 1778 ] في الدين ؟ يقول فولتير أن بروز الإلحاد والقبول الواسع الانتشار لنظرية التطور لداروين ، سلم أناس كثيرون بأن الله غير موجود …! وعلى أساس هذا الافتراض يشعرون بأن الشرح لوجود الدين يلزم أن يوجد في الإنسان نفسه وفي عمليات تفكيره وحاجاته ومخاوفه ( أمراضه النفسية ) …! ثم يضيف فولتير مقولته المشهورة { إذا لم يكن الله موجوداً فيكون من الضروري أن نخترعه } …! - نظرية التطور الذي جاء بها عالم الطبيعة الإنكليزي [ لتشارلز داروين ] 1809 – 1882 كانت بلا شك أقوى النظريات التي أطلقت متحدية الدين تحدياً مباشراً حيث ركزت قواها على أن الإنسان نشئ من خلال التطور الذي حصل في الحياة وبذلك فقد طعن بخلق الله للكون وللإنسان …! - ترى ماذا قال كل من كارل ماركس وفريدرتش نيتشه بهذا الخصوص ؟ لماركس كلمه مشهورة في الدين حين قال [ الدين أفيون الشعوب ] بينما قال نيتشه كلمته المشهورة [ الدين ثورة العبيد ] ثم أضاف ليقول رأيه بصراحة أكثر ..![ لا تزدهر أمة الدين فيها مزدهر ] ..! - ولكن ماذا عن المفكرين العرب ..؟ وكيف كانت آرائهم بشأن الدين …؟ سنأخذ آراء أربعة من أبرز المفكرين العرب – وبغض النظر من أن آرائهم وأفكارهم كانت ترضي أو تخاصم ، مع أو ضد – ومن أبرزهم في هذا المجال هو د.د.د. طه حسين [ 1889- 1971 ] الذي نشر كتابه الذائع الصيت الشعر الجاهلي – 1926 م والذي عبر عن رأيه في الدين بحرية تكاد تكون غير مألوفة لدى معاصريه من حيث الطرح والجرأة ، إذ جاء في كتابه يقول { للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل ، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضاً ، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي ، فضلاً عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها ، ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة نوعاً من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة ، والإسلام واليهودية والقرآن والتوراة من جهة أخرى ..!! وأقدم عصر يمكن أن تكون قد نشأت فيه هذه الفكرة إنما هو هذا العصر الذي أخذ اليهود يستوطنون في شمال البلاد العربية ويثبتون فيه المستعمرات . فنحن نعلم أن حروباً عنيفة شبت بين هؤلاء اليهود المستعمرين وبين العرب الذين كانوا يقيمون في هذه البلاد ، وانتهت بشيء من المسالمة والملاينة ونوع من المحالفة والمهادنة . فليس يبعد أن يكون هذا الصلح الذي استقر بين المغيرين وأصحاب البلاد منشأ هذه القصة التي تجعل العرب واليهود أبناء أعمام ، لا سيما وقد رأى أولئك وهؤلاء أن بين الفريقين شيئاً من التشابه غير قليل ، فأولئك وهؤلاء ساميون } . المفكر العربي الآخر الذي أبدى آرائه بصراحة ووضوح دون خوف أو ارتباك هو الكاتب السعودي المعروف عبد الله القصيمي [ 1907 – 1996 ] له مؤلفات عدة تناول فيها موضوعات الدين والله والإيمان وأهم تلك الكتب التي تناولت موضوع الدين هو كتاب العرب ظاهرة صوتية جاء في أحد فقراته { لنعود إلى قضية الدين والأخلاق ، والإيمان والأخلاق ، وهل الدين أو الإيمان يحرض ويساعد على أن تكون الأخلاق قوية وملتزمة أو على أن تكون ضعيفة ومتحللة ؟ لنرى ما تقوله الكتب المقدسة المبشرة والميسرة والمتسامحة والغافرة بسخاء لا حدود ومثال على ذلك تقول تلك الكتب - ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقطنوا من رحمة الله ، إن الله يغفر الذنوب جميعاً ) هل يوجد تحريض على التحلل من الالتزام الأخلاقي والديني أو تهوين من قيمة هذا الالتزام بل أو إلغاء لكل القيم الأخلاقية والدينية والإنسانية مثل هذا ؟ أنه أسلوب عجيب فريد من أساليب المبايعة والمعاهدة والوعود القاطعة لكل الآثام والعفونات بالتسامح والغفران بل بالمصافحة والمعانقة والحب والتقبل والرضا الصادق الحار} وفي فقرة أخرى من نفس المصدر يذكر { اذكروا أن جميع وثنيات التاريخ تتصاغر وتهون وتموت وتغفو أمام وثنية نبي واحد من أنبيائكم الذين جاءوا إليكم ليعلموكم التوحيد وليهدموا كل الأوثان والوثنيات الصغيرة البريئة المتواضعة المسالمة الصديقة الإنسانية الغنائية الفنية التي لا تصنع أو تعد أو تتقبل أو تبارك شيئاً من النيران أو المخاوف أو العقاب أو الحساب أو الأحقاد أو العداوات أو الحروب أو الخصومات أو التصورات الكئيبة الرهيبة المتوحشة التي يعدها ويصنعها ويوعد بها ويتقبلها ويباركها بل ويصلي لها وبها جميع أنبيائكم القادمين من وراء الكون ليعلموكم التوحيد والإيمان والحب والجمال والحنان والرحمة } ثم يقول كلمته المشهورة { أجل أعلموا وتذكروا أيها المؤمنون بأديان التوحيد السماوية الكبرى أنكم لستم إلا عبيد وثنية ، وثنية هي أطغى وأقبح وأشمل وأكثر بداوة وجاهلية من جميع الوثنيات ..!! إنكم لستم مؤمنين ولا موحدين ولكنكم عباد قبور وأحجار ومزارات وكعبات ومغارات ونصوص ورجال من البدو تحولت أحقادهم وعداواتهم وبداواتهم وضعفهم وتشوهاتهم وأحزانهم ومجاعاتهم وآهاتهم وجميع عاهاتهم وتفاهاتهم ونقائصهم الشخصية إلى تعاليم وتعاويذ وتسابيح وصلوات وأخلاق وشعارات وكتب منزلة تتعلمونها وتعلمونها وتحفظونها وتروونها وتفسرونها وتصلون لها وبها }…! أنظر ما يقوله في هذه الفقرة ( من نفس المصدر ) : إننا أحياناً نفترض وجود من لا وجود له لأن هذا الافتراض يجعلنا نستطيع أن نهتف ونصلي ونشكو ونتكلم ونغني ونبكي دون أن نحتقر أنفسنا وعقولنا ، أو نتهم أنفسنا أو يتهمنا الآخرين بالجنون لأننا نفعل ذلك مع من لا وجود له …!! إن حاجتنا إلى التحدث قد جعلتنا نهتف بالآلهة ونصلي لها أكثر مما جعلنا نفعل ذلك علمنا بأنها سوف تسمعنا وتستجيب لنا ، ومن اقتنع بأنها تسمع فقد اقتنع لأنه محتاج إلى التحدث لا لأنه قد اقتنع حقاً …!! هل جاء أي واعظ أو معلم كبير أو نبي إلا لأنه يريد أن يكون سلطاناً ، أو إلا لأنه يعيش في داخله أفتك وأقسى وأشمل سلطان ؟! هل يمكن أن يكون في أي سلطان من معاني السلطان مثل ما في أي نبي من هذه المعاني السلطانية ؟! أو هل جاء أي سلطان إلا وهو يريد أن يكون نبياً ومعلماً ؟! وهل يقبل أي نبي أن يكون نبياً فقط دون أن يكون سلطاناً ، أو يقبل أي سلطان أن يكون سلطاناً فقط دون أن يكون نبياً ؟! أليس كل سلطان نبياً وكل نبي سلطاناً ؟! أليست النبوة والسلطانية أسلوبين وتعبيرين عن تفسير واحد ؟! . لنأخذ رأي الناقد والكاتب المصري المعروف والذي تحول بأفكاره وآراءه وليؤسس حزب متشدد بعد ذلك ( حزب أخوان المسلمين ) ليعتقل لتطرف أفكاره ثم يقوم ومن داخل السجن بإصدار كتاب من أكثر الكتب تشدداً وتطرفاً ( معالم في الطريق ) ليعدم على أثره ، نقصد به [ سيد قطب ] 1906 – 1966 ، ترى ما هي أراءه في الدين وما هي الخطورة التي يتحدثون عنها في تلك الأفكار … لننظر ماذا يقول في كتابه ..[ الإسلام لا يعرف إلا نوعين اثنين من المجتمعات ، مجتمع إسلامي ومجتمع جاهلي ..! فالمجتمع الإسلامي هو المجتمع الذي يطبق فيه الإسلام عقيدة وعبادة وشريعة ونظاماً وخلقاً وسلوكاً بينما المجتمع الجاهلي هو المجتمع الذي لا يطبق فيه الإسلام ولا تحكمه عقيدته وتصوراته وقيمه وموازينه ونظامه وشرائعه وخلقه وسلوكه ] …! أي وبمعنى آخر يريد أن يقول العالم نصفين ، عالم إسلامي وآخر جاهلي … إذاً ومما تقدم عرفنا أين تكمن خطرة أفكاره ، ولكن هل توجد أفكار في الكون كله أخطر من تلك التي نادى بها سيد قطب ( رحمه الله ) …؟! لا أعلم ، وأن وجدت فلا أريد أن أعرف أين ولمن تعود ..!! - لنرى ماذا قال الدكتور والباحث في علم الاجتماع العراقي المعروف علي الوردي ( 1913 _ 1995 ) في موضوع الدين : إن العبادة الحقة تنفع الفرد نفسياً ، فهي تبعث الثقة والطمأنينة في قلب الإنسان وتجعله متفائلاً يسير في الحياة وهو معتقد بأن هناك رباً يرعاه ويعنيه على حل المشاكل ، كما أن الاعتقاد يبعث الثقة في الإنسان ويوحي إليه بالنجاح والشفاء والطمأنينة ، ولكنه‘ في نفس الوقت يمنعه‘ من ممارسة الحياة ممارسه واقعية حكيمة ، ويجعله‘ أميل إلى اعتناق السخافات والأباطيل منه‘ إلى مواجهة الحقائق المرة !!. هذا ولكن رجال الدين عندنا قللوا من هذه المنفعة النفسية التي يجنيها الفرد من العبادة حين جعلوها محفوفة بالفروض والشروط الدقيقة ، فالعابد الذي يعبد الله على هذا المنوال لا يستطيع أن يتفرغ بقلبه لدعاء ربه واستمداد العون منه ، ذلك لأنه يكون أثناء العبادة مشغولاً بأداء التفاصيل المعقدة ، إذ هو يخشى أن تفوته منها شيء . كما يقول : لقد رأينا من المتعبدين من يقضي وقتاً طويلاً من الوضوء لكي يقوم به على وجه الدقة المطلوبة ، وفي الصلاة لكي يؤديها كما ينبغي ، وتراه أثناء الصلاة يمط شفتيه ويلوي لسانه في كل حرف ينطق به لكي يخرجه من مخرجه المفروض ، وبهذا يضيع عليه الصلاة ولا يبقى لديه منها غير الرسوم والحركات المجردة ، أثقل الله رؤوسهم بالهموم !!. وفي مقام آخر يعبر الدكتور علي الوردي عن رأيه فيقول : أن كل واحد منا نبي أو ساحر إلى حد ما أو على وجه من الوجوه ، فالنبوة أو السحر كامنان في أعماق نفوسنا بدرجة ضعيفة أو قوية ، وكثير ما نستفيد منها في حياتنا العملية من حيث لا نشعر !!. ثم يقول : أن خلاصة القول ( أن في أغوار الاشعور قوى مبدعه تستطيع أن تقود الفرد في سبيل النجاح - الإبداع – لو أحسن استثمارها وطهرت مما يلحق بها من أدران الهوى والعاطفة الممسوخة ) . كما نراه يقول كلمته المشهورة ( رضي الله عنه ) : غريب أمر هذه الأمة ، فالفرد فيها مزدوج الشخصية ، والمجتمع منشق الضمير!.
مما تقدم نرى أن النظريات حول أصل ومنشأ الدين كثيرة جداً ومختلفة الواحدة عن الأخرى في نفس الوقت ، وينقصها كما ينقصنا الدليل المادي كما يقولون … ولكن تخبرنا سجلات التاريخ المنصفة … !! أن تشتت العرق البشري من بلاد ما بين النهرين وحيثما ذهبوا كانوا يحملون معهم ذكرياتهم واختباراتهم وأفكارهم ومعارفهم وتجاربهم ومع الوقت وأينما حلوا جرى هناك تفصيل وتغيير لتلك الخبرات والذكريات والمعارف والتجارب لتصبح فيما بعد أساس الدين في كل جزء من العالم ، ثم نتجت من ذلك الأساس السومري البابلي القديم كل الديانات المعروفة في العالم الآن بعد أن أضافوا لها طقوسهم وشعائرهم وممارساتهم وعقائدهم الخاصة ، لينتج في آخر الأمر دين جديد .
#هيثم_نافل_والي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة قصيرة بعنوان / مبارزة
-
قصة قصيرة بعنوان / السر
-
قصة قصيرة بعنوان / جنون الحزن
-
قصة قصيرة - بعنوان قرار
-
السحر وعلاقته بالدين
-
قصة قصيرة بعنوان لا مبالاة
-
مشهد بعنوان مصير الشيطان
-
قصة قصيرة بعنوان الصرخة
-
قصة قصيرة
المزيد.....
-
الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
-
المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
-
أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال
...
-
كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة
...
-
قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ
...
-
قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان
...
-
قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر
...
-
قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب
...
-
قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود
...
-
قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|