|
المخفي والمستور وما بين السطور..!
وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 3308 - 2011 / 3 / 17 - 07:43
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
المخفي والمستور وما بين السطور..! "كيف صارت القرية الأمينة زانية. ملآنة حقا، كان العدل يبيت فيها. وأما الآن فالقاتلون.صارت فضتك زغلا، وخمرك مغشوشة بماء. رؤساؤك متمردون ولغفاء اللصوص. كلّ واحد منهم يحبّ الرشوة، ويتبع العطايا. لا يقضون لليتيم، ودعوى الأرملة لا تصل إليهم."* * زمن انحطاط. زمن تردي. زمن سقوط. سقوط شامل. سقوط تدريجي. ماذا يحدث في العراق.. وهل يستمر العقل متشبثا في خانة المنطق، يستجدي تبريرا لما يحدث تحت أي عنوان. هل يكفي استمرارنا في التنفس أن نقول : حمدا لله، ونحن يحيط بنا مستنقع رائحته تزكم الأنوف يتربع على عرشه لصوص وفجار وخونة. هل انتهى الرجال.. أم انقطع خيط الصواب، أم انتحر سلطان السؤال؟.. المنطق الحقيقي هو الذي يحاكم الواقع وليس يتشفع له؟.. والعقل الحقيقي لا يستسيغ الرداءة ولا يجعل منها عنوانا لنهضة حلمية، فما من شجرة تعطي ثمرا من غير جنسها ونوعها، ولا ورود تنبت في مستنقع هواؤه مثل مائه راكد. كيف رجع العراق أربعة قرون إلى الخلف، بينه وبين المنطق الطبيعي أكثر من قطيعة؟.. الثورة الشعبية التي وصلت متأخرة إلى شوارع العراق، حملت عنوانا خافيا إسوة بثورات تونس ومصر وسواها.. الكرامة.. الكرامة. * مجتمع بلا خدمات أساسية.. منذ عشرين سنة والكهرباء الطبيعية غائبة عن بيوت العراقيين، والخدمات البلدية غائبة عن الشارع والمحلة.. فالزبالة والعتمة والقطيع عنوان هاته المرحلة.. وأمام قصر رئيس الوزراء في المنطقة الخضراء (خضراء الدمن) كومة من الزبالة هي شعار حزب وفكر ونظام حكم.. ومنذ عشرين سنة يستمر التسيّب من نظام التعليم ويستمر التزوير في الشهادات الجامعية والعليا. ناهيك عن تردي مناهج التعليم أو التعليم النوعي ففقدت الدرجة الأكادمية قيمتها، وانخفضت ثقافة حملة الدال وسلوكهم بشكل مريع. أما ممارسات سلطات الحكومة المستغرقة في مختلف أنواع الفساد الاداري والسياسي وامتهان كرامة الانسان وحقوقه فقد تجاوزت كل ما اختزنته ذاكرة الاضطهاد الرافدينية. وتحول العراق من دولة بلا جيش أو أمن داخلي إلى حالة تجاوزت أعداد المنتسبين لكل منهما المليون، يمارسون أنواع التعذيب والاضطهاد ضدّ العراقيين على أساس الهوية (الطائفية والسياسية).. ووجود هكذا قوات مرتزقة على حساب الشعب وكرامة الوطن أسوأ من عدمها. دولة القانون فقدت نقطتها مع الزمن وصارت دولة (الفانون) والفانوس، وتحولت الانتخابات إلى (انتحابات) ولطميات. * غزو "متخلف".. لقد مرت سبع سنوات والعراق تحت الغزو. العراق أول بلد يتعرض للغزو الشامل في القرن الحادي والعشرين ومطلع الألفية الثالثة. ومنذ غشى البلاد أحدث ممارسات وانتهاكات ومخازي كانت الغاية منها تعفير الكرامة العراقية بالرمال. لذلك كان الأميركان.. سلطات الاحتلال أول من كشف عن الانتهاكات وقدم بياناتها وأفلامها لوسائل الأعلام.. فماذا كان ردّ الفعل العراقي.. هل كان هناك ردّ فعل ألبتة؟ هل خرجت مظاهرات عارمة في الشوارع مثل تلك التي استنكرت رسوم الكاريكاتير الدنماركية؟.. هل طردت الحكومة السفير الأميركي أو سحبت سفيرها أو هددت بقطع علاقاتها التجارية وحظر امدادات النفط أم.. أم..! هذا الكلام ممكن في ظل وجود منطق ووعي داخل التاريخ.. لكن العراق اليوم وأمس وغدا هو خارج التاريخ.. خارج الوعي التاريخي وديناميكية التاريخ. العراق تحت الاحتلال.. شكل هذا الاحتلال سياسي وعسكري واقتصادي وثقافي وأخلاقي. كل شيء في هذا البلد تحت الاحتلال.. تحت رحمة الاحتلال أو في ظلّ نعمته!. أما ما غفل عنه الأميركان فهو تحت رحمة احتلال آخر.. هو الاحتلال والاختراق الايراني ، وهذا أكثر تعسا من سابقه. احتلال عامودي عرقي شوفوني يتوسل أساليب دنيئة وغاياته أكثر دناءة. كلّ ما هو طبيعي يبقى طارئا.. وكل ما هو طارئ هو طبيعي!.. هاذه العبارة المقتبسة بتصرف من قصيدة لفرج الحطاب تتضمن قدرة تعبيرية عالية لما كان ويكون وما هو كائن. عبارة تحتاج تحديد موعد لاستفتاء العراقيين بشأنها، لمعرفة عدد الذين يعتبرون واقعهم طبيعيا، أو طارئا، أو (no change)!.. * الغاء (الكائن).. الغاء وزارة الثقافة والدفاع كان اجراء شكليا، دالته البنيوية أكثر عمقا وبعدا من مجرد المعنى اللفظي. خرج البعض مطالبا بإعادة هاتين الوزارتين العريقتين في ضمير الشخصية العراقية، وبحسب اللعبة الدمقراطية تم إعادة هيكلة الوزارتين لاحقا.. لكن العراق بقي من غير ثقافة ومن غير دفاع. وهكذا صارت في العراق وزارة ثقافة بلا ثقافة، ووزارة دفاع بلا دفاع. وما يصح هنا يصح مع بقية الهياكل الوزارية والمؤسساتية، انتهاء بالحكومة التي لا تولد إلا بعد ستين عملية قيصرية. فماذا عن الدمقراطية وحريات التعبير والتفجير والتطبير وما إلى ذلك.. علم ودستور ومجلس أمة.. كلّ عن المعنى الصحيح محرّفُ أسماء ليس لها سوى ألفاظها.. أما معانيها فليست تُعرَفُ من شعر الرصافي العظيم! وهنا صورة أخرى للمفارقة!.. الثورات الشعبية العارمة في تونس ومصر والأردن واليمن والبحرين وعمان تستهدف أنظمة قائمة وحكومات حاكمة ومطاليبها الوطنية تنبع من قراءة عميقة لأوضاع البلاد وأزماتها المتراكمة، وعندما تطالب بالتغيير أو سقوط النظام فهي تستقرئ صورة النظام البديل الذي يستعيد الشعب به أجهزة الدولة لخدمته وليس الانقضاض عليه. والحال مختلف في الصورة العراقية.. فالنظام دمقراطي والحكومة منتخبة وسياساتها تحظى ببركة البرلمان والسيستاني، والشعب هو الذي قام بانتخاب حكامه وللمرة الثانية على التوالي، فما هو مبرر الثورة.. هذه المعطيات الدمقراطية (المشوهة والمزورة) هي التي جعلت (الذي رأى نفسه) على رأس الحكومة أن ينسب خروج الشارع إلى الشغب والأيادي (الخارجية العميلة).. ربما يقصد أحزاب حكومته بالتأكيد!.. وبحسب الأساليب والمراسيم الدمقراطية تم استخدام أفضل أنواع الأسلحة وأحدثها في المحافظة على استقرار البلاد. عند هذه النقطة وجد العراقيون باليقين القاطع أن حياتهم ليست مقطوعة تماما عن وسائل الحداثة والعصرنة .. فأسلحة مكافحة الشغب الانجليزية والأميركية تتميز بمواصفات حديثة متطورة تشكل نقلة نوعية في فن تعذيب الجماهير العراقية بالرصاص المطاطي والحقيقي وخراطيم المياه والعصي المطاطية وعما قريب يتم استخدام العصي الكهربائية إسوة بأساليب المجلس العسكري لقيادة مصر في أعقاب زيارة كاميرون رئيس وزراء بريتانيا لمصر. * أين هو الموقف الثقافي الوطني من الراهن العراقي؟. أين هي القراءات الفكرية، السياسية التاريخية، التي تنير طريق الثورة العراقية وتساعد الوعي الجماهيري أو الفردي على الانتباه من وطأة التردي والاستذلال التي تنزلق فيها البلاد تحت نير القوى السياسية الطائفية المأجورة ضدّ هوية العراق التاريخية؟.. لماذا تراجع النص الابداعي بعيدا عن الوعي السياسي للراهن متسوّرا بالنزعة الفردية، و(المشي جنب الحيط) –بحسب التعبير المصري-؟. في ظل هذا التراجع الثقافي وغياب الابداع الفاعل انتشرت محافل الشعر الشعبي تحت مسمّيات مهرجانات طائفية أو بلدية -سيئة الصيت-، وهي في الغالب تمتح من ثقافة التردي السائد في الفكر والمعالجة والتعبير، موشحا بفائض من رموز دينية مستهلكة تحتمل وزر جانب كبير مما يلتهم العراق وشعبه، هو أقرب إلى شعر رثاء النفس والمناحات على طريقة (الملايات) في حفلات التأبين. والبعض يجد في هاته النصوص فرصة للتنفيس عما يعتلج في النفوس من يأس وإحباط وثورة داخلية مكتومة، تصطدم بسلطة الفتوى وشورة الامام. عراق اليوم لا ينتمي للعراق التاريخي، والمشهد السياسي له طارئ بالمرة على الذائقة العراقية التي لم تكن طائفية ذات يوم، ونزعة التشيّع المدعومة في بعض النصوص تعتبر ردة فكرية وانقطاعا عن صيرورة الزمن. ويوما بعد يوم.. تتقدم المصالح الشخصية على المصلحة العامة والوطنية، وتتراجع ثقافة بعض المثقفين والكتاب منخرطين كأدوات رخيصة في خدمة تيار الحكم الطائفي البغيض. فالمفارقة الأخرى في جدلية التخلف والاحتلال (الاختلال) هي دسامة الامتيازات المادية ورخص المناصب والملايين وما يدخل في مجالها، مما أغرى غير قليل من أجيال الحرمان ونقص الجاه، للبحث عن تعويض مادي على حساب جثمان الوطن. يخطئ من يعتقد أن الهوية العراقية تشكلت على يد الاحتلال الانجليزي للعراق قبل قرن من الزمان. ويخطئ من يعتبر أن الاحتلال الامريكي والايراني هو تصحيح لهوية الدولة الأولى. فالتصحيح المنطقي في أي معادلة لا بدّ أن يكون خطوة للأمام. ولكن ما حدث هو خطوة عارمة للخلف، يتحمل وزرها القائمون بها واللاهثون في إطارها على اختلاف مسمياتهم وعناوينهم وشعاراتهم. * (لا) للثقافة الطائفية.. بعد 2005 تزايد شعور الطائفة الحاكمة بشغور مواقع الثقافة العراقية في الداخل، ووجود تقاطع بين الثقافة الوطنية العراقية الممثلة للهوية الأصلية الأصيلة وبين ردادي الثقافة الطائفية، وظهرت أكثر من محاولة استقطاب للمثقفين بادعاءات ومغريات رخيصة لم تجد حينها القبول والاستجابة المفترضة. حاولت حكومة الجعفري استخدام أكثر من وسيلة في هذا السبيل، منها ممارساتها مع اتحاد الأدباء العراقيين وتجميد أموال الاتحاد والمساومة من خلالها لاستقطاب الأدباء لتأييد الحكومة والتهويس لها. لقد استخدمت الأموال وسيلة رخيصة لابتزاز المثقفين والأدباء وسوقهم لحظيرة الحكومة، وكما تجلى ذلك في كلمة ممثل الجعفري في افتتاح المربد الشعري - الذي صار بصريا حسب الخريطة الطائفية، وهو أول من ابتلع السنارة مع الخيط-. وهي الكلمة التي أنذرت بامكانية استمالة الأدباء عندما تصلهم (رواتب الحكومة)، مما استثار احتجاجات في صفوف المشاركين. كانت للجعفري ريادة التدخل في الصحافة ووسائل الاعلام الملتزمة بالحقيقة وحرية الرأي والتعبير والنشر، في أكثر من سابقة كانت نتيجتها انشقاق بعض الصحف أو تغييرات في طواقم الجريدة أو تجميد وتهميش من لا يلتزم شروط الحكومة. ولم يخرج خلفه وتلميذه المالكي عن هذا الخط، مع مبالغة في أساليب الترهيب والترغيب وتكليف البعض لصنع استقطابات جديدة في صفوف الكتاب. وتعتبر سابقته القضائية مع صاحب ورئيس تحرير جريدة كتابات الالكترونية، أكثر أشكال مكافحة الدمقراطية وتصفية الرأي الحرّ قسوة وفضائحية. أعقبت ذلك أنشطة تمثيلية تحت عنوان مهرجان الثقافة العراقية في الخارج، يحضرها نفر من أزلام الحكومة ومروجي سياستها وتوزع فيها دروع وجوائز يفرح لها البعض، والطريف في تلك المهرجانات الشكلية الصفراء أن المشاركين يوزعون الجوائز على بعضهم، بما فيهم موظفي الوزارة المشاركين في البعثة المجانية على حساب الابداع والثقافة العراقية المغتصبة. كما شهدت الحقبة السالفة ممارسات مختلفة بحق الكتاب والمؤلفين والمبدعين الأحرار، تفاوتت بين المقاطعة والطرد من العمل حتى التصفية الجسدية، وهي المرة الأولى التي يخسر فيها العراق هذا العدد الضخم من أدبائه ومثقفيه، وللأمانة التاريخية لا بدّ من القول أن تلك السياسات الطائفية والشوفونية الجائرة طالت أعداد كبيرة من الأكاديميين وأصحاب الاختصاصات العالية والنادرة خلال الحقبة القصيرة من الحكم الطائفي في ظل الاحتلال. كواكب الفداء هاذه جديرة أن تخلد وتصدر بها كتب ومجلدات تحفل بها مكتبة كل شخصية عراقية صادقة وأصيلة من أكادميين وعلماء وأدباء وكتاب، باعتبارهم أضواء منيرة في ضمير العراق الوطني المدني المتحضر، مما يذكر باضطهادات المفكرين والفلاسفة والعلماء في حقب سابقة رفضوا التفريط باخلاصهم وضمائرهم لمرضاة الحاكم. * الأمريكان وسياسة الصدمة كانت هاذه واحدة من أسلحة الأمريكان الاستراتيجية في الحرب على العراق. وكان استخدامها المبكر في ليلة السابع عشر من يناير 1991 في الضربة الجوية المفاجئة. تستهدف سياسة الصدمة (attack shock) احداث خلخلة في صفوف العدو بشكل يفوق توقعاته واحترازاته الميدانية. وفي مارس 2003 عوّل الغزاة على سياسة الصدمة في أكثر من صعيد. 1- الاحتلال العسكري الذي جاء مفاجئا بحجم القوات والمعدات. 2- عدم حصول مقاومة ميدانية بعد اتفاق مع الحكومة الايرانية والحكومة العراقية. 3- الغاء مؤسسة الدولة العراقية ولا سيما الجيش والاعلام والثقافة. 4- ابعاد المعارضة العلمانية ورموزها البارزة لديها. 5- تفضيل الأحزاب الطائفية الموالية لايران على حساب الوطنية العراقية. وعمدت السياسة الأمريكية إلى ترك البلاد والناس بلا حكومة أو خدمات أو تمثيل سياسي أو اعلامي مدة من الزمن، كانت كافية لنقل مركز الارهاب من أفغانستان إلى وسط العراق وخلق حالة من الضياع النفسي والتشرد الاجتماعي، يزيد من وطأتها حرمان العاملين من موظفين ومستخدمين في مؤسسات الدولة أو الشركات الخاصة من دخولهم الشهرية، مع تفشي حالة التسيب في القطاع الخاص والمجالات العامة. هاته الحالة النفسية والاجتماعية والمعيشية دفعت الشخصية العراقية إلى العودة للتنظيمات الاجتماعية التقليدية كالعشيرة والطائفة والمحلة أو القرية، لتأمين الحصول على سقف اجتماعي وأرضية معيشية ونفسية توفر الحد الممكن من الأمان والضمان اللذين كانت مؤسسات الحكومة تتولى القيام بها. * خطوة للخلف والأمان الاجتماعي.. لقد نظر المواطن إلى الغياب المفاجئ لخدمات الحكومة وكيانها باعتباره خيانة بحق المجتمع. هذا الشعور بالخيانة والخذلان يدفع غالبا، -مع اختلاف الأفراد في حدة ردّ الفعل حسب خصائصهم النفسية- إلى قبول خيارات أكثر حدّة وشذوذا. لقد تخلى قطاع واسع من المجتمع العراقي من سكان المدن بعد قبل نصف قرن، عن أطر العشيرة والطائفة والعرق. فإذا به فجأة لا يجد الأمان الاجتماعي وضماناته، سيما أن التطور المدني وآليات العقد الاجتماعي بقيت بطيئة الحركة وضعيفة الفاعلية. ليس من المستساغ عودة الخريجين والمهندسين والمدرسين والكتاب إلى حظيرة العشيرة القبلية، وعودة نسائهم وأطفالهم إلى نمط من المعيشة والسلوك مما تم تجاوزها. هاته العودة لا تكون مجردة أو حركة عادية للوراء، وانما تقترن بدرجة من الاحتقان ومزيد من صعوبة التكيف، تنعكس سلبا على آليات الفكر والمشاعر والسلوك، وتدفع إلى التطرف والعدوانية أو العنف والتوتر. روى البعض أنهم رأوا أشخاصا كانت لهم بهم معرفة سابقة في مواقف لم يستطيعوا توقعها منهم. ولا يستطيعون فهم كيف تغير أولئك الأشخاص. نعم. هذا هو السؤال.. كيف تغير أولئك الأشخاص؟.. من أشخاص نعرفهم ونحبهم، إلى أشخاص لا نريد أن نراهم أو نعرفهم..... هاذه هي الميلودراما العراقية.. المخفي والمستور وما بين السطور في حركة تطور الشخصية العراقية نحو الخلف. لم تقتصر تأثيرات الحالة على سكان الداخل، وانما تعداهم لمن في الخارج أيضا.. سيما الخارجين بعد واقعة الغزو.. فالكثرة منهم تقمصوا ثقافة العشيرة القبلية مجددا.. والأكثر تخندقوا وراء الطائفة.. يعتقد هؤلاء أن الدولة تخون.. والحزب يخون.. والفكرة تخون.. أما الدين والطائفة فلا تطرح إلى خارج.. سيما إذا تمسكنا بها جيدا. دكاترة.. بعثيون، شيوعيون ، ماركسيون، تقوقعوا في شرنقة الدين والطائفة. لا يهتمون للمساوئ في طبقة الاقطاع الديني، قاصرين اهتمامهم على ما يجنونه منهم. بل أن مجرد الانتماء للجوّ الاجتماعي وحلقات الدين الاسبوعية، يقنعهم بأنهم ليسوا وحيدين، مهما جرى أو حدث. لقد أنجزت سياسات الأمريكان إعادة هيكلة ديموغرافية في العراق.. وفرت أرضية عريضة لقيام حكم طائفي، ومشهد سياسي يقوم على محاصصات طائفية وعرقية. هذا الفكر/ الحكم الطائفي لا يعترف بالعلمانية كهوية أو انتماء مدني، وانما يؤكد المرجعية الطائفية بصلافة مشهودة عندما يجري تعريف زعيم حزب شيوعي أو حزب وطني علماني بأنه مسلم شيعي، رغم منافاة التقسيمات العرقية والطائفية والدينية لميثاق حقوق الانسان. وبالمنظور المدني والحضاري يعتبر اعتماد هاذا القياس أو المعيار اليوم، قرونا من التخلف، لا تنفع معها منتجات الأنترنت والدمقراطية في ظل تخلف العقل والعقلية. فإذا كان الانجليز يتحملون تبعات تسويغ مصطلحات السنة والشيعة، فأن الأمريكان يتحملون مسؤولية إعادة هيكلة الدولة والمجتمع العراقي على أساس عرقي وطائفي بغيض، مقوضين به، امكانية قيام مجتمع مدني علماني متحضر في العراق. * ــــــــــــــــــــ • سفر أشعياء بن أموص (1: 21- 23).
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آراء وانطباعات عن الثقافة الكردية
-
مقاطع من أغنية كردية
-
اللحظةُ ليستْ تاريخاً
-
13×7
-
الإصغاء إلى نداء الغابة وخطاب الطبيعة في القصة الليبية
-
أصل الشرّ.. (2)
-
أصل الكلام.. كلمة
-
عندما ندم الله.. (25) الأخير
-
عندما ندم الله.. (24)- ما قبل الأخير
-
الاطفال.. طريق إلى أنانية الأنثى
-
عندما ندم الله.. (23)
-
أصل الشر..(1)
-
عندما ندم الله.. (22)
-
عندما ندم الله.. (21)
-
عندما في الأعالي.. (20)
-
عندما ندم الله.. (19)
-
عندما ندم الله (18)
-
عندما ندم الله.. (17)
-
عندما ندم الله.. (16)
-
عندما ندم الله.. (15)
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|