|
الاعلام العربي والثورات العربية
نادية حسن عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 3316 - 2011 / 3 / 25 - 12:12
المحور:
الصحافة والاعلام
وجوه متنوعة للإعلام العربي خلال فترة الثورات، فمنه من كان ناصعا حرا، ومنه من روج الاتهامات للشباب العربي بالعمالة مع الخارج، وتنفيذ مؤامرات غربية.
"عشنا مع الشباب لحظات الألم ولحظات الانتصار. وهناك محطات أخرى تعثرت بشكل ملفت للنظر، حيث نقلت أخبار كاذبه وشوهت الحقائق"
"بعضهم شوه الكثير من الحقائق، كما هي الصور التي روجت لها بعض وسائل الإعلام عن ثورات الشباب العربي، بهدف تحويل حركات التحرر والمدافعين عن حقوق شعوبهم إلى عصابات مسلحة، وخارجين عن القانون، ومندسين، وعملاء للخارج"
تسارعت الأحداث في الشارع العربي بشكل ملفت للنظر منذ بداية العام الحالي، حيث قام الشباب العربي بالمطالبة بالحرية والكرامة في كل من تونس، ومصر، وليبيا، والبحرين واليمن وغيرها. وكان للإعلام العربي خلال فترة الثورات وجوه متنوعة، فمنه من كان ناصعا حرا ومنه من روج الاتهامات للشباب العربي بالعمالة مع الخارج، وتنفيذ مؤامرات غربية.
لقد ساهمت وسائل الاتصال والإعلام الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي بتشجيع الشباب للثورة وعززت طرق التواصل بينهم. ويؤكد لنا التاريخ مرة أخرى أن الإعلام ووسائل الاتصال هي القوة الأكثر تأثيراً في مسار حياة الشعوب واتجاهاتها وقيمها. والإعلام بحد ذاته أداة قوية ومؤثرة، وإذا ما أحسن استخدامها، استطاعت أن تؤثر بشكل ايجابي في الترويج للقضايا الحقوقية، وخاصة إذا ما وجهت نحو قضية أو شعب ما، فإنها قادرة على احراز الآثار والنتائج.. وقد مكنت وعززت قدرات الشباب في التواصل والتجمع والمشاركة الحقيقية في الثورة، وهكذا أصبح زمننا زمن قوة تأثير الإعلام والاتصالات في إدارة حياة الشعوب وخلق معاناتها أو سعادتها...
أطلت علينا معظم الفضائيات العربية بمتغطيات خاصة وحصرية وهي تنقل أخبار الثورات العربية وتغطي كافة أنشطتها وتفاعلاتها على مدى 24 ساعة. منها من كان مميزا وبارعا، نقل لنا الصورة الحقيقية وعشنا مع الشباب لحظات الألم ولحظات الانتصار. وهناك محطات أخرى تعثرت بشكل ملفت للنظر، حيث نقلت أخبار كاذبه وشوهت الحقائق وفق مصالح الذين يملكونها أو الدول التي تدعمها. ومنهم من لعب على الحبلين، ونقل الخبر وفق مصالحه واستراتيجيته من خلال ازدواجية المعايير بالتعامل مع الثورات، فساعة يروج لها في دولة ما، وفي بلد آخر ينقل أخبار كاذبة ويشوه الحقائق ويستعمل لغة خشبية وقوالب جاهزة لوصف شبابنا العربي.
لقد قامت بعض الأنظمة الحاكمة في الدول العربية، بتشويه سمعة ثورة الشباب العربي، (كما حدث في مصر وتونس وليبيا والبحرين واليمن) وإلصاق التهم بشباب الثورة، وخاصة بالعمالة للخارج وبأنهم يعملون وفق أجندات خارجية. كما اتهمتهم، بأنهم عصابات وبلطجيه تروع المواطنين. واتهمتهم باستخدام الأطفال كدروع بشرية، وبأنهم يتعاطون حبوب الهلوسة، وتقاضي مبالغ مالية بما فيها وجبات الكنتاكي، حتى انها وصلت إلى اتهام قوى خارجية بإدارة وتنفيذ الثورات.
إن غالبية الدول العربية، رغم تتطورها الإعلامي الذي حصل مؤخرا،إلا أنها ما زالت تستخدم أسلوباً جامدا وقد يكون خشبياً في السيطرة على مضمون وسائل الإعلام فيها، وبعضها يستخدم الرقابة المسبقة على الموضوعان الحساسة، وبعض الحكومات تستخدم الرقابة المباشرة. وفي بعض المحطات العربية تتحدد القيم الإخبارية في ضوء الاعتبارات الإقليمية سياسياً وثقافياً. لقد استخدمت الكثير من المحطات الفضائية العربية، هذه الأساليب لتشويه ثورات الشباب العربي وتفريغها من مضمونها.
الكثير من الحقائق تتشوه صورها أو تفقد أحقيتها وربما تتحول إلى صورة أخرى غير الصورة الحقيقية، كما هي الصور التي روجت لها بعض وسائل الإعلام عن ثورات الشباب العربي، التي ألصقتها وسائل الإعلام بهم بهدف تحويل حركات التحرر والمدافعين عن حقوق شعوبهم إلى عصابات مسلحة، وخارجين عن القانون، ومندسين، وعملاء للخارج.
إن حقيقة وسائل الإعلام (الصحافة، الدوريات، الإذاعة، والتلفزيون، الفضائيات، الانترنت) هي جميعاً وبلا استثناء تخضع لسياسات دول أو شركات تتلقى دخولها وتمويلها من مؤسسات متخصصة، توجهها نحو سياسة معينة، هدفها الحفاظ على النظام القائم ودعمه وحمايته، وبذلك فهي لن تكون محايدة أو موضوعية إطلاقاً، وان ادعت بشكلها الظاهري هذا الادعاء، ولكنها في الحقيقة على العكس تماماً مما تدعي، فما حصل مع شبابنا خلال الثورات العربية والاتهامات التي تعرض لها، إنما ينطوي بداخله على أبعاد ليست مرئية للعيان لدى الأفراد العاديين، أو الساذجين اللذين يصدقون الإشاعات والاتهامات لشباب يناضل في سبيل الحق والعدل والحرية .
وكلنا نعرف أن التعتيم الإعلامي الأمني يتسبب في انتشار الإشاعات التي تساهم في خلق البلبلة في المجتمعات المغلقة، وترويج لأكاذيب تهدف مصالحه الأمنية.
ان الإعلام الوطني الصادق والحر يجب ان يساعد على معرفة الحقيقة دون التعرض للإشاعات المغرضة التي تكون أضرارها كبيرة، حيث تحرض على العنصرية والمذهبية التي قد تتسبب في الحرب الأهلية كما حصل في لبنان. وفي ظل العولمة الإعلامية وانتشار القنوات الفضائية الإذاعية والتلفزيونية وشبكات الانترنت العربية، وغير العربية لم يعد بمقدور أي دولة التحكم في سياسة إعلامها ، كما كان سابقاً، إلا من خلال وسائلها الإعلامية المملوكة فقط والتي سوف يترتب عليها عدم مشاهدتها إلا في المناسبات الوطنية المهمة، لذا فالقيود الإعلامية أوشكت على التلاشي في ظل العولمة الكونية، وحل بدلاً عنها الانفتاح الإعلامي. ولم يعد بمقدور أحد أن يخبئ الحقيقة.
إن الإعلام الناجح القادر على إقناع الرأي العام في الداخل والخارج، هو ذلك الذي يسعى لتنوير الرأي العام بطبيعة الأحداث، ويقدم تفسيرات متوازنة لها، ويزيد من وعي الجماهير وقدرتها على فهم الأحداث. إن إعلاماً كهذا لا بد من أن يستند إلى أسس علمية من التخطيط الإعلامي الدقيق القائم على استقراء قدرات أجهزة الإعلام الحالية وإدراك طاقتها وإلغاء عيوبها القديمة. فالإعلام الناجح قائم على فهم الثابت والمتحول في العمل الإعلامي مع القدرة الفائقة على معرفة حساب الاحتمالات. وفي أوقات الأزمات يكون هذا الإعلام في أمسّ الحاجة إلى التخطيط للحملات الإعلامية الهادفة إلى مخاطبة الرأي العام وإحداث الأثر المطلوب فيه. كما أن مهمة الإعلام تتعدى عملية نقل اتجاهات الرأي العام وحسب، لتشمل كذلك عملية صنع الرأي العام، وإلا ستكون أجهزة الإعلام بمثابة حمام الزاجل الذي تقتصر مهمته على نقل الرسائل من طرف إلى آخر
من واجب الإعلام النزيه أن يكون حيادي ويغطي الحدث بشكل مباشر وبحضور محللين ومختصين من أماكن وقوع الأحداث ليضع المشاهدين بالصورة الحقيقية للحدث. إن الوضع العربي الحالي يتطلب إعلام حر مبني على أسس علمية وفكرية وحديثة ولا يستنسخ الأفكار والآراء الخشبية والجامدة المحضرة في قوالب جاهزة.
الدكتورة شذى ظافر الجندي دكتوراه في العلوم السياسية حقوق الانسان ومكافحة الفساد والتنمية
25 آذار 2011
#نادية_حسن_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استخدام اللغة الخشبية للتعامل مع شبابنا العربي
-
ثورات شبابنا العربي تطالب بالاصلاح السياسي
-
الفوضى الخلاقة وثورة الشباب العربي
-
ثورات الشباب العربي لاسقاط الدولة الأمنية - التحرر من الخوف
-
ثورة الشباب في وطننا العربي ... تطالب بمكافحة الفساد..
-
ليبيا تتعرض لخطر الانقسام، خطر الحرب الاهلية، وخطر التدخل ال
...
-
العنف! ..... إلى متى سيعاني شبابنا العربي
-
ثقافة الخوف، هل نحن أمام تغيير
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|