أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - حرية التعبير و-حرية- التشهير















المزيد.....


حرية التعبير و-حرية- التشهير


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3314 - 2011 / 3 / 23 - 19:06
المحور: حقوق الانسان
    


لعل حرية التعبير كانت الأساس في ساحات وميادين وشوارع تونس ومصر واليمن وليبيا والجزائر والمغرب والعراق وغيرها، حيث تدفق الملايين من البشر الذين تظاهروا للتعبير عن طموحاتهم وآمالهم في الحرية والعدالة ومكافحة الفساد واحترام حقوق الإنسان . ومن أهم نصوص حرية التعبير هو المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي نصت على “أن لكل إنسان الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء من دون مضايقة والحصول على الأخبار والأفكار وتلقّيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت ومن دون تقيّد بالحدود الجغرافية”، وعلى أساس المادة 19 تشكلت منظمة دولية مهمة انشغلت بحرية التعبير هي منظمة (Article 19) .

وذهبت المادة 29 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 والذي دخل حيّز التنفيذ العام 1976 (وهي اتفاقية شارعة أي منشئة لقواعد قانونية جديدة أو مثبّتة لها) إلى تأكيد عدم جواز إخضاع حرية الرأي لأي قيد، بينما أخضعت ممارسة حرية التعبير لبعض القيود التي تقتضيها الضرورات العامة وهي أساساً “الاعتراف الواجب بحقوق الآخرين وحرياتهم واحترام سمعتهم وحماية الأمن الوطني والأمن العام أو الصحة العامة أو الأخلاق”، أي أن تجاوز حرية التعبير إلى التشهير، لا يعفي الكاتب من المساءلة القانونية، فإذا ذهبت إلى دمغ رأي بالاستبداد أو التواطؤ معه أو التشجيع والتستر عليه، فلا حساب في ذلك، لكنك إذا اتهمت شخصاً ما باستلام مبلغ معين لكتابة مقالة للدفاع عن الاستبداد أو لإخفاء حقيقة أو تزوير شهادة أو للتغطية على جريمة، فالقانون يمكنه ملاحقتك وإدانتك .

أسوق هذا المثل، لأن الكثير من الذين يستخدمون حرية التعبير يسيئون إليها أحياناً من دون إدراك أن القانون يلاحقهم، فيما إذا انتقلوا للتشهير، ولأن فسحة الحريات شحيحة في بلداننا، ولأن فرص التعبير قليلة، فما إن بدأ البعض يعبّر عمّا يجول بخاطره، حتى دخل مناطق التشهير المحرّمة بالإساءة إلى السمعة أو العائلة أو التعرّض للذمة المالية أو الحياة الشخصية أو غير ذلك، وأحياناً من دون رغبة منه، لاسيما إذا اعتمد الشائعة وما أكثرها أساساً يستند إليه، ولأن القانون لايزال لا يلاحق ما يكتب على الإنترنت أو ينظّمه، فإن الكثير من الجدل أخذ يرتفع في الفترة الأخيرة بخصوص الجرائم التي يمكن أن تشكل خطراً على المجتمع، تلك التي تمت ملاحقتها مؤخراً .

وبما أن بعض المواقع غير مهنية ولا تدقق في ما يكتب أو بمستواه أو وزنه أو مصادره أو لغته، فترى أحياناً سيلاً من الكتابات لا تربطه روابط بحرية التعبير أو العمل المهني والصحافي . وقد سألني أحد الأصدقاء عن كيفية معالجة مثل هذه الأمور، فقلت لاتزال هناك ثغرات قانونية كبيرة على هذا الصعيد لم تعالجها القوانين الدولية والمحلية، أما ثقافياً واجتماعياً، فلا بدّ من رفع الوعي والشعور بالمسؤولية، ومثل هذا واجب الهيئات الاعتبارية المدنية والمجتمعية، أولاً لأن ليس كل ما يكتب يُقرأ، ولعلّ البعض يفكر بدائرة محددة أو خصومة أو عداوة أو شغب أو إساءة أو غير ذلك، وسرعان ما ينسى صاحب العلاقة ذلك، وأحياناً هناك من يحاول الاستفزاز لكتّاب كبار أو لأسماء لامعة أو لرموز ثقافية وفكرية، وينتظر عسى أن يعلّق على ذلك أحد، وأحياناً يكتب هو التعليق الآخر، ردّاً على التعليق الأول، لكي يبدأ بمناقشة المعلّق والمعلق الوهميين أو الوجهين لعملة واحدة .

وقد كان محمد حسنين هيكل كلّما نشر كتاباً، هناك من ينبري لا بالردّ عليه، بل بشتمه واتهامه والتشكيك به وتوجيه أبشع الطعون إليه، وليس لأن هيكل غير قابل للنقد، فالكثير من أفكاره وآرائه ومعلوماته، تثير الجدل وهي بحاجة إلى نقاش ونقد، لكن مبدأ التشهير شيء وحرية التعبير شيء آخر . وقد عبّر أحدهم بعد أن يئس من رد هيكل، أنه على مدى أربعين عاماً لم يترك له شاردة أو واردة إلا وناقشه فيها، لكن هيكل لم ينبس ببنت شفة . لعل مهمة ووظيفة الكاتب هي الكتابة والنقد، أما وظيفة الشاتم فهي الشتم والتشهير، والأولى إيجابية بنّاءة، أما الثانية فهي تخريبية هدّامة، والأولى يجيزها القانون وتقرّها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، في حين أن الثانية يضع القانون واللوائح الدولية لحقوق الإنسان، ضوابط ومعايير للمساءلة عليها، ناهيكم عن وجود اعتبارات أخلاقية وإنسانية واجتماعية، تتعلق لا بالمشهر به فحسب، بل بالمشهر أيضاً .

لقد استخدمت الكثير من قيادات الأحزاب السرية قبل عصر العولمة والإنترنت والثورة التكنولوجية- العلمية وثورة الاتصالات والمواصلات والطفرة الرقمية “الديجيتال” بعض هذه الأساليب لإسقاط بعضها بعضاً، أو تشويه صورة هذا الفريق أو هذه المجموعة أو هذا الشخص، وأحياناً كانت ترمي أسماء خصومها برسائل قرب مراكز الأمن للوشاية بهم أو تشويه سمعتهم، ولم تكن المعارضات هي الأخرى بعيدة عن هذه الأساليب لا بحق أعدائها، بل للمخالفين لها بالرأي أحياناً . وأتذكّر أن شخصاً سمع رأياً عن أحد أعدائه الشخصيين في بلد أوروبي، فخاطب المتحدث: “كان عليكم رمي مظروف فيه بضع حبوب مخدرات أو “حشيشة” في حديقته والاتصال بالشرطة للإبلاغ عنه” . ولعل ذلك ينمّ عن أخلاقية متدنية، فالخصومة الشريفة تتطلب أساليب شريفة، وهذه ليست على المخالف أو الخصم، بل حتى على العدو أيضاً .

وهناك أكاذيب كثيرة استخدمتها السلطات الحاكمة ضد معارضاتها، مثلما استخدمها معارضون ضد خصومهم، وهؤلاء وأولئك نشروا كتباً وكراسات ووريقات للنيل من خصومهم، فالحكومة تريد تشويه سمعة المعارضة، والأخيرة تريد إلصاق كل شيء بعدوها . وأتذكّر أن أحد الأشخاص الذين أعرفهم جاءني في لندن ومعه وثائق تقول إن قائمة كانت قد صدرت بإعدام عدد من أعضاء الحزب الشيوعي، وكان اسمه بينهم (محكوم بالإعدام وهارب من وجه العدالة) وطلب مني تأييد ذلك، وبما أنني أعرفه فرفضت ونصحته بأن ذلك يسيء إلى الحزب وإليه شخصياً، وخلال عملي المهني والحقوقي صادفني عشرات بل مئات الأمثلة .

لعل مناسبة الحديث هذا هو صدور عدد جديد من مجلة “موارد” (2011) عن منظمة العفو الدولية - بيروت مكرس لحرية التعبير، لاسيما بعد نشر موقع “ويكيليكس” وثائق سرية، لم يكن جوليان أسانغ هو من فبركها، بل إنه نقلها كوثائق ومعلومات تقع مسؤولياتها على الجهات المسؤولة عنها، إلا ما يتعلق بالأضرار التي تصيب الأفراد الذين قد يتعرضون إلى العنف أو غير ذلك، فلا بدّ من أخذها في الاعتبار . وتضمن الملف إضافة إلى دراسات عن “ويكيليكس” وحرية التعبير، مقالة عن منع النقاب باعتباره انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وآليات حرية الرأي والتعبير حسب المقرر الخاص، والتحديات التي تواجهها في ضوء القانون الدولي والاتفاقيات الإقليمية لحماية حرية التعبير والإنترنت .

ولعل هذا الملف ذكّرني بكتاب كان قد صدر للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، (لندن العام 1993) شاركت فيه نخبة متميّزة من المفكرين والحقوقيين والمثقفين العرب، الذين ناقشوا بعمق التمييز بين حرية التعبير و”حرية” التشهير، وعندما عدت إليه وجدت فيه مداخلات مهمة لأديب الجادر، ونوري عبدالرزاق، وصفية صفوت، وشبلي ملاّط، وعامر عبدالله، ومحمد سيد أحمد، وراشد الغنوشي، وصدقي كبلو، وعزيز العظمة، وزهير الجزائري، ونبيل ياسين، وغادة الكرمي، ومحمد الناكوع، والسنوسي محمد، ومحمود عثمان، وخلدون الشمعة، ومحمد مخلوف، وعبدالوهاب سنادة، وسعود الناصري، وشمران العجلي، وغالب العلوي، ومحمد فايق، وأحمد صدقي الدجاني، وكاتب السطور .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية الضعف والقوة
- - النموذج- العراقي وعدوى التغيير!
- سبع رسائل لاستهداف المسيحيين
- الموجة الثالثة للتغيير
- الانتفاضة العراقية: استعصاءٌ أم استثناء؟
- تناقضات المجتمع المدني ومفارقاته
- رسالة من منصور الكيخيا إلى المثقفين العرب
- -اشكالية الهوية والمواطنة في العراق-
- مستقبل الحوار العربي- الصيني!
- لغز اختفاء موسى الصدر ومنصور الكيخيا!
- تونس- مصر: أسئلة ما بعد الانتفاضة!
- ثقافة السلام
- كوابح المجتمع المدني
- عواصف التغيير الديمقراطي: أي خريطة طريق؟
- أخشى من إجهاض الانتفاضة التونسية
- العولمة: ربّ ضارة نافعة!
- خطاب القوة والتطرف معكوساً
- منولوج جو بايدن!
- خطاب ما بعد الكولونيالية: مراوغات الواقع
- ما بعد الانتخابات العراقية: استحقاقات وتحديات المستقبل !


المزيد.....




- دراسة: إعادة اللاجئين السوريين قد تضر باقتصاد ألمانيا
- إطلاق سراح سجين كيني من معتقل غوانتانامو الأميركي
- إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و ...
- قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال ...
- مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
- تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - حرية التعبير و-حرية- التشهير