|
الاضراب لم ينقذ السلطات المحلية
اساف اديب
الحوار المتمدن-العدد: 988 - 2004 / 10 / 16 - 12:21
المحور:
الادارة و الاقتصاد
اقتصاد اضراب الهستدروت بدا غريبا، خاصة بعد موافقتها على موقف الحكومة الذي اشترط دفع اجور عشرات آلاف المستخدمين، بموافقة السلطات على خطط الاصلاحات الحكومية؛ هذه الخطط هي تعبير عن الاتجاه الحكومي العام نحو الخصخصة وتفضيل كل ما هو مربح على مفهوم الرفاه، والسلطات المحلية العربية اكثر المتضررين.
اساف اديب
الاضراب العام الذي اعلنته الهستدروت يوم الثلاثاء 21/9، اظهر خطورة الازمة التي يعانيها معظم السلطات المحلية في اسرائيل. فقد وصل عدد الموظفين الذين لم يتقاضوا رواتبهم، الى 15 الف موظف. بعضهم لم يتلقَّ راتبه منذ عدة اشهر، والبعض الآخر حصل فقط على رواتب الاشهر الاخيرة، فيما بقيت الحكومة مدينة له برواتب اشهر سابقة. وكجزء من المساعي لحل المشكلة صادقت الحكومة قبل شهر تقريبا على قانون يشترط زيادة ميزانيات السلطات المحلية بخضوعها لخطة اشفاء. الغريب انه بالاضافة لوزارة الداخلية ومركز الحكم المحلي، وافقت الهستدروت ايضا على القرار الحكومي الذي جعل اجور الموظفين رهينة لخطط الاشفاء. وصل الاضراب نهايته بعد 30 ساعة من اعلانه، عقب اتفاق توصلت اليه الحكومة والحكم المحلي والهستدروت، برعاية رئيس محكمة العمل القطرية، القاضي ستيف ادلر. ويلزم الاتفاق وزارة المالية بدفع اجور المستخدمين دون قيد او شرط خلال سبعة ايام، حتى عيد العرش (29/9)، على ان تُدفع اجور 4% من المستخدمين في نهاية تشرين اول (اكتوبر). بالمقابل، امرت المحكمة بوقف الاضراب فورا وعودة كافة الموظفين لمزاولة اعمالهم. رغم الصورة الوردية، الا ان الاتفاق لم يطبق. مستخدمو مجلس الرامة المحلي الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ 16 شهرا، بقوا حتى بعد الاتفاق دون حل. هذا ما صرح به رئيس لجنة المستخدمين في المجلس، يوسف نجم، في اليوم المحدد في الاتفاق كآخر موعد لدفع الرواتب. رئيس المجلس، خليل خوري، اكد انه وقّع على خطة الاشفاء منذ اسابيع، ولكنه لا يزال بانتظار اقرار مندوب وزارة الداخلية. وليس مجلس الرامة استثناء. فحسب احصائيات الهستدروت، هناك الآلاف من المستخدمين في 24 سلطة محلية معظمها عربية، لم يتقاضوا اجورهم حتى اليوم. رئيس نقابة الموظفين، ليون موروزوفسكي، اكد ان الاجور التي دُفعت لم تشمل تعويضات عن التأخير، وفي افضل الاحوال أُنفقت في تسديد ديون المستخدمين المتراكمة.
المستخدمون كرهينة
في محاولة للتهرب من مسؤوليتها عن ازمة الاجور، تذرّعت وزارة المالية بالفساد المستشري في السلطات المحلية، وادعت انها لا تستطيع انفاق ميزانيات على سلطات تبذر ميزانياتها دون رقابة. ولا يمكن انكار وجود الفساد النابع من سوء الادارة وسياسة التعيينات التي ضخمت الجهاز البيروقراطي في السلطات المحلية اليهودية والعربية على حد سواء. ولكن ليس لهذه الحقيقة علاقة بالازمة الحالية. تقرير بنك اسرائيل الصادر في آذار (مارس) الماضي، حدد ان السبب الرئيسي للازمة هو التقليص الحكومي الحاد في ميزانيات السلطات المحلية وخاصة الضعيفة اقتصاديا منها، ومعظمها عربية. في حين اشار الى انه رغم التقليص نجحت السلطة في خفض ديونها في النصف الثاني من التسعينات. واستنتج التقرير ان السياسة الحالية تعمق الفجوات بين الاغنياء والفقراء. هدف وزارتي المالية والداخلية كان كسر المعارضة داخل السلطات لخطة الاشفاء، التي تستوجب تقليصات في النفقات وفصل مستخدمين. وللوصول لهذا الغرض اجرت تقليصا كبيرا في الميزانيات والمنح التي توفرها للسلطات، وتسببت في عجز منع معظمها من دفع الاجور. بهذه الطريقة حملت المستخدمين على الضغط على السلطات، حتى تقبل شروط المالية واملاءاتها. وزارة المالية التي كان المفروض ان تكون الجهة الاولى التي تحترم القانون، اخلّت بخطوتها هذه بقانون العمل الذي يمنع التأخير في دفع الرواتب للمستخدمين. وما يكشف عدم ثبات الحكومة في مواقفها، ان وزير المالية، بنيامين نتانياهو، نفسه تراجع عن دمج السلطات المحلية بهدف اشفائها وتوفير الميزانيات، وذلك رغم اصرار وزير الداخلية، ابراهام بوراز (حزب شينوي). والسبب رضوخ نتانياهو لمعارضة اعضاء في مركز حزب الليكود الذين يتمتعون بوظائف واجور عالية في السلطات المحلية مقابل الدعم السياسي. يتبين اذن نفس ظاهرة الفساد والتعيينات التي يندد بها وزير المالية، تصبح مشروعة عندما يتعلق الامر باعضاء مركز الليكود.
بيرتس – اعتبارات سياسية
يبقى السؤال ماذا عن موقف الهستدروت؟ وكيف يمكن تفسير استعدادها الدخول في مفاوضات حول خطط اشفاء للسلطات المحلية، في حين لم يتقاض آلاف المستخدمين اجورهم منذ شهور؟ اذا اخذنا بالحسبان ان معظم المستخدمين الذين لم يتقاضوا اجورهم هم من التجمعات العربية، نستنتج السبب الاول وهو قلة اهتمام الهستدروت التقليدي بمصير العمال العرب والوسط العربي عامة. تفسير آخر يعود الى عادة عمير بيرتس في استخدام سلاح الاضراب، لابراز قوته ورفع اسهمه السياسية. وقد جاءت الحاجة هذه المرة على خلفية فشل مفاوضات الوحدة بين حزبي العمل والليكود. ويذكر ان بيرتس الذي تزعم حزب "عام احاد" انضم قبل اشهر معدودة لحزب العمل الذي كان في خضم المفاوضات حول حكومة الوحدة. غير ان تعثر المفاوضات بين العمل والليكود، افسحت المجال للهستدروت للعودة للبروز كمعارضة، علما ان هذا لاءم زعيم العمل، شمعون بيرس، الذي اراد الضغط على الليكود مستخدما سلاح الهستدروت.
منطق الربح
ازمة السلطات المحلية هي تعبير خطير اضافي عن التوجه الحكومي الجديد نحو الخصخصة العنيفة، والمحكوم بمنطق المردود والربح وليس بمفاهيم الرفاه. حسب التوجه الجديد ستعيش المدن والبلدات المركزية والقادرة على جباية الرسوم من المناطق الصناعية والتجارية فيها، في حين ستهمش البلدات التي تفتقد هذه القدرات، خاصة في ظل التقليصات الحكومية في ميزانيات الرفاه. رئيس لجنة المستخدمين في بلدية طمرة، محمد فضل حسان، قال في مقابلة للصبّار انه حتى لو دفعت الحكومة اجور مستخدمي البلديات العربية فسيؤجل ذلك الازمة دون ان يحلها: "على ضوء فقر الوسط العربي، ونظرا لعدم وجود مجمعات اقتصادية تدفع الضرائب للسلطات المحلية، تبقى السلطة المحلية العربية عاجزة عن تقديم الحد الادنى من الخدمات وضمان اجور المستخدمين القائمين، ناهيك عن استثمار اموال في تطوير البنية التحتية التي تعاني الاهمال منذ 56 عاما".
#اساف_اديب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد ترحيل العمال الاجانب، محاولات لاستعباد العمال المحليين
-
حزب العمل يستعيد الهستدروت
-
عمال غزة رهائن النزاع المسلح
-
تبعية الاقتصاد الفلسطيني تمنع الاستقلال السياسي
-
عمال الكنيست - اين الحبة واين القبة
-
تبعية الاقتصاد الفلسطيني تمنع الاستقلال السياسي
-
مقابلة مع د. يوسي دهان - كيف تقضي الهستدروت على نفسها
-
قضايا عمالية - لماذا الغي الاضراب في اسرائيل؟
-
ميزانية نتانياهو تدعم رأس المال وتهمش العمال
-
خطة نتانياهو تعجل الانهيار الاقتصادي
-
النقابة – الاساس للعمل الثوري
-
الساحة الاسرائيلية تتجه نحو اليمين
-
اقتصاد اسرائيل ينجو.. مؤقتا
-
عمال غزة بين الاحتلال وفوضى السلطة
-
كيف تحول الرفاه الاسرائيلي الى قنبلة موقوتة؟
-
الاقتصاد الاسرائيلي في ورطة
-
مأزق الاقتصاد الاسرائيلي وانهيار وهم العولمة
-
اتفاق الدوحة محطة في الطريق لنهاية العولمة
-
مناهضة العولمة تمهد لبناء حركة عالمية ضد الحرب
-
نقابيون بريطانيون يبادرون لبناء تيار نضالي جديد
المزيد.....
-
وزير الخارجية: التصعيد بالبحر الأحمر سبب ضررا بالغا للاقتصاد
...
-
الشعب السويسري يرفض توسيع الطرق السريعة وزيادة حقوق أصحاب ال
...
-
العراق: توقف إمدادات الغاز الإيراني وفقدان 5.5 غيغاوات من ال
...
-
تبون يصدّق على أكبر موازنة في تاريخ الجزائر
-
لماذا تحقق التجارة بين تركيا والدول العربية أرقاما قياسية؟
-
أردوغان: نرغب في زيادة حجم التبادل التجاري مع روسيا
-
قطر للطاقة تستحوذ على حصتي استكشاف جديدتين قبالة سواحل ناميب
...
-
انتعاش صناعة الفخار في غزة لتعويض نقص الأواني جراء حرب إسرائ
...
-
مصر.. ارتفاع أرصدة الذهب بالبنك المركزي
-
مصر.. توجيهات من السيسي بشأن محطة الضبعة النووية
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|