|
السلفية المحلية والسلفية القومية
مجدي مهني أمين
الحوار المتمدن-العدد: 3306 - 2011 / 3 / 15 - 06:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أعلم مقدما أن كلمة القومية لا تتفق مع كلمة السلفية ، أو مع السلفيين ، ربما تتفق معهم كلمة العالمية، نظرا لكونهم حركة تتخطى الدولة ومشروعهم عودة الخلافة التي تنضوي تحتها كافة الدول الإسلامية ، لتكون وقتها الحرب بين دار الحرب ودار الإسلام ، وهنا كان تساؤل الشيخ أسامة القوصي (رجل الدين المجتهد المستنير): لمن يكون ولاء الأخوان المسلمين عندما يأتون للحكم ، هل لأمتهم أم لحركة الإخوان المسلمين العالمية، وهو ما يدعوني للتساؤل ايضا لمن سيكون ولاءهم؟ للجماهير التي انتخبتهم أم للمرشد الذي يتولي أمرهم؟ سرقنى الحديث ، فأنا كنت أتحدث عن التيار السلفي، أو السلفيين الذين يؤيدون الآن الإخوان المسلمين ، وقبلوا بفكرة التظاهر والانتخابات وقبلوا بمشروع الإخوان السياسي والدخول في العمل السياسي وقبول فكرة الديمقراطية ، وحتى قبول كلمة الدولة المدنية (بس تكون إسلامية..)، أي أنهم قبلوا المدخل العملي لإدراة الأحداث وصولا للدولة الإسلامية ، وصولا للخلافة: - فما لا يدرك كله، لا يترك كله.. هي دي السياسة ياعباد الله الصالحين.. وهم بالطبع يدخلون ويدعمون الإخوان ولكن بشرط التوحد في الحفاظ على المادة الثانية في الدستور، فهي المادة التي إن لم تفعل كل ما يريدون اليوم ستفعله غدا أو بعد غد، وهو ما قام به السادات أوجد لهم المادة الثانية ولم يفعّلها، وأوجد لنفسه (في المقابل) المادة 77 التي تضمن له البقاء في الحكم مدى الحياة، وفكرة البقاء في الحكم مدي الحياة تتمشى مع المادة الثانية ، فالحاكم في نظام الخلافة يبقى مدى الحياة ، فهو الخليفة أي الرمز ، والرمز يبقى نورا ونبراسا ، وهو هنا رمز يبقى ويحكم. سرقنى الحديث مرة أخرى ، فأنا أتحدث عن السلفيين، ففي قرية صول قام السلفيون المحليون بهدم الكنيسة وهؤلاء هم الأقرب للفكر السلفي من حيث درجة الوضوح : فكر خالص بدون سياسة ، تطبيق شرع الله كما يرون .. فجاءت السلفية القومية مع الشيخ حسان للقرية؛ السلفية التي امتزجت بالسياسية لتقدم الحل وتفتي من خلال لجنة العلماء أن بإعادة الكنيسة ، وعودة الأقباط إلى ديارهم، ولكن للسلفية القومية حدودها ، فقد يفتى الشيخ حسان ببناء الكنيسة، ولكن لا يقوى على أن يعيد الأقباط المطرودين من القرية لديارهم مرة أخرى، لأن الحياة اليومية في القرية مسؤولية السلفية المحلية بالقرية.. هو الشيخ حسان ها يروح يعيش هناك كل يوم؟ يعنى المشكلة سلفية (تسبب فيها السلفيون المحليون) ، والحل (الجزئي) سلفي (جاء بفتوى السلفيين الأعلى شأنا على المستوى القومي)، "سيف المعز وذهبه، كلاهما كان سلفيا بامتياز"، بالطبع لا يغيب عن المشهد التعاطف المصري ، تعاطف الجيران المسلمين لأخوتهم الأقباط الذي خفف من وقع الصدمة ، وهذا الشاب الملتحي طالب هندسة الأزهر ،الذي انصهر قبلها في التحرير وصلى وكان الأقباط يحمون ظهره من البلطجية، هذا الشاب الذي تظاهر عند ماسبيرو ووعد أن يذهب هو وأصدقاؤه الملتحون كي يبنون الكنيسة. لا تغيب هذه المشاهد الوطنية الصادقة ، لا تغيب ، تشعر وكأنك تريد أن تتحول إلى كائن افتراضي يريد أن ينفذ إلى عالم الانترنت الإفتراضي كي تصل إلى هؤلاء الأنقياء يبكي كل منكم في حضن الآخر من فرط الوطنية وفيض المحبة الغامرة التي تجمعكم. لم يسرقنى الحديث في آخر ما قلت، فلن يبني الوطن إلا وعي حقيقي ومشروعات سياسية شفافة ، وديمقراطيات فعلية ، أي ديمقراطيات ترُد الأمر ، كل الأمر، للشعب؛ ديمقراطيات تتحرك حسب الصالح العام للشعب، لا تحركها الإيديولوجية ، المصلحة العامة تسبق الإيديولوجية، قد يكون للأحزاب أيديولوجيات ، وقد يقول الحزب أنا أرى – أي الحزب- أن فلسفتي تحقق الصالح العام ، لأن الجوهر هو الصالح العام وليس الإيديولوجيا ، وقد يقول الشعب لهذا الحزب "موافق" وينتخبه ، وهنا يطبق الحزب من خلال ممثليه في البرلمان أو الرئاسة برنامجهم المعبر عن فلسفتهم، وتلعب باقي القوى السياسية دور المعارضة لضمان المحاسبية وتحقيق أقصى درجات الجودة، ثم تعود القوى السياسية للشعب مرة أخرى ليختار من يحكمه لفترة تالية، وهكذا ، كلها فترات على سبيل التجريب. فالثابت هو المصلحة العامة، والمتغير هو محاولات (الحكام) لتحقيق المصلحة العامة. ولكن المطروح حاليا ليس هذا النمط الديمقراطي ، إنما المطروح هو الأيديولوجية الدينية، مطروحة وكأنها فوق الشعب ، والمادة الثانية فوق الدساتير ، وجنود الدفاع (أو قل الهجوم) من السلفيين والإخوان جاهزون، والصوت العالي المهتز ، والأحداث الطائفية تنتشر هنا وهناك ، كلها مؤشرات الاقتراب من الحكم بالأمر الإلهي.. "هل نحكم بقوانين من وضع الناس؟" (اسمع النبرة في ودنك)، "أم بالقوانين السماوية؟.." (كدة المناقشة حُسمت) ، وكما رجع الشعب خطوة من أجل الحكم باسم الوطن، يرجع هذه المرة خطوة للحكم بإسم الدين، والحكم في الحالتين شمولي، والمواطن في الحالتين درجة تانية وتالتة ورابعة، لأن الدرجة الأولى محجوزة لمن في الحكم، ضاعت المحاسبية ، رجع الاستبداد. من يدْعُون للمادة الثانية في الدستور هم من هدموا الكنيسة وروعوا الناس ، وهم من أفتوا أن تبني على نفقة الدولة .. ومش على نفقة الجناة ، والجناة (والمحرضون) لم يُقْبض عليهم بعد.. "وممنوع الاستقواء بالخارج.." يعنى تخويف من غير ما الواحد شايف حد من الداخل أو الخارج بيحل المشكلة ، ولا حد بيوضح إننا مش موافقين على هذا التخويف عن طريق الفعل أوالكلام أونبرة الصوت .. مناخ سلفي يخاطب العاطفة ، اللي معاهم يتحمس ، واللي مش معاهم يكش (يكش كلمة بالمصري الصعيدي معناها ينكمش في ذاته من الخوف) ، ده ما يبقاش حكم ده يبقى استعباد، ومن يستعدون لهذا الحكم ليس لديهم أي فكرة عن كيفية إدارة وطن بطريقة علمية شفافة نحو التقدم ، ولا إدارة حوار يستثمر الاختلاف للخروج بأفضل الاختيارات، ولا لديهم فكرة عن المواطنة التي لاتفرق بين الناس على أساس الدين أو الجنس، أو الطائفة ، ولا بحرية العقيدة. لا يبقى إلا القول أنه عندما بدأت بعض الاحتجاجات في السعودية أن خرج وزير خارجيتها يعلن نحن نحكم بشرع الله، يعنى إللي ها يحتجوا يحاسبوا لأنهم مش ها يواجهوا حكام لكنهم ها يتجرأوا على الدين، فالدين في الدولة الدينية ملك خاص للحاكم يكفر به المعترضين عليه (عليه هنا محل إلتباس: عليه، ممكن تعود على الحاكم ـ أو على الدين) ، حكام باسم الدين سلطتهم أقوى من الشعب ، بالضبط مثل كل الحكام العسكريين اللي كانت سلطتهم أقوى من الشعب، ولذلك لم يرحلوا إلا بعد أن سفكوا دماء شعوبهم، والبعض منهم لم يرحل لأنه لا يزال يشعر أنه أقوى من الشعب ، ولكن السلفيين والإخوان المتحفزين للحكم الديني كانوا سابقين للحكم المدني لأنهم أخافوا ويخيفوا شعوبهم حتى قبل ان يصلوا للحكم .. ما بالك لو وصلوا ، ولنسأل هنا الناس أو لنسمع أخبار الناس في إيران ، أو السعودية ، أو صول وأطفيح.
#مجدي_مهني_أمين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حمزاوي، والمعلم، وإلى مسيحيي مصر، والتمييز ضد الأقباط، والما
...
-
الجماهير واللواء العيسوي والشرطة نحو ثقافة اللاعنف وعدم التم
...
-
الجماهير واللواء العيسوي والشرطة كي تكون البلد بلدنا
-
الشعب والشرطة.. ثقافة جديدة كي نحمي الوطن المواطن لا الوطن ا
...
-
الجماهير تطالب دون مواربة
-
يوم الجمعة التقرير الأسبوعي من الجماهير للمجلس الأعلى للقوات
...
-
الدين لله والوطن للجميع، وماذا بعد؟
-
القمع هو القمع ، سواء باسم الوطن أو باسم الدين
-
مولد ميدان التحرير: والليلة الكبيرة
-
لو استمرت لجنة الحكماء في الحوار دون رحيل مبارك تكون قد أجهض
...
-
بيان ائتلاف شباب 25 يناير ما له وما عليه حتى لا تضيع الثورة
...
-
لا بديل عن الرحيل وحل مجلسي الشعب والشورى وحرية تكوين أحزاب
...
-
يا أقباط مصر أخرجوا في -جمعة الرحيل-
-
هل تسحق زهرة اللوتس ياسيدي؟
-
30 عاما ينقصهم بعض شهور
-
وآن لهذا الشعب أن يمد ساقيه
-
جيش وشرطة ، لا صوت يعلو فوق صوت الشعب
-
ياعزيزي محيي ، الأقباط وطنيون وكنائسهم فداء لمصر
-
بعد خطابكم ،الشعب يريد تغيير النظام
-
عب يريد تغيير النظام
المزيد.....
-
السويد ترحل رجل دين ايراني دون تقديم توضيحات
-
10 أشخاص من الطائفة العلوية ضحايا مجزرة ارهابية وسط سوريا
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا
...
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي
...
-
إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع
...
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|