|
أساند أو لا أساند؟
زكرياء الفاضل
الحوار المتمدن-العدد: 3314 - 2011 / 3 / 23 - 12:50
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
أساند أو لا أساند؟ أو حيرة التقدمي العربي يعيش المثقف التقدمي هذه الأيام حيرة تنهش لحم أفكاره وتمزق بمخالبها أعصابه لم ينفع معها فناجين القهوة المرة بمرارة حياتنا ولا علب السجائر المحترقة كآمالنا المسلوبة. فالمثقف التقدمي مناهض للاستبداد ومقاوم للأنظمة الديكتاتورية وطموح لإزالة نظام الحكم الشمولي السائد في بلادنا وتعويضه بنمط حضري مدني تسود فيه التعددية الفكرية والعقائدية وتحترم فيه الكرامة الإنسانية وتتوّجه العدالة الاجتماعية والسيادة فيه للشعب. هذه الأفكار وما يترتب عنها من طموحات هي التي دفعت وتدفع بالتقدمي إلى مساندة الثوارات الشعبية أينما حلت واستقرت، فقد ساند الثورة التونسية ومن بعدها المصرية ولم يتردد في مساندة الثورة الليبية رغم عدم وضوح معالمها وغموض توجهاتها، فدعمه لها جاء من باب مناهضة الديكتاتوريات العربية وأنظمتها السياسية الشمولية المستبدة بالمواطن والمعادية للديمقراطية والمنتهكة لكل حقوقنا المدنية بما أوتيت من قوة عسكرية وأساليب وحشية همجية. لكن التقدمي لم يتناول بالتحليل اللازم ميزان القوى بليبيا ولم يولي العناية الكاملة لإمكانيات القذافي من عتاد وجيش نظامي وإمكانيات الثوار المتواضعة والمحدودة، وعندما دخلت أحداث ليبيا منعطفا جديدا لم يكن بحسبانه وجد نفسه في مأزق لا يعرف كيف يخرج منه. فمن جهة القذافي ديكتاتور ومستبد بالشعب الليبي وحوّل النهر العظيم إلى ويل تجري به دماء ليبية سفوحة، لذلك لم يترك أي مجال للحوار الوطني والبحث عن حلول سلمية للخروج من الأزمة. لكن من ناحية ثانية التدخل العسكري للغرب وأمريكا يبقى غير شرعي ومنافي لقانون عصبة الأمم المتحدة الأساسي والذي ينص على احترام سيادة واستقلال البلدان الأعضاء وكذلك المبادئ التي قامت عليها جامعة الدول العربية حيث تنص بالحرف على: • المساواة في السيادة بين الدول الأعضاء، واحترام استقلالها. تتمتع الدول أعضاء الجامعة بسيادتها كاملة. • عدم جواز اللجوء إلى القوة لفض المنازعات بين الدول الأعضاء. تنص المادة الخامسة من ميثاق الجامعة على أنه لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين أو أكثر من دول الجامعة، فإذا نشب خلافا ولجأ المتنازعون إلى المجلس لفض هذا الخلاف كان قراره عندئذ نافذا وملزما. • عدم جواز التدخل في الشؤؤون الداخلية للدول الأعضاء: تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقا من حقوق تلك الدول. فكلا المنظمتين أخلى بمبادئهما حيث أعطت الأولى، تحت ضغوطات فرنسية وبريطانية وأمريكية، مشروعية مشبوهة ومشوهة للتدخل العسكري الغربي والأمريكي، وخرقت الثانية الأسس التي قامت عليها بالدعوة للتدخل العسكري بليبيا بل وبتدخل بعض أعضائها مباشرة بمشاركة هذا البعض في هذا التدخل العسكري بالشئون الليبية الداخلية، مما يضع مشروعية الثوار الليبيين قاب قوسين. إنّ لكل شعب الحق في المطالبة بالتغيير إن دعت الضرورة، لكن شريطة أن يتم هذا التغيير من قبل الشعب وحده، لأن الشعب هو الذي يمتلك شرعية تغيير الأنظمة إن توفرت له كل الشروط لللقيام بالتغيير. أما إن كانت الشروط الثورة غير ناضجة أي أنها لم تكتمل فالعمل على توعية الجماهير هو النشاط الوحيد والممكن في مثل هذه الظروف. لأنه لا يمكن القيام بثورة على حاكم مستبد بمعونة من دولة مستبدة وطامعة في خيرات غيرها، لأن هذا سيضع علامة استفهام على مشروعية واستقلالية النظام الذي سيقوم بعد "انتصار الثورة"، وعبرتنا في ذلك أفغنستان والعراق والضفة الغربية وصربيا وقرغستان.. إن الثورات الشعبية لا تستند إلى دعم بلدان إمبريالية بل تكون نابعة من الشعب ومنتصرة بقوته وعزيمته وتضحياته الجسام، أما إن كان هذا الشعب لا يتمتع بالإجماع على قلب النظام فالمعارضة السياسية هي سبيله إلى أن تكتمل له الأغلبية للاستلاء على الحكم وتحقيق أهدافه المتمثلة في قيام نظام عادل حضري وديمقراطي. ما قد غفله التقدمي العربي هو أنّ ملك الملوك ديكتاتوري من طراز خاص إذ يمسك بشعرة معاوية وينهج سياسة في ظاهرها شعبية بينما باطنها ملكية مطلقة. لذلك التعامل معه ليس بالأمر السهل ويحتاج، بالدرجة الأولى، إلى مفكرين يتناولون نظامه بالتحليل والدراسة لخلع غشاء الأمية الفكرية عن عيون الجماهير الشعبية الليبية قبل الشروع في مواجهة معه. مهما يكون من الأمر فإن سكوت المثقف التقدمي عن التدخل العسكري للحلف الأطلسي بليبيا لا يمكن يعتبر تآمر صامت مع القوات الإمبريالية ضد الشعب الليبي وأرضه. ومن الواجب بالقيام بمظاهرات مدينة لهذا التدخل السافل لأن دافعه هو الرغبة في الاستحواذ على الثروة النفطية الليبية من جهة، وإيقاف تسونامي الثورات التي عمت العالم العربي. إنّ لكل شعب الحق في اختيار نظام حكمه حتى وإن لم يرق للآخرين، لأن حرق المراحل لا يؤدي إلا إلى كوارث طبيعية تذهب ضحيتها الشعوب. فنحن نساند الشعوب في معاركها التحررية ولا نقف إلى جانب القوى العدوانية العالمية ولا ندعم مطامعها الاستعمارية والإمبريالية، كما أن تدخلها العسكري لا يمكن تصنيفه إلا كاستيلاء وسرقة الثورات الشعبية.
#زكرياء_الفاضل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لمن لم يفهم ما نريده
-
النظام يريد إسقاط 20 مارس
-
13 مارس ذاك الخطاب الموجه للشعب المغربي
-
مرة أخرى حول الخطاب الملكي
-
لماذا نعارض خطاب عاهل المغرب
-
الملك ما فهمناش
-
أريده عيدا لها
-
يس و.. حركة 20 فبراير
-
هل ثورات الشعوب العربية من وحي سيناريو أجنبي؟
-
كل شيء في أوانه
-
أضعف الإيمان
-
ملك الملوك مرتجفا يدعو لإحراق ليبيا وسيف الإعدام يهدد بالقتل
-
الحكم للقارئ
-
مطالب الشعب وردود النظام
-
تحية للأمير الوطني
-
20 فببراير يوم امتحان عسير لمغرب العهد الجديد
-
هو الشعب..
-
مؤامرة على الثورة الشعبية بمصر
-
يا مصر لا تنتفضي..
-
العرش أعزّ من الشعب
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|