|
لتستمرّ المسيرة حتّى تحقيق أهداف الثّورة
حزب العمال التونسي
الحوار المتمدن-العدد: 3314 - 2011 / 3 / 23 - 08:33
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
بمناسبة تشريع حزب العمّال الشّيوعي التونسي: لتستمرّ المسيرة حتّى تحقيق أهداف الثّورة بعد 25 سنة من النضال السري، تمّ أخيرا تشريع حزب العمال الشّيوعي التونسي. إن هذا التشريع لا يمثل انتصارا لمناضلات الحزب ومناضليه فحسب بل كذلك للعمال والكادحين والشعب التونسي عامة. وما يعطي مغزى خاصا لهذا التشريع هو أنه جاء ثمرة من ثمار ثورة 14 جانفي التي أطاحت ببن علي وفتحت عهدا جديدا لتونس وشعبها وفرضت حق التنظّم. وإنه لشرف لنا أن يكون الاعتراف بحزبنا موشحا بدماء الشهداء الذين فدوا الحرية بحياتهم.
لقد تأسس حزب العمال يوم 3 جانفي 1986 أي في الذكرى الثانية لانتفاضة الخبز المجيدة وفي ذلك تصميم على الربط بنضال الشعب التونسي وعلى الدفاع عن مصالحه وطموحه المشروع إلى حياة كريمة فيها الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وقد ترجم حزب العمال ذلك في برنامجه السياسي وممارسته النضالية وصاغه في شعار "الثورة الديمقراطية الوطنية والشعبية"، وظل يدافع عنه بتماسك رغم ما كلفه ذلك من تضحيات جسيمة، فاستشهد نبيل البركاتي واعتقل المئات من مناضلاته ومناضليه وعذبوا وسجنوا وحرموا من أبسط الحقوق، وعرف العديد منهم المنفى.
لقد رافق حزب العمال الشعب التونسي خلال ربع القرن الأخير وجعل على رأس أهدافه إسقاط الدكتاتورية، العائق الرئيسي أمام تحرر الشعب ونهضة الوطن. وقد وثق الحزب بالشعب التونسي وقاوم الأفكار الرجعية التي تستهين به وتتهمه بالعجز والاستكانة وظل يعمل على توعيته وتنظيمه بقدر ما تسمح به ظروف النشاط السري وانعدام الحريات وحضر في كل النضالات التي خاضها ولم يدخر أي جهد في الإسهام في توحيد صفوف المعارضة لضمان الانتصار على الدكتاتورية.
لقد جاءت ثورة 14 جانفي تتويجا لأكثر من 20 سنة من النضال والتضحيات لأبناء الشعب التونسي وبناته من مختلف النزعات الفكرية والسياسية المعارضة للدكتاتورية سواء كانوا منظمين في أحزاب وجمعيات ومنظمات وهيئات نقابية وحقوقية أو غير منظمين. ولقد كسبت هذه الثورة أبعادا عدة فهي ثورة سياسية ضد الاستبداد والقهر، وثورة اجتماعية ضد الاستغلال والفساد، وثورة وطنية من أجل الكرامة والعزة. ولم تتوقف الثورة في تونس بل امتد تأثيرها إلى باقي البلدان العربية التي ما انفكت شعوبها تنتفض ضد أنظمة الاستبداد والفساد التي تحكمها وتطيح بها الواحد بعد الآخر.
إن ثورة 14 جانفي لم تنته لأنها لم تـُكمل مهامها بل إنها ما تزال، رغم الخطوات المقطوعة، قي منتصف الطريق وما تزال القوى الرجعية تتربص بها وتعمل على إجهاضها بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وحصرها في مجرد عملية إصلاح للنظام القديم دون المساس بأسسه وبقاعدته الاقتصادية والاجتماعية. إن المسألة الأساسية في كل ثورة هي مسألة السلطة، وطالما أن الطبقات والفئات التي قامت بالثورة لم تستلم السلطة فإن الثورة لا يمكن اعتبارها قد انتهت أو انتصرت. و هذا هو الحال في تونس إذ ثار الشعب دون أن يحصل بعد على الحكم.
لقد أطاح الشعب التونسي بالدكتاتور في الطور الأول من الثورة. وفي الطور الثاني منها المتعلق بالإطاحة بالدكتاتورية تمكن الشعب بفضل يقظته وإصراره من إسقاط حكومة محمد الغنوشي ومن فرض شعار المجلس التأسيسي وحل التجمع الدستوري والبوليس السياسي، كما فرض مساحات هامة من حرية التعبير والتنظم الحزبي والجمعياتي. ولكن السلطة ما تزال مع ذلك بيد القوى الرجعية المتغلغلة في مختلف الأجهزة والمؤسسات علاوة على أن مصالحها الاقتصادية لم تمسّ. إن هذه القوى ترتكب الجرائم في حق الشعب (اعتداءات، تخريب، بث الفوضى...) وتحاول ضرب وحدته عبر إثارة النعرات القبلية والجهوية والعقائدية وبث الخوف والرعب بينه لثنيه عن مواصلة الثورة و تحقيق أهدافه.
إن الرئاسة المؤقتة والحكومة الانتقالية الحاليّتين تعملان على ضرب الشرعية الثورية وترفضان أيّة رقابة على ما تتخذانه من إجراءات وقرارات تصبّ في مصلحة أعداء الثورة (تعيين المعتمدين والمسؤولين الأمنيين وفي القضاء...). وقد رفضتا التعاطي مع "المجلس الوطني لحماية الثورة" وعوّضتاه بـ"هيئة" عيّنتا أعضاءها دون أيّ تشاور أو توافق خدمة لأهدافهما. وحتّى ما قرّر من حل للحزب الحاكم فقد يجهض بعودة هذا الحزب في أشكال جديدة وكذلك الأمر بالنسبة إلى حل البوليس السياسي الذي تحوم شكوك حول مدى جدية تنفيذه.
إن جماهير الشعب وخصوصا في المناطق الداخلية أصبحت تشعر بأن لا شيء تغيّر في حياتها السياسية كما في واقعها الاجتماعي وبأن ثورتها تفتك منها، وهو شعور له ما يفسّره وما يبرّره، إذ أن النظام القديم مازال قائما بأجهزته وإدارته كما أن الحكومة لم تتخذ من الإجراءات العاجلة والضرورية بما من شأنه أن يخفف وطأة البطالة وغلاء المعيشة وتردّي الخدمات الاجتماعية في تلك المناطق التي تضرّرت فوق ذلك من القمع والنهب أيام اندلاع الثورة، وحتى قبلها، كما هو الحال في منطقة الحوض المنجمي والصخيرة وبن قردان وغيرها.
إن حزب العمال يعتبر أن الثورة لم تنته وأن الشعب التونسي مدعوّ إلى الانتباه إلى المخاطر المحدقة بثورته لدرئها. إن مواصلة التعبئة والحفاظ على "المجلس الوطني لحماية الثورة" وتفعيله وعلى المجالس الجهوية والمحلية التابعة له وتدعيمها، هي من أوكد المهام اليوم. إن الرئاسة المؤقتة والحكومة الانتقالية لم يبق من رقيب عليهما سوى الشعب الذي من حقه أن يراقب ويحاسب. ويمثل انتخاب "المجلس التأسيسي" لحظة مهمة في الفترة القادمة بإمكان العمال والكادحين والشعب عامة تحويلها، بمعية حزب العمال وبقية القوى الثورية والديمقراطية،إلى محطة حاسمة لفرض الإرادة الشعبية وتوجيه ضربة فاصلة لأعداء الثورة.
ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بالعمل السريع من أجل تأجيل موعد الانتخابات وإبعادها عن موعد الامتحانات وتمكين الشعب ومختلف القوى السياسية من الاستعداد الجيّد لها بالنظر إلى أهمية القضايا التي سيحسمها المجلس التأسيسي، ومن أجل إعداد المناخ السياسي المناسب لإجرائها من تطهير للإدارة والقضاء والإعلام وحل فعلي لجهاز البوليس السياسي وسن قانون انتخابي وحسم مسألة تمويل الانتخابات لضمان الشفافية والإنصاف بين مختلف المشاركين وسد الباب أمام إفسادها بالإرشاء.
إن طبيعة الفترة الانتقالية لا تنفي ضرورة اتخاذ إجراءات اقتصادية واجتماعية عاجلة لفائدة الشعب وخصوصا لفائدة المعطلين عن العمل والجهات المهمشة رغم ما فيها من ثروة وطاقات. إن الحكومة الانتقالية مازالت متشبثة بالميزانية التي كانت أُقرّت في عهد بن علي والتي تخصّص قسما كبيرا لوزارة الداخلية ولتسديد الديون التي اقترضتها الدكتاتورية. فلماذا لا تـُلغى هذه المديونية أو على الأقل يقع تعليقها لمدة كما حصل في عدة بلدان و تصرف قيمتها للنهوض بأوضاع الشعب؟ ولماذا لا تراجع الميزانية وفقا للأولويات الجديدة؟
إن الثورة التونسية امتدّ تأثيرها إلى عدة أقطار عربية أخرى. فقد أطيح بدكتاتور مصر وتشهد اليمن والبحرين انتفاضات شعبية عارمة تصدّت لها السلطات المحلية بالحديد والنار حفاظا على نفسها مستعينة كما هو الحال في البحرين بالرجعية السعودية. وفي جوارنا انتفض الشعب الليبي ضد جلاديه ولكن الأمور تتخذ الآن منحى خطيرا بتدخل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها بغطاء أممي وبذريعة حماية المدنيين. إن الإدارة الأمريكية لم تثر مسألة تقتيل المدنيين لا في البحرين ولا في اليمن كما لم تثرها في السابق في غزة أو لبنان أو في العراق وأفغانستان اللذين تحتلهما. وساركوزي ألم يساند دكتاتور تونس إلى آخر لحظة؟
إن ما يدفع أوباما وساركوزي وكاميرون إلى التدخل هو السعي المحموم إلى اقتسام النفط الليبي بعد الالتفاف على الثورة. إننا مع الشعب الليبي في انتفاضته ولكننا ضد أي تدخل أجنبي من شأنه أن لا يضر الثورة في ليبيا فحسب ولكن في تونس وفي كافة البلدان العربية أيضا كما أننا ضد أي استعمال لأراضينا أو مجالنا الجوي في العدوان على ليبيا. إن الاستعماريين الأمريكيين والفرنسيين والإنجليز ليست لهم أية مصلحة في انتصار الثورة في البلدان العربية لما فيها من خطر على مصالحهم.
عاشت ثورة الشعب التونسي لتستمر الثورة حتى تحقيق أهدافها لتكون السلطة للشعب عاشت انتفاضات الشعوب العربية من أجل الحرية و الكرامة
تونس في 23 مارس 2011 حزب العمال الشيوعي التونسي
#حزب_العمال_التونسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيان حول التدخل العسكري في ليبيا
-
لا لهيلاري كلينتون قي تونس
-
بيان حزب العمال حول -الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإص
...
-
لنتقدم بالثورة حتى تحقيق المساواة التامّة والفعلية بين الجنس
...
-
مواصلة اليقظة والتعبئة الشعبية لتحقيق انتصار حاسم للثورة
-
بيان حول التهديدات الأمريكية بالتدخل العسكري في ليبيا
-
الشعب الليبي الشقيق يثور على النظام القذافي المتخلف
-
بعد مرور أسبوع على الانتفاضة الشعبية في مصر
-
بعد أقل من 24 ساعة على التحوير الوزاري، إعتداءات شنيعة على ا
...
-
البيان التأسيسي لجبهة 14 جانفي
-
من أجل جمعية تأسيسية تضع أسس جمهورية ديمقراطية
-
البوليس السياسي يعتقل حمّه الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب ال
...
-
بيان حزب العمّال إلى الشعب التونسي وقواه الديمقراطيّة
-
بيان مشترك ضدّ أعمال القمع والقتل المسلطة على الاحتجاجات الش
...
-
حزب العمال الشيوعي التونسي ينعى محمّد البوعزيزي: استشهد أعزّ
...
-
عمار عمروسية رهن الايقاف بالسجن المدني بقفصة:لا لتجريم حرية
...
-
مع الجماهير الشعبية التي تنتفض وترسم طريق التغيير
-
اعتداءات على المحامين تعكس تفاقم عزلة نظام بن علي
-
بلاغ حول اعتقال عمار عمروسية
-
بعد استشهاد محمد بشير العماري – منطقة بوزيد
المزيد.....
-
العثور على جثث 4 أطفال في الجزائر عليها آثار حروق
-
-إعصار القنبلة- يعصف بالساحل الشرقي لأمريكا مع فيضانات ورياح
...
-
في خطوة رائدة.. المغرب ينتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في
...
-
أذربيجان تتهم الخارجية الأمريكية بالتدخل في شؤونها
-
ماكرون يسابق الزمن لتعيين رئيس للوزراء
-
نائب روسي ينتقد رفض زيلينسكي وقف إطلاق النار خلال أعياد المي
...
-
ماكرون يزور بولندا لبحث الأزمة الأوكرانية مع توسك
-
الحكومة الانتقالية في سوريا تعلن استئناف عمل المدارس والجامع
...
-
رئيس القيادة المركزية الأمريكية يزور لبنان للتفاوض على تنفيذ
...
-
جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|