الإصلاح والديمقراطية بين رغبات الشعوب ورغبات أمريكا

عطيس

الحوار المتمدن-العدد: 218 - 2002 / 8 / 13 - 00:36
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

 

 

تلجأ الكثير من الحكومات والأنظمة, وجزء من القوى السياسية المتحالفة معها محلياً أو قطرياً إلى مهاجمة وانتقاد أية مطالب تصدر عن مثقفين أو سياسيين بالديمقراطية والإصلاح, بوصمها بأنها مطالب أمريكية ومرتبطة بمخططها وضغوطها. ببساطة, هكذا تبدو الأمور حالياً مع اشتداد مطلب أمريكا للسلطة الوطنية الفلسطينية بالإصلاح وكذلك انتقادها لبعض الدول العربية لذات الأسباب ومطالبتها بالإصلاح والشفافية. ومع دخول إسرائيل على الخط وتحدثها بهذه المطالب أيضاً, تصبح الأمور معيبة تصل إلى حدّ المأساة أو المهزلة, ولكن لأسباب أخرى.

   من المؤكد أن آخر ما يهم أمريكا أو إسرائيل, هو حدوث إصلاح أو شفافية أو ديمقراطية حقيقية في الدول العربية قاطبة وفي السلطة الوطنية خاصة. وهي, على العكس, تعمل على تعويق أي تطور أو إصلاح, وتفضل التعامل مع بلدان متأخرة, ضعيفة, ومع أنظمة معزولة, ومهزوزة شعبياً, وفاسدة. ولكن من غير المعقول أن تفصح أمريكا عن سياساتها هذه, خاصة أمام الرأي العام والإعلام العالمي. لذلك فالتصرف الأنسب هو إعلانها أنها مع الإصلاح والشفافية والديمقراطية, لتصبح وكأنها مطالب أمريكية أو حتى إسرائيلية, وبالتالي يصبح من يتحدث عن الإصلاح والديمقراطية ويطالب بها كمن يتحدث بنفس مطالب أمريكا, وبالتالي, تكال له تهم الارتباط معها وتنفيذ مخططها. وعليه يصبح المطلوب منه إما الصمت أو رميه بمثل هذه التهم.

   الوطني الحقيقي والغيور ( حسب زعمهم ) يجب أن يكون ضد السياسة الأمريكية, وبالتالي, ضد كل ما يصدر عن إعلامها أو إدارتها, وبالتالي يجب أن يؤجل كل حديث عن الديمقراطية والإصلاح والشفافية وعن كل مطالبة بتطبيقها, وخاصة أن الظروف غير مناسبة, ولعمري هذا هو المطلوب وهذا هو لب مخطط الإدارة الأمريكية التي تدعو ظاهرياً إلى الإصلاح والديمقراطية وتفعل عكس ذلك, مما سيسهل على الأنظمة التشكيك بمن يطالب بهذه الأمور ( بحجة أنها نفس مطالب أمريكا ) وبالتالي, وبسبب الخشية من هذه التهمة الخطيرة يلزم الكثيرون جانب الصمت ليسود استقرار واستمرار التردي والانحدار وكل ما يعيق تطور وإصلاح الأوضاع القائمة.

والمؤسف أن تخضع إلى مثل هذا الابتزاز بعض الحركات السياسية, عن حسن نية أو عن سوئها, للدفاع عن مصالحها الضيقة. وهي هنا, وبحجة الدفاع عن الوطن ومجابهة الضغوط والتحديات ومحاربة الأعداء والمؤامرات ومحاربة أمريكا, تحارب الديمقراطية وتحارب الإصلاح.

لكن العارف في الأمور يفهم مدى هزال هذا الخطاب ومدى مجانبته الصواب. والمؤسف إن مدّعي الوطنية والمزاودين بها كثيرون في سوق الإعلام وفي مواقع المسؤولية, وهم في حقيقتهم ضد كل تطور وإصلاح وأكثرهم من الفاسدين والذين يحاولون خلط الصالح بالطالح. وكما صار مألوفاً ومعروفاً, فكلما كثرت مفاسد أحدهم كبّر الصورة أو العلم أو الشعار الذي يرفعه, حسب موقعه أو دولته, وعلا صوته أكثر بالدفاع عن الصورة المشرقة الناصعة البياض للواقع العربي وللنظام العربي وللانتصار العربي
(أمجاد, انتصارات, إنجازات).

 

وليسقط الحاقدون المشككون بكل المنجزات

الشعوب تدرك هذه الأمور فهل يدركها المخدوعون؟

 

الرأي

 نشرة سياسية  يصدرها الحزب الشيوعي السوري

العدد12/تموز/ 2002

 

#عطيس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات