أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - أنت أمي أنت ملاكي وليست الأخرى التي ولدتني وتركتني للذئاب














المزيد.....

أنت أمي أنت ملاكي وليست الأخرى التي ولدتني وتركتني للذئاب


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 3315 - 2011 / 3 / 24 - 15:02
المحور: الادب والفن
    



كانت بالخريف الثامن عشر من عمر الوجع ، عندما قررت مغادرة قريتها الغير معترف بها، الواقعة في النقب، بعد أن ادخرت مبلغا وقدرة ألف شاقلا جديد من مصروفها الشخصي، للانطلاق إلى يافا عروس البحر المتوسط، بعيدا عن الذئاب الذين جردوها من طفولتها، براءتها وعنفوانها، بعد أن شاخت قبل أوانها، يافا والشارع سيكونان أرحم عليها من زوج والدتها وأبناءه الذين كانوا يعتدون عليها ويمارسون شذوذهم بعنف وشراسة لا مثيل لهما.
كانت أمها سلبية جدا، إذ تجردت من كل معاني الأمومة السامية والإنسانية المطلقة. كانت تعرف كل ما يحدث بكافة التفاصيل المقززة، ومع هذا، لم تحاول ولو مرة إيقاف المهزلة. صمتت صمت النعاج في حين كانت تذبح ابنتها روحيا يوما بعد يوم.
كان جل همها يتمحور حول كيفية الحفاظ على اسم عائلتهم، سمعتهم، ومظهرهم أمام الناس.
أخيرا وصلت لبحر يافا، كان والدها يصطحبها كل صيف إلي بحر يافا، آخر مرة احتضنت بها بحر يافا كانت في ربيعها الثامن، وبعد أن رحل والدها اختارت أمها أن تتزوج مرة أخرى.
ومنذ ذلك اليوم وبرد الشوق ليافا يصفعها فترتعد الذاكرة.
تأملت يافا، مآذنها، أجراس كنائسها، بحرها، واجتاحتها جيوش الذاكرة. استعادت صور الطفولة، رائحة عرق والدها وهم يبنيان معا مجسمات من الرمل. تنهدت بصوت عال لفت انتباه رجل وسيدة يجلسان على مقعد مقابل لذاكرتها. لا تعرف كيف خانتها دموعها حينها، بدأت تبكي بحرقة شديدة، وتنادي أبي حبيبي لماذا تركتني ورحلت؟!
تمرد على الموت وانتصر عليه، وعد للحياة لتحميني من الضياع والعذاب لتنتقم لي، فقد قتلتني الذئاب اللئيمة. آه يا أبي كم أحتاجك الآن، إني قادمة إليك قادمة إليك لا محال...

فجأة، شعرت بيد تربت عليها من الخلف، ابتسمت وتساءلت بسرها هل عاد أبي إلى الحياة؟!
أما زالت المعجزات تتحقق؟!
التفتت إلى الخلف فخاب ظنها، إذ وجدت نفسها أمام رجل وسيّدة غطى شعرهن الشيب.
شعرت بدوار شديد وبدأت ترتجف كأنها ورقة في مهب الريح. استجمعت قواها وقالت: من انتم؟ وأين كنتم؟ ظننت أني الوحيدة هنا فنحن في فصل الشتاء.
أنا فاطمة يا حبيبتي وهذا زوجي أحمد، نحن نحب البحر كل يوم.
قالت بصوت كصدى قادم من بين جدران الزمان: أنا زينة، أنهيت المدرسة قبل شهور، وجئت اليوم هنا لأبحث عن عمل شريف . إلا أني وجدت نفسي على شاطئ البحر.
ابتسم أحمد وقال: أنا أبحث عن موظفة، أي سكرتيرة لتساعدنا وزوجتي في عيادة الأسنان فما رأيك بالعمل معنا؟
حقا يا عمي؟! قالت زينة بلهفة غريق تعثر بغصن.
وتدخلت فاطمة حقا يا حبيبتي فنحن أهلك من اليوم .
- لكنكم لا تعرفونني.
- نعرف انك هدية السماء لنا، فنحن لم نرزق بأطفال رغم انه مر على زواجنا أكثر من عشرين عاما.
ابتسمت زينة وقالت: وأنا من اليوم لن أعود يتيمة أكثر، فأنت أبي وأنت أمي.
ودارت السنوات وتخرجت زينة من كلية طب الأسنان بتفوق، وبعد عام من تخرجها رزق الله السيد أحمد والسيدة فاطمة توأما جميلا. حرصت زينة كل الحرص على مساعدة والدتها الحقيقية على تربية أخيها وأختها، وبعد مرور خمس سنوات، ماتت فاطمة وتركت حزنا وحسرة شديدان في نفس زينة وزوجها، وأصرّت زينة أن تربي إخوتها بنفسها وتعتني بوالدها ورفضت مبدأ الزواج،
ولا تزال زينة لغاية اليوم تعتني بإخوتها الذين يدرسون حاليا بالمرحلة الإعدادية وهم من المتفوقين، وتدير عيادة أبيها البار وتحرص دائما على زيارة ضريح والدتها حيث ترقد بسلام لتقرأ لها الفاتحة وتقول لها:
أنت أمي أنت ملاكي وليست الأخرى التي ولدتني وتركتني للذئاب.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى الغالي نواف زميرو بمناسبة إصداره الجديد جسور الأمل
- أفضل أن أموت على أن أشارك بجريمة. وماذا.. باسم الحب؟
- لديكِ إمكانيّتان؛ إما التعامل معنا، أو سننشر صورَكِ بالصّوت ...
- إعلان شركة -بيئيمونا-: البيع لليهود المتدينين فقط!!
- قراءة أولى في مسرحية هزار سالم شكري
- في الذكرى السنوية لطيب الذكر فؤاد فائق عازر
- حوار مفتوح وصريح مع الشاعر نزيه حسون
- نحنُ مَنْ قتلْنا الإنسانَ فينا أميّ!
- مِن خربشاتِ الرّوح
- ختان الاناث جريمة، بل إنه من أقسى درجات المحرمات حسب منطلق ك ...
- لن يتكرر هنا ثانية ما كان عام1948
- خلود طنوس بعدستها تعري حقيقة القمع
- محادثة صباحية مع الشاعر ناصر عطالله
- محادثة صباحية مع ناصر عطالله
- إنّه اللّيلُ يا أحمق!
- ظاهرة تشغيل فتيات قاصرات من الضفة والقطاع بالدعارة
- الكلّ يتقيّأ الحياة
- حكاية نجمِ حبٍّ خالد
- درويش انهض
- درويش.. إنهض


المزيد.....




- -نور وحركة في التنوع- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- “موت التوأمان أريك وإريك“ مشاهدة مسلسل house of the dragon ا ...
- السعودية.. تركي آل الشيخ يدافع عن فيلم -أولاد رزق 3- ويكشف ع ...
- بأجواء من القرن التاسع عشر.. موسكو تحيي فعالية -حفل بوشكين ا ...
- إيرادات فيلم -إنسايد أوت 2- تتجاوز مليار دولار عالميا
- ح1 جزء ثاني صلاح الدين.. تردد قناة الفجر الجزائرية الناقلة ل ...
- لبنان-.. -أبو سليم- يسقط على المسرح أثناء تكريمه (فيديو)
- مارلون براندو: -وحش التمثيل- الذي رحل قبل عشرين عاماً
- -متحف البراءة-.. بوح باموق من الصفحات إلى أعين الزائرين
- ترددات قنوات الكرتون .. تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 على ...


المزيد.....

- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - أنت أمي أنت ملاكي وليست الأخرى التي ولدتني وتركتني للذئاب