|
لكن الأسد لا يزأر في دمشق!
محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 3316 - 2011 / 3 / 25 - 08:24
المحور:
حقوق الانسان
شِبلُ الأسد ليس بالضرورةِ مـَلِكَ الغابةِ حتّى لو أوهمته فِئرانُها وأرانِبُها البريّة أنَّ عَرينَه عَرْشٌ لا يَفْنىَ، وأنه ورثَ عن أبيه الـُملْكَ وحقَّ افتراسِ كل الكائنات الحيّة فوق الأشجار وتحتها وعلىَ حافة النهر. أسدُ دمشق ورثَ المـُلْكَ في ربع ساعة تحت قُبّة برلمانٍ يستخدم أعضاؤه الأيدي في المصافحة والتصفيق فقط، ولو أعلن رئيسُ مجلس الشعب بعد رحيل الأسد الأب أنَّ الأشبالَ يرثون الحـُكْمَ قبل الفِطام لـَمْا تردد في التصفيقِ عُضوٌ واحِدٌ! طبيبُ العيون الشاب لم يـَعُدْ قادراً علىَ الرؤية فالرياحُ المـُحَمَّلَة بِغُبارِ الغضَب تأتيه من الأردن واليمن والبحرين والجزائر والجماهيرية العُظمى فتخترق قلبَ العروبة النابض زنقة .. زنقة، فإذا سقط النظامُ الطائفي في لبنان فلن يكون له نصير في ضيعة فيروز، فكل الثورات العربية تطالب بالديمقراطية، أما ثورة الأَرز فيبحث أصحابُها عن انصهار مواطنين في وطن أعطى العربَ الموسيقى والغناءَ والجَمال ومشهيات الطعام، فجاستْ أجهزةُ الاستخبارات العربية والغربية والاسرائيلية في كل شبر من سويسرا الشرق. خمسون عاما من قانون الطواريء في سورية، ولا يزال ساكنُ القصر في دمشق يظن بأنَّ تجَـَمُّعَاً يَضُم عشرة سوريين قد يمثل تهديداً لأمْنِ الوطن، حتى لو كانوا يتحدثون عن آخر المسلسلات التلفزيونية! هل رأيتَ سورياً يستطيع أنْ ينظر في عينيّ ضابط أمن في مطار العاصمة أو علىَ الحدود مع الأردن أو العراق أو لبنان؟ الوحيد الذي تمكن من البحلقة في عيون مُستقبليه كان إيللي كوهين ، فتمكن بعد وصوله بعدة سنوات من الوصول أيضا إلى الرجل الأول في حزب البعث العربي الاشتراكي، رغم فلسفة ميشيل عفلق عن الحذر من رجال تل أبيب! النظامُ السوري يساعد رسول الصحراء المجنون لابادة شعبه الليبي العظيم، فما الذي يربط بين سيد القصر في دمشق و .. سيد الخيمة في باب العزيزية؟ الثاني يختطف ضيوفه، أما الأول فيختطف جيرانَه و .. مُواطنيه! الأول يقنع ضيوفَه في المخيمات الفلسطينية أو السجون أن الوطن السجن حماية لأمةٍ عربيةٍ واحدةٍ، ذاتِ رسالةٍ خالدة، والثاني يُلقي بهم في صحراء السلوم إذا غضب عليهم، ويستبدل بهم ضيوفا سُمْرَ الوجوه جاءوا ليعيشوا في كـَنَف مَلِك ملوك أفريقيا. في نظام الأول دفنتْ سرايا الدفاع مئات السوريين في مقبرة جماعية بعد تصفيتهم، أما نظام الثاني فاكتفىَ بتصفية مئات من معارضيه في سجن أبو سليم دونما حاجة لسرايا من اللجان الشعبية. الثاني يرى أنَّ مَنْ تحزّب فقد خان، أما الأول فيؤمن أنَّ مَنْ خان فهو ليس حِزبيا! الأول تحالف مع كل أطراف الحرب الطائفية في لبنان ضد خصومها، والثاني طلب منهم أن ينتحروا، وتساقطت دموع التماسيح على وجهيّ القائد المهيب والقائد المفكر، ودفع الليطاني ثمنا غاليا للفرات و .. للاصطناعي العظيم. الأول لم يُحرك شعرة واحدة في رأس أي قائد عسكري صهيوني، فالجولان أكثر هدوءا من شوارع آيسلندا صباح يوم الأحد، والثاني أقنع نتنياهو أن العرب ظاهرة صوتية. الأول يتحالف مع الإمام الإيراني، والثاني اختطف الإمام اللبناني! الأول لديه أجهزة أمن تستطيع أن تستدعي مَلَكَ الموت لقبض روح السوريين كلهم في وقت قصير، والثاني يقوم فعلا بتحرير ليبيا من سكانها في وقت أقْصَرّ، ويراهن على أنه الأكثر دموية! ماذا لو سقط الأُسُود الثلاثة في صنعاء ودمشق وطرابلس الغرب في أيام معدودات؟ أغلب الظن أن قلوب آلاف من العرب ستتوقف من الفرحة والبهجة والسعادة، لكن لو بالغت في أحلامي، وتمنيت سقوط البشير وبوتفليقة معهم، فلست مسؤولا عن قلوب ضعيفة لا تتحمل مزيدا من الفرح! شهر ابريل سيفقد كذبته الشهيرة، وسقوط طاغية خلاله سيهزم الباطلَ بالضربة القاضية، لكنني متفائلٌ بانتهاء عصر طاغيتين، وأخشى علىّ قلبي من الفرحة بسقوط الثالث في نفس الشهر. السوريون على موعد مع الحرية، وأجهزة الأمن التي صنعت جحيما في أقبية السجون والمعتقلات لن تجد ملاذا آمنا من غضب السوريين إلا بالتوجه إلى تل أبيت، وطلب اللجوء السياسي، فزبانية التعذيب حملوا معهم دائما روحَ إيللي كوهين. أيها السوريون، جنة الخلد تحت أقدام الثوار، ونزعُ الخوف ليس له غيرُ طر يقٍ واحد: الشعبُ يريد اسقاطَ النظام! لا يصحُّ ، عقليا ومنطقيا وثوريا ووطنيا وقوميا، أن يثور العرب كلهم قبل السوريين، فالشعب السوري كان دائما صانعَ الغضب، وقد آن الوقت الذي يُغطي هديرُ الجماهير الحرة، والوحدوية، والمؤمنة بالله والوطن والكرامة سوريةَ من لاذقيتها إلى طرابلسها، ومن حلبها إلى حِمْصها، ومن دمشقها إلى (حَماة) الحزن التي أحياها أملُ سكانها بعد موتها بأيدي سرايا الدفاع. عندما ينسى السوري أنه سُنّي أو شيعي أو علوي أو كردي أو مسيحي، وتبقى الكرامة حاملة الهوية السورية فقط، فإن طريقَ سقوط النظام يصبح أقصر الطرق إلى تحرير الوطن .. السجن. وسلام الله على سورية.
محمد عبد المجيد رئيس تحرير مجلة طائر الشمال أوسلو في 25 مارس 2011 [email protected]
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وأخيرا سيسحل الليبيون الطاغية المهرج
-
يا ليلة الشباب آنستينا
-
يا شباب مصر .. لا تصدّقوهم!
-
ألن تغرب عن وجوهنا؟
-
صباح الشباب يا مصر!
-
قُم يا مصري في 25 يناير
-
أكاد أرى سراويل مبللة!
-
بعض العزاء قتل جديد
-
التونسيون ينتفضون قبل المصريين!
-
حيرتي مع الدكتور البرادعي!
-
الحلقة التي أزعجت عائلة مبارك
-
خطاب مبارك في مجلس الشعب
-
رد من الرئيس مبارك على دود الأرض
-
رسالة من دود الأرض إلى الرئيس مبارك
-
مقطع من يوميات شاب سعودي
-
مقطع من يوميات مواطن قبطي
-
روح العرب تصعد في فرانكفورت
-
أنا حمار لأنني أحرّض المصريين!
-
برقية عاجلة للدكتور محمد البرادعي
-
مواطنون في الغربة و .. مغتربون في الوطن!
المزيد.....
-
كولومبيا عن قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وج
...
-
تتحجج بها إسرائيل للتهرب من أمر اعتقال نتنياهو.. من هي بيتي
...
-
وزير الدفاع الإيطالي يكشف موقف بلاده من أمر اعتقال نتنياهو
-
مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت.. فما هي الخطوات المقبلة؟
...
-
ماذا بعد صدور مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت؟
-
العمال المغاربة الموسميون بأوروبا.. أحلام تقود لمتاهة الاتجا
...
-
الجزائر تستعجل المجموعة الدولية لتنفيذ قرار اعتقال نتنياهو و
...
-
فتح تثمن قرار المحكمة الجنائية الدولية: خطوة نحو تصويب مسار
...
-
نتنياهو: قرار المحكمة الجنائية الدولية إفلاس أخلاقي.. ويوم أ
...
-
السلطة الفلسطينية تُرحب بإصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغا
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|