عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)
الحوار المتمدن-العدد: 3305 - 2011 / 3 / 14 - 03:12
المحور:
حقوق الانسان
أسابيع عديدة مرت على العالم العربي منذ افتتاحية تونس الثورية المجيدة، والشعوب تتحرك وتترك صمتها الأزلي وخضوعها المتواصل لتسعى بقوة في بعض الدول كاليمن والبحرين وليبيا، وببطء في دول أخرى كالسعودية والمغرب، لكسر الهيمنة الديكتاتورية عليها المسماة بأسماء شتى تصبّ برمتها بعكس مصلحة المواطن.
أسابيع عديدة مرت، انتصرت خلالها الثورتان التونسية والمصرية.. أما باقي الثورات ففي طريقها إلى الإنتصار، بفضل دماء أبنائها وتضحياتهم. علا صوت الثوار فوق كلّ صوت، وارتفعت رايات الشعب بفئاته المختلفة فوق كلّ راية، وانكفأت الأحزاب والقوى السياسية المعارضة طيلة فترات طويلة، ثم أطلت برؤوسها فقط حين تسنى لها استغلال التحركات والثورات. وهو دأب متواصل لديها، لكنّ بالإمكان مواجهته شعبياً وبصورة فعالة للغاية، فمن أسقط حسني مبارك وزين العابدين لا شكّ سيسقط من يمتطون موجتهم استغلالاً واستبداداً وتسلطاً وانتهازاً.
ذلك خطر يمكن للثوار أن يتجنبوه ويقفلوا أبواب تأثيراته الراهنة والقادمة، أما ما يبدو أخطر منه وأكثر صعوبة على التدارك فهو استغلال رجال الدين للثورات على مختلف مذاهبهم وخلفياتهم.
كانت نكتة سمجة أن يخرج أحد هؤلاء في السعودية ليستعرض عقوبة المتظاهر في القوانين المحلية المستندة إلى "فتوى كبار العلماء في الخروج على ولي الأمر" ويحكم عليه بالسجن والتعزير، وكانت نكتة أكثر سخافة أن ينبري آخر منهم ليدافع عن الحقّ بالتظاهر ويفتي بجوازه. ولا يبدو أنّ مثل هذين الرأيين على غباء أحدهما الشديد، وتصحيح الآخر له، على اتصال بالواقع ووقائعه، بل يبدوان على انسلاخ تام عن التغيرات الجارية في العالم من حولهما.
لم يعلم هذان الشيخان أنّ التظاهر ملك رأي وفكرة وموقف سياسي واجتماعي، وأنّ المتظاهر صاحب قضية حقيقية لا ينتظر إزاءها فتوى من هنا تحرّم أو تبيح! فهل المواطنون المصريون ومعظمهم من الأجيال الشابة الأكثر تعرضاً للظلم والقمع وكبت الحريات وكمّ الأفواه، انتظروا فتوى ليتحركوا!؟ قطعاً لا! بل من أين تأتي مثل هذه الفتوى ما دام في دور الفتاوي زبانية سلطة على امتداد العالم العربي!؟ وهل انتظر المواطن التونسي البطل محمد البوعزيزي فتوى تمنعه عن حرق نفسه وتدخله إلى نار جهنّم!؟ قطعاً لا فقد ثار على ظلم، وفتح أبواب ثورة، ورفع أصوات حناجر تحلف بحياته، وتخلّد ذكراه، وتنشد اسمه أبد الآبدين.
تلك ثورات شباب عربي هبّ للدفاع عن نفسه أخيراً.. هبّ تجاه ظلم سلطات سياسية لطالما قمعته فاحتقرها، وما زال يبقي على احترامه لسلطات دينية، تبدو اليوم مطالبة أكثر من أيّ وقت مضى بإثبات أحقيتها بمثل هذا الإحترام.
#عصام_سحمراني (هاشتاغ)
Essam_Sahmarani#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟