أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - شاكر النابلسي - نيرون الألفية الثالثة يتحدى العالم!















المزيد.....

نيرون الألفية الثالثة يتحدى العالم!


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3307 - 2011 / 3 / 16 - 08:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


نيرون الألفية الثالثة يتحدى العالم!
-1-
رغم ما كنا نسمعه ونقرأه ونشاهده من طغيان وفساد حكم القذافي طيلة العقود الأربعة الماضية، إلا أن لا أحداً كان يتصوَّر أن تكون مقاومة القذافي والدفاع عن أملاكه وممتلكاته على هذا النحو من الوحشية والهمجية وسوء السلوك، مما أثبت تماماً صفة الطغيان والفساد والظلم على شخصيته، وعلى عائلته، وأعوانه. كما أن هذا التحدي الجنوني لقرارات المجتمع الدولي، لا يدلُّ إلا على الجنون الحقيقي وليس المجازي، الذي يدفع القذافي إلى قتل شعبه، وتدمير وطنه على هذا النحو.
فأين انتماء القذافي إلى شعبه الثائر، إن كان صحيحاً ما كان يدعيه بأنه ابن هذا الشعب؟
وأين حرص القذافي على وطنه، إن كان ما يدعيه بأنه كان قائد وزعيم هذا الوطن؟
فالقائد لا ينزل بشعبه ووطنه هذا الدمار وهذا القتل بهذه الوحشية. وما يرتكبه القذافي الآن من جرائم وحشية، يضاف إلى جرائمه الماضية بحق البشرية كلها من خلال كارثة لوكيربي والملهي الليلي الألماني وسقوط الطائرة الفرنسية.. الخ.
-2-
معظم الحكام العرب يعتبرون بأننا ما زلنا نعيش في العصر العباسي، حيث يحقُّ لخليفة كالمنصور (مؤسس الدولة العباسية) من أن يذبح معارضيه من الأمويين، الذين كانوا يحضرون مجلسه، ويقتلهم واحداً تلو الآخر، ويأمر بالأنطاع التي بُسطت عليهم، ثم يجلس المنصور فوقهم، ويطلب الغداء فيتغدى. ولم يُحاسب أو يُعاقب الخليفة المنصور على فعلته الشنعاء تلك بأبناء عمومته ودينه وقوميته، لأن آليات العقاب الدولي في ذلك الوقت، لم تكن قد وجدت كالأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والمحاكم الجنائية الدولية .. الخ. ولأن منظمة حقوق الإنسان لم تكن كذلك قد نشأت. ولأن الضمير العالمي والإعلام العالمي لم يكن موجوداً في ذلك الوقت.
ولكن معظم الحُكاَّم العرب الآن، يسخرون وينكرون كل هذه الهيئات، ويبطشون بمواطنيهم بطشاً غير محسوب عقابه، وعندما تصدر الأحكام ضدهم يهيجون، ويحملون عصي المارشالية، ويقول لمحكمة الجنايات الدولية:
"طز فيكم"!
ويضيفون انطلاقاً من وحشيتهم وجرائمهم:
لتبلَّّ المحكمة الدولية ورقة الاستدعاء ولتشرب (ميَّتها)!
فهؤلاء هم بعض حُكَّامنا الهمج والمتوحشين.
-3-
لو أن العالم العربي، وقف وقفة واحدة، لقرار المحكمة الجنائية بإلقاء القبض على كل زعيم عربي متوحش، افترس شعبه على النحو الذي فعله القذافي طيلة أربعة عقود ماضية، وعلى النحو الذي يفعله الآن، بالثوار الليبيين الأحرار، لما كان حالنا ما نحن عليه الآن.
لقد هاج وماج العالم العربي من قرار المدعي العام مورينو أوكامبو، بإلقاء القبض على أحد الرؤساء العرب للتحقيق معه، ومع عصابته في ثبوت جرائمه البشعة. والتزم معظم العرب من حكام، وأحزاب سياسية ودينية، ونقابات، وهيئات، واتحادات، وروابط، بما فيها رابطة بائعي ومروجي المخدرات، واتحاد المفسدين العرب، وجمعيات الحشاشين، وغيرها من الهيئات العربية.. كل هؤلاء التزموا الصمت التام المطبق، وأغلقوا أفواههم بقفول ضخمة، ومنهم من قطع لسانه، ورماه للكلاب، خوفاً على حياته.

-4-
والقذافي، الذي يتباكي عليه بعض الليبيين المرتزقة اليوم، كما تتباكى عليه مجموعة من الإعلاميين، من بائعي فجل الكلام في سوق الخضار العربي، وتتباكي عليه بعض الفضائيات التي تتبنى الإرهاب في العالم العربي بكل أشكاله وألوانه.. هذا القذافي هو الجلاد الأحمق، الذي لم يرعوِِِ، ولم يرتدع، لا من تحذير الشرعية الدولية، ولا من الرأي العام العالمي ولا من قرار مجلس الأمن 1970.

-5-
صحيح أن بعض الدول العربية، طلبت من القذافي التنحي عن منصبه، حقناً لدماء الليبيين الأبرياء، إلا أن معظم الحكام العرب يرجون من الله أن ينتصر القذافي على شعبه، رغم بغضهم له، وحقدهم عليه، ومقاطعته، وحكمهم عليه بالتفاهة والجنون والشعوذة ومسرحة المواقف السياسية.. الخ. إلا أنهم في الوقت نفسه يرجون من الله - سراً في معظم الأحيان - النصر له على ثوار ليبيا الأحرار، خوفاً من أن تمتد الثورة الليبية - التي تعتبر الثورة المناضلة، التي دُفع ثمنها غالياً حتى الآن، أكثر من غيرها من الثورات العربية الحديثة - إلى أوطانهم وشعوبهم، وتُعلِّم هذه الأوطان والشعوب كيفية الثورة على الحكام والأنظمة.
فلننظر إلى مواقف هذه الأنظمة الآن؟
مَنْ منها قدم الدعم الحقيقي والمساعدة المفيدة للثوار الليبيين غير قطر، و"قناة الجزيرة"، والإعلام القطري؟
هناك قرار للجامعة العربية – اتخذ بعد قرار القمة الأوروبية - لحظر الطيران فوق ليبيا، منعاً لقيام طيران القذافي الحربي بشن هجمات وحشية على الثوار الليبيين، فهل هناك قوة عربية حقيقية لتطبيق هذا القرار؟
فمثل هذا القرار لا يجري تطبيقه إلا من قبل دول غربية قوية، ومن مجلس الأمن، والأمم المتحدة. فالقرار العربي أياً كان، كسيح وهزيل، ولا يساوي الحبر والورق الذي استعمل في كتابته.
فكيف يمكن له أن ينفَّذ، ويجري تطبيقه على الأرض، وفي السماء؟


-6-
وعلى الحكام العرب، أن يتعظوا من القرار الدولي 1970 الصادر عن مجلس الأمن، والذي يجيز لمحكمة الجنايات الدولية "جرَّ" كل رئيس دولة، يعتدي على شعبه إلى "محكمة جنايات دولية"، ومحاكمته هناك. وهذا أول قرار في تاريخ البشرية، يصدر على هذا النحو من القوة والتصميم. كذلك لو فكر العرب بقرار قمة الاتحاد الأوروبي بشأن اعترافه بـ "المجلس الوطني الانتقالي" في بنغازي وبالتحاور معه، وليس مع حكومة القذافي، واتخذ أعضاء الجامعة العربية قراراً مماثلاً، لكان وضع الثوار الأحرار في ليبيا أقوى مما هو عليه الآن، ولكان موقف القذافي بالتالي أضعف مما هو عليه الآن كذلك.
وعار كبير على العالم العربي، أن يتخذ الآخرون (الأوروبيون) قبل العرب قرار الاعتراف بـ "المجلس الوطني الانتقالي" الليبرالي، ويبقى العرب على علاقاتهم مع القذافي وشكوكهم بالثورة الليبية التي تخيف كثيراً منهم، كما قلنا. ولكن الجامعة العربية (ما عدا سوريا والجزائر) وجدت نفسها أخيراً محرجة جداً أمام قرار قمة الاتحاد الأوروبي، فاتخذت في الأمس قراراً مماثلاً لقرار قمة الاتحاد الأوروبي باعتبار "المجلس الوطني الانتقالي" في بنغازي، هو الممثل الشرعي للشعب الليبي. ولكن بعد حين وتلكؤ طويل، وبناء عليه فقد قطع القذافي علاقاته بجميع الدول العربية، وانسحب من الجامعة العربية، وقال (طز) كعادته دائماً. كما تمَّ طرده من الملعب الأوروبي والأمريكي كذلك بقرار قمة الاتحاد الأوروبي، باعتبار "المجلس الوطني الانتقالي" في بنغازي محاوراً شرعياً.
ولكن نيرون (القذافي) الألفية الثالثة ما زال يتحدى العالم، مثله مثل دونكيشوت الأسباني.
-7-
ما يجري في ليبيا الآن من شراسة في القتال واعتداء على المواطنين العزل من السلاح، والمحاصرين بين دول مشغولة بنفسها وبمشاكلها الداخلية (مصر والسودان وتونس) ودول لا ترغب في نجاح الثورة الليبية (الجزائر) ودول مشكوك في مساندتها للثوار الليبيين (تشاد والنيجر) .. ما يجري الآن، لن تصل معه ليبيا إلى السلام، والاستقرار، والحرية، والديمقراطية، ما لم يتم تدخل أجنبي يرغم القذافي وعائلته وأتباعه المرتزقة الخروج من ليبيا، رغم أننا في مقال سابق هنا في "الوطن"، حذّرنا من التدخل الخارجي، الذي ربما يمكن أن يصيب الثورة الليبية في مقتل، كما قلنا في مقال الأسبوع الماضي.
ولكن يبدو أن لا شفاء إلا بالكيّ كما تقول العرب. وأن هذا الكيّ هو التدخل الخارجي، حيث يقف العرب والمسلمون الآن – حيث لا حول ولا طول لهم - مكتوفي الأيدي، لا يستطيعون حراكاً تجاه الحالة الليبية، التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
-8-
في الأمس أصدرت منظمة "مجموعة الأزمات الدولية" تقريرها عن ليبيا، رأت فيه أن وقف إطلاق النار والمفاوضات هو الطريق الصحيح لحل أزمة ليبيا. وقالت المنظمة: "أن الوقف التام لإطلاق النار تتبعه مفاوضات، هو ضمان الانتقال إلى مرحلة ما بعد القذافي. وينبغي أن يكون تشكيل حكومة شرعية وتمثيلية هو الهدف المباشر لمقاربة المجتمع الدولي حيال الأزمة الليبية. وينبغي أن ينظر إلى التدخل العسكري بوصفه ملاذاً أخيراً، وذلك لحماية المدنيين المعرضين للخطر. وينبغي ألاّ يُسمح لأي شيء باستباق الحل السياسي، أو الحيلولة دون السعي الحثيث للوصول إليه."
ولكن هذا الاقتراح لا مفعول له في الدول الدكتاتورية كليبيا.
فالقذافي، لن يوقف إطلاق النار، إلا إذا قتل آخر ثائر من ثوار ليبيا الأحرار، كما يعلن ف كل ساعة.
والقذافي، لن يتفاوض مع مَنْ وصفهم عصابات تتعاطى المخدرات، ومجموعة من الإرهابيين، يريدون سرقة ثروات ليبيا!
والقذافي، الذي يُصلي الثوار الأحرار في ليبيا بنار الحديد والنار، يعتبر دولته وحكومته هي الدولية، وهي الحكومة الشرعية. أما "المجلس الوطني الانتقالي" في بنغازي، فهو شلة من اللصوص الخارجين على القانون!
وفي أجواء كهذه، كيف يمكن أن تقوم العدالة، ويقوم السلام والاستقرار، الذي يتحدث عنه تقرير "مجموعة الأزمات الدولية"؟
-9-
وأخيراً، فقد تساءل معظم المثقفين والمعلقين والمحللين السياسيين العرب قائلين:
كيف سكت الشعب الليبي الأبي - أحفاد عمر المختار وبشير السعداوي زعيم المؤتمر الوطني 1922، والمناضل أحمد زارم، والمناضل مصطفى المصراتي- على حكم الدكتاتور مدة أربعة عقود، ليظهر لهم الدكتاتور اليوم بفكه المفترس كضبع متوحش؟
وكيف استطاع هذا الدكتاتور أن يخدع شعبه هذا، طوال عقود أربعة، بتلك الخديعة المضحكة المُسماة "المجالس الشعبية"، و"حكم الشعب"، في حين أن كان يردد في مجالسه الخاصة: "أنا الدولة والدولة أنا"؟
يقول الفيلسوف الفرنسي آتيين دي لابويسيه La boétie (1530-1563) في مقالته الشهيرة "العبودية المختارة" أن "الخضوع للطغيان لا يعني انعدام إرادة الحرية، بل الإحجام عن دفع ثمنها."
فهل كان ثمن الحرية في ليبيا غالياً – كما نرى الآن - إلى الحد الذي لم يقدر الشعب الليبي على دفعه طيلة العقود الماضية، وأصبح الآن قادراً على ذلك؟
هذا ما سوف نقرأ عنه بالتفصيل، عندما تتم كتابة "تاريخ الثورة الليبية، 17/2/2011" في المستقبل.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقتل الثورة الليبية في البيت الأبيض
- شاكر النابلسي في حوار مفتوح حول: انفجار البراكين العربية
- عن جذور التنوير الفكري والديمقراطية
- عودة الروح للعرب بعد غياب طويل
- ما تكوين عقل شباب 25 يناير؟
- مصر: ثورة أم انقلاب عسكري؟
- ما تكوين عقل الانتفاضة التونسية؟
- الإخوان: من مجلس الشعب الى ميدان التحرير
- العقلانية والخرافة في الفكر السياسي العربي
- مبارك يدفع ثمن ديمقراطيته غالياً
- مخاوف من تدمير تراث بورقيبة
- هؤلاء هم أعداء ثورة بورقيبة
- مخاطر وسلبيات الهيجان الشعبي
- ثورة تونس الخضراء
- أحفاد بورقيبة ينتفضون
- دحر الإرهاب وتراجع تسييس الدين
- العراق بين حزب الدعوة وحزب البعث
- تقدم الليبرالية الإسلامية في الخليج
- من ثقافة الذاكرة الى ثقافة الإبداع
- العَلْمانية لشفاء العراق من أمراضه المزمنة


المزيد.....




- لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور ...
- -لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا ...
- -بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا ...
- متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
- العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
- مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
- وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما ...
- لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
- ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - شاكر النابلسي - نيرون الألفية الثالثة يتحدى العالم!