|
المجلس التأسيسي : الشعار البراق للإصلاحيين الجدد بالمغرب
الشباب الثوري بالريف المغربي
الحوار المتمدن-العدد: 3314 - 2011 / 3 / 23 - 07:45
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
التزاما منا بالمساهمة في بلورة الشعارات المرحلية والتكتيكات النضالية المناسبة لإنجاز مهام التغيير الثوري بالمغرب، فإننا نقدم اليوم منظورنا لما تزعق به بعض المنابر الإعلامية حول ما تعتقده واهمة أنه المطلب "الجذري" المناسب للمرحلة الراهنة وفق تطور الصراع الطبقي بالمغرب، ويتعلق الأمر بمطلب "المجلس التأسيسي لصياغة الدستور". وإيمانا منا بأن أغلب الشباب الثوري على امتداد الوطن لم يتمكن من الإطلاع على الرصيد الكفاحي والثوري لمنظمة إلى الأمام الثورية المغربية وما أنتجته من أدبيات طيلة صراعها ضد النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي وضد الأطروحات التحريفية والإصلاحية، فإننا سنحاول قدر الإمكان إعادة طرح ما كانت تتبناه المنظمة الماركسية اللينينية ولا يزال يحتفظ براهنيته ويشكل الإجابات الفعلية على واقع اليوم الذي لم يتغير قيد أنملة، والذي لم تتبدل فيه سوى الأسماء والوجوه، ليصبح "محمد" محل "الحسن" و"النهج الديمقراطي" – بل النعش الديمقراطي على حد توصيف أحد الثوار المغاربة- محل "أنوال"، بل وبصورة أردأ منها لأنها تبلور المفاهيم الانتهازية الإصلاحية في صفوف الشابات والشباب بزرع أوهام المفاهيم البرجوازية كالحداثة وحقوق الإنسان والنضال الديمقراطي. إن الماركسيين اللينينيين المغاربة سبق لهم مقارعة مختلف الطروحات الإصلاحية وفضحت المضامين المحافظة والرجعية لتصوراتهم عن الديمقراطية، فالكل اليوم ينادي بالتغيير وبإحلال عصر الديمقراطية بالوطن، إلا أن هذا المفهوم كغيره من المفاهيم تختلف مضامينه من طبقة لأخرى، لذا فإننا سنورد بالحرف الواحد ما جاء في وثيقة "دمقراطيتهم!.. ودمقراطيتنا" حول هذا المفهوم، وتحديدا في الفقرة الرابعة – للإشارة لقد سبق لأحدهم نشر هذه الوثيقة على موقع الحوار المتمدن، إلا أنه لم ينشرها بحرفيتها وأسقط منها بعض الفقرات دون تنبيه القارىء لذلك-. مؤكدين على أننا لا نسعى بأي شكل من الأشكال الرد على "النعش" وطروحاته لأنها دون سقف ما تناولته هذه الورقة، ولكونها أقل بكثير من منظمة العمل آنذاك، لأنها –أي حركة النعش- قطعت مع السرية ولم يعد يشكل لها التخلي السافر عن اللينينية وانفتاحها على تجارب الشعوب الأخرى المجتهدة في الماركسية أي حرج أو عقدة نقص. بل الهدف من إعادة نشر جزء من هذه المقاربة لمفهوم المجلس التأسيسي هو المساهمة في اطلاع الشباب اليوم على ما أنتجه مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية، ومحاولة الاستفادة منه في تحديد الخطوات النضالية المستقبلية على أرضية ثورية تستهدف حقا إقامة حكم وطني ديمقراطي شعبي تكون فيه كامل السلطة للشعب. إذ لا يسعنا في هذا الصدد سوى التأكيد على الشعارين المركزيين في المرحلة، وهما : "فليسقط الإصلاح، فليسقط النظام، الأرض للفلاحة والسلطة للعمال" و "لا إصلاح، لا رجعية، قيادة ثورية".
الفقرة 4 : الديمقراطية بالنسبة للإصلاحيين الجدد : المجلس التأسيسي. سنتطرق الآن إلى مفهوم الديمقراطية عند الإصلاحيين الجدد الذين تشكل كل من صفحة "أنوال" في الداخل وصحيفة "23 مارس" في الخارج منبرا لدعايتهم. وسنتطرق لمنظورهم للديمقراطية على مستويين : المستوى التكتيكي والمستوى الإستراتيجي. -فعلى المستوى التكتيكي : إن الإصلاحيين الجدد لا يختلفون عن معلميهم القدامى، فهم كذلك يساندون ويصفقون "للمسلسل الديمقراطي" بل إنهم تراجعوا علانية على مواقفهم السابقة التي كانت تنتقد المسلسل الديمقراطي وترفض تزكيته. وإن بعضهم يسعى بكل طاقاته انطلاقا من "التأخر التاريخي لمجتمعنا العربي" إلى زرع البرلمانية في مجتمعنا (انظر مقال الوعي الديمقراطي والوعي المتخلف في صحيفة أنوال العدد 3) وهم ينتقدوم "المتياسرين الطبقاويين" لأنهم لم يروا أهمية المسلسل الديمقراطي ولم يستوعبوا ضرورة اللبرالية بالنسبة لبلادنا ... "في مواجهة البنيات المتأخرة القائمة، فإن الموقف من الديمقراطية يعني بالضبط الموقف من الديمقراطية اللبرالية. ذلك أن لا إمكانية لتجاوز الديمقراطية اللبرالية إلا إذا تحقق شرط هذا التجاوز" (نفس المقال المشار إليه أعلاه). هكذا وبكل وضوح يحمل إصلاحيونا الجدد أقلامهم للدفاع بكل وقاحة عن اللبرالية وعن ضرورة اللبرالية كمرحلة تاريخية، وهم بذلك يبرهنون على سذاجتهم السياسية وأوهامهم الإصلاحية ويبرهنون على تطابق وجهة نظرهم مع من سبقوهم إلى النهج الإصلاحي. -أما على الصعيد الاستراتيجي فالإصلاحيون الجدد يناضلون من أجل استدعاء المجلس التأسيسي لهدف وضع دستور يعبر عن إرادة الأمة وتشريع القوانين الجديدة التي ستضمن الديمقراطية في البلاد. هذا هو التصور الاستراتيجي للإصلاحيين الجدد وطريقتهم لتحقيق الثورة الوطنية الديمقراطية وبناء المجتمع الوطني الديمقراطي. 1. إن أول ثغرة في هذا البنيان الجديد، هو القفز على مشكل السلطة. إن جميع الثوريين يدركون بأن المسألة الجوهرية في أية ثورة (وأصحابنا سيعون حسب قولهم إلى تحقيق الثورة الوطنية الديمقراطية) هي مسألة السلطة. فلا ثورة بدون تحطيم سلطة الطبقة أو الطبقات السائدة واستبدالها بسلطة طبقة أو طبقات مسودة. إن الإصلاحيين الجدد لا يقولون هل سيتم انعقاد المجلس التأسيسي في ظل سلطة الكمبرادور والمعمرين الجدد أم بعد القضاء على هذه السلطة واستبدالها بسلطة إحدى أو كل الطبقات الوطنية الشعبية. أما إذا انعقد المجلس التأسيسي في ظروف الهيمنة الطبقية للرجعية، فإن مجلسنا التأسيسي هنا إما أنه سيسن قوانين رجعية تضمن الممارسة الديمقراطية للرجعية فقط، وفي هذه الحالة سيكون المجلس التأسيسي قد أضفى الشرعية على سيادة الرجعية وهيمنتها السياسية والاقتصادية والثقافية وأما أن المجلس سيخرج لأسباب أو أخرى بقوانين تقدمية وفي هذه الحالة وما دامت السلطة – ومادامت السلطة الفعلية بيد الرجعية- فإن هذه القوانين لن تطبق، هذا إذا لم يرسل نواب الأمة إلى المجزرة بعد أن تتغير الشروط التي أدت بالرجعية إلى قبول انعقاد مثل هذا المجلس التأسيسي. أما إذا كان هذا الهدف هو انعقاد المجلس التأسيسي بعد القضاء على سلطة المعمرين الجدد والكمبرادور، وإقامة سلطة وطنية ديمقراطية، فإن الشعار الرئيسي يصبح آنذاك هو القضاء على سلطة الكمبرادور والمعمرين الجدد وبناء جمهورية الديمقراطية الشعبية. وإن المجلس التأسيسي الذي ستعمل السلطة الثورية الجديدة على انعقاده من أجل القوانين الجديدة التي تتجاوب مع الأوضاع السياسية الجديدة يصبح مهمة ضرورية ليس إلا، لكن مهمة ثانوية بالنسبة للإطاحة بالسلطة الرجعية وإقامة السلطة الثورية محلها. 2. أما الثغرة الثانية في بنيان دعاة المجلس التأسيسي تكمن في القفز على السؤال: من سيؤسس ؟ أو من هي الطبقات أو الفئات التي سيكون لها الحق في التأسيس، أي في المشاركة في انتخاب المجلس التأسيسي والترشيح لعضويته ؟ وكيف سيحدد دور هذه الطبقات أو الفئات داخل المجلس التأسيسي؟ كل طبقة تجيب انطلاقا من مصالحها على هذا السؤال . إن الرجعية حينما تضطر إلى استدعاء المجلس التأسيسي ستعمل في أحسن الأحوال على إعطاء الحق لجميع "المواطنين" بما فيهم الرجعيين للمساهمة في المجلس التأسيسي وستعمل كذلك على أن يكون الانتخاب على الطريقة البرلمانية المعهودة والتي تؤدي حتما إلى انتخاب الأثرياء والخطباء البورجوازيين المحنكين ومحترفي السياسة البورجوازيين. أما الطبقة العاملة بقيادة حزبها الشيوعي الذي ستبنيه في خضم نضالها الطويل. فتستعمل انطلاقا من تحديدها للتناقض الرئيسي بين الشعب وأعدائه (ولو كانوا "مواطنين مغاربة") على حرمان أعداء الشعب من كمبرادور وملاكين عقاريين من حق التصويت وحق الترشيح، وستعمل البروليتاريا وحزبها على أن يكون التصويت والترشيح حقا من حقوق الطبقات الشعبية وحدها، كما أنها ستعمل من أجل أن يعكس المجلس التأسيسي (الذي سيكون مجلسا شعبيا) القوة السياسية والاجتماعية. لمختلف الطبقات والفئات في البلاد. ولذلك ستعمل على اختيار أشكال للترشيح والانتخابات تتنافى مع ما هو مألوف في الانتخابات البرلمانية التي تؤدي في جميع الحالات تقريبا إلى انتصار المستغلين. 3. أما الثغرة الثالثة فتكمن في طمس السؤال: لماذا سيؤسس هذا المجلس ؟ أي ما هي مهام هذا المجلس ؟ هل سيعمل على إضفاء شرعية جديدة على النظام القائم ؟ هل سيعمل على تأسيس نظام ديمقراطي ليبرالي (لن تكون له أي حظوظ للاستمرار في ظل العلاقات الطبقية السائدة في بلادنا ؟) أم ستعمل على تأسيس نظام الجمهورية الديمقراطية الشعبية التي تعطي السلطة، كل السلطة للشعب على قاعدة المجالس الشعبية من القاعدة إلى القمة ؟ هذه ثلاثة اختيارات يطرح على جميع القوى أن تحدد موقفا منها. إن الإصلاحيين الجدد يسيرون في اتجاه الاختيار الثاني وهم يحلمون بديمقراطية على الطريقة الإسبانية في حين أن قاعدتها المادية لا تتوفر في بلادنا وهم بالتالي يصبون الماء رغم أنفهم في طاحونة الاختيار الأول. أما بالنسبة لمن يسير في اتجاه الاختيار الثالث فهو يدرك أن السبيل الوحيد لتحقيقه هو الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية بقيادة الطبقة العاملة وحزبها الشيوعي وعلى قاعدة التحالف العمالي الفلاحي. هذه أهم الثغرات الموجودة في بنيات دعاة المجلس التأسيسي والتي إن دلت على شيء إنما تدل على أوهامهم الإصلاحية وخطهم الإصلاحي الذي لن يشكل سوى عجلة الإنقاذ بالنسبة للرجعية عند اشتداد أزمتها واقتراب موعد احتضارها. 4. وإننا لنرى إصلاحيينا الجدد وهم يحتجون على هذا "التشويه لمواقفهم" وعلى هذه "التهم" مؤكدين في نفس الوقت على ثوريتهم وعلى أننا لم نفهم موقفهم الذي يدعو إلى رفع شعار المجلس التأسيسي الذي يهدفون من ورائه إلى تجنيد الجماهير على أساسه، ثم يتم التخلي عنه بمجرد ما تكون الجماهير مجندة، ثم يضيف أصحابنا لتعزيز هذا الموقف أن رفع شعار المجلس التأسيسي يمكن القيام به في إطار العمل الشرعي، خلافا لشعار الجمهورية الديمقراطية الشعبية الذي لا يمكن القيام به في إطار العمل الشرعي. وللجواب على هذه التراهات نسجل النقط التالية : أولها أن الجماهير لا تتجند فعليا إلا على أساس شعارات واضحة تدرك بحسها أو بوعيها أنها تخدم مصالحها الجوهرية، وهذا ما لا يتوفر بالنسبة لشعار المجلس التأسيسي الذي أوضحنا كل ما يحيط به من غموضات لن يستفيد منها الثوريون بأي حال من الأحوال. ثانيا أن طرح أصحابنا ينم عن احتقار عميق للجماهير التي تصبح مجرد كتل هامدة تستعمل للمناورة، ويتعامل معها أصحابنا كما يتعامل معها مختلف أصناف البرجوازية ليستدرجونها لمواقع نضالية محددة (هذا إذا ما فترضنا جدلا أن الجماهير في نفس طينة أصحابنا الإصلاحيين الجدد، ستستعل حماسا مثلهم لشعار المجلس التأسيسي) على أساس شعارات محددة ثم ما إن تشرف على تحقيقها حتى يستبدلها أصحابنا لشعارات أخرى. ثالثا إذا كان هم أصحابنا هو إيجاد صبغة لطرح مشكل السلطة في إطار العمل الشرعي نفسه، لماذا لا يختارون شعارا مثل "النضال من أجل حكم وطني ديمقراطي شعبي تكون فيه السلطة للشعب"، هذا بدون إغفال أو التهاون في طرح الشعار، الجمهورية الديمقراطية الشعبية في الدعاية السرية والربط في هذه الدعاية بين الشعارين حتى يفهم كل متتبع لنشاطنا العلني أن شعار حكم وطني ديمقراطي شعبي ما هو سوى الصيغة الشرعية لشعار الجمهورية الديمقراطية الشعبية. رابعا، إن اصحابنا قد تخلوا عن شعار الجمهورية الديمقراطية الشعبية حتى في دعايتهم الغير الشرعية، مما يبرز تخليهم عن هذا الشعار. فهل هذا يرجع إلى رغبتهم في نيل رضى الرجعية ليسمح لهم بالعمل في الشرعية؟ أم يعود ذلك إلى أن تبنيهم للديمقراطية البرجوازية اللبرالية كمرحلة تاريخية لا تتطلب بالضرورة نظاما جمهوريا كما تدل على ذلك التجربة الإسبانية التي تطور فيها النظام الديمقراطي اللبرالي في ضل الملكية الدستورية، وفي رأينا فإن العاملين هنا يشكلان تفسيرا للتخلي من طرف الإصلاحيين الجدد عن شعار الجمهورية الديمقراطية الشعبية، الذي أصبح بالنسبة إليهم من مخلفات عهد "اليسراوية والطبقاوية". 5. إن آخر "سلاح" يتعلق به دعاة المجلس التأسيسي يكون في الإستنجاد بمواقف لينين للدفاع عن موقف الإصلاحية فهم يستنجدون بلينين بعد عزل أطروحاته الثورية عن إطارها التاريخي من جهة، وبعد تشويهها وتحريفها من جهة ثانية. فإن اصحابنا يستشهدون بلينين لا لأنهم غيورين على جوهر اللينينية الثورية، ولكن انطلاقا من معرفتهم لمدى معرفتنا باللينينية كتطوير خلاق للماركسية في عصر الإمبريالية للإنتقال من الرأسمالية إلى الإشتراكية. حقا لقد تبنى لينين والبلاشفة شعار المجلس التأسيسي سواء إبان اندلاع ثورة 1905 أو بعد اندلاع ثورة البرجوازية في فبراير 1917، فهل يعني هذا أن شعار المجلس التأسيسي صحيح في كل زمان ومكان ؟ وهل يعني هذا أن لينين كان يطرح هذا الشعار بصفة مجردة عن مسألة السلطة وعن مهام هذا المجلس التأسيسي ؟ 1. إن لينين لم يعزل أبدا شعار المجلس التأسيسي عن شعار القضاء عن الأوتقراطية وتأسيس الجمهورية الديمقراطية لأن الشعب بكامله سجل في جدول أعماله الإطاحة بالأوتقراطية واستدعاء المجلس التأسيسي (في كتاب خطة عمل الإشتراكية الديمقراطية الذي ألفه لينين). كما أن الحيثية الأولى والثانية لمقرر المؤتمر الثالث للحزب الإشتراكي الديمقراطي حول تكتيك الحزب، تطرح قرارا لا يدع مجالا للتأويل، أولا ضرورة الجمهورية الديمقراطية، ثانيا ضرورة الانتفاضة الشعبية لتأسيس هذه الجمهورية، ثالثا ضرورة حكومة ثورية مؤقتة (يمكن أن يشارك فيها البلاشفة) من بين أهدافها الأساسية توفير الشروط لإستدعاء المجلس التأسيسي الذي سيقوم بتقنين الواقع الجديد. وحتى نبرز جيدا تفكير لينين سنورد هذا المقتطف من خطة عمل : "إن ما يميز حاليا البرجوازية التأسيسية هو بالظبط اعتبارها لقرار استدعاء المجلس التأسيسي الآتي كانتصار حاسم والصمت عن الحكومة الثورية المؤقتة للجمهورية من أجل تقديم الثورة ... يجب أن نطرح وأن نسطر، أن نضع في المقدمة شعارات تتنافى مع تذبذب الديمقراطيين البرجوازيين. وهذه الشعارات في هذا الوقت هما إثنان فقط ، أولا الحكومة الثورية المؤقتة، ثانيا الجمهورية". إن لينين يذهب إذن إلى حد إهمال شعار المجلس التأسيسي، إذا كان الشعار لا يخدم أو يميع المسألة الجوهرية التي تكمن في القضاء على الأوتقراطية وإرساء الجمهورية الديمقراطية. 2. إن لينين لم يعتبر فقط بأن استدعاء المجلس التأسيسي مسألة ثورية أو حتى تقدمية في حد ذاتها. بل إن هذا الشعار يمكن أن يستعمل وقد استعمل لخدمة أهداف رجعية. فعندما نجحت ثورة أكتوبر 1917 وأصبحت كب السلطة بيد السوفييتات (مجالس العمال والفلاحين والجنود الثوريين) وشتت البلاشفة المجلس التأسيسي كأحد معاقل البرجوازية المناهضة لسلطة السوفييتات أي لديكتاتورية البروليتاريا، تبنت البرجوازية شعار المجلس التأسيسي الذي شكل عملها في مناهضة سلطة السوفييتات. وقريبا منا في 1975 في البرتغال عندما كانت الجماهير الثورية تدفع بالمسلسل الثوري لتجاوز الإطار البرجوازي كانت البرجوازية تناهض هذا المسلسل ومن بين ما كانت ترتكز عليه مواقعها المتينة في المجلس التأسيسي الذي استطاعت أن تحرز فيه على أغلبية المقاعد. وبالنسبة للينين، إن المجلس التأسيسي "يشكل أرقى شكل للديمقراطية في الجمهورية البرجوازية لكن ليس أرقى شكل للديمقراطية في جميع الجمهوريات" يقول لينين في الأطروحة الثانية من "أطروحات حول المجلس التأسيسي" (دجنبر 1917) : "في مطالبتها باستدعاء المجلس التأسيسي إن الإشتراكية الديمقراطية عند بداية ثورة 1917 سطرت في شتى المناسبات أن جمهورية السوفيات هي سكل من الديمقراطية متفوق على الجمهورية البرجوازية بمجلسها التأسيسي" (المصدر بالنسبة للمقتطفين أعلاه : لينين المؤلفات المختارة في 3 أجزاء، دار التقدم الطبعة الفرنسية لسنة 1968 ص 516). إن مدى اقتناع لينين والبلاشفة بصحة هذه الفكرة قد تجسد في نهاية الأمر من موقفه العملي من المجلس التأسيسي الذي عملت السلطة البروليتارية الجديدة على حله محتفظة بديمقراطية السوفيات. يتضح إذن من هذه اللمحة السريعة جدا عن موقف لينين الجدلي من المجلس التأسيسي، أن أصحابنا الإصلاحيين الجدد لم يفهموا لينين وأن قراءتهم ظلت مطبوعة بمنظورهم الإصلاحي لواقع مجتمعنا ولتطوره، ومطبوعة بالإنتقائية والميتافيريقية. 6. وانطلاقا مما سبق فإن طرحهم ومنظورهم لشعار المجلس التأسيسي يصب الماء في طاحونة الأوهام الإصلاحية رغم أن هذا الشعار يظل أكثر الأطروحات الإصلاحية تقدما في ميدان الديمقراطية. وبالنسبة إلينا نعتبر أن رفع هذا الشعار مسألة خاطئة. والسؤال المطروح لكل ديمقراطي ثوري هو : هل نرغب في المرحلة الراهنة من الثورة في تشطيب النظام الملكي الكمبرادوري وتشطيب أي نظام آخر يحل محله يمثل مصالح الكمبرادور والمعمرين الجدد، ونرغب في بناء الجمهورية الديمقراطية الشعبية أم لا ؟ إن أي دمقراطي ثوري في بلادنا سواء في موقع برجةازي ثوري أو من موقع بروليتاري سيجيب بنعم على السؤال المطروح في حين أن مختلف أصناف الرجعية والإصلاحية سيجيبون بالنفي أو سيحاولون التملص في الجواب أو إعطاء جواب غامض مثل رفع شعار المجلس التأسيسي. لهذا يطرح على الثوريين المغاربة مناهضة أي طرح لشعار المجلس التأسيسي بمعزل عن مشكل السلطة وكبديل عن شعار الإطاحة بالنظام الملكي الكمبرادوري وإقامة نظام الجمهورية الديمقراطية الشعبية. هل معنى هذا أننا سنناهض أي طرح للمجلس التأسيسي ؟ وللجواب على هذا السؤال سنورد الاعتبارات التالية : -إننا نعتبر أن الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية الظافرة ستكون مجبرة كأية ثورة ظافرة إلى تقنين مكتسبات الواقع الجديد في إطار أعلى قانون بالبلاد وهو الدستور وسيكون وضع هذا الدستور المهمة الأولى للمجلس التأسيسي الذي ستعمل السلطة الوطنية الديمقراطية الشعبية الجديدة على استدعائه. وأن الثوريين المغاربة وعلى رأسهم الشيوعيين سيناضلون ليكون هذا المجلس مجلسا شعبيا ثوريا، من حيث تعبيره عن المصالح الشعبية، من حيث تحكم الشعب في سيره، من حيث حقه في مراقبة ممثليه في هذا المجلس. ومن حيث تشكله كمرآة للتركيب الطبقي للشعب وتكون الغلبة فيه للعمال والفلاحين والفقراء، مجلسا ثوريا من حيث وضعه لدستور ثوري يخدم مصالح الثورة الظافرة ويفتح الباب أمام تطورها. من هنا يتضح أن مجلسا تأسيسيا شعبيا وثوريا مطروح كمهمة من مهام الثورة، لكن غير مطروح كشعار بديل عن شعار الجمهورية الديمقراطية الشعبية المبنية على قاعدة سلطة الشعب المجسدة في المجالس الشعبية. ماذا سيكون موقف الثوريين المغاربة من مجلس تأسيسي يفرض في الساحة السياسية رغما عن إرادتنا ؟ هل سيناهض الثوريون استدعاء وانعقاد هذا المجلس ؟ هل سيساهمون فيه ؟ إن الجواب حاليا على هذه الأسئلة سيكون مجرد مجازفة مثالية. وكل ما يمكن تحديده من الآن هو الأساس المبدئي الذي سينبني عليه أي موقف في المستقبل : إن موقفنا سينطلق بعد التحليل الملموس للوضع الملموس أولا من مدى خدمة هذا الموقف أو ذاك لتطور الصراع الطبقي في اتجاه مصلحة الثورة. ثانيا في وضعنا الذاتي ومدى انعكاس الموقف الذي سنتبناه على تطور قوانا الذاتية إجابا أو سلبا.
#الشباب_الثوري_بالريف_المغربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|