|
يوم الضحية على الجلاد
علي لطيف الدراجي
الحوار المتمدن-العدد: 3315 - 2011 / 3 / 24 - 14:26
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
انفجر ينبوع الثورة في معاقل التعسف في البحرين عازماً على تحطيم مناخ الإقصاء والتهميش الذي عانت منه الشيعة لعقود طويلة من الزمن حيث سادت قوانين العائلة المالكة التي تهيمن على امكانيات البلد وموارده وعلى فكر الانسان ونبضات قلبه،فأخضعت كل البحرين لأرادة القوة والصرامة وعمدت الى اخناق الصوت الذي ينادي بحقه ليس لأنه صاحب حق فحسب وانما لأنه شيعي ايضاً وهذا هو كل ذنبه. وعندما انتفض الشعب التونسي بوجه السلطة الغاشمة كانت هذه هي بداية النهاية لقصة الديكتاتور ونهر الدماء الذي ارتفع منسوبه الى اعلى مستوياته وتونس لم تكن لوحدها تصارع الألم في حلبات الموت وتذوق مرارة الخنوع على يد قائد المسيرة وتجود بنفسها تحت رحمته لابل ان امتنا العربية وهي خير امة اخرجت للناس قد اجهدت ببلاء هذه الأنظمة ووباء تسلطها فكل امة العرب ذهبت الى ماوراء الشمس،ومن ثم حددت سحابة التغيير اتجاهها نحو ارض الكنانة وأمطرت حبات نداها من بين وميض الصاعقة فنضجت الثورة في عقول الأحرار. وكلتا الثورتين التونسية والمصرية كانتا حدثاً كبيراً ارجفت النفوس واقلقت النوايا واخذت بعداً ستراتيجياً وحظيت بأهتماماً اعلامياً واسعاً لأن اسرائيل هي طرف مهم في كل ماجرى على الساحة الخضراء عامةً وفي عقر الفراعنة خاصةً،والقلق الأميركي والغربي لم يكن من اجل المظلومين ونزيف نحر انسانيتهم وانما من اجل هذا الطفل المدلل وحظه في المستقبل القريب خوفاً من وصول حكام جدد ربما يكرهون اسرائيل ومن يتسمى بهذا الأسم.وخوفاً على مايضر بالسلام والأمن في المنطقة فالحقيقة التي صنعناها وصدقناها نحن العرب قبل ان يرغمونا بذلك هي ان اردت ان تعيش بأمان فأن اصابع يدك يجب ان تشتبك بأنامل الصهيونية حتى تنام هادئاً على وسادتك وان اغرورقت بدماء الشعب. اما ثورة البحرين فهي لم تنل قدراً من الأهمية من الذين ينادون بالديمقراطية وحقوق الأنسان والعدالة الأجتماعية وهم يرون بكل دقة مايقترفه النظام البحريني من سلوك منافٍ لكل قيم السماء.فالأمم المتحدة والأتحاد الأوربي ودول عظمى عديدة تدخلت في ثورتي تونس ومصر ودعت الى الحذر في استخدام القوة المفرطة والعنف بحق المتظاهرين مع ان القوة التي استخدمت في اجهاض هاتين الثورتين ليس بالمستوى الوحشي الذي تمارسه اجهزة (آل خليفة) بحق بذور الثورة في البحرين،فلم تكتفي هذه العائلة بوسائل الظلم التي اعتادت عليها منذ ان رقدت على انفاس الشعب البحريني وانما عمدت الى التصعيد لأخماد لهيب الشارع بأي ثمن. الجميع يشاهد ويترقب هذه النهضة الشيعية بوجه الفئة الفاسدة وليس هناك من يروم التدخل والدفاع ويعلن ولو بكلمة انها جريمة ترتكب في وضح النهار وامام مرأى من العالم. وليس من دافع لهذا الصمت والسكوت سوى انها ثورة جديدة بلون جديد لمع بريقها ولمعانها وحملت تحت أضلاع صدرها عشق لاينتهي لقائد الأحرار وقدوة الثوار ورائد الفكر المحمدي امامنا وسيدنا ابي عبد الله الحسين(ع)..هذا العشق جعل الشاب الذي لايملك سوى صوته يسير امام الجيش والدبابة والمدرعة المدججة بالسلاح ويرمقها بعين الاحتقار وينتظر نفحة سمومها التي تمنحه الشهادة وعلى شفاهه(هيهات منا الذلة)،وهذا الشاب الذي يجعل من الحسين وثورته نبراساً كيف نقول له لاتخف من صوت الرصاص فإن الرصاصة التي تضربك لن تسمع صوتها وثمن حياته هي الحرية التي سرقت من الطغاة ورفضه لهذا الأستخفاف والهوان. ولم يبقى لـ(آل خليفة) ومنهج الكفر والفساد من حلول الا ان ينعتوا هذه الثورة بالطائفية ويرموا بشتى التهم على هذا وذاك و كيف يمكن لها ان تكون طائفية وهي لاتملك اي شئ لابل كل شئ يقف في طريقها،فهي تقاتل لوحدها في حرب غير متكافئة.فهي ثورة شعبية تكابد انواع الظلم امام جيش وقوات امن ومؤيدين من بحرينيين من اصول هندية اضافة الى دعم مايدعى بـ(مجلس التعاون الخليجي) والمتمثل بالعقارب الخمسة من عوائل آل سعود وآل ثاني وآل نهيان وقابوس وحمد وغيرهم من محبي الأطماع الدنيوية من شهوة السلطة والرغبة في التحكم والعشق للسلطان،اما الجانب الأخر من غير عرب الخليج فهم نائمون في العسل وفي منأى عن كل مايجري بعد ان نزلت ارجلهم في وحل نواياهم وسوء تفكيرهم فالجميع يفكر بمشاكله سواء لأكمال درس الطغيان بحق شعبه او مع اسرائيل اومع الديون او الجواسيس والعملاء والخونة او غارق في حرب الأخوة والدم الواحد او في قتل شعبه. واقليمياً نجد ان الجامعة العربية التي لاحول لها ولاقوة تشاهد مجرى الأحداث في صالة العرض العربي وان كانت لديها وقت فأنها ستخرج بأرائها التافهة والساذجة حيث علمتنا دائماً على مواقفها المخجلة من خلال تعاطيها مع ملفات الشأن العربي ونكباته الميمونة وعلى يد من..غير مهم..طالما الأمة العربية تنزف ولامشكلة في ذلك فهي نزفت من قبل واحتظرت وماتت سريرياً ثم تنفست ولاتزال في صراع مع همومها وهي في احضان ساستها النجباء!!! ان مايحدث في البحرين هي قضية من نوع اخر وربما تشترك مع تونس ومصر في بعض اسباب الثورة ودوافعها ولكنها تنفرد بخاصية اخرى لها وقع مؤلم في نفوسنا جميعاً وهي الفئوية الغاشمة لسلطة(آل خليفة) والعنصرية المبالغ فيها ضد من ينتمي للمذهب الشيعي في هذا البلد وتكبده معاناة الحرمان والبحث عن حقوقه في جيوب بلده بشكل تنبعث منه رائحة العداء والكراهية التي توارثتها هذه العائلة منذ سنوات طويلة،فهي تريد ان تعبث وتحكم وفق منطق القوة لخلق طوق من الحصار النفسي حول رقاب المظلومين دون ان يرفعوا اصواتهم ويقولوا..هذا غير ممكن او هذا خطأ،وهذا الأمر له نسخة اخرى خلف قضبان المعتقل السعودي وحكم آل سعود البغيض وجبروته ضد شيعة السعودية الذين يتقاسمون الأضطهاد مع اخوتهم في كل بقعة من الأرض يستشري فيها بلاء الطاغوت وفجوره،فهذه الطغمة الشريرة التي تخدع المتوهمين بسياستها وميلها لصيغة الحوار والتفاهم والنقاش والأستماع للطرف الأخر ليس لها اية نية لأصلاح مفهومها الخاطئ في الحكم وتعاملها مع الرعية وكل ما تعلن عنه ماهو الا عناوين جوفاء واكاذيب اعتادت عليها لابل كشفت طابعها الأجرامي في ذبح الشعوب التي لاتتفق معها ولاتجدد بيعتها للظالم الذي اجاد منطق انه لايعمل كل هذا(حباً بيزيد وانما كُرهاً بعلي). يجب ان يعلم الطغاة ومن بعدهم الشعب العربي بأن هذه الأنظمة الحاكمة هي ليست قضاء الله وقدره على الأرض وليست واقعاً يجب ان نرضى به رغماً عنا.فكل هذه الأنظمة السياسية تلتقي في طريق واحد وجميعها تتسم بلغة الباطل والتفرقة والشر المطلق والسياسة اللامنطقية في القيادة والحكم وهذه الثورة قد اصبحت مطلباً للضمير والعقل لكي يسود الأطمئنان والعدل والمساواة وعلى الجميع ان يكونوا اكثر ايماناً بفكرهم وتصميمهم وارادتهم في التغيير وان يجمعوا كلمتهم لكي تكون الصرخة مدوية في وجه الظلم ودعاة الكراهية ممن استباحوا الأرض والعباد. فأي سيل تحرك والغضب يحفه من كل جانب وفجأة يتوقف واي بركان كان يغلي ولم يقذف بحممه واي زلزال لن يكون له موعد مع الحراك ولايترك له ارتداد بين الحين والأخر،وهذه ثورة البحرين سوف تقصم ظهر(آل خليفة) وتترك شرخاً عظيماً في حصن الخليج وهي لن تتراجع ابداً لأنها بداية مشوار تأخر كثيراً ودفع ثمن صبره كثيراً،اما الألام والآهات فأنها ستحظى عزاً ومجداً لابد ان يعلو سناه في الآفاق لأنها ثورة المظلوم وثورة انصار هابيل ضد البنى الطاغوتية. انني ارى البحرين وكأنها كربلاء وذلك المعسكر المعبأ بالأيمان والمقاومة وهو يواجه الشيطان في لحظة اجاد التاريخ في احيائها من جديد..وكأنني اسمع صوت الحسين وهو يقول:(لاأعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولاأفر فرار العبيد).. وهذه رمال كربلاء تورق في ارواح الثائرين شراراً يُحرق كيد النفوس المجرمة فيورد عناده الى محل اللعنة ويقلع انامله العالقة بعرش ايل للزوال فيدون نهايته على لوح مجده الدموي وتأريخه الأسود.
#علي_لطيف_الدراجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نريدها برائحة الهيل والعنبر العراقي
-
اعصار25يناير..عين على المستقبل
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|