|
سياسة التردد
زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)
الحوار المتمدن-العدد: 3312 - 2011 / 3 / 21 - 08:51
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
إن السياسية الامريكية تتصف بالتردد في المواقف الحرجة واوقات الازمات وهذا يعود بصورة مباشرة الى وجود الاستراتيجية المحكمة التي تشرف على السياسات الخارجية وتسعى الى تحقيق المصالح الحيوية للولايات المتحدة، فالتدخل الامريكي على سبيل المثال لا تاتي إلا بعد ضمان المصلحة الوطنية، وان الجهود الانسانية وتطبيق قواعد القانون الدولي الانساني لا ترى الاقبال الملفت في اروقة البيت الابيض ولعل النماذج على ذلك كثيرة والسياسات الخاطئة او القرارات المتأخرة التي اتخذها الامريكان خير دليل على ذلك. اننا اليوم امام قضية انسانية تحتاح الى قرارات حاسمة وسياسات لا تردد فيه، ألا وهي الحالة الليبية والمجازر التي يقوم بها نظام الطاغية المعتوه معمر القذافي، ففي الوقت التي تسعى فيها الاتحاد الاوربي وبعض الاطراف العربية في وضع مشروع للتعامل مع النظام الهمجي الليبي نرى بان التردد هي سياسة الموقف في البيت الابيض وان القرارات النظرية هي الطاغية في التعامل مع الملف الليبي رغم التفوق الامريكي من الناحية العسكرية وامكاناتها في تطبيق قرار مجلس الامن القاضي بفرض منطقة حضر الطيران على اجواء ليبيا مقارنة مع الامكانيات التي يمتلكها الاوربيين والعرب، والسؤال هنا لماذا يتردد الامريكان في المساهمة الفعالة في فرض قرار مجلس الامن؟ وما هي الدوافع وراء التردد شبه الدولي في التعامل مع الازمة الانسانية في ليبيا؟ ان التردد الامريكي في الوقت الراهن تفرزها معطيات واحداث سياسية في البعدين المحلي والدولي، ففي البعد المحلي هناك الانقسام في المجلسين النواب والشيوخ في غير صالح إدارة اوباما حيث يؤثر على القرارات الرئاسية وتضع الادارة الراهنه امام خيارات معقدة، فضلا عن الازمات الاقتصادية والاستنزاف الاقتصادي جراء العمليات الخارجية، وكذلك كون النظام الامريكي نظام ديمقراطي لذا لابد من الرد على التساؤلات التي يطرحها الشارع الامريكي حول المعزى من المشاركة الامريكية في فرض منطقة حظر الطيران على ليبيا، فالادارة الامريكية تحتاج الى وضع خطة محكمة وتوضيح الاهداف الرئيسية وراء المشاركة الامريكية وما هي التوقعات والافرازات السياسية التي قد تنتجها التدخل الامريكي في دولة ذات سيادة وطنية وتعاني من ازمة داخلية ، كل هذه الامور تفرض على إدارة اوباما معوقات جدية وتفرز حالة التردد في سياساته الخارجية. أما من الناحية الدولية فتعاني الولايات المتحدة من ازمات جوهرية ومن ملفات متشابكة تتطلب الوقوف الجدي عندها، ففي افغانستان هناك الفشل العسكري والسياسي رغم مرور عقد على الحرب الامريكية في افغانستان ولم تتحقق الحرب اهدافها لحد الان، وافرزت المستنقع الافغاني حالة صعبة للسياسة الامريكية وبدات واشنطن تفقد حلفاءها في المشهد الافغاني يوما بعد يوم، ومن الصعب على الادارة الحالية التدخل في حالة جديدة مع الاستمرار في المستنقع الافغاني، وكذلك الحال بالنسبة للعراق وما تشهدها الساحة العراقية من ازمات متجددة وحالة عدم الاستقرار السياسي وإخفاق الحكومة العراقية في إستيعاب متطلبات الشارع العراقي واستمرار التدخل الايراني في الخريطة السياسية للعراق، وتشكل الازمة العراقية عائقا خارجيا لواشنطن في التعامل مع اوراق ومعطيات دولية جديدة ومفاجئة فالتطورات السياسية في الشرق الاوسط قد ادهشت العالم واصبحت محور اهتمام المنظمومة الدولية، إلا انها جاءت في فترة حساسة بالنسبة للبيت الابيض وهي غير مستعدة لامتصاص كل هذه الازمات في وقت واحد رغم عقلية ادارة الازمات التي يتصف بها القادة الامريكان. ومن اجل التعامل الجدي مع الملفات الراهنة تحتاح الادارة الامريكية الى جهود جبارة والتي اتصور ان الوقت في غير صالح القادة الامريكان للقيام بتلك الجهود. وفيما يتعلق بالتردد شبه الدولي فذلك يعود الى تعقيد الازمة الليبية والحرب الاعلامية الشرسة التي تقوم به النظام الليبي ضد الثوار، لان المتابع للشأن الليبي يدرك مدى التنظيم في لغة الخطاب السياسي للطاغية، وامتلاك الطاغية لنوافذ سوداء في التعامل مع عناصر دولية ومافيا تساعده في إدارة ازمته، فضلا عن لغة التهديد التي يستخدمه القذافي ضد الدول الاوربية من خلال ربط الثوار بتنظيم القاعدة وكيف ان الحالة الجديدة في ليبيا سوف تهدد الامن القومي الاوربي، ويبدو ان هذه الجهود قد شقت طريقها الى بعض العواصم الاوربية وخاصة برلين، إن لم يكن هناك خفايا وملفات تعاون مشبوهة بين معمر القذافي وبعض الانظمة الاوربيبة. إن سياسة التردد لم ولن يخدم المصالح الامريكية بل تزيد الطين بلة بالنسبة للمصالح المستقبلية لواشنطن في دولة هي الرابعة في انتاج النفط في افريقيا.
#زيرفان_سليمان_البرواري (هاشتاغ)
Dr.__Zeravan_Barwari#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشارع الكردي ودور الايدولوجيا
-
الزلزال السياسي ونهاية الاصنام
-
طبخة عراقية بأيدي أجنبية
-
صناعة الردع في بغداد!
-
أنقره وازماتها المتجددة
المزيد.....
-
الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية: إعلان الأحكام العرفية وحالة
...
-
عقوبات أميركية على 35 كيانا لمساعدة إيران في نقل -النفط غير
...
-
كيف أدت الحروب في المنطقة العربية إلى زيادة أعداد ذوي الإعاق
...
-
لماذا تمثل سيطرة المعارضة على حلب -نكسة كبيرة- للأسد وإيران؟
...
-
مام شليمون رابما (قائد المئة)
-
مؤتمــر، وحفـل، عراقيان، في العاصمة التشيكية
-
مصادر ميدانية: استقرار الوضع في دير الزور بعد اشتباكات عنيفة
...
-
إعلام: الولايات المتحدة وألمانيا تخشيان دعوة أوكرانيا إلى -ا
...
-
نتنياهو: نحن في وقف لاطلاق النار وليس وقف للحرب في لبنان ونن
...
-
وزير لبناني يحدد هدف إسرائيل من خروقاتها لاتفاق وقف النار وي
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|