|
شعب العراق الأول !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 990 - 2004 / 10 / 18 - 06:59
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
لا يستطيع أحد أن ينكر حقيقة تاريخية أكيدة وثابتة وهي أن الشعب الكلداني - الاشوري هم سكان العراق الاوائل ، والذين استوطنوه قبل ظهور الديانات الثلاثة : اليهودية ، والمسيحية ، والاسلام ، وقد زخرت ديانتهم القديمة وثقافتهم بقصص واحداث غنية في مضامينها ، غرفت من معينها ، فيما بعد ، الديانات الثلاثة المذكور ، وما قصة الطوفان التي عرفتها التورات ، مثلما عرفها الانجيل والقرآن إلا دليل واضح وجلي على تحضر الشعب الكلداشوري مؤسس اقدم حضارة عرفها الانسان على امتداد تاريخه الطويل 0 لقد اشاد هذا الشعب الحي تلك الحضارة في وادي الرافدين متخطيا في تقدمه بها تقدم كل الشعوب الرعوية التي كانت تعيش في الصحارى ، وتحيط بذلك الوادي ، ومن هذه الشعوب العرب الذين كانت مهنتهم الرئيسة في العموم المطلق هي الرعي 0 ولا اريد الوقوف كثيرا على الشواهد الحضارية لهذا الشعب العريق ، والتي ظلت تناطح الزمن العاتي ، صامدة امام عواديه ، وامام تدمير الغزاة من كل حدب وصوب ، فعاصمة اشور ، نينوى ، لا زالت تتحدى الزمن ، مشيرة الى أن الكتاب والمكتبة وجدت أول ما وجدت هنا ، وأن ملحمة كلكامش الشعرية التي يدرسها طلاب السنة الاولى من المرحلة الثانوية في اوربا لهي مفخرة هذا الشعب الاصيل اولا ، ومفخرة العراق والعراقيين جمعاء ثانية ، وأن أعضاء هيئة القتل والخطف ، بمن فيهم محمد بشار الفيضي الذي حضّ قبل ايام الارهابيين ، الوهابيين ، الحاملين جشوبة الصحراء وتخلفها على حرق كنائس مسيحيي العراق ، لن يستطيع هو ولا زمره أن يأتي للعراق بمفخرة واحدة ، مثل تلك المفاخر الخالدة التي جاء بها مسيحيو العراق للعراق وللعراقيين ، والتي من خلالها عرف العالم كله العراق ، والشعب العراقي ، عرفه ليس بفتايا الموت والقتل وغارات الغزو التي اعتاد عليها بدو الصحارى ، أو بالسيارات المفخخة التي ركبها البدو الجدد ، وانما عرفه بالجنائن المعلقة ، وبنظرية فيثاغوريس الرياضية التي نقلها حرفيا عن رياضي شعب العراق الاول ، والتي ما زال طلاب في اوربا يدرسونها للان 0 إن جميع ابناء شعبنا ، وعلى مختلف مذاهبهم ودياناتهم ، يعتزون اعتزازا بالغا بهؤلاء الذين كانوا من اعمدة دار الحكمة التي اشادها العراقيون زمن المأمون ، والتي صعدت عليها حضارة العرب والمسلمين في العصور الوسطى ، رغم كل الاضطهاد الذي انزله بهم بعض من خلفاء المسلمين وحكامهم ، فقد جاء في التاريخ ان عاشق الدم ، الحجاج الثقفي ، الذي كان يستمني ( أي يضاجع امرأة ) حين يرى الدم يسيل من ضحيته ، قد بالغ باستيفاء الجزية من فلاحي السواد المسيحيين ، حتى أنه رفض اسلام من اراد أن يعتنق الاسلام منهم ، خوفا من أن تسقط الجزية تلك عنهم ، ثم عمد الى وسمهم كيا بالنار ، واعادهم الى قراهم ، كل هذه من اجل ان يرضي خليفة المسلمين ! عنه ، حين يزيد بفيء السواد له ، وعلى حساب هؤلاء الضحايا الذين لم ينفعهم حتى الاسلام الذي فروا له من ظلم هذا المجرم القاتل الذي يداني ظلمه ظلم صدام الساقط الذي يبكيه للان اعضاء هيئة القتل والخطف 0 لقد ظل مسيحيو العراق متمسكين بوطنهم وبارضهم مع كل هذا الظلم والحيف الذي نزل بهم ، ولكن هذا الثبات وهذه التحدي لم يعجب البدو الوهابيون ، القادمون من الصحراء ، فراحوا يشنون عليهم حربا لا هوادة فيها ، بحجج واهية لا تصمد امام حقائق التاريخ الكثير ، ومن هذه الحجج ما قاله دعاة الوهابية واشباههم من بدو هذا الزمان كيف لمسيحي أن يبيع خمرا في بلد اسلامي ؟ حسنا ، هل يستطيع اصحاب هذا السؤال أن يقولوا لنا متى حُرم بيع الخمرة في العراق ؟ وفي عصر اي خليفة أو ملك كان ذلك ؟ لقد كانت الخمرة في العراق تباع وتشترى حتى في زمن الخليفة الراشد الرابع ، الامام علي بن طالب عليه السلام ، وفي عاصمته الكوفة ، وفي شهر رمضان ، وكان الامام علي يقيم الحد المعروف بنفسه على شاربها ، ولكنه لا يقتله بقنبلة مثلما يفغل بدو هذا الزمان ، وعن هذا الحد انقل من التاريخ الاتي : خرج الشاعر النجاشي الحارثي في شهر رمضان على فرس من الكوفة يريد الكناسة ، فمر بأبي سمال الأسدي ، فقال له ابو سمال : هل لك في رؤوس حملان في كرش في تنور من الليل الى آخر ، وقد اينعت وتهرأت؟ فقال له : ويحك ! أ في شهر رمضان تقول هذا ؟ قال : ما شهر رمضان وشوال الا واحد ! قال : فما تسقيني عليها ؟ قال : شراب كالورس ، يطيّب النفس ، ويجري في العرق ، ويكثر الطرق ( النكاح ) ، ويشد العظام ، ويسهل الكلام ، فنزل الشاعر عنده ، واكلا وشربا ثم تعالت اصواتهما ، فسمع ذلك جار لهما ، فأتى الامام علي وأخبره خبرهما ، فبعث في طلبهما، فهرب ابو سمال ، وقبض على الشاعر النجاشي الحارثي ، فاقام الامام علي عليه الحد ، وهو ثمانون سوطا ، وازاده عشرين سوطا أخرى، فقال له الشاعر النجاشي : ما هذه العلاوة يا أبا الحسن ! ؟ فقال : هذه لجرأتك على شهر رمضان ! هذا هو اقسى حكم يصدر من خليفة مسلم على رجل مسلم ، وليس من خليفة مسلم على رجل مسيحي اباح له دينه شرب الخمرة ثم بيعها وشرائها، يضاف الى ما تقدم أن خلفاء المسلمين في عصر بني وأمية والعصر العباسي قد شربوا من الخمرة ما لذّ وطاب لهم ، وتغنوا فيها في مجالس لهوهم وطربهم ، حتى قال شاعرهم : راق الزجاج وراقت الخمرُ *** فتشابها وتشاكلا الامرُ فكأنما خمر ولا قدح **** وكأنما قدح ولا خمرُ ومع هذا لم يكفرهم رجال الدين من المسلمين الذين كان اغلبهم خدما لدى السلاطين واعوانهم 0 والحجة الاخرى التي تبيح هدر دم المسيحيين العراقيين ، وحرق امكان عبادتهم من كنائس وبيع هي التحريض الواضح من قبل المتحدث باسم هيئة القتل والخطف ، محمد بشار الفيضي ، الذي كان قد توقع محرضا ان حرق كنائس المسيحيين في العراق هو رد على ما قام به الجنود الامريكان في الرمادي ، حين اقتحموا مساجدها التي حولها الارهابيون الى متاريس حرب 0 ولكن مع هذا فما ذنب مسيحيي العراق ، وما هي جريرتهم في ذلك ؟ ألا يعي الفيضي أن المسيحي العراقي ليس هو المسيحي الامريكي الذي قطع المسافات البعيدة ، وجاء الى العراق من اجل أن يسقط نظام عميلهم صدام الذي تمرد عليهم ، وذلك بعد أن اشادوا له حكما حصيفا في العراق ، فراح يبطش بالعراقيين شمالا وجنوبا ، ويعتدي على شعوب مجاورة للعراق في حربين ضروسين ، مع ايران اولا ، ومع الكويت ثانية، واذا كان هناك من رجل مسؤول عن جلب الامريكيين الى المنطقة والعراق ، والى الرمادي بالذات فهو صدام المجرم 0 وانا واحد من العراقيين الذين يعزّ عليهم أن يروا أهلنا في الفلوجة يمرون مذلولين من امام الدبابات الامريكية ، وهم واضعون ايديهم على هامتهم ، مثلما يعزّ عليهم أن يروا مسيحيا عراقيا مضرجا بدمه ، قتله وهابي كافر لا يعرف من الدين الا ما يلبي طلبه في الذبح والقتل 0 وبعد كل هذا ليعلم كل هواة القتل والذبح في العراق ، وفي المقدمة منهم هيئة رجال الدين ، أن يعوا أن السيارة المفخخة لم ولن تحملهم الى سلطة ، وأن الارهاب لم يسقط نظام حكم ابدا ثم ابدا 0
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراقيون ينهضون ضد الارهاب !
-
الارهابيون يتدحرجون الى الهاوية !
-
جمهورية الارهاب والكباب !
-
ظرف الشعراء ( 25 ) : جميل بثينة
-
مقايضة الارهابيين !
-
حلال عليهم حرام علينا !
-
ظرف الشعراء ( 24 ) : أبو عطاء السندي
-
يستجدون الكلمات من العرب والمسلمين !
-
عروبة الارهاب !
-
الجهاد الاكبر خرافة من خرافات !
-
ظرف الشعراء ( 23 ) : الاخطل
-
يتوضؤون بدماء الاطفال !
-
الارهاب يتهاوى !
-
الشهيدة نادية العراقية !
-
لا حرب أهلية في العراق !
-
صلاة المنافقين !
-
هذا الفزع !
-
يلطفون أخبار الارهاب !
-
لا تؤجلوا الانتخابات !
-
ارهاب وليس مقاومة !
المزيد.....
-
سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص
...
-
السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
-
النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا
...
-
لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت
...
-
فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
-
-حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م
...
-
-الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في
...
-
-حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد
...
-
اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا
...
-
روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|